أيها الرفاق.. هلموا إلى "زگار"

عماد أحمد

في هذه الأيام، وضمن إطار الحملة الانتخابية للدورة السادسة لانتخابات مجلس النواب العراقي، قمنا بزيارة عدد من اللجان والمراكز التنظيمية في محافظة السليمانية، دعما ومساندة لرفاقنا المشاركين في هذه المعركة الانتخابية المصيرية بالنسبة لإقليم كوردستان.
لا شك أن بشائر النصر والنجاح باتت تلوح في الأفق بوضوح، فحتى ضوء القمر بدا كأنه يشاركنا الأمل منذ المساء!
وقد لمسنا في كل موقع روحا تنظيمية عالية، حيث كان الرفاق، كل في ميدانه، يعملون بجد ونشاط كخلايا نحل لا تهدأ، يفيضون حماسا وإيمانا بإنجاح هذه العملية الديمقراطية.
إن الهدف الأساس لقيادة الاتحاد الوطني الكردستاني لا يتمثل فقط في خوض الانتخابات والفوز بها، بل في ضمان نجاح العملية الانتخابية ذاتها، وأن تُجرى بانسيابية وسلاسة تامة، خالية من أي مشكلات أو تدخلات أو نواقص، لنُثبت للعالم أجمع مدى التزامنا نحن الكُرد بقيم الديمقراطية، وجديتنا في ترسيخ نهج الحرية والنضال السياسي المسؤول.
لقد غمرني شعورٌ عميق بالفرح والاعتزاز حين التقيتُ رفاقي القدامى في مركز تنظيم السليمانية؛ أولئك الذين شاركتُهم العمل التنظيمي لسنوات طويلة، كان بعضهم يومها شابا يافعا، وقد بلغ اليوم مرحلة نصف العمر او النضج، فيما لا يزال آخرون يحتفظون بنفس الوهج والروح الشابة التي عرفناها فيهم.
قبل تسعة وعشرين عاما كنتُ مسؤولا عن ذلك المركز، وشاركتُهم عناء الخدمة والعطاء في هذه المدينة الطيبة الكريمة، مدينة الأصالة والمجد والنضال.
يا إلهي… ما أبهى أن تعانق رفاقك القدامى، وأن تستنشق عبق عرقهم الممزوج بعطر النضال وأيام الصبر والعزيمة! تلك اللحظات تعيد إلى القلب حرارة البدايات، وتمنح الروح يقينا جديدا بأن نهج الراحل مام جلال ما زال حيا نابضا في أياد أمينة، وأن رايته تُرفع جيلا بعد جيل، أعلى وأبهى وأكثر إشعاعا.
نحن في الاتحاد الوطني الكردستاني نقول بثقة وإيمان:"عاما بعد عام، هنيئا لنا بقوتنا في هذا العام"، لا كما يقول الآخرون: "عاما بعد عام، طوبى للعام المنصرم"!
لقد تغير أسلوب النضال في العالم، وصارت ميادينه الجديدة هي البرلمان، والتجربة المدنية، والممارسة الديمقراطية، لا الجبال ولا السلاح. إنه شكلٌ جديد من النضال، ما زال أبناء الشرق الأوسط يتعلمون لغته وأدواته، ونحن في طليعة الساعين إلى إتقانه وترسيخ قيمه.
لقد تحولت الممارسة الديمقراطية والبرلمانية في دول الغرب، بفضل تطورها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي، إلى منظومة راسخة ومتجذرة في بنية الدولة والمجتمع، قائمة على مؤسسات مستقرة وتقاليد متوارثة منذ قرون.
أما لدينا، فما زالت هذه التجربة فتية، لم تكتمل ملامحها بعد، وتواجه بين الحين والآخر رياح التخلف وموروثات الاستبداد التي تحاول إعاقتها.
صحيح أن النضال البرلماني يبدو في مظهره متشابها هنا وهناك، لكن جوهره مختلف تماما؛ فهناك يُمارس في ظل ثقافة ناضجة تحترم القانون وتؤمن بالتداول السلمي للسلطة، بينما يُمارس لدينا وسط ثقافة ما زالت تتلمس طريقها نحو الوعي الديمقراطي الحقيقي.
ولا شك أن استمرار العملية الانتخابية في العراق الاتحادي وإقليم كردستان سيُسهم في ترسيخ هذا النمط من النضال المدني، ويحوله تدريجيا إلى أداة حقيقية للتغيير الاجتماعي والسياسي، وإلى ممارسة فعلية لتداول السلطة وترسيخ قيم الديمقراطية في مؤسسات الدولة والمجتمع.
ومع توالي الدورات الانتخابية، يبدأ المواطن بإدراك قيمة صوته وأثره، ويزداد وعيه بأهمية المشاركة في تقرير مصيره. فيتعلم كيف يميز بين الشعارات والبرامج، ويعرف لمن يمنح صوته، ومن هو المرشح القادر حقا على تمثيل إرادته والدفاع عن مطالبه المشروعة.
وهكذا، كلما استمرت التجربة الديمقراطية ونضجت، تراجعت نقائصها وتعمقت فوائدها، ليصبح صندوق الاقتراع مرآة حقيقية لإرادة الشعب، لا مجرد طقس انتخابي عابر.
ولهذا كنا نرفع النداء عاليا مع اقتراب الانتخابات البرلمانية الكردستانية السادسة، ونقول بملء أفواهنا وبإيمان عميق:أيها الرفاق، تعالوا إلى “سرام”، إلى بساتين خانقين، لقطف ثمار نخيلها العالية... تعالوا إلى الحملة الانتخابية!.
ففي كل خريف، حين يحين موسم الحصاد في خانقين، تتلألأ عراجين النخيل بثمارها الناضجة، ويهب الأهالي لجمع ما تناثر منها على الأرض في طقس جماعي مفعم بالبهجة والعطاء، يسمونه بـ (زگار).
واليوم، ومع انطلاق هذه الدورة الانتخابية البرلمانية العراقية، نقولها من جديد بروح اتحادية أصيلة:يا رفاق الاتحاد الوطني، هلموا إلى "زگار" الديمقراطية... فالثمار هذه المرة هي أصواتُ الناس وثقتُهم، وهي أطيب ما يُجنى في موسم النضال السياسي.
هلموا جميعا لنقطف معا ثمار اتحادكم الوطني الكردستاني الحلوة، المفعمة بروح الإخلاص والانتماء، من أجل تحقيق النصر في الانتخابات البرلمانية العراقية السادسة، وضمان الحقوق الدستورية المشروعة لشعبنا، وتأمين رواتب وميزانية إقليم كردستان وفق الدستور، وبناء علاقة متوازنة وشراكة حقيقية مع القوى السياسية في العراق الاتحادي.
وبذلك، نُحيي أرواح شهدائنا الأبرار، ونُضيء طريق الاتحاد الوطني الكردستاني بمزيد من الإشراق والوفاء لنهج المؤسس والرائد مام جلال، الذي علمنا أن السياسة فن البناء لا الهدم، وأن الوطنية الصادقة تُقاس بصدق العهود لا بضجيج الشعارات.
إن هذا الهدف الوطني النبيل لن يتحقق إلا بوحدة الصف وتكاتف الجهود داخل بيتنا الاتحادي الواحد، وبالتمسك بسياسة باقة الورود التي أرساها مام جلال، القائمة على الحوار، والتفاهم، والإيمان بالتنوع قوة لا ضعفا وبالهمة والمثابرة من  قبل كوادر وأعضاء ومؤيدي الاتحاد الوطني الكردستاني.
ولهذا، فإن يوم الاقتراع ليس مجرد مناسبة انتخابية، بل عهدٌ جديد مع شعبنا، فلنذهب جميعا، مع عائلاتنا وأقربائنا وأصدقائنا، إلى صناديق الاقتراع، ولنجعلها تتحدث بلون الأمل الأخضر، لون الاتحاد الوطني الكردستاني، ولنصوت للقائمة (222)، كي نُثبت أن إرادتنا الحرة هي التي تصنع التغيير وتصون الكرامة وتبرئ الذمة أمام الوطن والتاريخ.

************************
زگار: مصطلح يُستخدم في خانقين لوصف عملية قطف ثمار التمر من النخيل، وجمع ما تساقط منها على الأرض بطريقة جماعية مفعمة بالبهجة والحبور. هذه الممارسة التقليدية تعبر عن العمل المشترك وروح التعاون بين الأهالي، وتُعتبر مناسبة سنوية مفعمة بالفرح والحياة، كما أنها تحمل رمزية جني الثمار بالجهد الجماعي، ما يجعلها استعارة رائعة يمكن ربطها بالجهود الانتخابية والاجتماعية.

ترجمة: نرمين عثمان محمد