خورمور… عندما يتحوّل الغاز إلى نقطة ضعف استراتيجية

الآراء 10:04 AM - 2025-11-29
عباس عبدالرزاق

عباس عبدالرزاق

الهجوم الجديد على حقل خورمور للغاز لم يكن مجرد حدث أمني عابر، بل رسالة واضحة بأن أمن الطاقة في إقليم كردستان ما زال الحلقة الأضعف في معادلة الاستقرار. فالحقل الذي يمد الإقليم بمعظم احتياجاته من الغاز لتوليد الكهرباء، تحوّل خلال السنوات الأخيرة إلى ساحة تُختبر فيها قدرة الإقليم على حماية واحدة من أهم منشآته الحيوية.

في كل مرة تُستهدف فيها منشأة خورمور، تتكرر المشاهد ذاتها: توقف للإمدادات، اضطراب في شبكات الكهرباء، حالة قلق عامة، وخسائر اقتصادية تمتد من الشركات المشغلة إلى المستهلكين. لكنّ ما هو أخطر من كل ذلك أن الهجمات باتت تحدث في توقيتات سياسية حساسة، تجعل من الغاز ورقة يُستخدم فيها الضغط وليس مجرد مورد طبيعي.

اللافت أن استهداف الحقل تزامن مع تحركات إقليمية ودولية مرتبطة بملفات الطاقة، من بينها تقارب بغداد وأنقرة في مشاريع الربط الاقتصادي، ومحاولات الإقليم تعزيز موقعه في أي اتفاق مستقبلي للطاقة مع الحكومة الاتحادية. وهنا يصبح الهجوم أكثر من مجرد مسيّرة؛ يصبح إشارة سياسية موجهة لمن يريد تطوير الحقل، أو لمن يسعى إلى جعل الغاز عنصر قوة تفاوضية.

تداعيات الهجوم لا تقف عند حدود الإنتاج أو الكهرباء. فالشركات العاملة في خورمور—خصوصًا دانة غاز—بدأت تتعامل مع تكرار الهجمات كخطر استراتيجي، يهدد استمرارية التوسعة ويؤثر على العمالة الأجنبية ويزيد كلفة التشغيل. وهو ما يعني، عمليًا، أن الإقليم قد يخسر واحدًا من أهم مشاريعه الاقتصادية إذا استمرت وتيرة الاستهداف.

أمن الطاقة في كردستان يحتاج اليوم إلى مقاربة جديدة تتجاوز الحلول الموضعية. فالمشكلة ليست في الحقل نفسه، بل في غياب منظومة حماية متكاملة تستطيع التعامل مع تهديدات الطائرات المسيّرة والتخريب المنظم. كما أن بقاء الإقليم معتمدًا بشكل شبه كامل على غاز خورمور لتشغيل محطات الكهرباء يجعل أي هجوم قادرًا على تعطيل الحياة اليومية للسكان، وهو ما يضع الحكومة أمام مسؤولية مضاعفة.

إن ما يجري في خورمور ليس أزمة تقنية، بل معركة على مستقبل الطاقة في الإقليم. وحين يتحوّل الغاز إلى نقطة ضعف بدل أن يكون مصدر قوة، يصبح من الضروري إعادة صياغة الأولويات: حماية المنشآت قبل تطويرها، وتأمين البنية التحتية قبل الحديث عن التوسعة، وبناء خطط طوارئ تمنع انقطاع الكهرباء عن الملايين بسبب مسيّرة واحدة.

خورمور اليوم اختبار؛ إن فشل الإقليم في حمايته، فسيفشل في حماية أي مشروع استراتيجي آخر. أما إذا نجح، فسيؤسس لمرحلة جديدة يكون فيها أمن الطاقة جزءًا من أمنه السياسي والاقتصادي، لا ثغرة تُستغل عند كل منعطف.

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket