النجاح البرلماني والواجب الوطني

الآراء 10:10 AM - 2025-11-16
عماد أحمد PUKMEDIA

عماد أحمد

الاتحاد الوطني

انتهت انتخابات الدورة السادسة لمجلس النواب العراقي بنجاح، وبأقل قدر ممكن من النواقص والإشكالات. وقد جاءت نتائجها، بشكل عام، إيجابية لشعب كردستان، إذ خاض كل طرف التجربة ونال ثمرة جهوده وتعبه.
أما شعب كردستان، فمع كل دورة انتخابية جديدة، سواء على مستوى العراق أو إقليم كردستان، يزداد وعيه بطبيعة هذا المسار الديمقراطي. وبات الناخب اليوم أكثر إدراكا لأهمية المشاركة في العملية الانتخابية، وأقدر على منح صوته لمن يرى فيه الممثل الحقيقي لمطالبه والمدافع عن حقوق الشعب والوطن.
حين ذهبت إلى صندوق الاقتراع لأدلي بصوتي وأريح ضميري، ظهرت أمام عينيّ مباشرة صورة الأستاذ حكمت هندي الحزينة، وأمتلأت أذني بصوته المليء بالحسرة وكيف كان يقول: "لم تفعلون هكذا بهذه المدينة؟" في عام 1996 كان الأستاذ حكمت هندي مسؤول لجنة الجامعات والمعاهد في فرع السليمانية، وكنت أنا مسؤول مركزالسليمانيةللإتحاد الوطني الكردستاني.
ولد حكمت هندي عام 1946 في حي "چوارباخ." بمدينة السليمانية، كان هذا الفنان المحترم رجلا وطنيا شهما، رقيق الإحساس، جميل الحديث، حنينا، أما عن هيئته وشكله، فقد كان عريض الكتفين، قوي المعصمين ،أسمر اللون، ثخين الحاجبين،صلباكشجرة البلوط.
وبينما كنت أضع قائمتي الانتخابية داخل الجهاز، قلت في نفسي: أتمنى أن يقوم الاتحاد الوطني الكردستاني هذه المرة، بعد تحقيق النجاح وكسب ثقة الشعب، بإجراء إصلاح حقيقي، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وأن يعيد إصلاح الإدارات المحلية في السليمانية وما حولها، وأن يقضي — بـمبيداتD.D.T *على آفة الفساد، وينزل الرحمة والطمأنينة والازدهار على هذه المدينة وعلى مدن الإقليم كافة..
رغم كل العقبات والصعوبات — التي بلا شك لم تكن قليلة — استطاع الاتحاد الوطني الكردستاني أن يترأس  إدارة عملية انتخابية نزيهة، وينتزع ثقة شريحة واسعة من شعب كردستان، ويحافظ على رأسماله الديمقراطي، وينال نسبة كبيرة من النجاح. أما أنا، فرغم أنني لم أشرب من خمر "الجنة"، فقد شعرت بنشوة إنتصار العملية الإنتخابية هذه المرة وإنتصار الإتحادالوطني الكردستاني كنت منتشيا أعيش في عالم فكري وخيالي طائرأ كالفراشة  بين حدائق إنجازات الاتحاد الوطني، أتنقّل من زهرة إلى أخرى! وتذكرت نصائح السيدة بهيّة معروف في الماضي، تلك المرأة المكسورة القلب، وشهيانة اتحاد نساء كردستان المحلقة عاليا، لكن هذه المرة كانت نصيحتها مختلفة؛ فقد بدأت بالتهنئة، ثم تفضلت قائلة :"بالله عليكم حافظوا على هذا النجاح العظيم، لا تهدروا تضحيات البيشمركة وتنظيمات وجماهير الاتحاد الوطني، اجعلوه أساسا لوحدة الصف الكردي، ولحلّ مشاكل الإقليم والمركز وفق الدستور. وابذلوا جهدا جادا لحل أزمة الإقليم — وعلى رأسها الأزمة المالية — لأنها مصدر كل المشكلات الأخرى. فعندما تسوء الأوضاع المالية، تأتي معها ظواهر خطيرة، مثل انتشار الجريمة والطلاق، واليأس وانعدام الثقة، وهجرة الشباب، والأمراض النفسية، ودمار البيئة، والانهيار الاجتماعي" .
ولدت الراحلة بهيّة معروف عام 1924 في السليمانية، وانخرطت في العمل السياسي منذ شبابها، وكانت شخصية بارزة في حركة نساء كردستان، تعرفت عليها عام 1995، وكانت — مثل جدتي هاجر — محل احترام ومحبة في قلبي، وقد عملت لفترة من الزمن مسؤولأ عن مكتب التنظيمات الديمقراطية لللاتحاد الوطني الكردستاني في هذه الجهة من الزاب الصغير، و كان "اتحاد نساء كردستان" قبل تلك الفترة تابعا مباشرة للرئيس الراحل جلال طالباني ويشرف عليها بنفسه ولم يكن تابعا لمكتب التنظيمات الديمقراطية للإتحاد الوطني الكردستاني ولكن ارتأى الطرفان(مام جلال وأتحاد النساء) بأن أشرف أنا على إتحاد نساء كردستان ، وحقاكانت تلك الفترة  بمثابةالعصر الذهبي لاتحاد النساء، إذ تحملت  العديد من  الشهيانات  عبء المهام التنظيمية والمدنية في الميدان السياسي.
وقبل أن أختم، أقول بإيجاز ووضوح: مبارك هذا النجاح  لشعوب العراق الفيدرالي، ولإقليم كردستان، وللاتحاد الوطني الكردستاني ،وبجهود الجميع، حقق الاتحاد في هذه العملية انتصارا مشرّفا، وأصبح يمتلك قوة سياسية مؤثرة، تستطيع أن تلعب دورا مهما في العملية السياسية والحكم في العراق.
لكن، إلى جانب ذلك، من الضروري قبل كل شيء أن يقوم الأتحاد الوطني الكردستاني  بإجراء تقييم علمي دقيق لعملية الانتخابات، وتحديد  الأخطاء والنواقص كي لا تتكرر،لأن الأسلوب الديمقراطي والمدني والبرلماني أصبح اليوم الشكل الأساسي للنضال السياسي في البلاد، كما يجب أن نفهم جيدا وبعمق قانون  ( سانت ليغو) وفن العملية الانتخابية، لأن عدم فهم التفاصيل أو تجاهلها سبّب لنا هذه المرة بعض الأخطاء والنتائج المؤلمة، رغم نجاحنا، وكان يمكن أن نحقق نتائج أفضل،ولا شك أن التوازن البرلماني تغير على مستوى العراق الفيدرالي بكامله، وأن قوى جديدة دخلت الساحة، وأصبح المشهد السياسي أكثر تنوعا وتعقيداولم يعد كما كان في السابق، ومن المهم، بعد انتهاء حمى الانتخابات، أن نعرف كيف نتعامل مع هذا الواقع الجديد، ومع من سنتحالف، وذلك من أجل حماية وضمان الحقوق المشروعة لشعبنا، وتعزيز موقع إقليمنا.


ترجمة: نرمين عثمان محمد
عن صحيفة كوردستاني نوى

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket