هل يهدد القانون الجعفري مستقبل المرأة العراقية؟

تقاریر‌‌ 11:30 AM - 2014-03-19
تيارات مدنية تعتبر القانون الجعفري انتهاكا لحقوق المرأة

تيارات مدنية تعتبر القانون الجعفري انتهاكا لحقوق المرأة

منظمات: القانون الجعفري يجيز تزويج القاصرات
أثار مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري الذي تقدم به وزير العدل حسن الشمري جدلًا واسعًا وسخطًا من منظمات المجتمع المدني التي اعتبرته انتهاكًا خطيرًا لحقوق الطفولة لأنه يجيز تزويج الطفلة تحت سن تسعة أعوام.
حيث أحال مجلس الوزراء العراقي مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري المؤلف من 253 مادة الى مجلس النواب للمصادقة عليه، على ان يتم تشكيل لجنة علماء للنظر به، وياتي ذلك قبيل اجراء الانتخابات العامة. ويحدد مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري قواعد الميراث والزواج والطلاق والنفقة، ويرى المدافعون عن القانون انه لا يفعل سوى تنظيم الممارسات اليومية لاتباع المذهب الجعفري.

خطوة إلى الوراء
لكن معارضيه الذين يمثلون تيارات مدنية يعتبرون المشروع خطوة الى الوراء وانتهاكا لحقوق المراة في العراق ويشعرون بالقلق من ان يزيد الاحتقان الطائفي، واستبعد المحلل السياسي احسان الشمري حصول المشروع على تاييد في مجلس النواب وسط رفض واضح من المرجعية الدينية في النجف.
وقال الشمري "في ظل رفض المرجعية لهذا المشروع فان تمريره في البرلمان يعد حلما لمن تبناه"، واثارت المسودة غضب منظمات المجتمع المدني التي اعتبرته انتهاكا صارخا لحقوق الطفولة، وقالت هناء ادورد رئيسة منظمة "الأمل" ان "مشروع القانون هو جريمة انسانية، وانتهاك لحقوق الطفلة لمحاولة وضع سن البلوغ حتى بعمر اقل من ثماني سنوات وهذا انتهاك للطفولة والحياة الامنة للطفلة".

انتهاك حقوق المراة
وتسمح مسودة القانون لولي الامر بتزويج بنته حتى قبل بلوغها تسع سنوات، وتحرمها من النفقة في ذات الوقت.. وقالت ادورد ان "المشروع الغى حق المرأة في النفقة الا اذا سمحت له (الرجل) ان يستمع بها جنسيا".
وأضافت أن "المشروع حول المراة الى اداة استمتاع جنسي بحت، حينما يصف انه يستمتع بها وقت ما شاء، ويمنعها من الخروج الى العمل والى خارج البيت الا باذن الزوج، والقضية متعلقة بشهوة الرجل".
وانتقادات ادورد ترددت اصداؤها لدى عدد كبير من المعارضين ابتداء من المنظمات المدنية المحلية، وصولا الى منظمة هيومن رايتس ووتش التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، وحتى مبعوث الامم المتحدة في العراق قال ان المسودة تسهم في تفتيت الهوية الوطنية".
وقال نيكولاي ملادينوف في بيان ان "مشروع القانون يقوض المكاسب التي تحققت لحماية وتعزيز حقوق النساء والفتيات والتي يحميها الدستور". وتفيد دراسة اجراها مكتب السكان المرجعي ومقره واشنطن في 2013، ان ربع النساء في العراق يتزوجن قبل سن الثامنة عشرة.
عنصرية!
واغضب القانون الطائفة المسيحية في العراق والتي اعتبرته تجاوزا على الديانة وتكريسا للعنصرية. وتنص احدى مواد القانون على انه لا يصح زواج المسلم من غير المسلمة. وواجه المشروع معارضة من كبار المراجع في النجف حيث اعتبر المرجع الكبير بشير النجفي ان المشروع "ينطوي على شطحات في الصياغات الفقهية والقانونية لا يوافق عليها فقيه".
وركزت بعض الانتقادات حول بعض فقراته التي تسمح للطفلة بالطلاق بعمر تسع سنوات، الامر الذي يعني ان الطفلة تستطيع الزواج قبل هذا العمر اصلا، والتي يتطلب من المرأة ممارسة الجنس مع زوجها في الوقت الذي يطلبه.
ومن الفقرات الاخرى التي سخر منها ناشطون، كيفية تقسم الرجل لوقته مع زوجاته الاربع، وكيف يمكنه ان يقضي يوما اضافيا مع اخرى. ويقول المدافعون عن المشروع ان المشروع لا يلغي قانون الاحوال المدنية الساري انما سيكون رديفا لمن يختار الاحتكام اليه.
وقال النائب عمار طعمة عن حزب الفضيلة الذي شرع القانون "نحن نؤيد مشروع القانون ومبرراتنا انه يستند للمادة 41 في الدستور، والمادة 19 في الدستور التي تكفل الخصوصية للافراد بما لا يتعدى على حقوق الاخرين.
واضاف ان "القانون الوضعي رقم 59 (قانون الاحوال المدنية الجاري) فيه مخالفات للشريعة الاسلامية، سجله المرجع محسن الحكيم".
واضاف ان "الفكرة من القانون هو ان كل مذهب يحتكم وينظم احواله الشخصية وفق ما يعتقد به" لكنه اكد ان المهم في القانون انه "لا يلغي القانون النافذ لذلك فكل طائفة تنظم احوالها وفق ما تعتقد به، لذا لا حاجة الى هذا الضجيح حوله".
بدوره، قال وزير العدل حسن الشمري في تصريح صحافي ان "المعترضين على مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري لم يطلعوا على مواد وفقرات القانون الذي يصب بالتأكيد في مصلحة المرأة ويعد الضمانة الاساسية لحفظ كرامتها وحقوقها".

ليس بديلا
وقال مصدر حكومي ان مجلس الوزراء وافق على القانون على ان يكون فقرة داخل قانون الاحوال المدنية الساري، وليس بديلا عنه. ولا يزال القانون في ادراج مجلس النواب الذي يواجه منذ اشهر مشاكل لانعقاد اثر الاختلاف حول قانون الموازنة العامة التي لم تمرر حتى الان.
بدوره اعتبر المحلل السياسي احسان الشمري "هناك بعد سياسي في قضية فرض المشروع على الرغم من رفض المرجعية له". واضاف "اعتقد انه طرحه في الوقت الحالي ياتي لدواع انتخابية ذات ابعاد سياسية".

الامم المتحدة: قانون الأحوال الجعفري مقلق ويفتت الهوية العراقية
عبرت الأمم المتحدة عن قلقها من مشروع قانون معروض على البرلمان العراقي يختص بتشريع للاحوال الشخصية للمكون الشيعي في البلاد، وحذرت من أنه سيفتت الوحدة الوطنية.
وأكدت بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي" قلقها إزاء إقرار مجلس الوزراء العراقي مؤخرًا لقانون الأحوال الشخصية الجعفري. وحذرت من أنه يهدد وحدة التشريعات الوطنية ويمكن أن يسهم في تفتيت الهوية الوطنية. واضافت أن مشروع القانون من شأنه أن يسهم في قلب المكاسب التي تحققت لحماية وتعزيز حقوق النساء والفتيات التي يحميها الدستور.
وكان مجلس الوزراء العراقي وافق في جلسته المنعقدة في 25 من الشهر الماضي على مشروع قانون الأحوال الجعفري الذي قدمه وزير العدل حسن الشمري وقرر إحالة المشروع إلى مجلس النواب.
وحث رئيس بعثة الامم المتحدة في العراق نيكولاي ميلادينوف مجلس النواب العراقي على ضمان "أن تتمسك جميع القوانين المعنية بأعلى معايير حقوق الإنسان الدولية وتتوافق مع الصكوك الدولية التي يكون العراق طرفاً فيها بما في  ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) واتفاقية حقوق الطفل (CRC). واشار في بيان صحافي، أن الأمم المتحدة "مستمرة بالتزامها بدعم جهود الحكومة والمجتمع المدني في العراق والرامية الى تمكين المرأة وضمان  المساواة بين الجنسين في القانون والممارسة. تحقيق مساواة المرأة يفضي الى تقدم المجتمع برُمته".
 واضاف ميلادنيوف الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق قائلاً في بيانه الذي اصدره لمناسبة اليوم العالمي للمرأة "ان العراق، بالرغم من التقدم المتفاوت، هو واحد من  بلدان الشرق الأوسط الرائدة في تمكين المرأة.. وقال "إن الإندماج الكامل للمرأة في المجتمع العراقي هو واحدٌ من مفاتيح الاستقرار والتسامح والديمقراطية. وشدد على انه "لا يمكن لأي مجتمع أن  يطلق على نفسه صفة الشمولية إذا لم تكن فيه معاملة الرجال والنساء على نحو متساوٍ أمام القانون وان لم تراعَ فيه الحقوق المكفولة دستوريا للمرأة " .
وأطلقت الحكومة العراقية مؤخرا خطة عمل وطنية للاعوام من 2014 الى 2018 بشأن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم (1325) بشأن المرأة والسلام والأمن وهي تمنح المرأة العراقية فرصة حقيقية للمشاركة في هيكلة السلام  وتعزيز السلام الشامل والمستدام. وقد قدم العراق أيضا التقارير الدورية الرابعة والخامسة والسادسة، بشأن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) الشهر الماضي وهو أول  تقرير من هذا القبيل يصدر في غضون عشر سنوات.
وقد اطلقت ناشطات عراقيات امس خلال الاحتفال بيوم المرأة العالمي حملة "نساء العراق في حداد" حتى إلغاء قانون الأحوال الشخصية الجعفري. واختارت النساء والناشطات العراقيات المحتفلات في هذا اليوم، ارتداء ملابس سوداء في جميع الفعاليات والأنشطة التي أقيمت ببغداد وعدد من المحافظات بمناسبة عيدهن. 
واكدت الناشطات أن مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري هذا يمثل عودة لـ"عصر الجواري والعبيد" وانه "يحوّل المرأة العراقية إلى مخلوق مهمته الامتاع والغريزة وهي بعمر 9 سنوات." وأكدن أن "نساء العراق سيبقين في حداد، حتى إلغاء هذا القانون الذي يعيدنا إلى عصور الجواري والعبيد".
وينص قانون الاحوال الشخصية الجعفري على اقامة مجلس قضاء جعفري، الامر الذي يراه عدد من المختصين تجزئة للنظام القضائي العراقي وتشتته واضعاف ادائه. 
وشهد العام الماضي تسجيل 5316 حالة عنف ضد النساء في العراق منها حالات قتل وانتحار وحرق  فضلاً عن اعتداء جنسي وضرب. 

رايتس ووتش: القانون الجعفري كارثي ويستعبد العراقيات
وصفت منظمة هيومان رايتس ووتش الدولية المعنية بحقوق الإنسان مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري، المعروض على البرلمان العراقي، بأنه خطوة كارثية وتمييزية ضد سيدات العراق، كما إنه يكرّس الانقسامات الطائفية، ودعت الحكومة العراقية إلى سحبه.
حيث دعت هيومن رايتس ووتش، في بيان لها، الحكومة العراقية إلى سحب مشروع  قانون الأحوال الشخصية الجعفري، وضمان حماية الإطار القانوني العراقي للسيدات والفتيات، بما يتماشى مع التزامات العراق الدولية.

خطوة تمييزية كارثية
وأشارت إلى أن من شأن التشريع المزمع أن يقيّد حقوق المرأة في ما يتعلق بالميراث وحقوق الأمومة وغيرها من الحقوق بعد الطلاق، وأن يسهّل على الرجال تعدد الزوجات، وأن يسمح للفتيات بالزواج في سن التاسعة.
ولفتت إلى أن مشروع القانون المسمّى "قانون الأحوال الشخصية الجعفرية" يستند إلى مبادئ المدرسة الفقهية الجعفرية لدى الشيعة، والتي أسسها الإمام جعفر الصادق، سادس أئمة الشيعة. وقالت إنه بعد موافقة مجلس الوزراء في 25 شباط (فبراير) عام 2014 عليه، يبقى على القانون الآن نيل موافقة البرلمان للعمل به.
وقال جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "من شأن تبني القانون الجعفري أن يمثل خطوة كارثية وتمييزية في ما يتعلق بسيدات العراق وفتياته، فهذا القانون الخاص بالأحوال الشخصية لن يعمل إلا على تكريس انقسامات العراق، بينما تزعم الحكومة تأييد الحقوق المتساوية للجميع".
أضاف أن مشروع القانون هذا يضرب عرض الحائط بالتزام الحكومة العراقية القانوني بحماية حقوق السيدات والفتيات، وقد يؤدي تمرير البرلمان له إلى المزيد من القوانين التمييزية.. قد يكون وجود دستور جيد مفيدًا على الورق، لكن على المشرعين احترام مبادئه".

ضد النساء
وأشارت هيومان رايتس ووتش إلى أن من شأن مشروع القانون أن يغطي المواطنين والمقيمين الشيعة داخل العراق، وهم غالبية، وسط السكان البالغ عددهم 36 مليونًا، ويشتمل على بنود تحظر على رجال المسلمين الزواج بغير المسلمات، وتقنن الاغتصاب الزوجي، من خلال التصريح بأن المعاشرة الزوجية حق للزوج، بصرف النظر عن رضا الزوجة، وتمنع السيدات من مغادرة المنزل من دون إذن أزواجهن.
كما يمنح القانون حضانة أي طفل بلغ الثانية من العمر أو تجاوزها تلقائيًا للأب في قضايا الطلاق، ويخفض سن الزواج إلى التاسعة للفتيات، والخامسة عشرة للصبية، بل ويسمح للفتيات دون التاسعة بالزواج بموافقة أحد الوالدين.
وقالت إن وزير العدل، حسن الشمري، تقدم بمشروع القانون إلى مجلس الوزراء في 27 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2013، وفي كانون الأول (ديسمبر) قال المجلس إنه سيؤجّل النظر في مشروع القانون إلى ما بعد الانتخابات التشريعية المقررة في 30 نيسان (أبريل)، وبعد موافقة المرجعية الشيعية الدينية العليا على المسودة، وهو ما لم تفعله حتى الآن، إلا أن المجلس مضى ووافق على المسودة في 25 شباط/فبراير الماضي، رغم معارضة قوية من مناصري الحقوق وبعض القيادات الدينية.
وأوضحت هيومان رايتس أن قانون الأحوال الشخصية العراقي الراهن (القانون 188 لسنة 1959)، الذي ينطبق على جميع العراقيين، بصرف النظر عن الطائفة الدينية، فيحدد سن الزواج بـ18 عامًا، إلا أنه يسمح للقضاة بتزويج فتيات حتى سن 15 سنة في القضايا "العاجلة". وذكرت أنه في عام 2012 ارتفعت معدلات الزواج المبكر لفتيات العراق على نحو ملحوظ عنها في العقد الماضي.. ومن شأن بنود مشروع القانون أن تقنن مشكلة زواج الأطفال المتنامية في العراق بدلًا من محاولة حلها.

انتهاك للقضاء ولاتفاقية السيداو
وحذرت المنظمة من أن مشروع القانون الجعفري ينتهك اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو)، التي صدق عليها العراق في عام 1986، بمنح حقوق أقل للسيدات والفتيات بناءً على نوعهن الجنسي.. كما ينتهك اتفاقية حقوق الطفل، التي صدق عليها العراق في عام 1994، بتقنين زواج الأطفال وتعريض الفتيات لمخاطر الزواج المبكر والقسري ومخاطر الاستغلال الجنسي، وعدم الإلزام باتخاذ القرارات المتعلقة بالأطفال في قضايا الطلاق على ضوء المصلحة الفضلى للطفل.
وحذرت هيومن رايتس ووتش من أن مشروع القانون يتجاهل المادة الثانية من الإعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة عن طريق تقنين الاغتصاب الزوجي. وقد قامت لجنة السيداو، وهي الهيئة المكونة من خبراء دوليين، والتي تراجع التزام الدول بالاتفاقية، في مراجعتها لتقارير العراق بتاريخ 28 شباط (فبراير) عام 2014، بدعوة الحكومة إلى "سحب مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفرية على الفور".. كما إن القانون ينتهك العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من خلال منح حقوق أقل إلى بعض الأفراد على أساس الدين.
وبينت أن مشروع القانون يتناقض بشكل صارخ مع المادة 14 من الدستور العراقي، التي تحظر "التمييز والتفرقة بين العراقيين"، وتضمن المساواة لكل العراقيين "من دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي".
وقالت إنه إضافة إلى قلق لجنة السيداو من النصوص التمييزية المحددة في مشروع القانون فقد خلصت اللجنة، بوجه أعم، إلى "أن قوانين الأحوال الشخصية والأعراف المستندة إلى الهوية تديم التمييز ضد المرأة، وأن الاحتفاظ بنظم قانونية متعددة ينطوي بذاته على تمييز ضد المرأة". وكان قد سبق للجنة أن قالت إن غياب الاختيار الفردي في ما يتعلق بانطباق أو مراعاة قوانين وأعراف بعينها يفاقم من هذا التمييز.

معارضة واسعة في العراق للقانون الجعفري
وأشارت هيومان رايتس ووتش إلى أن طيفًا واسعًا من النشطاء الحقوقيين، وزعماء السنة والشيعة الدينيين، والقضاة في العراق قاموا بانتقاد مشروع القانون لكونه تمييزيًا، ويخالف النصوص الدينية، ويكرّس الانقسامات الطائفية في العراق بالقانون، لأنه مخصص لطائفة بعينها. كما قامت شبكة النساء العراقيات، وهي اتحاد يضم جمعيات لحقوق المرأة، بتنظيم تظاهرات يوم 8 مارس/آذار الحالي في اليوم العالمي للمرأة، واصفين إياه بأنه يوم حداد في العراق.
وقالت ناشطة حقوق المرأة بسمة الخطيب لـ هيومن رايتس ووتش إن "العراق في صراع، ويشهد انهيارًا لسيادة القانون، ويمهد تمرير القانون الجعفري الطريق لانعدام المساواة المقنن".
وكانت لجنة السيداو في مراجعتها قد أوصت أيضًا بأن يلغي العراق الاستثناءات القانونية التمييزية من الحد الأدنى لسن الزواج للفتيات في قانون الأحوال الشخصية الراهن. وقالت إن الاستثناء القانوني من الحد الأدنى لسن الزواج ينبغي ألا يمنح إلا في حالات استثنائية، وأن يكون بتفويض من محكمة مختصة للفتيات والصبية على السواء، وألا يمنح إلا في الحالات التي لا يقلّ سنهم فيها عن 16 سنة، مع إبداء الرضا الصريح. كما أوصت اللجنة بأن يتخذ العراق الإجراءات التشريعية اللازمة لحظر تعدد الزوجات، الذي يبيحه القانون الراهن في ظروف معينة.
وقد أبدت اللجنة بوجه أعمّ قلقًا من الوضع العام الرديء لحقوق المرأة في البلاد، الذي عزته جزئيًا إلى قيام الحكومة "بتعزيز دور القطاع الأمني" على حساب فرض سيادة القانون، حيث إن مبادراتها "لم تول عناية كافية لإقرار آليات المحاسبة... وقد أدت إلى تفشي الإفلات من العقاب".

قلق من زيادة العنف
وقالت اللجنة إنها "تشعر بقلق خاص من أن هذا الوضع، علاوة على انتشار الفساد، قد ساهم في زيادة العنف ضد المرأة من جانب جهات تتبع الدولة وجهات لا تتبعها، وكذلك في تعزيز المواقف التقليدية والأبوية، التي تحدّ من تمتع السيدات والفتيات بحقوقهن".
وفي العاشر من الشهر الحالي، ادّعى وزير العدل العراقي حسن الشمري بأن قانون الأحوال الشخصية الجعفري منح امتيازات غير مسبوقة للمرأة، داعيًا معارضي القانون إلى الحوار بطرق موضوعية وحضارية بعيدًا عن التجريح والتشهير.
وفي الأسبوع الماضي أكد المرجع الشيعي آية الله السيد حسين إسماعيل الصدر أن مشروع القانون الجعفري مخالف للمذهب، موضحًا أنه لا يشكل أولوية للمجتمع، الذي هو في أمسّ الحاجة إلى تحسين الوضع الأمني والخدمي ورفع مستوى معيشة المواطنين، الذين يعانون مشاكل عديدة، وهم محرومون من أبسط الحقوق الضرورية للمعيشة.
وفي الثالث من الشهر الحالي عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها من مشروع قانون معروض على البرلمان العراقي، يختص بتشريع للأحوال الشخصية للمكون الشيعي في البلاد، وحذرت من أنه سيفتت الوحدة الوطنية. وأبدت بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي" قلقها إزاء إقرار مجلس الوزراء العراقي أخيرًا لقانون الأحوال الشخصية الجعفري.
وحذرت من أنه يهدد وحدة التشريعات الوطنية، ويمكن أن يسهم في تفتيت الهوية الوطنية. وأضافت أن مشروع القانون من شأنه أن يسهم في قلب المكاسب، التي تحققت، لحماية وتعزيز حقوق النساء والفتيات التي يحميها الدستور.

سجال عراقي حول إقرار قانون أحوال شخصية للمذهب الجعفري
احتدم الجدل في العراق حول إعلان وزير العدل إنجاز مسودتي مشروع قانون الأحوال الشخصية الخاص بالمذهب الجعفري، ومشروع قانون القضاء الشرعي للمذهب ذاته، ما اعتبره الكثيرون تقسيمًا للبلاد.
أعرب مواطنون عراقيون من مختلف الطوائف عن عدم رضاهم على ما اعلنه وزير العدل العراقي حسن الشمري بخصوص قانون الاحوال الشخصية وقانون القضاء الخاصين بالمذهب الجعفري، بديلًا عن قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959، مؤكدين أن مثل هذه الاجراءات تكرس الطائفية، وتزرع بذور التقسيمات في العراق، فيما اشار آخرون إلى أن الاعلان عن هذين القانونين في هذا الوقت يخدم اغراضًا انتخابية.
وكان وزير العدل أكد أن مسودتين للقانونين تم إعدادهما اعتمادًا على فقه الشيعة الإمامية الاثني عشرية، وبالأخص ما تضمنته الرسائل العملية من أحكام فقهية استنبطها مراجع الشيعة من المصادر التشريعية المعتبرة.

فتيل الاقتتال الطائفي
أبدى عبد الزهرة البهادلي، موظف في وزارة الثقافة، استغرابه، "فالقوانين النافذة حاليًا في مجال الأحوال الشخصية تفي بالغرض، ومشروعا القانونين المقترحين غير مبررين في كل الأحوال، إلا إذا أريد بهما الدعاية السياسية الانتخابية، ولا أحسب أنهما سيؤديان هذا الغرض الدعائي".
أما سهيل حافظ، صاحب متجر، فقال: "اعتقد أن مثل هكذا قوانين في الوقت الحاضر تؤجج مشاعر المذاهب والقوميات الأخرى، وتتناقض مع وثيقة السلم الاهلي، التي تدعو إلى دولة المواطنة". ووصفت الكاتبة لطفية الدليمي القرار بأنه إجراء يشعل فتيل الاقتتال الطائفي، "والتفاف على قانون الاحوال الشخصية، وضربة قاصمة للدولة المدنية".
من جانبه، يعتقد المحامي عبد الكريم عبدالله أن العراقيين بحاجة إلى قانون أحوال شخصية مدني يجمعهم ولا يفرقهم، ويستند إلى المواطنة قبل الطائفة، وإلا فإن ما يجري هو تكريس لفكرة أن الطائفة قبل الدولة وتتقدم عليها.
من جانب آخر، أيد المواطن حسن فليح، الموظف في وزارة التعليم، هذا القانون الجديد قائلًا: "سواء رفضنا أم قبلنا، فالمذاهب متخلفة، وكل واحد منها يتعامل وفق ما انتجه إمامه، ومن حق أهل المذهب الجعفري اقرار ما يفيدهم كما يحق لغيرهم ذلك، ولا اعتقد أن الامر تأجيج للطائفية، المؤججة من عشر سنوات".
وقال الكاتب عبدالحسين بريسم: "لعقود طويلة نشرع الاحوال الشخصية لمذاهب غير مذاهب اهل البيت عليهم السلام، ولم يتكلم احد، والآن اصبح هذا من الدعاية الانتخابية، فلماذا لا يكون هذا ضمن التعددية في العراق؟".

مذهبة القضاء
 من جانبه، قال المهندس ابراهيم البهرزي إن القانون المشرع منذ العام 1959 كان يتيح للعراقي أن يتزوج وفقاً لأي مذهب يشاء، "ولا اظن قاضيًا اجبر زوجين على تسجيل عقد نكاحهما على مذهب غير ما يريدان طوال تلك السنين من عمر دولتنا المدنية، التي اتضح أنها كانت كافرة!".
أضاف: "اقرار هذا التشريع سيتبعه تشكيل مجلسين للقضاء، سني وشيعي، وتشكيل وزارتين للعدل، سنية وشيعية، وتقسيم القضاة إلى سنة وشيعة، وظهور أي متعلقات مدنية في المشاكل الشرعية، وسيتطلب إحالة حتى القضايا المدنية إلى قضاة شيعة أو سنة بحسب مقتضى الحال، وبعده سيكون كل القضاء ممذهبًا، وسيكون تثبيت هذا القانون مبررًا لمذهبة كل التشريعات والقوانين المرعية، ويتبعها مذهبة القضاء الاداري ايضًا".
لكن النائب عن ائتلاف دولة القانون حسن الياسري أكد أن قانون الاحوال الجعفري يستند بشكل كامل على الدستور. وقال: "مسألة الاحوال الشخصية تختلف عن المسائل القانونية الأخرى لأنها لا تتخذ ابعادًا قانونية بحتة، فهي ذات بعد ديني وشرعي، وقانون الاحوال الشخصية النافذ مأخوذ من الشريعة الاسلامية بكافة مذاهبها، ما خلا تعديلات بسيطة اجراها النظام السابق، ما جعل القانون شبيهًا بالخلطة".
وأضاف: "قانون الاحوال الشخصية الجعفري ينفي الكثير من الاشكاليات الشرعية التي وقع فيها القانون الحالي، ويتيح لمن يرغب بالزواج أن يختار في نص العقد المذهب أو الدين أو الاعتقاد الذي يود التعامل به، ما يكفل حرية الاختيار للجميع من دون استثناء".

نساء العراق يرتدين السواد احتجاجًا على قانون الأحوال الجعفري
اعلنت نساء العراق الحداد في عيد المرأة العالمي احتجاجًا على سن القانون الجعفري للأحوال الشخصية، حيث اكدن أنه ينتهك حقوق المرأة والطفولة تحت اسم الزواج.
عبّرت مجموعة من نساء العراق عن سخطهن الكبير على قانون الاحوال الشخصية الجعفري، موضحات أن هذا المشروع يحرم المرأة من حقوق عديدة في الزواج والطلاق والارث والحرية الشخصية وينزل بدورها في المعاشرة الزوجية الى مرتبة دنيا، مشددات على أنهن سيعملن على اسقاطه مثلما فعلن في السابق، حينما وقفن بالضد من اراد الغاء قانون الاحوال الشخصية النافذ، واستنكرن موقف البرلمانيات في مجلس النواب اللواتي فضلن السكوت.
 وقالت الشاعرة والناشطة سمرقند الجابري: "اعلنت ناشطات في المجتمع المدني الحداد بمناسبة عيد المرأة احتجاجًا على القانون الجعفري الذي يحول المرأة الى كائن بلا حقوق وكرامة في الوقت الذي انضم فيه العراق الى معاهدة سيدوا التي تناهض العنف الاسري والاجتماعي والموافقة على إستراتيجية العنف ضد المرأة، وجاءت تلك الوقفة في قصر المؤتمرات بحضور هناء ادور، رئيسة منظمة الامل، ونبراس المعموري، رئيسة منظمة اعلاميات عراقيات، وبحضور شاعرات وإعلاميات برفع مطالبهن الى رئيس البرلمان اسامة النجيفي".
واضافت الجابري: "أسجل اعتراضي الشديد حول عدم العمل بقوانين الدستور العراقي وتطبيقها قانونيًا بأن تلقى المرأة حقها في أن تعامل ككائن مستقل وله حقوق، وأن تعامل المرأة بهذه العبودية واستغرب المواقف الصامتة لعضوات في البرلمان العراقي وناشطات المجتمع المدني".
وتابعت: "جاء عيد المرأة عندما حققت النساء انتصاراً على سجانهن.. كيف نحتفي ونحن لم نخرج بعد من تلك العبودية القامعة؟، كيف لا نرتدي السواد ولا نعتصم ونقف احتجاجًا ونحن نعود الى زمن الرقيق؟، انا كمثقفة أتعرض لأنواع عديدة من العنف ومصادرة الحقوق.؟. هل احتفي بعيد المرأة واحمل الورد كأن حقي ووجودي كامرأة هو بين يدي؟

تهميش واستلاب 
وقالت المحامية سهام المالكي: "يمر علينا يوم المرأة العالمي والنساء العراقيات يتعرضن الى محاولات لسلب حريتهن وحقوقهن واضطهادهن وتهميشهن، ومن المؤسف أن تقوم النسوة العراقيات بارتداء ملابس الحداد في عيدهن العالمي الذي من المفروض أن يكون فرحاً وسعادة بحصولهن على حقوقهن كاملة وتكون لهن كلمة مسموعة في الاوساط المختلفة وبالاخص منها السياسية، ولكن للأسف جاء العيد وهناك من يريد أن يقسوا عليهن بشكل غير طبيعي، حينما يريدون سن قانون لانتهاك كرامة المرأة بشكل غير معقول".
وأضافت: "انا اؤكد أن لبس الحداد في عيد المرأة العالمي له معناه، خاصة أن مجموعة من النساء ذهبن الى البرلمان العراقي وهنّ بثياب الحداد ولافتات الاحتجاج على هذا التهميش والاستلاب، واعتقد أنهن محقات، وأنا اؤيدهن ولا بد لنا أن نرفع اصواتنا عالياً ضد الظلم بأي شكل كان، وعلينا أن نتذكر ايام مجلس الحكم والدعوة التي اطلقها احدهم لإلغاء قانون الاحوال الشخصية النافذ... ويومها اسقطنا المحاولة بحراكنا الفاعل والناشط لمنظمات المجتمع المدني".

ابتعاد النساء عن ازواجهن
اما سلامة فاضل، موظفة في وزارة البيئة، فقد قالت: "انا ارتديت ملابس الحداد وتوجهت الى العمل لانني شعرت فعلاً أن الحزن يوجعني بعد أن قرأت قانون الاحوال الشخصية الجعفري، فلماذا لا يفكر الاخرون بهذه المرأة وحقوقها، وهي الام والأخت والزوجة والحبيبة، هل يعقل أن الرجل يفكر بهذه الطريقة التي تهين هذه المخلوقة، وهناك من يريد اعادة الزمن الى عصور وأد البنات، هناك وأد على طريقة الالفية الثالثة وانا اعجب لهذا السلوك الغريب".
وأضافت: "الاحتجاج بالسواد في يوم المرأة العالمي الذي يحمل دلالاته الكبيرة افضل طريقة، ولولا الحياء لأعلنت بالفم المليان وطلبت من نساء العراق في هذا اليوم الابتعاد عن ازواجهن وغرف الزوجية احتجاجًا على سكوتهم على مثل هذه الإهانة، ان تعلن النساء طرق احتجاج حضارية لكي يرضخ الرجل للحقيقة والا كيف يقبل لمن تعيش عمراً بكامله أن لا ترثه وهي التي كانت تحتويه وتوفر له سبل الحياة الجميلة والنجاح".

 نعيش فترة مظلمة
الاعلامية والناشطة في مجال المجتمع المدني اسماء عبيد، قالت: "نعيش فترة مظلمة سوداء وقوانين غير مدروسة تعبر عن تخبط الحكومة ومجلس النواب والمسؤولين، وأنا بدوري سأرتدي السواد في تظاهرة مماثلة ستقام صباح يوم السبت انطلاقًا من نادي العلوية إلى ساحة كهرمانة وتظاهرة أخرى يوم الجمعة في شارع المتنبي".
واضافت: "نحن نرفض قانون الأحوال الجعفري الذي يجيز زواج القاصرات ابتداء من عمر 9 سنوات، وهم يتعكزون على حديث للنبي صلى الله عليه وسلم والرسول قاله في حينه لمناسبته ووقته ولظروف معينة وله في ذلك حكمة أتصور أنه كان يريد بزواج البنت بعمر صغير آنذاك تخليصها من وأد البنات لأنه في الجاهلية وبداية الاسلام كانوا يغضبون عند ولادة البنات واحيانًا يتم وأدهن وهن رضع واحيانًا تصبح اعمارهن 7 أو 8 سنوات ويوأدن، أما الان فما الداعي لهذا القانون الذي سيتيح لرجال بيع بناتهم، وهنّ صغيرات للتخلص من معيشتهن فيزوجونهن؟ وهناك شيء آخر أن هذا القانون كتبوا عليه باسم الشعب وهم لم يأخذوا رأي الشعب بذلك، وإذا قيل إن النواب هم ممثلو الشعب، فأنهم اثبتوا بالأدلة القاطعة المتكررة أنهم لا يمثلوننا، وسنواصل العمل والاحتجاج حتى الغاء هذا القانون حماية للصغيرات على الأقل".

ليس عيدًا بل عزاء 
من جانبها اعربت الصحافية من جريدة المدى غفران حداد، عن اسفها بأن تحتج المرأة من اجل كرامتها بعد سنوات طويلة من حصولها على حقوقها، وقالت: "إن الضرورة تطلبت الاحتجاج بملابس الحداد، وهو تعبير على فقدان كرامتهن وحقوقهن في المجتمع العراقي كمثل التي فقدت ولدها بل الموضوع اكبر من ذلك لأنه فيه غبن واضح لحقوق المرأة، وكلنا سنرتدي ملابس الحداد حزنًا على اهانة المرأة والتقليل من شأنها".
واضافت: "اتمنى أن يسمع الرجل صوت المرأة وأن يفهم معاناتها ويتفهم مطالبها، وأتمنى التريث بهذا القرار وان كنت اظن انه لن يلغى، هذا إحساسي، واتمنى أن اكون مخطئة فيه، واتمنى أن يحزن المسؤول وهو يشاهد النساء يرتدين الملابس السود في عيدهن، وأن يفهم ان الشعور بالحزن هو ليس عيداً بل عزاء، وأنا اعتقد أن طريقة الاحتجاج هذه لا بأس بها، وهي افضل من الصمت ويجب أن يكون للاعلاميات دور مؤثر للاحتجاج في الاعلام العراقي.


PUKmedia عن إيلاف

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket