قراءة عراقية لخطاب الرئيس بافل جلال طالباني

الآراء 04:50 PM - 2025-10-09
سوران داودي

سوران داودي

الحفاظ على عراق قوي مهمة مشتركة

حين يؤكد الرئيس بافل جلال طالباني أن «إقليم كردستان يكون قويًا بقوة الحكومة الاتحادية، وأن الحكومة الاتحادية تكون قوية عندما تكون حكومة الإقليم قوية»، فهو لا يرفع شعارًا دبلوماسيًا وانما يطرح رؤيته لمفهوم الدولة العراقية الحديثة على أساس التكامل لا التشضي.
هذه العبارات تتضمن جوهر الفكرة التي أسس لها فقيد الامة مام جلال طالباني في ان  العراق لا يمكن أن يُدار بمنطق الغالب والمغلوب او الأقلية والأكثرية ، بل بمنطق الشراكة الوطنية الحقيقية، والتوافق الوطني التي تتجسد في توازن العلاقة بين بغداد وأربيل، كواقعين للسلطة الاتحادية والهوية الفدرالية في آنٍ واحد.
حين يشير الرئيس بافل على أن «الدستور العراقي قادر على حل جميع المسائل العالقة»، فهو يؤكد على الشرعية القانونية والدستورية في مواجهة الفوضى السياسية والتأويلات المتناقضة التي عطّلت العلاقات بين الإقليم والمركز لسنوات.
عندما يحصر الرئيس بافل جلال طالباني أسباب تفوق الاتحاد الوطني في انتخابات كركوك خصوصا انتخابات مجالس المحافظات عام 2024  بالتعايش والخدمات فهو يوضح للجميع ان اليات العمل السياسي بالادوات السابقة لم تعد كافية وان هناك جيل لا يمكن التواصل معه الا عبر مستلزماته الحياتية.
الخطاب يعكس رؤية الاتحاد الوطني الكردستاني كقوة متوازنة تربط بين هوية كردستان وعمقها العراقي. فالاتحاد لا ينظرالى الإقليم ككيان منفصل، او المركز كسلطة متعالية، بل يعتبر العلاقة بينهما شراكة متبادلة في المسؤولية والمصلحة الوطنية.
من هذا المنطلق، يتعامل الاتحاد مع الملفات العالقة  النفط والموازنة والمناطق المتنازع عليها  على انها قضايا وطنية لا قضايا كردية حصرا، ويرى أن الحلول الحقيقية تبدأ من الثقة المتبادلة والالتزام بالدستور.
مع وجود الانقسامات الداخلية والاصطفافات الإقليمية، جاء خطاب بافل جلال طالباني كخطاب واقعي وهادئ بعيدا عن المزايدات السياسية داعيا إلى إدارة الازمات بالحوار المؤسساتي عبر خطاب يوازن بين العاطفة الوطنية والعقل السياسي، ويذكّر الجميع بأن قوة الإقليم لا تعني ضعف الدولة، بل بالعكس: فكلما كانت أربيل قوية ومؤسساتها مستقرة، كانت بغداد أكثر تماسكًا أمام التحديات الإقليمية والدولية.
من طيات الخطاب يمكن قراءة ملامح دعوة غير معلنة إلى عقد وطني عراقي جديد قائم على التكامل الاقتصادي، والتنسيق الأمني، والاحترام المتبادل بين السلطات.
إنها رسالة سياسية ناضجة من قيادةٍ تفهم أن مستقبل العراق وكردستان لا يُبنى على الانقسام، بل على التوازن، والثقة، والدستور.
وهكذا يثبت الاتحاد الوطني الكردستاني أنه ما زال الركيزة الوطنية الأكثر عقلانية واعتدالًا في الساحة السياسية العراقية.

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket