لا اقلیم بدون الاتحاد الوطني الكوردستاني

الآراء 09:04 PM - 2025-11-25
سوران الداودي

سوران الداودي

مزاعم الحزب الديمقراطي الكردستاني عن تشكيل حكومة إقليم كردستان بمعزل عن الاتحاد الوطني ليس سوى خطاب سياسي موجَّه للرأي العام، لن تتحزل  تتحوّل إلى واقع فعلي. فأي حكومة لا تضم الاتحاد الوطني ستكون حكومة ناقصة وغير قابلة للاستمرار، لأن الاتحاد قوة سياسية واجتماعية كبيرة يمتد نفوذها من السليمانية إلى حلبجة وكركوك وگرميان و قاعدة جماهيرية راسخة ونفوذاً واسعاً داخل مؤسسات الإقليم، ولا تستطيع أي جهة ان تدير الإقليم  دون مشاركة حقيقية معه.
ان الخلاف الحقيقي مع الديمقراطي  يكمن في محاولات الديمقراطي للسيطرة على معظم الوزارات الأساسية، وكأنها ملكية حزبية وليست مؤسسات عامة يفترض أن تُدار بروح التوازن والشراكة. الأخطر من ذلك هو إصراره على احتكار الوزارات السيادية والهيئات الأمنية والمؤسسات الدبلوماسية والمالية ، وهو مطلب يحمل مؤشرات سياسية خطيرة، لأنه يعني فعلياً احتكار القرار الأمني والسياسي والمالي، وعزل الاتحاد عن العالم الخارجي وإقصاء بقية المكوّنات في صناعة القرار، وتحويل الحكومة إلى إدارة حزبية تابعة له لا تمثل الإرادة العامة في الإقليم.
موقف الاتحاد الوطني الرافض لهذا النهج ليس من منطلاق الصراع التقليدي ، وانما  موقف منطقي وواقعي. فالحكومة التي تُبنى على الهيمنة الأحادية ستفشل لا محالة خصوصا  في إدارة الملفات السيادية والخدمية في مناطق واسعة خارج نفوذ الديمقراطي، وستفكك الية  التوازن التي قام عليها النظام السياسي في الإقليم. كما أن استبعاد السليمانية وحلبجة وكركوك وگرميان سيُفقد أي حكومة جزءاً كبيراً من مشروعيتها، لأن الإقليم لا يُدار بمنطق الأغلبية العددية، بل بمنطق الشراكة بين القوى الرئيسية. إقصاء الاتحاد سيقود إلى انقسام سياسي حاد  ويعصف بالعملية السياسشية ويُضعف ثقة المواطنين وويزيد من  الفجوة  القائمة بين أربيل والسليمانية، في وقت يحتاج فيه الإقليم إلى التماسك لا إلى صراعات جديدة.

 اقليميا ودوليا، تدرك القوى اللاعبة الأساسية  أن استقرار الإقليم يأتي من توازن الشركاء، ولن تكون مع حكومة حزبية منفردة لأنها ستكون ضعيفة ومضطربة ولا تستطيع اتخاذ قرارات استراتيجية. الاتحاد الوطني يشكّل ركناً أساسياً في هذا التوازن من الاستحالة تجاوزه. كما أن حضوره الإداري والأمني والخدمي في مساحات واسعة يجعل تجاهله أمراً غير عملي، إذ لا يمكن لأي حكومة إدارة الملفات اليومية أو تقديم الخدمات أو تحقيق الاستقرار دون تعاون تلك المؤسسات.
لذلك، فإن حديث الديمقراطي عن تشكيل حكومة من دون الاتحاد الوطني لا يتعدى كونه محاولة ضغط سياسية، لأنه غير قابل للتحقق لا من الناحية الواقعية ولا القانونية ولا العملية. والحكومة المقبلة لن تُولد إلا على أساس شراكة متوازنة بين الطرفين، فاستقرار الإقليم وتماسكه مرتبطان بهذا التفاهم، وليس بتفرد طرف واحد بالسلطة.

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket