رئيس الجمهورية في منتدى الأغذية العالمي: الأمن الغذائي مرتبطٌ بالأمن المائي

العالم 09:37 PM - 2023-10-16
رئيس الجمهورية يلقي كلمة في منتدى الأغذية العالمي اعلام رئاسة الجمهورية

رئيس الجمهورية يلقي كلمة في منتدى الأغذية العالمي

رئيس الجمهورية

شارك فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، اليوم الإثنين 16 تشرين الأول 2023 في أعمال منتدى الأغذية العالمي الذي تنظمه منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في العاصمة الإيطالية روما بعنوان (تحويل النظم الزراعية والغذائية يسرع عجلة العمل المناخي العالمي).
 وألقى السيد الرئيس كلمة في المنتدى، أكّد من خلالها  أن العراق يعطي أهمية قصوى لأي مبادرة تنهض بواقعه المائي والزراعي، ونتطلع إلى تطوير قطاع الزراعة؛ كي نعيده إلى الوضع الذي كان عليه، حين كان يسمى بأرض السواد قبل نشوب الحروب والصراعات في بلدنا، والتي استمرت لعقود من الزمن.
وفي ما يأتي نص كلمة رئيس الجمهورية:

السيد مدير عام منظمة الأغذية والزراعة شو دنيو المحترم ..
السيدات والسادة الحضور الكرام ..
تحية طيبة ..
بداية أود أن أشكركم على دعوتكم لنا للمشاركة في هذا المؤتمر، كما أود أن أشيد باختياركم موضوعاً غايةً في الأهمية، يربط بين الزراعة، إحدى مفاصل الحياة الضرورية للإنسان، والتغيير المناخي الذي ينذر بمخاطر جسيمة لعالمنا. نلتقي اليوم في هذه المدينة العريقة ذات المكانة الحضارية المرموقة، في يوم الأغذية العالمي الذي يصادف الذكرى الثامنة والسبعين لتأسيس هذه المنظمة ذات الأهداف النبيلة.
إن الزراعة، وقد مارسها الإنسان ولأول مرة على ضفاف دجلة والفرات وروافدهما، في بلاد ما بين النهرين، هي التي مكّنت الإنسان من إنشاء المدن حيث تطورت حضارات عريقة.
والعراق، ومن خلال مسلة حمورابي كان أول مصدر للقوانين يتناول هذا الجانب الحيوي من حياة الانسان، كما أن أقدم معاهدة دولية بشأن قضايا المياه هي معاهدة "ميسيليم"؛ أي معاهدة السلام الدائم بين مدينتين سومريتين، تقعان على ضفاف دجلة، وهما لـﮔش وأوما، وقد تم التوقيع عليها قبل أكثر من 45 قرناً، وكان الهدف من المعاهدة حل النزاع، طويل الأمد بين المدينتين، حول استخدام مياه نهر دجلة.
وضعت المعاهدة مجموعة من القواعد لتقاسم مياه النهر، كما منعت الطرفين المتعاهدين من بناء السدود أو غيرها من الهياكل التي من شأنها أن تتداخل مع تدفق النهر وحجب المياه عن بلد المصب.
واستطاع العالم اليوم، بفضل التطورات العلمية والعملية في مجال الزراعة، أن يُدرك الأمن الغذائي، وقد أسهمت هذه المنظمة في ترويج هذه التطورات، وهي مستمرة على هذا النهج، عبر عديد من المبادرات، وهي مبادرات نشيد بها وستمكن دولاً كثيرة من تنمية قدراتها الوطنية والاستفادة من برامج المنظمة ذات الصلة.
يعطي العراق أهمية قصوى لأي مبادرة تنهض بواقعه المائي والزراعي، ونتطلع الى تطوير قطاع الزراعة؛ كي نعيده الى الوضع الذي كان عليه، حين كان يسمى بأرض السواد قبل نشوب الحروب والصراعات في بلدنا، والتي استمرت لعقود من الزمن.
لقد واجه العالم وبنجاحٍ ‏لا يُنكر، تحديات القرن العشرين، من حروب ومجاعات وأزمات اقتصادية. والحقيقة أننا سنحتاج إلى المزيد من هذه المبادرات والابتكارات والعمل الجماعي لكي نواجه ‏تحديات القرن الحادي والعشرين، منها النمو السكاني الذي يشكل عبئا كبيراً على عالمنا ذي الموارد المحدودة.
إنّ عدد سكان العالم في تزايدٍ مستمر، إذ تضاعف ثلاث مراتٍ عمّا كان عليه في خمسينيات القرن الماضي، وقد تجاوز اليوم الثمانية مليارات نسمة، ومن الممكن أن يصل الرقم الى عتبة العشرة مليار نسمة بحلول العام 2050 حسب توقعات الأمم المتحدة. وكل هذا يسبب ضغطاً كبيراً خصوصاً على قطاعي الزراعة والموارد المائية.  
إنّ ظاهرة الاحتباس الحراري وتغيير المناخ، كانتا من الأسباب المباشرة، في انتشار ظواهر متناقضة كالفيضانات والحرائق، ووصول درجات الحرارة الى أرقام قياسية. كما تسببت في تآكل الأراضي الزراعية بسبب توسع ظاهرة التصحر.
وفي هذا المجال، يسعى العراق الى اعتماد برامج مكافحة التصحر، واكثار النباتات المتحملة للجفاف والملوحة والتغييرات المناخية واستخدام الطاقات النظيفة والمتجددة والحفاظ على التنوع البايولوجي واعاده التوازن البيئي وخلق بيئة مستدامة من خلال تنوع الاقتصاد وتنمية الثروتين النباتية والحيوانية فضلاً عن اعتماد الطرق الحديثة في الري والزراعة.
إنّ الامن الغذائي مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً بالأمن المائي، ونعاني اليوم من شح المياه، ولأسباب عديدة، أهمها حجب المياه، بسبب السدود العديدة التي اقامتها دول المنبع المجاورة، وعدم وجود إتفاقيات دولية أو ثنائية بين البلدان، تضمن حق الجميع في حصص مائية عادلة، بالإضافة الى الأسباب الطبيعية الأخرى، المتعلقة بالمناخ؛ كانخفاض معدل تساقط الامطار وارتفاع درجات الحرارة.
وفي هذا السياق، يجب التذكير، أن ما يسهم في تخفيف حدة هذه الأزمة وتجاوزها هو في تحملنا جميعاً المسؤولية، والشروع في عملية شاملة لتحسين إدارة المياه، وفق النظم والآليات الحديثة، مع الحوار المستمر مع دول الجوار من أجل التوصل الى خارطة طريق مشتركة؛ من خلال المعلومات الفنية، حول تبادل الخطط التشغيلية المتعلقة بكميات وتوقيتات اطلاق المياه، بغية الوصول الى اتفاقات نهائية تضمن حقوق الجميع في حصص مائية عادلة.
إن حل أزمة المياه ضرورة لا يمكن الإستغناء عنها من أجل مستقبلنا، وسواءٌ كانت المياه فائضة أو قليلة للغاية أو شديدة التلوث، فهي تشكل تهديدًا يتفاقم جرّاء تغير المناخ، وهذا بدوره يشكل تهديداً لاقتصادات الدول ويشجع على الهجرة وقد يؤجج الصراعات.
نحن بحاجة إلى إجراءٍ عالمي من أجل تحقيق نمو للموارد المائية قادرٍ على الصمود وتحقيق الأمن المائي. وعلى الرغم من التقدم الحاصل، فإننا متأخرون في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه التي تؤثر مباشرةً على التنمية الشاملة، خصوصاً مع المعلومات التي تشير إلى أنه بحلول عام 2030، لن يحصل أكثر من 1.5 مليار إنسان على مياه الشرب.
يحتاج  قطاع المياه الى أساليب جديدة للتفكير بشأن المياه وإدارتها. وتساعد عملية تبادل المعلومات الحكومات، على تحسين الإدارة المائية، من أجل تعزيز الكفاءة وتقليل الهدر والضائعات المائية، في عالم يزداد اضطرابًا، ويعاني من ندرة في المياه.
والحقيقة، أن العراق ليس البلد الوحيد الذي يجد نفسه في هذا الموقع الصعب؛ إذ لا يوجد على الصعيد الدولي، اتفاق ساري المفعول على نطاق واسع، وعلى نمط معاهدة لـﮔش واوما  الذين أشرنا إليهما. لذا ندعو المؤسسات الدولية المعنية للعمل معنا على الوصول الى هذا الهدف، وفي صدارتها منظمتكم الموقرة، منظمة الغذاء والزراعة العالمية، كون المياه شرط أساسي للزراعة وبالتالي الحياة.
ولا يعني هذا، أننا سنقف مكتوفي الأيدي أمام هذا التحدي الأساسي، فنحن على دراية بصعوبة الوضع، وقد بيّنت دراسات قمنا بها قبل سنوات، أن العراق سيعاني مستقبلاً من شحة المياه.
سنعمل وبجدية مع دول الجوار، وهي دول شعوب صديقة، للوصول الى حلول عادلة ومرضية للجميع. كما سنعمل وبجدية للاستفادة من كل قطرة ماء تصل ألى أراضينا، وهذا سيتطلب جهوداً كبيرة للعمل على تطوير البنية التحتية، وتحديث طرق الري، وتشريع القوانين التي تخص قطاع المياه؛ لكي تستعيد الزراعة مكانتها المرموقة، متطلعين الى المزيد من التعاون مع منظمتكم الموقرة، في هذا المجال الأساسي المتعلق بحياة وأمن الشعوب.
والسلام عليكم..

PUKMEDIA

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket