مام في الشام
الآراء 09:07 PM - 2024-01-06
PUKMEDIA
علي شمدين
(٤٩)
(أنا معكم..)
بقدر ما ترك مام جلال من فراغ واسع على الساحتين، الداخلية والخارجية، إثر إصابته بالجلطة الدماغية عام (١٧/١٢/٢٠١٢)، كذلك شكل مرضه صدمة قوية لحزبنا الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ولقيادته التي تربطها به علاقات تاريخية تمتد لأكثر من خمسة عقود من الزمن، ولذلك بعد عودته من رحلته العلاجية في الخارج إلى السليمانية، زاره في دبشان وفد من قيادة الحزب بتاريخ (١٦/٤/٢٠١٤)، وذلك للاطمئنان على صحته عن قرب، وقد ضم الوفد كلاً من (عبد الحميد درويش، عمر جعفر، أحمد سليمان، احمد بركات، سلمان إبراهيم، علي شمدين و ليلى حسن)، وخلال اللقاء، أعرب الرفاق عن سرورهم بتحسن صحة الرئيس مام جلال، وأشادوا بدوره التاريخي المؤثر في المسيرة النضالية للحركة التحررية الكردية منذ الخمسينيات من القرن المنصرم.
وبناء على نصيحة مرافقيه تحدث إليه الرفاق خلال هذا اللقاء عن الذكريات الكثيرة التي جمعتهم خلال مسيرتهم النضالية المشتركة وذلك بهدف تحريض ذاكرته وتنشيطها، بينما كان مام جلال يتابع صامتاً أحاديثنا باهتمام شديد ويتفاعل مع تلك الأحاديث بابتسامة رقيقة ممزوجة بحزن عميق، وكان يتفحص وجوهنا بنظرات هادئة تعكس مشاعر المحبة والود الذي كنا نقرأها في بريق عينيه المتقدتين حيوية.
هذا وقد استغرق لقاؤنا مع مام جلال أكثر من نصف ساعة لم يتحدث خلاله بأيّة كلمة قط سوى التعابير التي كانت تعكسها ملامح وجهه، وعندما استأذناه بالمغادرة وقمنا بتوديعه، حاول الرفيق عبد الحميد درويش أن يتصرف معه بشكل طبيعي، فأخبره قائلاً: (سيادة الرئيس، الرفاق عائدون إلى القامشلي، هل توصيهم بشي؟)، حينها كانت المفاجأة التي أدهشت الجميع، عندما نطق مام جلال بهذه الكلمة التي خرجت من بين شفتيه كالصاعقة لتخترق مسامعنا بشكل مفهوم وسط ذهول الحضور، حيث قال: أنا معكم (Li gel we me) .
أجل! لقد كان مام جلال معنا حقاً بكل جوارحه، وكان سنداً قوياً لحزبنا طوال أكثر من نصف قرن من الزمن، وكنا نحن معه من دون تردد طوال نضاله المرير ضد الديكتاتورية والاستبداد، وكنا كلنا معاً في علاقات نضالية متوازنة تسودها التعاون والتضحية والإخلاص، وكان هو مع الجميع بكل طاقاته ومشاعره في إطار المصلحة القومية والوطنية العليا..
فما أن وطأت قدما مام جلال أرض الشام أواسط الخمسينيات من القرن المنصرم، حتى بدأت تتبلور لديه فكرة تشجيع الكرد السوريين على تأسيس حزبهم السياسي أسوة بكرد العراق، كي يأخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن الشعب الكردي في سوريا والنضال من أجل نيل حقوقه القومية، وذلك من دون أن يرضخ للتحذيرات التي وجهها له عبد الحميد السراج في هذا المجال عندما التقاه في الشام عام (١٩٥٧)، وقام بتوظيف علاقاته الواسعه وتجربته النضالية الغنية في خدمة المؤسسين الأوائل (عثمان صبري، وعبدالحميد درويش، وحمزة نويران)، من أجل إنجاز هذه المبادرة التاريخية وإخراجها إلى النور بتاريخ (١٤/٦/١٩٥٧)، بالتعاون مع عبد الرحمن ذبيحي الذي كان هو الآخر مقيماً في الشام حينذاك..
وتطورت هذه العلاقات بين مام جلال وقيادة حزبنا يوماً بعد يوم إلى أن أسس مام جلال الاتحاد الوطني الكردستاني في الشام بتاريخ (١/٦/١٩٧٥)، وأعلن عن ثورته الجديدة التي انطلقت مفرزتها الأولى من منزل الشخصية الوطنية الكردية المعروفة خليل عبدي (صور)، في مدينة القامشلي بتاريخ (١/٦/١٩٧٦)، وحينها لم يتردد (الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا)، وضمن حدود إمكاناته المتواضعة في تقديم كافة أشكال المساعدة والدعم للاتحاد الوطني الكردستاني ومساندة ثورته الجديدة، وبدأت العلاقات بين الحزبين الشقيقين تتوطد وتتعزز في إطار خدمة الشعب الكردي وقضيته القومية العادلة، وبالرغم من العقبات التي اعترضت هذه العلاقات هنا وهناك، وتعثرها بين الحين والآخر، إلّا أنها لم تنقطع أبداً وإنما تعززت أكثر فأكثر، حيث ساهم الحزبان معاً أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينات من القرن المنصرم، مع أطراف كردستانية أخرى في تشكيل لجنة كردستانية انبثقت عنها لجنة تحضيرية أخذت على عاتقها مهمة الإعداد لعقد مؤتمر كردستاني، ولكن مع الأسف الشديد حالت ظروف موضوعية دون إنجاز تلك المهمة آنذاك، وقد تميزت تلك العلاقات الثنائية بين الحزبين الشقيقين بالتوازن والاحترام المتبادل.
لقد ترك مام جلال برحيله في (٣/١٠/٢٠١٧)، جرحاً عميقاً في قلوبنا يعادل عمق تأثيره على مسار الأحداث في المنطقة والعراق وكردستان، حيث كان بمثابة صمام الأمان لتلك الأحداث..
لك المجد أيها الخالد في قلوبنا بأفكارك ونهجك..
المزيد من الأخبار
-
رئيس الجمهورية يبحث سبل توطيد العلاقات مع المملكة المتحدة وتركيا
02:52 PM - 2025-12-01 -
آسياسيل تطلق نظام إدارة حركة البيانات من Enea
12:22 PM - 2025-12-01 -
فيضانات شرقي آسيا.. أكثر من 1000 قتيل ومئات المفقودين
11:55 AM - 2025-12-01 -
ارتفاع أسعار النفط بفعل قرار أوبك+ والوضع في فنزويلا
10:07 AM - 2025-12-01
شاهد المزيد
العراق 03:04 PM - 2025-12-01 وزارة العمل الاتحادية تعلن صرف رواتب الشهر الاخير من 2025 للمتقاعدين المضمونين
قوات الحزب الديمقراطي تجبر اهالي قرية لاجان الى الهجرة الجماعية
02:35 PM - 2025-12-01
المفوضية: إرسال نتائج الانتخابات الى المحكمة الاتحادية بعد حسم الطعون
11:41 AM - 2025-12-01
الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي يبحثان تشكيل الحكومة الجديدة في الاقليم
10:16 AM - 2025-12-01
صدور العدد 152 من النشرة الأسبوعية الألكترونية الإنكليزية
09:33 AM - 2025-12-01
الأكثر قراءة
-
صمت إعلام الديمقراطي لم ينجح في التستر على أحداث لاجان
کوردستان 05:31 PM - 2025-11-30 -
مجلس القضاء الأعلى: حسم 428 طعنا انتخابيا من أصل 853
کوردستان 02:44 PM - 2025-11-30 -
هيئة حقوق الانسان: الكشف سريعا عن مطلقى النار وتقديم المتورطين الى القضاء
کوردستان 04:22 PM - 2025-11-30 -
الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي يبحثان تشكيل الحكومة الجديدة في الاقليم
کوردستان 10:16 AM - 2025-12-01 -
الأنواء الجوية تتوقع أمطارا خفيفة وانخفاضا في درجات الحرارة
العراق 09:45 AM - 2025-12-01 -
تحذيرات من خطر تصاعد التوجيه العبثي في بعض المنصات الإعلامية
کوردستان 01:14 PM - 2025-11-30 -
المفوضية: إرسال نتائج الانتخابات الى المحكمة الاتحادية بعد حسم الطعون
العراق 11:41 AM - 2025-12-01 -
رئيس الجمهورية يؤكد ضرورة تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ البرامج الاصلاحية
العراق 09:03 PM - 2025-11-30



.jpg)



تطبيق

