يوم إعلام "الاتحاد" وعقود من صوت الحقيقة

الآراء 01:35 PM - 2025-11-01
*محمد شيخ عثمان

*محمد شيخ عثمان

مسيرة كلمة تصنع الوعي وترافق النضال

منذ التأسيس في عام 1975، لم يكن الإعلام لدى الاتحاد الوطني الكردستاني نشاطا ثانويا أو ترفا فكريا، بل ركيزة أساسية إلى جانب الكفاح المسلح في مشروع التحرر الوطني ضد الدكتاتورية.
فقد آمن مؤسسو الاتحاد، وفي مقدمتهم الرئيس الراحل مام جلال ، أن المعركة ضد الاستبداد لا تخاض بالسلاح وحده، بل بالكلمة الواعية، والرسالة الصادقة، والصوت الحر الذي يعبر عن إرادة الشعب الكردي وحقه في الحياة والحرية والديمقراطية،لذلك ومنذ انطلاقة الاتحاد الوطني، كان الاهتمام بالإعلام واضحا ومبكرا، فإلى جانب الكفاح المسلح الذي شكل ذراع النضال الميداني، كان الإعلام هو الذراع الفكرية والثقافية والسياسية ومن رحم هذا الوعي، انطلقت أولى الإصدارات الصحفية للحزب بصحيفة “الشرارة” التي مثلت في حينها منبرا نضاليا يعبر عن فكر الاتحاد ومواقفه في مرحلة بالغة الصعوبة من تاريخ كردستان والعراق.
وتعد صحيفة "الشرارة"  اللبنة الأولى للإعلام الحزبي للاتحاد الوطني.
صدر العدد الأول منها " في تشرين الثاني عام 1975،و كانت تصدر بوسائل بدائية جدا وظروف نضالية صعبة ويكتب فيها الرئيس مام جلال والقادة المؤسسين والميدانيين و عدد من كوادر الحزب ومثقفيه الأوائل، وكانت تطبع وتوزع سرا بين صفوف البيشمركة والجماهير،وكان الهدف والرسالة منها :
- نقل بيانات الاتحاد الوطني ومواقفه السياسية إلى الداخل والخارج.
- رفع الوعي الوطني والسياسي لدى الجماهير الكردية.
- توثيق عمليات ونشاطات الكفاح المسلح ضد النظام البعثي.
-التعبير عن فكر مام جلال ورؤية الاتحاد في قضايا الحرية والديمقراطية.
وفي عام 1979، تأسست إذاعة “صوت شعب كردستان”، لتصبح لسان حال البيشمركة والمواطنين، وصوت المقاومة ضد النظام الدكتاتوري الذي حاول طمس هوية الكرد وحقهم في التعبير.

إعلام ما بعد الانتفاضة: من الصوت إلى الصورة
بعد انتفاضة آذار 1991 المجيدة والتي خطط لها الاتحاد الوطني وكان مهندس تنفيذها، بدأ فصل جديد في مسيرة إعلام الاتحاد الوطني،فقد أطلقت أول فضائية كردية باسم “تلفزيون شعب كردستان”، لتكون منبرا مرئيا يعكس تطلعات الشعب الكردي ويواكب تطورات المرحلة الجديدة.
وفي العام التالي، 1992، صدرت صحيفة “كوردستاني نوى” كأول صحيفة يومية كردية، شكلت مدرسة إعلامية وطنية خرجت أجيالا من الصحفيين والكتاب.
ثم جاءت صحيفة “الاتحاد” الأسبوعية بالعربية عام 1993، والتي تحولت لاحقا إلى أول صحيفة عربية يومية تصدر في بغداد بعد سقوط النظام البائد عام 2003، لتجسد البعد العراقي لرسالة الاتحاد الوطني الكردستاني الإعلامية.
وفي عام 1994، أطلق “الإنصات المركزي” كإصدار يومي داخلي حمل مهام التوجيه والتحليل، ومنه ولدت لاحقا مجلة “المرصد” كموسم ثان يواكب تطورات الأداء الإعلامي للحزب.

العصر الرقمي والانتقال إلى الإعلام الحديث
مع دخول الألفية الجديدة، وبتوجيه من القيادة الحزبية، واصل إعلام الاتحاد الوطني تطوير أدواته بما يواكب التحولات التكنولوجية،ففي عام 2004، أطلق الموقع الإخباري الرسمي (PUKmedia) ليكون أول منصة رقمية كردية – عراقية تعكس نهج الحزب بلغة مهنية ومسؤولة، متيحا تغطية آنية للأحداث الوطنية والإقليمية والدولية.
وفي عام 2007، تأسست مؤسسة بادينان الإعلامية التي شملت فضائية وإذاعة ومجلة تحملان رسائل فكرية وثقافية تسلط الضوء على قضايا المجتمع الكردي.
ثم جاءت مؤسسة كركوك الإعلامية عام 2011، بمباركة من الرئيس مام جلال، لتكون جسرا للتواصل بين مكونات كركوك وتعزيزا لرسالة التعايش التي آمن بها الاتحاد الوطني.
وفي عام 2019، انطلقت مجلة “ديوان” لتعيد الاعتبار للثقافة والنقد والفكر، ثم تبعتها قناة “المسرى” في عام 2021 كأول “ويب تيفي” تفاعلي، لتؤكد أن الاتحاد الوطني لا يزال سباقا في تبني أنماط الإعلام الحديثة.
أما فصلية “نويبونةوه”، فهي إضافة نوعية تعكس العمق الفكري والتحليلي في بنية الإعلام الحزبي.

توحيد المناسبات… وولادة “يوم إعلام الاتحاد الوطني”
تعددت عبر السنين تواريخ انطلاقات القنوات والإصدارات الإعلامية التابعة للاتحاد، فكانت كل جهة تحتفل بيوم تأسيسها أو صدورها، مما خلق نوعا من التداخل لدى الجمهور والمتابعين، كثيرون ظنوا أن إعلام الاتحاد الوطني يقتصر على الفضائية فقط، متناسين التنوع الثري في مؤسساته ومنابره.
ولرفع هذا الالتباس، ومن أجل جمع الجهود الإعلامية في مناسبة واحدة ذات دلالة رمزية ووطنية، جاءت المبادرة لتحديد “يوم إعلام الاتحاد الوطني الكردستاني”، ليكون مناسبة موحدة يحتفل بها سنويا.
الفكرة ولدت من حاجة موضوعية إلى تعريف المواطن بجميع مؤسسات الإعلام الحزبي، وتسليط الضوء على مهامها وإنجازاتها، وبعد نقاشات موسعة داخل المكتب الإعلامي وخاصة مع زملائي مسؤولي القنوات،رايت من الضروري تحديد هذا اليوم والتخلص من الاحتفاءات المتعددة وتوحيد تركيز المتابعين على باقة الاعلام المتنوعة والفريدة واخيرا استجاب السيد ستران عبدالله بصفته المشرف على الاعلام على المقترح وقرر بذل المساعي الجادة الى ان تمخضت الجهود على ان يكون الأول من تشرين الثاني/نوفمبر يوم الاعلام وتم اختيار هذا التاريخ تيمنا بتاريخ صدور العدد الأول من صحيفة الشرارة، المنبر الإعلامي الأول في تاريخ الاتحاد.
وقد وافق المكتب السياسي رسميا على هذا المقترح، وأعلن القرار في اليوبيل الفضي للإنصات المركزي عام 2019 من قبل السيد ستران عبدالله، ليكرس هذا اليوم رسميا كعيد للإعلام الاتحادي، وكتقليد سنوي يجسد روح التواصل بين الماضي والحاضر.
وبعد المؤتمر الخامس للاتحاد الوطني قرر السيدان عماد احمد مسؤول مكتب الاعلام والتوعية ولطيف نيرويي مسؤول بورد الاعلام المضي بهذا المسار والاحتفاء بهذا اليوم .

الرمزية وأبعاده
يوم إعلام الاتحاد الوطني ليس مناسبة احتفالية فحسب، بل هو محطة تقييم ومراجعة واعتزاز في آن واحد ففي هذا اليوم:
• يتم عرض حصاد العام الإعلامي من حيث الإنتاج، والتأثير، وانتشار المنصات.
• تقام ندوات وملتقيات لمناقشة تطوير الأداء الإعلامي ومواجهة تحديات العصر الرقمي.
• يستذكر الدور التاريخي للإعلام الاتحادي في ترسيخ قيم الحرية، وفضح الدكتاتورية، والدفاع عن قضايا كردستان والديمقراطية العراقية وحقوق الإنسان.
*يستذكر قيم مام جلال في جعل الإعلام أداة وعي وتنوير، لا وسيلة دعاية عمياء.
فالإعلام، كما أراده الرئيس مام جلال أن يكون مدرسة للفكر الوطني لا صدى للسلطة، وأن يحمل الكلمة الحرة لا الخطاب الموجه، وأن يكون منبرا للحقيقة، لا منصة للتضليل و هدفها خدمة الحقيقة وصون كرامة الإنسان، والتعبير عن الضمير الجمعي للشعب الكردي والعراقي.
واليوم، يواصل الرئيس بافل جلال طالباني هذا النهج الراسخ، مؤكدا أن إعلام الاتحاد هو “ضمير الاتحاد”، ومرآة لخطه السياسي والفكري، وشريك في البناء والتحديث والإصلاح وجزء من مشروع الإصلاح والبناء والدفاع عن حقوق المواطنين في الإقليم والعراق.

عقود من صوت الحقيقة
على امتداد نصف قرن، تطور إعلام الاتحاد الوطني من منشور سري إلى شبكة متكاملة من القنوات والمنصات التي تغطي المشهد الكردستاني والعراقي والإقليمي.
واليوم، يضم مكتب إعلام الاتحاد الوطني الكردستاني تسع مؤسسات ومنصات رئيسية، إضافة إلى مجموعة واسعة من الصفحات والمراكز والمجلات المتخصصة. وهي وفق تسلسلها الزمني:
1. إذاعة صوت شعب كردستان – 1979
أول منبر إذاعي ناطق باسم الثورة الكردية الجديدة ضد الدكتاتورية.
2. فضائية شعب كردستان – 1991
أول قناة كردية بعد الانتفاضة، جسدت مرحلة البناء الإعلامي الوطني.
3. صحيفة كوردستاني نوى – 1992
أول صحيفة كردية يومية، مدرسة الصحافة الوطنية الحديثة.
4. صحيفة الاتحاد (بالعربية) – 1993
أول صحيفة عربية اسبوعية بعد الانتفاضة واول صحيفة عربية يومية تصدر في بغداد بعد سقوط النظام في 2003.
5. الإنصات المركزي(المرصد) – 1994
نشرة يومية داخلية أسست للتوجيه المهني والفكري، ومن رحمها ولدت مجلة "المرصد"التحليلية والتوثيقية.
6. مؤسسة بادينان الإعلامية – 2007
تشمل فضائية وإذاعة ومجلة (بادينان)تخدم المناطق الشمالية وتنشر الثقافة الوطنية.
7. موقع PUKmedia ))-2004
أول موقع إخباري إلكتروني شامل للحزب، باللغات الكردية والعربية والإنكليزية.
8. مؤسسة كركوك الإعلامية – 2010
تضم قناة كركوك الفضائية وعددا من الإصدارات الموجهة لتعزيز التعايش في المدينة.
9. مجلة ديوان – 2019
منبر فكري وثقافي رصين يعالج القضايا المعاصرة بعمق وتحليل.
10. قناة المسرى ((Web TV- 2021
أول تلفزيون إلكتروني تفاعلي للحزب، يمثل الجيل الرقمي الجديد للإعلام الاتحادي.
11. فصلية نوێبونەوە– إصدار فكري تحليلي يعكس الوعي الثقافي والفكري في رؤية الاتحاد.
بهذا، يضم إعلام الاتحاد الوطني الكردستاني اليوم أكثر من 11 منبرا ومؤسسة، تتوزع بين إذاعات وصحف ومجلات ومواقع ومنصات رقمية، تشكل جميعها منظومة متكاملة توصل فكر الاتحاد الوطني ورسالة التقدم والديمقراطية إلى المواطن الكردي والعراقي والعالم.

وحدة الهدف رغم تنوع المنابر
ولا بد من الإشارة إلى الدور الوطني والمسؤول الذي تؤديه الصفحات والقنوات والمواقع الإعلامية غير المنضوية رسميا ضمن مكتب الإعلام، لكنها تشترك مع الاتحاد الوطني في وحدة الهدف، وخدمة الحقيقة، والدفاع عن قيم العدالة والشفافية، والسعي لإرساء حكم رشيد ومستقبل مشرق لإقليم كردستان والعراق.
فالإعلام الاتحادي لا يرى في التعدد خصومة، بل غنى في الرأي وتجسيدا لحرية التعبير التي ناضل الحزب من أجلها طيلة تاريخه.

صوتٌ مسؤول وتأثيرٌ واسع
لقد أثبت إعلام الاتحاد الوطني الكردستاني أنه أحد أكثر المؤسسات الإعلامية الكردية والعراقية تأثيرا ومهنية، بفضل تعدد منابره وتنوع لغاته وخطابه الوطني الجامع،فهو الإعلام الكردي الوحيد الذي خاطب الداخل والخارج معا، بالعربية والكردية والإنكليزية، وعكس رؤية فكرية متوازنة تجمع بين الهوية الكردية والانتماء العراقي والانفتاح الإقليمي.
على مستوى كردستان والعراق والمنطقة، يحتل إعلام الاتحاد الوطني موقعا متميزا من حيث الانتشار والتأثير والمصداقية.
فهو الصوت الكردي الذي جمع بين المهنية والانتماء الوطني، ونجح في مخاطبة الداخل والخارج بلغات متعددة، مقدما خطابا عقلانيا متوازنا يعبر عن روح التعايش والديمقراطية.
وبفضل هذا النهج، أصبح إعلام الاتحاد مدرسة مهنية خرجت مئات الصحفيين والإعلاميين، وأسهمت في تطوير الخطاب الكردي والعراقي الحديث.
وعلى امتداد خمسين عاما من النضال، ظل إعلام الاتحاد مدرسة في الاعتدال السياسي والرصانة المهنية، وساحة لتخريج الصحفيين والمبدعين الذين أسهموا في بناء الوعي الكردي والديمقراطي الحديث.
إن تحديد الأول من تشرين الثاني/نوفمبر يوما لإعلام الاتحاد الوطني الكردستاني هو خطوة رمزية وعملية في آن واحد، تعيد وصل الأجيال بتاريخ إعلامي مشرف بدأ بـ”الشرارة” واستمر حتى “المسرى”، بين الورق والميكروفون والكاميرا والمنصات الرقمية.
من الشرارة إلى المسرى، ومن المذياع إلى المنصة الرقمية، ظل إعلام الاتحاد الوطني الكردستاني صوتا للحرية وذاكرة للنضال و إن الاحتفال في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر لا يكرس ذكرى فقط، بل يجدد عهدا، ويؤكد استمرار رسالة إعلام وطني مسؤول، رافق الثورة والبناء والدولة، وسيبقى في خدمة الإنسان، والوطن، وكردستان
هو يوم نعتز به، ونستحضر فيه رسالة الكلمة الحرة، ومسؤولية الإعلامي الصادق، ونجدد فيه العهد على أن يبقى إعلام الاتحاد الوطني، كما كان دوما، صوت الشعب وذاكرة النضال ومرآة الحقيقة، فالف تحية محبة وتقدير لكل الزملاء في مؤسسات إعلام الاتحاد الوطني الكردستاني – من الصحيفة إلى الإذاعة، ومن الشاشة إلى المنصة الرقمية – الذين يواصلون بث الكلمة الصادقة وصون قيم الحقيقة والحرية والعدالة.
*رئيس تحرير مؤسسة"المرصد"الاعلامية

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket