الحلول الدستورية أساس الاستقرار بين بغداد وأربيل

الآراء 09:28 AM - 2025-10-11
د. فؤاد احمد*

د. فؤاد احمد*

تشهد العلاقة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان منذ سنوات سلسلة من الخلافات السياسية والإدارية والمالية التي ما زالت دون حلول جذرية. ورغم وجود الإرادة السياسية في بعض المراحل، إلا أن غياب المؤسسات الدستورية الفاعلة في الإقليم جعل مسار الحوار والتفاهم هشًا، يخضع لتجاذبات الأحزاب وتفاهمات الأشخاص، بدل أن يستند إلى الأسس القانونية والمؤسساتية التي يقرّها الدستور العراقي.
فاليوم، برلمان الإقليم معطّل منذ فترة طويلة، وحكومة الإقليم تعمل بصيغة تصريف الأعمال، ما يعني عمليًا غياب الجهة التشريعية والرقابية التي تمثل الإرادة الشعبية وتمنح الشرعية الدستورية لأي اتفاق أو قرار يتعلق بعلاقة الإقليم مع المركز. في المقابل، تمتلك بغداد مؤسساتها الدستورية الكاملة — حكومة وبرلمان — تعمل ضمن صلاحياتها الدستورية، وتملك القدرة على اتخاذ قرارات ملزمة ومستمرة. هذا الاختلال في البنية المؤسسية بين الطرفين يجعل من الصعب التوصل إلى حلول دائمة ومستقرة، إذ تتحول التفاهمات إلى اتفاقات مؤقتة وهشة سرعان ما تنهار أمام التغيرات السياسية.
وفي خضم هذا الواقع، يبرز دور الاتحاد الوطني الكردستاني كقوة سياسية تحمل إرث الزعيم الراحل جلال طالباني، الذي كان يؤمن بأن المشاكل تُحل عبر الدستور والمؤسسات، لا عبر الصفقات المؤقتة. الحزب الذي رفع في حملته الانتخابية للدورة السادسة لمجلس النواب العراقي شعار “نحن قوتك في بغداد”، يؤكد من خلال هذا الشعار أن الحلول الحقيقية لقضايا الإقليم تمر عبر بغداد، وعبر تنفيذ بنود الدستور العراقي التي تنظم العلاقة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم.
الخطاب السياسي للاتحاد الوطني يعكس قناعة راسخة بأن العودة إلى الشرعية الدستورية والمؤسساتية هي الطريق الوحيد لبناء تفاهمات راسخة وعادلة بين أربيل وبغداد، وأن أي محاولة لتجاوز المؤسسات لن تؤدي إلا إلى إدامة الأزمات وتعميق الخلافات. فبوجود برلمان إقليمي فاعل وحكومة شرعية كاملة الصلاحيات، يمكن للإقليم أن يفاوض ويدير علاقاته مع المركز على أسس دستورية تحفظ حقوقه وواجباته، وتضمن في الوقت نفسه وحدة واستقرار الدولة العراقية.
إن المرحلة الحالية تتطلب من جميع القوى السياسية في الإقليم العمل على إعادة تفعيل المؤسسات الدستورية، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الحزبية، ليكون الحوار بين بغداد وأربيل حوار مؤسساتٍ شرعية لا صفقاتٍ سياسية، وبذلك فقط يمكن الوصول إلى حلول دائمة ومستقرة تصب في مصلحة جميع أبناء العراق، في المركز والإقليم على حد سواء.

*مدير مركز أبحاث برلمان كوردستان

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket