ذكرى رحيل مام جلال.. 60 عاماً من النضال المتواصل

کوردستان 09:33 AM - 2023-10-03
الرئيس مام جلال PUKMEDIA

الرئيس مام جلال

الرئيس مام جلال الاتحاد الوطني

تصادف، اليوم الثلاثاء، 3/10/2023، الذكرى السنوية السادسة لرحيل فقيد الامة الرئيس مام جلال هذا القائد والمناضل الكبير الذي لعب دوراً بارزاً وكبيراً من أجل خلق بيئة سلام وعمل جاهداً على معالجة جميع المشاكل. في العراق واقليم كوردستان.

من هو مام جلال طالباني؟

الرئيس مام جلال قائد وسياسي ودبلوماسي فعال وذو تأثير كبير، كان له دور مشرف في جميع المحطات والمراحل٬ له تأريخ نضالي يمتد الى 60 عاما٬ وكان الهدف من نضاله المستمر ايجاد نظام ديمقراطي فيدرالي متعدد في العراق٬ وقد كان لسيادته دور القائد الحكيم المحنك٬ لذلك كان يطلع على جميع المشاكل ويمتلك خبرة واسعة في وضع الحلول والمعالجات. هذا بالاضافة الى دوره العظيم فقد كان بمثابة مظلة تحتضن جميع الشرائح والمكونات العراقية.

جلال طالباني سيرته ونضاله

ولد مام جلال صيف عام (1932) في قرية كلكان على سفح جبل كوسرت والمطلة على بحيرة دوكان. ينتمي الى اسرة دينية امضى عدة سنوات من طفولته في تلك القرية وبعد ان اصبح والده مرشداً للتكية الطالبانية في كويسنجق، حيث دخل فيها طالباني المدرسة الابتدائية اكمل دراسته فيها بتفوق وكان تلميذاً مجداً مجتهداً ذكياً، ظهرت منذ طفولته بوادر القيادة فيه حيث كان يتقدم زملاءه في حضور مجالس العزاء والمناسبات التي كانت تقام هناك، وفي الاصطفاف الصباحي كان اول من يختاره المعلمون لإلقاء القطع الشعرية الوطنية من هنا نمت لديه الفكرة القومية التي بدأت تسيطر عليه منذ صغره. وحين بلغ الصف الرابع الابتدائي كان في مقدمة الطلبة الذين يشاركون في النشاطات المدرسية بشغف، وكان طالباني يشارك في الندوات ويشترك في الخطابة والمسرح.
* رغم ان عيد نوروز القومي كان غير مسموح به من قبل الحكومات المتعاقبة ولم يكن عيداً رسمياً الا ان شعب كوردستان كان يحتفل به في الحادي والعشرين من اذار في كل عام في اغلب مدن كوردستان نظرا الى قدسية هذا العيد لدى الكورد الذي يعتبرونه يوم انتصار الشعب الكوردي على الطاغية الذي اضطهدهم،  في عام (1945) اقيم احتفال شعبي لعيد نوروز شارك طالباني ذو الثالثة عشرة من عمره في الاحتفال والقى كلمة حماسية نالت اعجاب معلميه والمشاركين في الحفل.
* اسس عام (1946) مع عدد من زملائه التلاميذ وبإرشاد من احد معلميه جمعية تعليمية سرية اطلقت عليها تسمية (K.P.X) (جمعية تقدم القراءة) حيث انتخب مام جلال سكرتيراً لها وكان هدف الجمعية تشجيع التلاميذ على القراءة وما تعرف بالمطالعة الخارجية.
* وفي العام نفسه وبعد تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردي في 16 آب 1946 تأثر بنهج الحزب وانخرط في العمل الطلابي في اطار تنظيمات الحزب.
* وبعد ممارسته نوعاً من العمل السياسي السري نشرت له صحيفة (رزكارى) السرية التي كان يصدرها الحزب الديمقرطي الكوردي مقالا قصيراً له باسم مستعار وهو (ئاكر) اي (النار).
* وفي خريف ذلك العام اشترك في صحيفة (الاهالي) التي كان الحزب الوطني الديمقراطي بزعامة المغفور له الأستاذ كامل الجادرجي يصدرها وبذلك اصبح مواظبا على قراءة (الاهالي) يوميا.
* وحبه للقراءة دفعه الى ان يكون من رواد مكتبة الحاج قادركويي ليستعير منها الكتب ويطالعها بشغف مع حرصه على تعلم اللغة العربية واجادتها.
* في عام 1947 اصبح عضوا في الحزب الديمقراطي الكوردي، حيث تميز بنشاطه وكفاءته في اداء الواجبات والمهمات الحزبية التي كان مكلفا بها.
* في عام 1948 انهى الدراسة الابتدائية ودخل متوسطة كويسنجق وهذا العام معروف بعام الوثبة، حيث استطاع الشعب العراقي اسقاط معاهدة بورتسماوث وتشكيل وزارة السيد محمد الصدر وفي ظل اجواء الحرية النسبية التي وفرتها الوثبة جرت انتخابات طلابية في عموم العراق لانتخاب ممثلي الطلبة للمشاركة في المؤتمر العام، فكان ان انتخب جلال طالباني ممثلا لطلبة كويسنجق واشترك في المؤتمر الاول لطلبة العراق الذي انعقد في نيسان عام 1948 في ساحة السباع ببغداد.
* ولأول مرة استمع في هذا المؤتمر الى الشاعر العظيم محمد مهدي الجواهري وهو يلقي رائعته الموسومة بـ(يوم الشهيد)، وكانت تلك اللحظات تعتبر تأريخية في حياة طالباني، حيث اصبح من اشد المعجبين بشعره وصار فيما بعد من اعز اصدقائه، اذ نشأت بينهما صداقة استمرت حتى اللحظة الاخيرة من حياة الشاعر.
وحين علم طالباني بنبأ وفاته عزى اهل الشاعر ومعجبيه واوعز باقامة اربعينية كبيرة له في مدينة السليمانية وبناء على توجيهاته اطلق اسمه على مدرسة وعلى شارع جميل من شوارع السليمانية، اضافة الى المهرجان المئوي الكبير الذي شارك فيه عدد كبير من المثقفين العرب والعراقيين عربا وكوردا. واقيم له تمثال في متنزه سرضنار بمدينة السليمانية. وكان الجواهري قد نظم قصيدة مشهورة لطالباني نشرت عام 1981.
* في عام 1949 وفي ظل الاحكام العرفية والارهاب الذي شمل كوردستان والعراق تقدم طالباني في الحزب واصبح عضوا في اللجنة المحلية لكويسنجق.
* في شباط عام 1951 وفي المؤتمر الثاني للحزب الديمقراطي الكوردي انتخب عضوا للجنة المركزية للحزب الا انه لم يشغل المنصب بغية الحفاظ على صفوف الحزب الديمقراطي وتنازل عن منصبه لاحد الرفاق الذي حضر المؤتمر بعد خروجه من السجن، وفي صيف عام 1951 اعتقل مع عدد من اعضاء الحزب وتم نفيهم الى الموصل، وهناك استمر بنضاله السياسي وبعد اخلاء سبيله قصد كركوك لاكمال الدراسة واعادة تشكيل تنظيمات الحزب هناك حيث اصبح مسؤولا لتنظيمات كركوك، وفي نفس العام اخذ على عاتقه مسؤولية طبع ونشر المنشورات الحزبية بشكل سري الى اليوم الذي اعتقل فيه. وفي عام 1952 دخل كلية الحقوق في بغداد وكانت تنظيمات الحزب الديمقراطي الكوردي في بغداد انذاك قد تشتتت الا ان مام جلال وبالتعاون مع الشهيد محمد محسن برزو استطاع لم شمل التنظيمات في وسط الاخوة الفيليين وكسب عدد آخر من الشباب الفيلية لجانب الحزب.
* وفي كانون الثاني من عام 1953 شارك في المؤتمر الثالث للحزب الديمقراطي الكوردستاني وانتخب عضوا للجنة المركزية وفي شباط من عام 1953 اشرف على عقد اول مؤتمر لاتحاد طلبة كوردستان وفي ذلك المؤتمر انتخب سكرتيرا عاما لاتحاد طلبة كوردستان وصدر له كراس بعنوان (ضرورة وجود اتحاد طلبة كوردستان) وفي نفس العام كان احد مؤسسي الشبيبة الديمقراطي الكوردستاني واصبح سكرتيرا عاما للشبيبة خلال 1953-1955، وكان ممثلا للحزب لدى الاحزاب السرية والعلنية في العراق وفي عام 1955 سافر الى خارج العراق للمشاركة في مهرجان الشبيبة والطلبة العالمي، زار الاتحاد السوفيتي والصين اضافة الى دول شرقي اوروبا.
* وفي عام 1954 انتخب عضوا في المكتب السياسي للحزب.
* وفي عام 1956 اختفى عن الانظار وعمل في النضال السري واضطر الى ترك الدراسة حينما كان في الصف الرابع بكلية الحقوق.
* في عام 1957 سافر الى خارج الوطن الى سوريا والى موسكو، حيث شارك في مهرجان الطلبة والشبيبة، ففي سورية التقى بالضباط الاحرار السوريين والمرحوم كمال الدين رفعت المصري وتحدث اليه عن امكانية تقديم المساعدة لاندلاع الثورة في كوردستان كما حصل على موافقة الحكومة المصرية لفتح الاذاعة الكوردية في القاهرة. وفي نفس العام رجع الى العراق وشارك في اعمال المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني الموحد واصبح مسؤولا عن اصدار جريدة (نضال كوردستان) وطبعها في مدينة السليمانية بشكل سري.
* وفي اليوم الاول لانتصار ثورة (14) تموز نظم وقاد مظاهرة اهالي السليمانية مع رفاق الحزب في المدينة ومن ثم قصد بغداد وشارك في اعمال المكتب السياسي واصدار مجلة التحرر، كما اخذ على عاتقه النضال الذي بدأ يتوسع داخل صفوف الحزب الديمقراطي الكوردستاني لضرورات وجود الحزب الطليعي الكوردستاني والمنظمات الديمقراطية ومناهضة المحاولات التي تسعى لجعل الحزب الديمقراطي الكوردستاني تابعا لحزب عراقي.
* وفي عام 1959 انتخب مجددا عضوا للجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني والمكتب السياسي في بغداد رغم انه كان ضابط احتياط في (كتيبة الدبابات الرابعة) الا انه كان يشارك في اصدار صحيفة (خةبات) التي كانت تصدر بالعربية واستمر في نشاطاته الحزبية وكان انذاك مسؤولا للفرع العسكري.
* وفي عام 1960 كان مسؤولا لفرع السليمانية وعضوا للمكتب السياسي وهناك فتح دورة توعية للكوادر حيث تخرج على يده عشرات الكوادر.
* وفي عام 1961 اصبح رئيس تحرير صحيفة (كوردستان) وبعد اغلاق صحيفة خةبات تعرض الى الملاحقة في بغداد الا انه وفي ليلة نوروز عام 1961 في بغداد القى خطابا ضد الدكتاتورية ودفاعا عن المرحوم الجنرال البارزاني اذ كان قاسم يسند اليه مجموعة تهم، ونتيجة ذلك صدر بحقه امر القبض واخفى نفسه عن الانظار ورجع الى السليمانية متخفيا وشارك في تنظيم الاضراب العام. 
* في ايلول 1961 وحينما اندلعت الثورة كان مسؤولا للواء السليمانية، وفتح اولى مراكز الثورة في جمي ريزان في السليمانية واشرف عليه وقاد قوات البيشمركة في لواء السليمانية حتى توسع وزاد حجم القوات واصبحت قوة كبيرة وانذاك عين مسؤولا لقوات بيشمركة كردستان في الحزب الديمقراطي الكوردستاني.
* وفي نوروز من عام 1962 قاد الهجوم الواسع على كامل منطقة شاربازير، حيث تمت السيطرة وخلال بضعة ايام على جميع المخافر وناحية بناوة سوتة وجوارتا وتقدمت قواته نحو قضاء بينجوين وتمكنت من تحريرها وتحرير كامل المنطقة وبهذا الشكل تحررت منطقتا شاربازير وبينجوين واصبحتا مركزين للثورة وقيادة الثورة للفترة 1962-1993 وتحررت اغلب مناطق قرداغ وقةلاسيوكة وكرميان وسنكاو وكان مام جلال قائد قوات التحرير كما كان يشرف على تأسيس مراكز بمو وحلبجة وطويلة وبيارة.
* وفي عام 1963 وبعد انقلاب شباط الاسود عين رئيسا للوفد الكوردي للتفاوض مع الحكومة الجديدة التي ابدت في البداية موافقتها على اجراء حوار لاقرار حل سلمي للقضية، وزار عبدالناصر في مصر وبن بلا في الجزائر واقنعهم لدعم القضية الكوردية المشروعة وفي نفس العام زار اوروبا باعتباره ممثلا عن ثورة كردستان ونجح في الدعاية لقضية الشعب الكوردي في فرنسا والمانيا وروسيا وجيكوسلوفاكيا والنمسا.
* وفي عام 1964 عاد الى كوردستان والى مهامه في قيادة قوات التحرير.
* عام 1967 شارك في ندوة (الاشتراكيين العرب) في الجزائر وقدم الى الندوة العديد من البحوث والدراسات عن الكورد والاشتراكية والوحدة العربية.
* وفي عام 1970 لعب دوره المؤثر في توحيد كلا الجناحين في الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي كان قد انشق الى جناحين.
* وفي عام 1972 سافر الى خارج العراق وبقي لفترة في مصر ولبنان وسوريا وعقب انهيار الثورة الكوردية التي انهارت نتيجة الاتفاق الذي ابرم بين صدام حسين وشاه ايران في الجزائر اذار 1975 أسس الاتحاد الوطني الكوردستاني في حزيران عام 1975 حيث تم تأسيسه في 1-6-1975 في دمشق ومن ثم خطط للثورة لكي تندلع من جديد في 1-6-1976 واصبح سكرتيرا عاما للاتحاد.
* وخلال السنوات التي اعقبت التأسيس واصل نشاطه السياسي في قيادة الحزب وعاش مع رفاقه في الجبال والكهوف وفي الارض المحروقة.
* في عام 1982 دعي طالباني الى استقبال ياسر عرفات وقادة فلسطينيين في المناطق المحررة بكوردستان العراق وذلك ايام حصار بيروت من قبل جيش اسرائيل.
* وعرف عن طالباني تعاطفه مع الحركات الفلسطينية وعلاقاته المتينة مع قادتها.
* وفي الساحة العراقية كان لطالباني الدور البارز في تنظيم صفوف المعارضة العراقية وشارك بفاعلية في اجتماعاتها ومؤتمراتها.
* وبشهادة الكثير من المراقبين السياسيين كان احد المحركين الاساسيين لتقريب وجهات النظر داخل صفوف المعارضة في مؤتمر لندن الاخير الذي بشر فيه الحاضرين بأن اجتماعهم القادم سيكون في بغداد.
* وعلى الساحة الدولية شارك طالباني في العديد من المؤتمرات التي عقدتها الاشتراكية الدولية ويحتفظ بصداقات متينة مع اغلب القادة الاشتراكيين.
* كان من الكتاب الدائميين لصحيفة (خةبات) وكذلك صحيفة (النور) اللتين كانتا تصدران في بغداد باللغة العربية الاولى عام 1959-1961 والثانية 1969-1970.
* وكان يساهم في كتابة الافتتاحيات لهاتين الصحيفتين.
* وكان اغلب مقالات صحيفة (الشرارة) التي كانت تصدرها الثورة الكوردية من كتابات طالباني.
* ومنذ صدور صحيفة (الاتحاد) الصحيفة المركزية للاتحاد الوطني الكوردستاني وطالباني يرفدها بحسب الوقت المتوفر لديه بمقالاته وكتاباته.
* اضافة الى كونه سياسيا ومناضلا ومفكرا وكاتبا وقانونيا مارس العمل الصحفي السري والعلني وقد انتخب عام 1959 عضوا في مجلس نقابة الصحفيين العراقيين الذي كان يرأسه الشاعر الاكبر محمد مهدي الجواهري.
* يعتبر طالباني اضافة الى كونه سياسيا ودبلوماسيا وصحفيا من الكتاب البارزين والذي ساهم وبشكل فعال في تسليط الاضواء على مجمل الحركة السياسية في العراق والمنطقة بشكل عام والحركة السياسية الكوردية بشكل خاص وله في هذا الخصوص عدة كتب في حقبات زمنية متفاوتة والتي اغنت المكتبة العربية والكوردية على حد سواء وامست مصدرا للباحثين والمحللين السياسيين الذين يبحثون في تأريخ الحركة السياسية الكوردية والعراقية بشكل عام، نظرة ومواقف الحكومات العراقية المتعاقبة تجاه القضية الكوردية.

من بين هذه المؤلفات: 
* كوردايتي: دراسة تحليلية حول نشوء وتنامي الحركة السياسية الكوردية في كوردستان العراق والاحزاب والشخصيات التي ساهمت في نشر الوعي القومي في حينه.. وان الكتاب مؤلف باللغة الكوردية.
* كوردستان والحركة القومية: نواة محاضرة القيت في حينه في العاصمة الجزائرية تناولت مراحل النضال القومي للشعب الكوردي في العراق وهذا الكتاب الذي كتبه المؤلف باللغة اعتبر مصدرا مهما لجميع الباحثين الذين لا يمكنهم الاستغناء عنه في بحوثهم التي تتطرق الى القضية الكوردية.
* أغد وديمقراطي وحرمان شعب حتى من حق الحلم: دراسة نظرية حول مسألة حق تقرير مصير الشعوب ومنها حق الشعب الكوردي.
* خلال السنوات الثلاث عشرة الماضية شارك طالباني في مؤتمرات المعارضة العراقية في نيويورك ولندن وصلاح الدين والتي برز خلالها كقائد محنك ورجل المهمات النضالية، مما جعله محبوبا لدى قادة المعارضة العراقية وقد اوعز باستضافة قوى المعارضة العراقية وفصائلها في كوردستان وفي مدينة السليمانية بالذات حيث كثرت فيها مقرات تلك الأحزاب والتيارات السياسية.
* كان له دور بارز في توحيد صفوف المعارضة خلال المؤتمرات واللقاءات المحلية والعالمية.
* انتخب بعد تحرير العراق عضوا في مجلس الحكم، كما ترأس المجلس خلال شهر نوفمبر عام 2003 اثبت خلاله براعته في ادارة الحكم مما حظي باحترام واعجاب الشعب العراقي.
* ظل مدافعا أمينا عن هموم وآمال وطموحات جميع العراقيين دو استثناء ومن المعتزين بصداقة وتآخي الشعوب العراقية.
* انتخب في بداية تموز 2008 نائبا لرئيس منظمة سوسيال انترناشينال. في يوم 11/11/2010 تم اعادة أنتخابة من قبل مجلس النواب العراقي كرئيس لجمهورية العراق لولاية ثانية مدتها أربع سنوات.

 60 عاماً من النضال المتواصل

ألقى رئيس جمهورية العراق السيد جلال طالباني، وسط حفاوة كبيرة، كلمة يوم الجمعة 11/5/2007، أمام حشد كبير من أساتذة و طلبة جامعة كيمبرج في المملكة المتحدة.
واستعرض الرئيس مراحل نضاله مع رفاقه و كفاحه من اجل نيل الشعب الكوردي حقوقه الوطنية والقومية المشروعة.
وأجاب فخامته، عقب الانتهاء من الكلمة على أسئلة الحاضرين التي تركزت حول التطورات في العراق، والسبل الكفيلة بمعالجة الأوضاع في البلاد. 
 
الرئيس مام جلال:
أود أن أعبر عن شكري للسيد علي الأنصاري رئيس اتحاد طلبة كيمبرج وأعضاء الاتحاد و ذلك لتوجيههم الدعوة لي كي ألقي كلمة في هذه المؤسسة التاريخية، وأيضا للضيافة الحارة التي أبدوها. 
انه حقا لشرف لي، ولمصلحة الشعب العراقي ان أقف اليوم أمامكم كأول رئيس دولة في بلادي منتخب بصورة حرة، وهو منصب اشغله بتواضع شديد. 
وأؤكد أن وجودي هنا بين هذه العقول الفتية المتألقة تذكرني بالصعوبة الشديدة لهذه الوظيفة.
فحينما كنت شابا، كان حلمي الأول أن أكون أستاذا جامعيا، و لكنني صدمت بالأوضاع التي كانت سائدة في بلدي والتي كانت تسير نحو الأسوأ،
وأن المشاكل التي يواجهها المواطن العادي كانت في تصاعد، و وجدت نفسي انسحب بصورة متزايدة إلى عالم السياسة. 
بدأت حياتي السياسية مبكراً منذ كنت تلميذاً في المدرسة الابتدائية وذلك تحت تأثير الجو السياسي العام في مدينة كويسنجق الذي كان مشحوناً بالأفكار الثورية و الوطنية الكردية جراء تأثيرات : 
1- الثورة البارزانية التي اندلعت عام 1945 حيث كان لي زميل في الدراسة له أخ جندي في الجيش العراقي كان يحدثنا خلال إجازاته عن بطولات الثوار الكرد و مقاومتهم البطولية لهجمات الجيش العراقي الذي كان يقاتل بإشراف الجنرال البريطاني رنتن.
2- الحركة الكردية الديمقراطية المتنامية في كردستان إيران – المنطقة التي حررها الجيش السوفياتي الذي فسح المجال للوطنيين الكرد بالعمل السياسي حتى تحولت منطقة موكريان و عاصمتها مهاباد الى معقل للحركة التحررية الكردية التي استطاعت تأسيس أول جمهورية كردية في التأريخ وذلك بمساعدة السوفيات الذين أصبح اسمهم و أفكارهم الماركسية منتشراً و مقبولاً لدى الناس.
وحيث كنت تلميذاً جيداً أقرأ الأشعار الوطنية في المدرسة كل صباح لدى اصطفاف التلاميذ اليومي فأصبحت معروفاً بتلميذ مجد وذي شجاعة أدبية رغم صغر سني فكنت أدعى في احتفالات النوروز لإلقاء شعر أو كلمة مختصرة مما جلب انتباه الحزبين العاملين في المدينة الحزب الشيوعي العراقي والديموقرطي الكردي الحديث التأسيس.
في البداية نظمني كادر شيوعي في خلية تثقيفية ولكن سرعان ما اختلفت معهم حول موضوع هل الكورد شعب لهم حق تقرير المصير أم لا؟.
إذ كان الكادر المثقف لنا ينكر ذلك فانفصلت عنهم. وسرعان ما كسبني احد المعلمين الأعضاء في الحزب الكوردي و شجعني على تأسيس جمعية طلابية سرية باسم (KPX) جمعية التقدم الثقافي ثم كسبني الخالد الذكر عمر مصطفى دبابه الى البارتي واعطاني البيان التأسيسي للحزب الصادر بتوقيع الجنرال مصطفى بارزاني.
فأصبحت مؤيداً لان صغر عمري لم يساعدني على نيل العضوية فوراً. ولكن عندما أصبحت في السادس الابتدائي فقد كسبني أحد المعلمين الذين كان يجتمع بنا سراً في بيته الى الحزب فتم ترشيحي و قبولي عضواً في عام 1947 بشكل استثنائي بالنظر لنشاطي ودوري في الحركة الطلابية. وفي عام 1948 وبعد الانتفاضة الوطنية في بغداد ضد تجديد المعاهدة البريطانية العراقية توفر جو سمح بإجراء الانتخابات في جميع المعاهد و الكليات و المدارس المتوسطة والثانوية فكان أن انتخبت عن متوسطة كويه مندوباً للمؤتمر التأسيسي الأول للاتحاد العام لطلبة العراق الذي عقد في ربيع 1948 وحضرته و أدت مداخلاتي و تعليقاتي الى جلب انتباه المندوبين.
وبعد التوافق بين ممثلي الأحزاب المشتركة من المؤتمر جرى انتخابي عضواً احتياطياً للجنة القيادية للاتحاد العام لطلبة العراق.
هكذا انغمرت في النشاط الطلابي العراقي العام أيضاً بجانب انغماسي في النشاط السياسي الحزبي و الطلابي في مدينتنا. 
وحيث كنت نشطاً و مقداماً فسرعان ما أصبحت عام 1949 عضواً في اللجنة المحلية للبارتي وعام 1950 عضواً في لجنة المحافظة للبارتي. 
وخلال أعوام 1950 و 1951 و 1952 انغمست من النشاط الحزبي و السياسي لان الجمعية الطلابية الكردية قد توزعت على مدن عديدة و الاتحاد العام لطلبة العراق عطل و حورب وطورد أعضاء قيادته أو اعتقلوا. 
في عام 1951 انتخبت عضواً في المؤتمر الثاني للبارتي حيث جرت تغييرات هامة على الحزب حيث تبدل اسمه الى الحزب الديمقراطي الكوردستاني (بدل الكردي) وتبنى الاستفادة من الافكار الماركسية – اللينينية وأقر التوجه نحو جماهير العمال والفلاحين والكسبة والطلبة وتبني الإصلاح الزراعي كل ذلك كمبادئ تركت صياغته الى القيادة الجديدة التي انتخبت.
وأنا أيضا انتخبت عضواً في اللجنة المركزية و لكنني تنازلت لأحد الرفاق المحامين الخارجين من السجن نظراً لنجاحه من تجربة السجن و ثقافته و عمره إذ كنت تلميذاً شاباً في الصف الرابع من الثانوية لم يتجاوز عمري ( 18 ) عاماً. 
في صيف 1951 اعتقلت لأول مرة وكنت ضمن كوكبة من مناضلي الحزب المنفيين الى الموصل حيث بقينا أشهراً ريثما ألغت المحكمة قرار النفي.
وفي السنة الدراسية 1951 – 1952 انتقلت الى ثانوية كركوك حيث شرعت بإعادة بناء تنظيم الحزب المشتت. فجمعت عناصر عمالية و طلابية ومدرسين لتشكيل اللجنة المحلية و الشروع بالعمل النضالي بين العمال والطلبة والكسبة. 
وغداة تخرجي من الثانوية من الدفعة الأولى و بدرجة تؤهلني لنيل زمالة دراسية خارج الوطن فضلت البقاء في البلاد والدخول الى كلية الحقوق حيث اشتركت ولأول مرة في مظاهرات طلابية عديدة من تشرين 1952. 
وواصلت النضال الحزبي و السياسي وانتخبت عضواً للمؤتمر الثالث للحزب الذي عقد في كركوك في كانون الثاني 1953 حيث جرى تصديق التعديلات التي اقترحها المؤتمر الثاني على اسم الحزب و برنامجه اليساري الجديد وانتخبت عضواً في اللجنة المركزية للحزب.
وبناء على توصيات المؤتمر الحزبي ركزت جهوداً عديدة لتأسيس اتحاد طلبة كردستان العراق فتوفقت مع مجموعة من الرفاق في تأسيسه.
وكتبت لأول مرة في حياتي كراساً عنوانه اتحاد طلبة كردستان العراق لماذا؟ 
ونجحنا في إقامة فروع للاتحاد من المدن الكردية. وانتخبت أميناً عاماً لاتحاد طلبة كردستان. 
وفي نفس العام أسهمت مع بعض المثقفين في تأسيس اتحاد الشباب الديمقراطي الكردستاني حيث اختاروني أميناً عاماً له.
وفي نفس العام جرى انتخابي عضواً في المكتب السياسي للحزب.
واصلت نشاطي السياسي الحزبي و الطلابي والشبابي بحماس و اتصلت بممثلي طلبة جميع الأحزاب العراقية في الكلية وهي الحزب الشيوعي والوطني الديمقراطي و الاستقلال و البعث العربي الاشتراكي.
ونظمنا معهم علاقات نضالية للعمل المشترك من المظاهرات و الفعاليات الوطنية فتعرضت للاعتقالات الدورية التي كانت تجرى للطلبة الناشطين في المناسبات الوطنية و الأممية وذلك كاعتقال احترازي لمنعنا من الفعاليات.
فكنا نعتقل في مناسبات يوم انتصار الثورة الصينية و ثورة اوكتوبر وذكرى انتفاضة تشرين ويوم الجيش العراقي وذكرى وثبه كانون و تأسيس الجيش الأحمر وميلاد الملك و عيد نوروز و أول أيار.. الخ.
فكنت الزائر المتواصل لمواقف التوقيف في بغداد. رغم ذلك كنت انجح في الامتحانات.
وفي تشرين 1953 اشتركنا في الانتخابات النيابية فكنت الداعية لانتخابات مرشح مثقف للحزب فخطبت في المدينة وذهبت الى القرى لجلب الناخبين الى صناديق الاقتراع فنجح مرشحنا. 
كنت خلال العطلة الصيفية طيلة أعوام 1953 و 1954 أذهب للعمل بين الفلاحين منهمكاً في تثقيف الكوادر الفلاحية الحزبية بصورة سرية.
وفي صيف 1955 سافرت بصورة سرية وبجواز غير جوازي الى سورية ومنها الى وارشو – بولونيا للاشتراك في مهرجان الطلبة و الشباب العالمي. في سورية أجريت الاتصالات بالشخصيات الكوردية. 
حاولنا في المهرجان أن يعترف بنا كوفد كوردي و لكننا فشلنا نظراً لمعارضة الوفد العراقي وبعد إلحاح من قبلنا كفريق كوردي ضمن الوفد العراقي فأصبح لنا حق عقد اجتماعات مع الوفود المشاركة وتقديم الهدايا التي كنا قد جلبناها معاً من كوردستان. وقدمنا أيضاً رقصات كوردية بالملابس الوطنية في احتفالات الوفد العراقي وفي لقاءاته مع الوفود المشاركة. 
ودبرنا اجتماعاً خاصاً بنا دعونا اليه ممثلي الوفود السوفياتية والصينية والعربية والإيرانية والفرنسية والايطالية والألمانية والبريطانية والهندية والاندنوسية وكذلك دعونا الشاعر التركي الكبير ناظم حكمت الذي كان قد هرب من سجنه وكان شخصية دولية لامعة.
وفي هذا الاجتماع الذي توج نجاحه خطاب ناظم حكمت المفعم بالمشاعر الودية تجاه الشعب الكوردي وحقه في تقرير المصير وتمنياته بان يدعى الى يوم يرفع علم كردستان المستقلة.
وقد انعكس هذا الخطاب من هذه الشخصية الأممية المرموقة على خطب الوفود الصينية و الهندية والأوروبية التي أيدت بدورها نضال شعب كردستان وحقها في تقرير المصير. 
وقد تم في هذا الاجتماع تقديم الهدايا باسم شبيبة وطلبة كوردستان الى الوفود الحاضرة واستلام الهدايا منها. 
كما اشتركنا كمندوب مراقب باسم اتحاد شبيبة كوردستان الديمقراطي في مؤتمر اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي.
وفي نهاية المهرجان دعيت ضمن الوفد العراقي الى زيارة جمهورية الصين الشعبية فسافرنا بالقطار من وارشو الى بكين عبر الاتحاد السوفيتي. 
وأثناء الزيارة كنت أقدم نفسي ممثلاً عن طلبة وشبيبة كوردستان واشترك باسمهم في الاجتماعات واللقاءات المتعددة أشرح فيها الحركة التحررية الكوردستانية.
وقدمت في إحدى اللقاءات هدية اتحاد نساء كوردستان الى مادام صن يات صن نائبة رئيس الجمهورية حينئذ وتسلمت منها هديتها الى اتحاد نساء كوردستان. 
ومنذئذ وأنا معجب بالشعب الصيني و نضاله المديد و حضارته وبالأفكار الثورية الصينية
وتعلمت الكثير من التجربة والمؤلفات الصينية عن حرب الأنصار و أساليبها للاستفادة منها خلال السنوات الطوال من كفاحنا المسلح في جبال كردستان العراق. 
وفي العودة بقيت في موسكو لمدة أسبوعين و حاولت خلالها الاتصال برئيس حزبنا الجنرال بارزاني و رفاقه ولكنني لم أتوفق و إن حصلت على عنوان للاتصال معهم و المكاتبة اليهم. 
وفي موسكو ألقيت كلمة في راديو موسكو هاجمت فيها المشاريع الاستعمارية من أحلاف ومؤتمرات كانت الحكومة الملكية تنفذها. 
وعندما عدت سراً الى الوطن ألقي القبض علي بتهمة السفر الى موسكو و إلقاء كلمة في الراديو فأنكرت ذلك ولم تثبت التهمة علي ولكن إبقائي في السجن مدة طويلة حرمني من إكمال الجامعة إذ كنت في الصف الرابع من الكلية إذ فصلت لمدة سنة.
وخلال فترة الحرمان من الدراسة واصلت جهودي بين الطلبة فعقدنا المؤتمر الثاني لاتحاد طلبة كردستان ومارست نشاطي الحزبي في القيادة و التنظيمات الحزبية في عدة مدن. 
وفي عام 1956 عدت للدراسة ولكن سرعان ما اندلعت المظاهرات من الكليات التي اشتركت فيها بفعالية ونشاط و ذلك ضد العدوان الثلاثي البريطاني و الفرنسي و الإسرائيلي على مصر فصدر أمر إلقاء القبض علي و قررت إدارة الكلية فصلي مؤبداً لإسهامي في المظاهرات وفي حركة أنصار السلام العراقية التي كانت جزءاً من حركة أنصار السلام العالمية. 
فلم أسلم نفسي للشرطة بل انتقلت الى العمل في السراديب إذ كلفت بإدارة جهاز الطبع والإشراف على إصدار النشرة الحزبية السرية. فظللت مختفياً في مدن كركوك و السليمانية حتى عام 1957 إذ سافرت مرة أخرى الى سورية ومنها الى الاتحاد السوفياتي لحضور مهرجان الشباب والطلبة فيها وذلك ضمن الوفد العراقي. 
لقد اشتركنا كفريق كوردي ضمن الوفد العراقي في فعاليات عديدة وقدمنا هدايانا باسم شبيبة كوردستان ومنها هدية نسائية لام البطلة السوفياتية زويا. واشتركنا مجدداً في المؤتمر العالمي لاتحاد الشباب العالمي كوفد مراقب. 
والتقينا بالقائد الثوري الكوردي د. عزيز شمديني ومن ثم دعينا لزيارة المرحوم الجنرال مصطفى بارزاني حيث تباحثنا معاً لعدة أيام حول الحزب و دوره وعلاقاته.
ونظمنا اتصالاً منظماً معه. ورجعت حاملاً صوره الجديدة الى الرفاق الى سورية أولا ثم الوطن ثانياً وفي سورية ساهمت في تشجيع المناضلين الكرد على تأسيس حزبهم الديمقراطي. 
والتقيت بالأساتذة كمال فؤاد، عبدالرحمن الزبيحي، هزار، وشكلنا وفداً زرنا مقرات حزب البعث العربي الاشتراكي و رئيس المجلس النيابي و رئيس الشعبة الثانية الضابط المتنفذ في الجيش و اتفقنا معه على تنظيم لقاء بين الرئيس جمال عبدالناصر والجنرال بارزاني لدى زيارة الأول للاتحاد السوفياتي كما اتفقنا على تزويدنا بالأسلحة عندما نعلن الثورة على الحكومة العراقية. ثم رجعت سراً الى بغداد.
ذهبت بعدها الى السليمانية التي اتخذتها مقر اختفائي حيث توليت مسؤولية جهاز الطبع و إصدار النشرة الحزبية. 
وخرجت من الاختفاء الى العلن صبيحة 14- تموز 1958 التي أذيع فيها البيان الأول لثورة الجيش على الحكومة فتوجهت الى الرفاق الحزبيين ودبرنا اجتماعاً جماهيرياً لتأييد الثورة ثم ذهبت الى كركوك لحضور اجتماع اللجنة المركزية للحزب التي أعلنت التأييد للثورة وتمنت عليها الديمقراطية للشعب العراقي و الحقوق القومية للشعب الكوردي ضمن العراق الجديد. 
بعد فترة و جيزة حصلنا على امتياز مجلة أسبوعية سياسية بدأت العمل فيها كمحرر ومنذئذ بدأت العمل في الصحافة العلنية و في جريدة الحزب اليومية. 
بدأت نشاطاً صحفياً فعالاً. ثم اشتركت في انتخابات نقابة الصحفيين العراقيين حيث انتخبت عضواً في اللجنة الإدارية القيادية. 
ورجعت الى الكلية لإكمال الدراسة رافضاً ممارسة حق الزحف الذي أعطته الثورة للطلبة و أكملت الدراسة في عام 1959 وكنت ضمن وجبة خريجي أول دورة لجامعة بغداد التي كانت قد تأسست حديثاً من تجميع الكليات المختلفة ضمنها. 
وبعد التخرج استدعينا الى كلية الضباط الاحتياط التي كملنا الدراسة فيها
ثم رغبت في الدخول بمدرسة الدروع لأنني فضلت الخدمة العسكرية كضابط في صنف الدروع حيث عملت على الوجبة الأولى للدبابات السوفياتية (T-54) و كوني ضابطاً من الجيش حرمني من الاشتراك في المؤتمر العلني للحزب ولكنهم انتخبوني مجدداً عضواً في اللجنة المركزية. 
بعد تسريحي من الجيش عدت للعمل في جريدة الحزب اليومية كمحرر رئيس ولم اشترك لممارسة المحاماة إلا في الدعوى المقامة على رئيس تحرير الجريدة و سكرتير الحزب الأستاذ إبراهيم احمد. 
وبدأت أنشر ذكريات عن مهرجان الشباب و الطلبة وزيارة الصين و الاتحاد السوفياتي وبولونيا وعن حركات التحرر الإفريقية.
ودخلت في مناظرة فكرية مع قائد شيوعي حول ضرورة وجود حزب طليعي كوردستاني وضرورة وجود منظمات الشبيبة و الطلبة والنساء الكردستانية. 
وعندما ظهر الخلاف بين الأحزاب الشيوعية كنت أميل الى الأطروحات الصينية ولم أستسغ أسلوب قيادة خروشوف و تصرفاته الطائشة. 
وزرت كصحفي على رأس وفد جمهورية بلغاريا الشعبية راجعاً بانطباع حسن وجيد عموماً عدا الموقف من الأقلية التركمانية. 
وعندما انحرف قائد ثورة 14\ تموز المرحوم عبدالكريم قاسم عن النهج الديمقراطي وشرع في ملاحقة الشيوعيين والمنظمات العمالية و الفلاحية الديمقراطية وفي التودد لرؤساء العشائر الكردية المعروفين بعدائهم القديم للحركة التحررية الكردية و البارزانيين، اتخذ حزبنا قراراً بممارسة نقد هذه التصرفات و الدفاع عن الديمقراطية و المطالبة بإجراء الانتخابات. 
كانت علاقة المرحوم الجنرال بارزاني رئيس حزبنا جيدة جداً مع المرحوم قاسم ولكنها تدهورت بعد مرور سنتين حيث مال الجنرال قاسم الى العشائر الكردية المعادية لشعبها مما أدى الى القطيعة بينهما ثم اندلاع القتال. 
منذ بداية 1961 شرعت الحكومة باضطهاد حزبنا و ملاحقة قادتنا و جريدتنا المركزية فتوتر الجو بين الحزب و الجنرال قاسم مما أدى الى اعتقال بعض قادة الحزب واختفاء بعض القادة وانتقالهم الى النضال السري بمن فيهم الأمين العام للحزب وكذلك أنا أيضاً. 
فذهبت الى الجبال للاتصال بالناس الساخطين و الغاضبين والمسلحين المجتمعين في مناطق معينة. 
حاولنا خلالها تنظيم هذه التجمعات وتوجيهها نحو عدم الاصطدام الى اليوم المناسب. 
ولكن الحكومة شرعت في 11 – أيلول – 1961 بشن حملات جوية على مناطق التجمعات أعقبتها بالهجوم الجوي يوم 16 – أيلول على منطقة بارزان مما أدى الى اشتعال القتال بيننا و الحكومة.
وفي بداية العمل المسلح و أواخر عام 1961 توليت مسؤولية العمل المسلح في محافظتي كركوك والسليمانية وشرعنا بوحدات صغيرة لا تتجاوز العشرات ثم توسعت هذه الوحدات الى المئات ثم الى الآلاف. 
فقد توليت مسؤولية قيادة قوات الانصار (البيشمركة) في مناطق كركوك والسليمانية حيث حررنا مناطق واسعة منهما. 
حتى سقوط النظام القاسمي حيث أوكلت الى القيادة الكوردية مهمة التفاوض مع الحكم البعثي – القومي الجديد فذهبت الى بغداد ومنها الى القاهرة و الجزائر ولبنان حيث كونت علاقات جيدة مع الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس أحمد بن بله ونلنا عطفهما على القضية الكردية وموقفهما المعارض للحل العسكري للقضية الكردية. 
وبعد فشل المفاوضات مع الحكومة المركزية جراء تراجعها عن تعهداتها و وعودها السابقة وجنوح الجناح العسكري وإشعال حرب جديدة ضد الشعب الكردي ذهبت الى أوروبا لشرح حقيقة المطالب الكردية والوضع القائم من العراق بما فيه كردستان فزرت فرنسا و النمسا وألمانيا والاتحاد السوفياتي. 
واشتركت لأول مرة في المؤتمر العام لجمعية الطلبة الكورد في أوروبا حيث سعيت بنجاح حل مسألة قبولها في الاتحاد الدولي للطلبة (IVS). 
وعدت الى الوطن سراً لممارسة دوري القيادي في الجبهة الجنوبية لكردستان حيث صمدنا أمام الهجوم العسكري الكبير واحتفظنا بقوانا و مناطقنا الأساسية ما أجبر الحكم الذي جاء على اعقاب إخراج البعث منه الى التفاوض مجدداً مع القيادة الكردية. 

وأود أن أشير الى بعض النقاط الهامة بجانب نضالنا المسلح : 
1- لم نستعمل أي أسلوب إرهابي بل عاملنا الإخوة العراقيين الأسرى لدينا معاملة إنسانية كريمة و نادينا دوماً بحقيقة ان حربنا الدفاعية ليست ضد الشعب العربي بل هي ضد الدكتاتورية المتسلطة على رقاب الشعب. 
2- نادينا دوماً بالديمقراطية للعراق و الحكم الذاتي لكردستان ضمنه. 
3- حافظنا على علاقتنا النضالية إيمانا منا بالاخوة العربية الكردية و ضرورات التحالف الكردي العربي مع القوى الديمقراطية و الناصرية في العراق ومع الرئيسين عبدالناصر و أحمد بن بله. 
4- بنينا علاقة جيدة مع الاتحاد السوفياتي ومعسكره الاشتراكي. 
5- حاولنا إقامة اتصالات وعلاقات جيدة مع فرنسا و أمريكا وبريطانيا دون توفيق ملحوظ.

العلاقة مع القوى الثورية الإيرانية

في أواخر الستينيات أقمنا علاقات ودية مع القوى الديمقراطية و الثورية الإيرانية.
فقد استضفنا ممثلين للمنظمة الثورية لحزب توده و أقمنا علاقات جيدة مع اتحاد العام للطلبة الإيرانية خارج الوطن ومع ممثلي الجبهة الوطنية الإيرانية ومنظمة فدائيي الشعب ومجاهدي الشعب.
فضلاً عن علاقات نضالية مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني. 

العلاقة مع قوى الثورة الفلسطينية

منذ بداية انطلاقه المنظمات الفدائية الفلسطينية أقمت علاقات نضالية معها أولاً مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي انقسمت الى ثلاث جبهات ظلت علاقاتنا طيبة مع الجميع.
ثم أقمنا العلاقة مع فتح، والصاعقة أيضاً. 
وفي بداية السبعينيات عملت مع المقاومة الفلسطينية في مجالات النشر و الكتابة و التثقيف والتدريب.
وكدت أقتل في مناسبتين ولكن الصدفة قد ادخرتني لمهماتي النضالية. 
وكنت دائماً أناقش معهم مخطئاً خطف الطائرات والأعمال الموسومة بالإرهابية باعتبار ذلك ضاراً بالسمعة الثورية. 

تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني

بعد انهيار الثورة الكوردية جراء الاتفاقية الخيانية بين الشاه الإيراني وصدام وعندما أعلنت قيادة الثورة إنهاءها وحل مؤسساتها العسكرية والإدارية وحل الحزب الديمقراطي الكوردستاني، شرعنا نحن بتأسيس الهيئة المؤسسة للاتحاد الوطني الكوردستاني و الإعلان عنها والاتصال بالداخل لتأسيسه في الوطن.
فكانت استجابة العصبة الماركسية اللينينية التي تحولت فيما بعد عصبة كادحي كوردستان، والتيار الاشتراكي الديمقراطي الذي تحول فيما بعد الى الحزب الاشتراكي الكوردستاني، استجابة فورية مما خلق لنا قاعدة تنظيمية جماهيرية ومكننا من إعلان الثورة مجدداً بعد مضي سنة فقط على إعلان تأسيس الاتحاد الوطني الكوردستاني. 

لقد كان تشكيل الاتحاد الوطني الكوردستاني حدثاً تأريخياً فريداً في تأريخ الحركة التحررية الكوردية : 
أولا :-
لأول مرة ينبثق حزب من جو الهزيمة و جو اليأس الخانق الذي عم كوردستان بعد انهيار الثورة الكردية. 
ثانياً:-
لأول مرة يظهر تنظيم شبه جبهوي مؤلف من ثلاثة تيارات رئيسية تستطيع التعايش والتضامن معاً والنضال المشترك بقيادة واحدة مشتركة. 
ثالثاً :-
لأول مرة يظهر تنظيم ينكر فكرة الحزب القائد الواحد بل يدعو الى التعددية و الجبهة الوطنية بديلاً عنها. 
رابعاً :-
لأول مرة يظهر تنظيم يستهل عمله بالانضمام الى جبهة عراقية ديمقراطية.
خامساً :-
لأول مرة يشعل هذا التنظيم كفاحاً مسلحة سماه ثورة ديمقراطية عراقية مندلعة في جبال كوردستان وذلك بالتعاون والتنسيق مع الحركة الاشتراكية العربية وحزب البعث اليساري و قوى ديمقراطية مستقلة. 
سادساً :-
دعا الاتحاد الوطني منذ البداية الى النضال الجماهيري الثوري المعتمد على جماهير الشعب والتحالف مع القوى الديمقراطية العراقية والتضامن مع القوى الثورية الكوردستانية باعتبار ذلك شعاره الأساسي. 

سابعاً :-
ظهر الاتحاد الوطني كتنظيم منبثق من العناصر اليسارية والماركسية وأعلن عداءها المكشوف للاستعمار والغاضبين ورفض المساومات مع الدول الغاضبة لأرض كوردستان على أساس حركاتها التحررية بل سلك أسلوب التعاون مع القوى الثورية ضد حكومات هذه الدول. 
 

النضال المشترك مع المعارضة العراقية

منذ تأسيسه لعب الاتحاد الوطني دوراً هاماً في توحيد المعارضة العراقية وفي توفير أجواء الوئام والتعاون بين مختلف الفصائل المعارضة. 
وعدا القوى القومية و الديمقراطية المؤتلفة في دمشق منذ السبعينيات كون الاتحاد الوطني علاقة متينة مع المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق مع حزب الدعوة الإسلامية. 
وفي جميع المؤتمرات والاجتماعات كان الاتحاد الوطني لولب النشاط فيها. 
وكان صديقاً و حليفاً للجميع لذلك كان يناط به دور رئاسة هذه المؤتمرات وخاصة في مؤتمرات لندن وصلاح الدين و دوكان. 
وجعل الاتحاد الوطني المنطقة الكوردية المحررة منذ 1991 و الواقعة تحت سيطرته مرتعاً وساحة لقوى المعارضة العراقية مما عرضها لضغط ومؤامرات بل و هجوم الدكتاتورية عليه. 
وبذلك عزز الكفاح المشترك بين الكرد والعرب والتركمان، بين العلمانيين و الإسلاميين. 
وغداة الانتصار على الدكتاتورية في بغداد كانت كوردستان المحررة المأوى و الملجأ لأحرار العراق من جميع القوميات والمذاهب والأديان. 
لذلك لم يكن غريباً ان يتم الإجماع عن انتخاب طالباني رئيساً لجمهورية العراق.

PUKMEDIA 


شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket