کرکوک انتصار سیاسە التعایش

الآراء 05:55 PM - 2025-11-12
سوران الداودي

سوران الداودي

تم التضحية بالثورة الكردية من اجل كركوك وخسرنا الكثير في سبيلها. هذه العبارة كثيرا ما ترددها الاحزاب الكردية، اذ يرى الكرد في كركوك محور القضية الكردية، والفلك الذي تدور حوله طموحاتهم، حتى نعتت المدينة بانها قلب كردستان وقدسها.
اقول ذلك لان عدد المقاعد في اقليم كردستان يكاد ثابت لا يتغير، ويتداور بين القوائم الكردية ذاتها، بينما تكمن المنافسة الحقيقية والصراع الفعلي في كركوك، حيث تتقاطع الارادات القومية وتتنازع القوى المختلفة.
وفي هذا المشهد المعقد، يعد انتصار الاتحاد الوطني الكردستاني في انتخابات مجلس النواب العراقي، وحصوله على خمسة مقاعد، مصدر فخر واعتزاز عميقين؛ فهو انجاز لا يستطيع تحقيقه سوى الاتحاد الوطني، الذي اثبت مجددا انه الحارس الامين على كردستانية كركوك، وحقق بذلك اعظم انجاز في تاريخ الحركة الكردستانية، متجاوزا اصعب مهمة واجهت الكرد منذ عقود.
لقد كان شعار الاتحاد الوطني الكردستاني منذ تأسيسه هو التعايش والوئام بين المكونات المتعددة في كركوك. وتجلّى هذا المبدأ بوضوح في مقولة فقيد الامة جلال طالباني حين شبه كركوك بباقة ورد متعددة الالوان، في اشارة الى تنوعها القومي والثقافي الفريد.
لقد انتهج الاتحاد الوطني سياسة واقعية جسدت هذا الشعار على ارض الواقع، فكانت سياسة التعايش ركيزة اساسية في رؤيته لادارة كركوك، ونجاحه في تسنم منصب محافظ كركوك لم يكن صدفة، بل ثمرة مباشرة لهذه السياسة الحكيمة.
ورغم الاعتراضات التي صدرت في البداية من بعض الاطراف العربية والتركمانية وحتى الكردية، الا ان الايام اثبتت صواب هذا النهج. فالأتفاق الذي جرى بين ممثلي الكرد والعرب في فندق الرشيد لم يكن مجرد تفاهم سياسي، بل تحول الى نموذج واقعي للتفاهم الوطني، حيث كان اولئك الذين اتفقوا هناك هم انفسهم من حصدوا اعلى الاصوات في كركوك.
وهذا يعكس بوضوح ان المواطن الكركوكي بات اكثر وعيا وادراكا لطبيعة المسائل، وان قضية التعايش لم تعد خيارا سياسيا بل اصبحت واقعا راسخا لا يمكن تجاوزه باي شكل من الاشكال.
وهذا ربما يؤسس الى ظهور تحالفات تتجاوز الاطار القومي الى الاطار الوطني العراقي، اضافة الى ان ذلك يقلل من احتمالات المواجهة على المستوى الشعبي بين المكونات. كما يمكن التكهن ببدء مرحلة مغايرة تمثل قطيعة حقيقية بين زمنين في مفهوم المواطنة داخل هذه المنطقة، التي نشأت علاقاتها السياسية والاجتماعية على اسس العواطف والانتماءات، لا على قاعدة المنافع والمصالح الانسانية المشتركة.

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket