واشنطن بوست: عنف السلطة في سوريا يغذي مطالب الأقليات بالحكم الذاتي

وكالات

دمشق

نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريراً حول المستجدات السياسية والأمنية في سوريا، ذكرت فيه أن "العنف المتصاعد في مناطق عدة من البلاد غذّى مطالب الأقليات بالاستقلالية والحكم الذاتي، مما يشكل تحدياً لخطط الرئيس الانتقالي أحمد الشرع والحكومة المركزية في دمشق الذي يسعى الى تركيز السلطة بيده في المركز والتصدي لمن يطالب بحقوقه من المكونات القومية والدينية والعرقية".

تجاوزات دمشق طالت جميع الأقليات

أشارت الصحيفة إلى أن شعور الأقليات بالتهميش يمثل منعطفاً خطيراً في مسار الأحداث، إذ برزت انقسامات واسعة منذ تغيير النظام. وقد تعالت أصوات تطالب بالحكم الذاتي في مناطق الدروز جنوباً وغرباً وعلى طول الساحل السوري، فضلاً عن شمال شرق البلاد حيث يطالب الكورد بنظام لا مركزي أو على الأقل بتركهم وشأنهم.
في المقابل، يتمسك الشرع بفكرة حكومة مركزية في دمشق على غرار النظام السابق لما قبل الحرب الأهلية.

الدروز: الفترة الجديدة أسوأ من سابقتها

ركز التقرير على بلدة عرنة في ريف دمشق، حيث يسود الخوف بين سكانها من الدروز الذين يخشون مغادرتها بسبب العنف أو التمييز الذي يطال أقليتهم. وتقول الصحيفة إن القوات الحكومية تتمركز عند نقاط التفتيش ومناطق أخرى يسكنها أبناء الأقليات الدينية والعرقية، فيما ينظر الكثير من سكان هذه المناطق إلى الحكومة السورية، ذات القيادة الإسلامية حالياً، كتهديد مباشر لهم.
ويقول نبيه كابول، وهو من سكان عرنة: "كان هناك الكثير من الأمل في سوريا الجديدة، لكن للأسف هذه المرحلة أسوأ مما كنا فيه".

اتهامات تزيد من عدم الثقة

أوضحت الصحيفة أن الحكومة دأبت على اتهام فلول نظام الأسد المخلوع أو قوى أجنبية – ولا سيما إسرائيل – بالوقوف وراء أعمال العنف الأخيرة، ما زاد من حدة الاستقطاب السياسي وأضعف الثقة بين الأقليات والحكومة.
وقال حايد حايد، الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ"تشاتام هاوس" في لندن: "إن العنف المتصاعد يمثل تهديداً خطيراً، فمع مرور كل أسبوع تزداد الأوضاع سوءاً بدلاً من أن تتحسن".
وشهدت مدينة السويداء الجنوبية الشهر الماضي موجة اضطرابات دامية قُتل فيها أكثر من ألف شخص، معظمهم من المدنيين الدروز، في هجمات نفذتها مجموعات متحالفة مع الحكومة.

موقف الولايات المتحدة

اعترف توماس باراك، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سوريا، بعد أحداث السويداء بأن البلاد قد تحتاج إلى صيغة حكم أقل مركزية. وقال: "ليست فدرالية، بل شيء أدنى منها، يسمح للجميع بالحفاظ على وحدتهم وهويتهم وثقافتهم، بعيداً عن أي تهديد إسلامي. نحن بحاجة إلى مقاربة أكثر عقلانية".

قوات سوريا الديمقراطية

اعتبرت الصحيفة أن أكثر القضايا تأثيراً على استقرار سوريا هو الخلاف مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ذات الغالبية الكوردية، والتي سيطرت على مساحات واسعة في شمال شرق سوريا خلال الحرب ضد داعش.
وقد وقّعت قسد اتفاقاً مع الحكومة السورية في آذار/مارس يقضي جزئياً بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في الدولة، إلا أن الاتفاق لم يُنفذ بعد بسبب خلافات حول حدود الحكم الذاتي في تلك المناطق.
ويزيد الوضع تعقيداً استمرار الاشتباكات بين قسد والفصائل المدعومة من تركيا، التي تنظر إليها أنقرة كخصم بسبب ارتباطها بحزب العمال الكوردستاني.
كما أثار مؤتمر للأقليات برعاية قسد في الحسكة هذا الشهر غضب الحكومة السورية، إذ دعا المؤتمر إلى نظام لا مركزي، ورد وزير الخارجية السوري بالقول إن المؤتمر لا يمثل الشعب السوري متهماً المشاركين بـاستغلال أحداث السويداء".

الساحل السوري والمجزرة الطائفية

تزايدت المشاعر المناهضة للحكومة أيضاً في قرى ومدن الساحل السوري، حيث تعيش الأقلية العلوية. فقد أسفرت أعمال العنف هناك في آذار/مارس عن مقتل ما لا يقل عن 1,400 شخص، معظمهم من المدنيين الذين استُهدفوا على أساس طائفتهم، بينما قُتل أيضاً أكثر من 200 جندي حكومي.
ونقلت الصحيفة عن سكان الساحل قولهم إنهم لا يثقون بقدرة الحكومة على محاسبة المسؤولين عن المجزرة، بل يخشون أن يُنظر إلى منطقتهم كمنطقة غير موالية للنظام الجديد، يسودها الحنين للنظام السابق.

PUKMEDIA