مێپس 2025… مؤتمرٌ يعرف كل شيء عن الشرق الأوسط إلا الشرق الأوسط نفسه!

الآراء 04:56 PM - 2025-11-19
فرست عبدالرحمن مصطفى

فرست عبدالرحمن مصطفى

في 18 تشرين الثاني تستيقظ دهوك على موكب طويل من البدل الرسمية وربطات العنق، وكأن المدينة تستعد لحفل زفاف سياسي لا نعرف من العريس فيه ومن العروس. إنه مؤتمر مێپس… ذاك الحدث الذي يأتي كل عام ليذكّرنا بأن الكلام مجاني وأن الهواء قادر على حمل آلاف الوعود دون أن يتعب.

يبدأ المؤتمر بعنوان ناري:-
“الفوضى المسيّرة؛ شرق أوسط جديد.”

يدخل الخبراء، يتحدث الأكاديميون، تلمع الكاميرات وتشتعل المفاهيم الكبيرة التي لا علاقة لها بشوارع دهوك المزدحمة ولا بحياة الناس اليومية. فكل ما في المؤتمر يبدو مرتباً بدقة… إلا الشرق الأوسط نفسه.

ومن أولى الانتقادات أنّ المؤتمر يشبه فيلما هوليووديا ضخماً…
كل شيء فيه مثير ما عدا القصة.

فالمشاركون يشرحون “الفوضى” وكأنها ضيف غامض لا نعرف من دعاه ويتحدثون عن “إدارة الأزمات” وكأن الأزمات مجرد ملفات PDF يمكن إغلاقها بزر واحد، لا جراح مفتوحة منذ عقود.

أمّا عن التمثيل، فالحضور مزيج لطيف من الدبلوماسيين والباحثين لكن الأطراف التي تشعل النيران في المنطقة؟ بلا حضور.
وكالعادة نتناقش عن اللاعبين الحقيقيين… في غياب اللاعبين الحقيقيين! مثل أن تقيم حفلة عن الزراعة ولا تدعو الفلاح.

ثم يأتي توقيت المؤتمر مباشرة بعد الانتخابات العراقية. ويا للصدفة العجيبة!
تماماً كما يزور الطبيب المريض بعد العملية ليشرح له “أهمية الصحة”، يأتي المؤتمر ليشرح لنا أهمية الأمن بعد أن انتهت جولة سياسية مليئة بالتوترات والصفقات.
مؤتمر يرغب في أن يبدو فوق السياسة… لكنه يغرق فيها حتى أذنيه.

أما فيما يتعلق بالفائدة المحلية فالأمر واضح، المؤتمر يتحدث عن ازدهار اقتصادي بينما نصف الشعب يبحث عن خدمة إنترنت مستقرة.
يتحدثون عن الاستقرار فيما نخاف من الكهرباء نفسها تذهب وتعود كأنها تشارك في لعبة “الغميضة الوطنية”.

ورغم كل ذلك لا يمكن إنكار ميزة واحدة للمؤتمر، إنه يعطي للمدينة حركة ويساهم في ارتفاع نسبة الحجوزات الفندقية.
فلو لم يصلح المؤتمر للسياسة فهو بالتأكيد مفيد لقطاع السياحة!

الحقيقة أن مێپس يشبه تلك النصائح التي يعطيها شخص لا يعمل لرجل يستيقظ الساعة الخامسة صباحاً كلام جميل… لكن بلا علاقة بالواقع!

وفي النهاية، سيختتم المؤتمر كعادته صورة جماعية وبيان ختامي مكتوب بطريقة تجعل الجميع راضين دون أن يفعل أحد شيئاً ووعودٌ ستُنسى قبل أن تجفّ آخر فنجان قهوة في القاعة.

ويبقى السؤال الساخر معلقاً على جدران دهوك:-
هل سيُغيّر مێپس الشرق الأوسط… أم أننا نحن من سنغيّر القناة؟

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket