خطاب بافل طالباني في خانقين: قراءة تحليلية في المضمون والدلالات
الآراء 01:31 PM - 2025-11-06
PUKMEDIA
عباس عبدالرزاق
من رمزية الشهداء إلى خطاب التنمية والسيادة… كيف أعاد الاتحاد الوطني إنتاج لغته السياسية في واحدة من أهم مدن كوردستان والعراق؟
يشكل الخطاب الذي ألقاه السيد بافل جلال طالباني، رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني، في خانقين يوم الأربعاء 5 تشرين الثاني 2025، حدثًا سياسيًا وجماهيريًا ذا أبعاد متعددة.
فقد جمع بين الرمزية التاريخية والمضامين الواقعية، في لحظة سياسية حساسة تتقاطع فيها الانتخابات العراقية مع تحديات الهوية والإدارة والخدمات في المناطق المتنازع عليها.
ولأن الخطاب جاء في مدينة ذات عمق استراتيجي وتاريخ نضالي طويل، فقد اتسم بكثافة رمزية عالية، تستحق قراءة تحليلية تفصيلية تستخلص النقاط الرئيسة وتفكك دلالاتها السياسية والاجتماعية والإعلامية.
تأكيد الهوية والرمزية التاريخية
خانقين مدينة الشهداء والمناضلين… خانقين والاتحاد الوطني شيء واحد لا ينفصلان.
يبدأ بافل طالباني خطابه بترسيخ الهوية التاريخية لمدينة خانقين كرمز للمقاومة الكوردية والنضال الوطني. بهذا التوصيف، يعيد إنتاج المعادلة التي طالما استخدمها والده الراحل مام جلال طالباني، حيث
تتحول الجغرافيا إلى هوية سياسية وروحية،والمدينة إلى رمز شرعية تاريخية للحزب. الرسالة الأولى هنا هي أن شرعية الاتحاد الوطني لا تزال مستندة إلى ذاكرة المقاومة والشهداء، وليس فقط إلى موقعه في السلطة أو البرلمان. إنها عودة إلى الجذور – إلى “الوجدان الكوردي” الذي يربط الأرض بالدم، والانتماء بالفعل التاريخي.
استحضار الأسماء والرموز لتثبيت شرعية الخطاب
لن ننسى شهداءنا:
(ملازم جوامير، علي شامار، محمود مامة عزة، وصفية بني ويس… وشهداء هەلوی سور و استحضار القائد جبار فرمان ) وعدم ذِكر كوكبةٍ من الشهداء الذين سطّروا بدمائهم ملاحمَ المقاومة من أجل تحرير كردستان، إيمانًا بنهج الاتحاد الوطني الكردستاني ونهج مام جلال
هذه الفقرة من الخطاب تشكل نقطة محورية في بناء الثقة الجماهيرية. فاستدعاء أسماء مناضلين معروفين محليًا يمنح الخطاب بعدًا وجدانيًا محليًا، ويميزه عن الخطابات السياسية العامة. إنها استراتيجية ذاكرة تهدف إلى إعادة بناء الرابط العاطفي بين الحزب وقاعدته التاريخية في خانقين.
التحليل هنا يكشف أن بافل طالباني يعتمد أسلوب “الاستدعاء الرمزي” كوسيلة لإحياء ولاء الجماهير، وهو ما يندرج ضمن “سياسات الذاكرة” التي توظف الماضي لتعزيز الحاضر السياسي.
تحويل المعاناة إلى برنامج سياسي
أدرك معاناةَ الطلبةِ وخريجي الجامعات، (مشيرًا إلى المرشحين) بقوله: “عندما تذهبون إلى بغداد، عليكم أن تجلبوا مشاريع كبرى لشبابنا.
ينتقل الخطاب هنا من التاريخ إلى الواقع، ومن الرمزية إلى المطلبية الاجتماعية. هذه النقطة تمثل تحولًا نوعيًا في الخطاب السياسي للاتحاد الوطني، إذ لم يعد يتحدث عن البطولة فقط، بل عن الخدمات والتعليم والبطالة – أي عن يوميات المواطن. هذه النقلة من “الذاكرة إلى التنمية” تعني أن الحزب يحاول إعادة تعريف ذاته كقوة سياسية قادرة على الجمع بين القومية والإدارة، بين الهوية والاقتصاد.
الرسالة هنا واضحة: لا نريد فقط الأصوات، بل نريد مشروعًا ملموسًا للتنمية.
خطاب السيادة والكرامة الوطنية
( لا نقبل لأي جهة أن تتعامل بتراب وأرض خانقين… وإن فشلت السبل الدبلوماسية فستكون هناك وسائل أخرى للدفاع عن حقوقكم.)
هنا يدخل الخطاب في منطقة السيادة الوطنية والدفاع عن الحقوق الكوردية، ملوّحًا بإمكانية اتخاذ مواقف حازمة إذا ما فشلت الدبلوماسية.
هذا التصريح يحمل دلالات متعددة:
1. إعادة تأكيد على كوردستانية خانقين في مواجهة محاولات “المركزة” أو التهميش الإداري.
2. تأكيد على استقلالية القرار الكوردي، وأن الاتحاد الوطني لا يزال مستعدًا لتبني مواقف ميدانية دفاعية إذا اقتضى الأمر.
3. استخدام لغة “الاحتمال” (إن فشلت…) يؤكد وعيًا سياسيًا بعدم كسر قواعد التفاهم مع بغداد، لكنه يحتفظ بقدرة الردع الرمزية.
بهذا المعنى، يقدّم بافل طالباني خطابًا مزدوجًا يجمع بين الدبلوماسية والصلابة، وهي ميزة لطالما اتسم بها خطاب الاتحاد الوطني منذ عهد مام جلال.
دعوة لتوسيع التمثيل السياسي
(أدعوكم لإرسال شبابكم وممثلين أكثر إلى حكومة الإقليم وإلى مجلس النواب العراقي…)
في هذه النقطة، يوجّه بافل رسالة واضحة إلى الداخل التنظيمي، مفادها أن المشاركة السياسية ليست حكرًا على الجيل القديم. إنها محاولة لإعادة ضخ دماء جديدة في هياكل الحزب، وربط الشباب بالعملية السياسية. التحليل يشير إلى أن هذا الخطاب يندرج ضمن إستراتيجية التجديد الداخلي للاتحاد الوطني، التي يسعى من خلالها الرئیس بافل إلى ترميم الصورة الحزبية بعد أعوام من الانقسامات والتحديات القيادية.
استدعاء إرث مام جلال كمرجعية شرعية
(كما قال الرئيس مام جلال: إما كركوك وخانقين، وإما نقاتل ما دمنا أحياء. )
ختام الخطاب بعبارة منسوبة إلى مام جلال طالباني يعيد الشرعية الرمزية إلى الخطاب الحالي، ويربطها مباشرة بإرث والده السياسي والفكري.
إنه يقول للجمهور، ضمنيًا: “نحن الامتداد الطبيعي لذلك المشروع القومي–الإنساني الذي أسسه مام جلال”. وبذلك، يتحول الاستشهاد إلى جسر شرعية بين الماضي والحاضر، وإلى وسيلة لاستعادة الثقة داخل القاعدة الحزبية.
الأبعاد الاتصالية والجماهيرية للخطاب
من الناحية الاتصالية، اتسم الخطاب بثلاث سمات رئيسية:
1. اللغة المباشرة والعاطفية التي تلامس مشاعر الجمهور أكثر مما تخاطب النخبة.
2. الإيقاع التصاعدي: يبدأ بتحية وتقدير، ثم ينتقل إلى التاريخ، ثم الحاضر، وينتهي بتعهد بالمستقبل.
3. الربط بين الجماهيرية والسياسة، أي الجمع بين الحشد الجماهیری والرؤية التنظيمية.
بهذه الخصائص، يمكن القول إن بافل طالباني استعاد أسلوب الخطاب الجماهيري الميداني الذي كان من سمات الاتحاد الوطني في مراحله التأسيسية.
إن قراءة خطاب بافل طالباني في خانقين لا تكشف فقط عن رسائل انتخابية، بل عن رؤية لإعادة تموضع الاتحاد الوطني في الجغرافيا والسياسة والوجدان.
فهو خطاب يوازن بين الوفاء للماضي والانفتاح على المستقبل، بين الذاكرة الجماعية والواقعية التنفيذية، بين السياسة كهوية والهوية كمسؤولية.
بهذا المعنى، يمكن اعتبار كلمة خانقين إعلانًا غير مباشر عن عودة الاتحاد الوطني إلى الجماهير، وإعادة صياغة دوره كقوة سياسية جامعة بين النضال والبناء.
المزيد من الأخبار
-
شكر وتقدير من جامعة رابرين.. الرئيس بافل يواصل تأمين مستلزمات طلبة الجامعات
05:16 PM - 2025-11-06 -
مفوضية الانتخابات تكشف العدد النهائي للمرشحين المصادق عليهم والمستبعدين
02:30 PM - 2025-11-06 -
طقس العراق.. غبار وارتفاع جديد في درجات الحرارة
11:12 AM - 2025-11-06 -
أسعار النفط تتحرك في نطاق ضيق
11:09 AM - 2025-11-06
شاهد المزيد
کوردستان 08:31 PM - 2025-11-06 بحضور الرئيس بافل جلال طالباني..كرنفال جماهيري مهيب للقائمة 222 في السليمانية
قوباد طالباني: سنحقق انتصاراً كبيراً في الانتخابات
07:50 PM - 2025-11-06
قوباد طالباني: الاتحاد الوطني حزب الجماهير وأقواله ترجمة لأفعاله
03:15 PM - 2025-11-06
بيكرد طالباني: الاتحاد الوطني صاحب كل المكاسب التي تستخدم للاغراض الانتخابية
11:29 AM - 2025-11-06
صدور عدد جديد من مجلة المرصد التحليلية والتوثيقية
11:02 AM - 2025-11-06
الأكثر قراءة
-
خطاب بافل طالباني في خانقين: قراءة تحليلية في المضمون والدلالات
الآراء 01:31 PM - 2025-11-06 -
بيكرد طالباني: الاتحاد الوطني صاحب كل المكاسب التي تستخدم للاغراض الانتخابية
کوردستان 11:29 AM - 2025-11-06 -
قوباد طالباني: الاتحاد الوطني حزب الجماهير وأقواله ترجمة لأفعاله
کوردستان 03:15 PM - 2025-11-06 -
بحضور الرئيس بافل جلال طالباني..كرنفال جماهيري مهيب للقائمة 222 في السليمانية
کوردستان 08:31 PM - 2025-11-06 -
مفوضية الانتخابات تكشف العدد النهائي للمرشحين المصادق عليهم والمستبعدين
العراق 02:30 PM - 2025-11-06 -
شكر وتقدير من جامعة رابرين.. الرئيس بافل يواصل تأمين مستلزمات طلبة الجامعات
کوردستان 05:16 PM - 2025-11-06 -
قوباد طالباني: سنحقق انتصاراً كبيراً في الانتخابات
کوردستان 07:50 PM - 2025-11-06 -
صدور عدد جديد من مجلة المرصد التحليلية والتوثيقية
کوردستان 11:02 AM - 2025-11-06




.jpg)


تطبيق

