قراءة في الخطاب الإعلامي للاتحاد الوطني الكردستاني

الآراء 09:33 AM - 2025-11-04
عباس عبدالرزاق

عباس عبدالرزاق

بیان الصادر عن اجتماع الرفيق عيماد أحمد مع  مجلس الإعلام والتوعية  السليمانية – 3 تشرين الثاني 2025
يأتي البيان الصادر عن اجتماع عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني الرفيق عيماد أحمد مع  مجلس الإعلام والتوعية في سياق مرحلة سياسية دقيقة تسبق الاستحقاق الانتخابي. ويُظهر النص رغبة القيادة في إعادة تنظيم الخطاب الإعلامي الحزبي على أسس مهنية ووطنية متماسكة.
1. الخطاب السياسي والتنظيمي
يبدأ البيان بالتأكيد على وحدة الموقف داخل الحزب من خلال قول عيماد أحمد:
( یەکێتی نیشتمانی کوردستان بەسەرۆکایەتی سەرۆک بافڵ بە یەک تیم و بەرۆحیەتی نیشتمانیی وکوردستانی یەوە کار دەکات)(الاتحاد الوطني الكردستاني، برئاسة الرئيس بافل، يعمل   كفريق   واحد  وبروح   وطنية
وكردستانية موحدة).
هذه الجملة تشكّل نواة الخطاب التنظيمي، إذ تُبرز وحدة القرار والعمل الجماعي داخل الحزب بوصفه شرطًا للنجاح السياسي والإعلامي. الرسالة هنا موجهة إلى كوادر الإعلام الحزبي لتأكيد أن الخطاب الإعلامي يجب أن يكون امتدادًا لوحدة القيادة لا مجالًا للاجتهادات الفردية.
2. الإعلام كمسؤولية في مواجهة التزييف
يتابع عيماد أحمد قوله:
(بۆ هەموو ئەو ناحەقیانەی بەرامبەر سلێمانی و خەڵکە تێکۆشەرەکەی دەکرێت وەڵامی پێویست و گونجاوتان هەبێت ئەویش لەچوارچێوەی پاراستنی بەها باڵاکانی کاری راگەیاندن.) (ينبغي أن يكون لنا الرد المناسب والموزون على كل ما يُوجَّه من ظلم وافتراء ضد
السليمانية وشعبها المكافح، وذلك في إطار الحفاظ على القيم السامية للإعلام المهني).
هنا تظهر رؤية متقدمة للإعلام بوصفه سلطة مسؤولة، لا وسيلة للرد الانفعالي. البيان يدعو إلى ( الرد ضمن القيم ) أي إلى ضبط السلوك الإعلامي داخل حدود المهنية والأخلاق السياسية.
3. الإعلام بوصفه أداة دفاع عن المجتمع
يضيف البيان في فقرة أخرى على لسان المتحدث باسم مكتب الإعلام: ( میدیای یەکێتی دەبێت وەک هەمیشە سەنگین و راستگۆیانە بەرگری لە کۆمەڵانی خەڵک لە دهۆکەوە تا خانەقین و مەندەلی بکات.)(يجب على إعلام الاتحاد الوطني أن يكون، كما كان دائمًا، رصينًا وصادقًا في الدفاع عن طبقات الشعب من دهوك حتى خانقين ومندلي).
تؤكد هذه العبارة على الطابع القومي الواسع لرسالة الحزب الإعلامية، فهي لا تقتصر على منطقة السليمانية بل تشمل كامل الجغرافيا الكردستانية، بما يعزز فكرة “التمثيل الجمعي” للحزب كقوة وطنية لا مناطقية.
4. تحذير من الانجرار إلى التشويش الإعلامي
يتابع البيان التحذير من بعض الممارسات الإعلامية السلبية قائلًا: ( ئەوەی هەندێ میدیای چەواشەکاریش دەیکات نابێت ساردمان بکاتەوە. ) (ما يقوم به بعض الإعلام المضلل لا يجب أن يستفزنا أو يغيّر من نهجنا.)
هذه الجملة تعبّر عن وعي إعلامي متقدم بضرورة عدم الانجرار وراء الحملات المضادة أو الردود العاطفية، وهو توجه نادر في الخطاب الحزبي الكردي الذي كثيرًا ما يميل إلى الخطاب العاطفي أو الدفاعي.
5. التحشيد الانتخابي في إطار الانضباط الإعلامي
يختم الرفيق عيماد أحمد دعوته بالتأكيد على أن المرحلة تتطلب جهدًا جماعيًا: ( یەکێتییەکمان لەبەردەم سەرکەوتنێکی گەورەدایە بۆیە دەبێت بە پەرۆشانەتر کار بکەین بۆ سەرخستنی لیستی ٢٢٢.”(الاتحاد الوطني يقف أمام نصر كبير، لذا علينا أن نعمل بجدٍّ وحماس أكبر من أجل إنجاح القائمة 222). تتحول هنا اللغة من خطاب تنظيمي إلى خطاب تعبويّ إيجابي، يستثمر الطاقات الإعلامية في دعم الحملة الانتخابية، دون الخروج عن إطار الانضباط الأخلاقي والرسمي.
مداخلات مجلس الإعلام والتوعية
جاءت مداخلة الرفيق لەتیف نێروەیی (لطيف نيرويي) لتؤكد هذا النهج المهني، إذ قال: (میدیای یەکێتی پابەندی تەواوی بە بنەماکانی کاری راگەیاندن بەشێوەیەکی پیشەیی و بەدڵنیاییەوە لەبەرامبەر چەواشەکارییەکانی میدیای لایەنێک و قسە نابەرپرسەکانی هەندێ لێپرسراو وەڵامی گونجاومان دەبێت و راستەیەکان وەک خۆی بۆ خەڵکەکەمان رووندەکەینەوە.) (إعلام الاتحاد الوطني ملتزم تمامًا بأسس العمل الإعلامي بمهنية واقتناع، وفي مواجهة التشويش الإعلامي أو التصريحات غير المسؤولة، علينا أن نقدم الرد المناسب وأن نعرض الحقائق كما هي أمام شعبنا).
هذه الفقرة تشكّل الميثاق المهني للإعلام الحزبي في المرحلة المقبلة، وتعيد التأكيد على أن الرد الإعلامي يجب أن يكون مؤسسًا على “الصدق والمعلومة” لا على ردود الأفعال.
الأبعاد السياسية والإعلامية للبيان
1. البعد السياسي
يهدف البيان إلى توحيد الخطاب الداخلي للاتحاد الوطني، وإلى طمأنة الجمهور بأن الحزب يعمل في انسجام تام تحت قيادة بافل طالباني.
إن تكرار مفردات مثل “یەک تیم” (فريق واحد) و*“ڕوحیەتی نیشتمانی”* (الروح الوطنية) يحمل دلالات عميقة على سعي الحزب لإبراز تماسكه الداخلي في مرحلة انتخابية حساسة.
2. البعد الإعلامي والاتصالي
يركز البيان على الإعلام كوسيلة لبناء الثقة بين الحزب والجمهور، لا كأداة للصراع أو الدعاية الفجة.
الحديث عن “پاراستنی بەها باڵاکانی کاری راگەیاندن” (الحفاظ على القيم العليا للعمل الإعلامي) يكشف وعيًا بأهمية الأخلاق المهنية في تشكيل الصورة العامة للحزب أمام الرأي العام.
الدلالات الخطابية
1. تأكيد الهوية الوطنية للإعلام الحزبي: فالبيان لا يخاطب مدينة أو فئة محددة، بل يخاطب عموم الشعب الكردستاني من دهوك إلى مندلي.
2. تحوّل في فلسفة الإعلام الحزبي: من الرد الآني إلى بناء سردية طويلة الأمد قائمة على الثقة والشفافية.
3. استخدام الرموز الانتخابية كأدوات تعبئة معنوية: مثل ذكر “لیستی ٢٢٢” (القائمة 222) رمزًا للوحدة والتمثيل.
4. تكامل القيادة السياسية والإعلامية: من خلال التناغم بين خطاب عيماد أحمد ومداخلة لطيف نيرويي.
 الخلاصة والتوصيات
الخطاب يعكس تطورًا في الوعي الإعلامي داخل مؤسسات الاتحاد الوطني الكردستاني.
يتبنى البيان مفهوم “الإعلام الواعي المسؤول” كأداة لتقوية العلاقة بين الحزب والمجتمع.
توصية بحثية: إجراء مقارنة تحليلية بين هذا البيان وخطابات إعلامية سابقة للاتحاد الوطني بعد عام 2021 لقياس تطور اللغة السياسية والإعلامية.
توصية مهنية: ضرورة تدريب الكوادر الإعلامية الحزبية على تقنيات إدارة الأزمات الإعلامية والرد الاستراتيجي القائم على المعلومة لا على الموقف العاطفي.
إن خطاب الرفيق عيماد أحمد الموجه إلى مجلس الإعلام والتوعية في الاتحاد الوطني الكردستاني يمثل وثيقة سياسية-إعلامية مهمة تكشف عن مرحلة جديدة من النضج التنظيمي في العلاقة بين السياسة والإعلام داخل الحزب. لقد أعاد البيان صياغة مفهوم “الإعلام الحزبي” من مجرد أداة دعائية إلى فضاء وطني مهني يسعى لحماية الحقيقة وتعزيز الثقة المجتمعية.

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket