خطاب انتخابي ام نهج استراتيجي مستدام؟

الآراء 11:08 AM - 2025-10-09
محمد شيخ عثمان

محمد شيخ عثمان

مع انطلاق حملة الاتحاد الوطني الكردستاني، ألقى الرئيس بافل جلال طالباني، خطابا انتخابيا لم يكن خطابا تقليديا يركز على الحشد السياسي أو الوعود السطحية، بل شكل خارطة طريق استراتيجية تعكس رؤية الاتحاد الوطني للتعامل مع هموم المواطنين ومكتسبات الإقليم، وعلاقاته بالعاصمة بغداد، وأهميتها بالنسبة لكوردستان والعراق والمنطقة والعالم.
إن تحليل هذا الخطاب يظهر أن الرسالة الرئيسية تتجاوز مجرد الدعوة للتصويت، لتضع الناخب أمام مسؤولية تاريخية في اختيار الطرف القادر على الإنجاز وحماية الحقوق.
من خلال مراجعة الخطاب، يمكن تصنيفه وتحليله على الأصعدة التالية:
1. البعد الحزبي: ركز الخطاب على دور الاتحاد الوطني الكردستاني كحزب قادر على الإنجاز، لا يتهرب من المسؤولية، ويعمل على حماية حقوق المواطنين ومكتسبات الإقليم. وقد شدد الرئيس بافل على التزام الاتحاد بالوعود التي يقطعها، مؤكدا أن القوة الحقيقية للحزب تقاس بما ينجزه على الأرض لا بما يعلن عنه شفهيا.
2. البعد الكردستاني: الخطاب يؤكد على أن الاتحاد الوطني هو المرجعية الأولى للكرد في حل مشاكلهم اليومية، سواء أكانت أمنية، تعليمية، أو خدمية، كما أشار إلى ضرورة التصويت لصالح من يضمن حقوق الإقليم ويحمي وحدة كوردستان، ويضمن استمرار مكتسباتها.
وقد تطرق إلى مشاريع ملموسة لتحسين البنى التحتية والخدمات الأساسية في الإقليم، مثل المياه والكهرباء والتعليم والعمل، في إطار برنامج طويل الأمد.
3. البعد العراقي: ركز الخطاب على أهمية انتخابات مجلس النواب العراقي كونها تتعلق بمركز اتخاذ القرارات في بغداد، مشددا على أن قوة كردستان ترتبط بقوة حضورها وتمثيلها في العاصمة موضحا أن الاتحاد الوطني يسعى إلى بناء علاقات قوية مع جميع الأطراف العراقية من أجل ضمان الحقوق وتفعيل الدستور، بما يشمل حماية قوات البيشمركة، وإنفاذ المادة 140، وضمان العدالة في الرواتب والمشاريع.
4. البعد الإقليمي والدولي: لم يغفل الخطاب البعد الإقليمي والدولي، مشيرا إلى أن الاتحاد الوطني يملك علاقات استراتيجية مع الدول الكبرى، ما يعزز قدرته على التأثير إيجابيا في السياسة الدولية لصالح كوردستان. كما أشار إلى ضرورة فهم التغيرات الإقليمية والدولية، مثل الصراعات بين إسرائيل وإيران وأسعار النفط، وتأثيرها على الإقليم، في إطار سياسة واعية وحكيمة تعتمد على رؤية استراتيجية طويلة المدى.
لقد وجه الخطاب رسالة واضحة إلى الناخبين الشباب والقدامى على حد سواء: أصواتكم ليست مجرد اختيار للحاضر، بل ضمان لمستقبل كوردستان وأطفالكم. وحذر من إهدار الصوت على من لا يملك القدرة على الإنجاز، مؤكدا أن الاتحاد الوطني هو الطرف الذي يمكن الوثوق به، لأنه يجمع بين التزامه التاريخي بمبادئه وبين القدرة على التنفيذ العملي في بغداد والإقليم.

أولا: البعد الحزبي – الاتحاد الوطني كحزب قادر وموثوق

1. الالتزام بالوعود والتنفيذ
* "عندما نقول شيئا ننفذه."
* الرسالة الاستراتيجية: الحزب ليس صاخب الكلام، بل فاعل على الأرض، قادر على تحقيق ما يعلنه، وهو أساس الثقة بالناخب.
2. حل المشكلات اليومية للمواطنين
* "كلما حدثت أزمة في السليمانية أو في عموم كردستان، كان أول باب يطرقه المواطن هو باب الاتحاد الوطني الكردستاني."
* يشمل ذلك القضايا الأمنية، مشاكل الطلبة والمعلمين، والمظاهرات السلمية.
* الرسالة الاستراتيجية: الاتحاد الوطني هو المرجعية الحقيقية في حل المشكلات، ما يعزز مصداقيته.
3. مواجهة الأطراف التي لا تنجز
* قصة المرأة التي قالت: "صوت لطرف صاخب… كثير القول، لكن بلا عمل."
* الرسالة الاستراتيجية: إضاعة الصوت على من لا يستطيع الإنجاز يضر بالإقليم، والتصويت يجب أن يكون لطرف قادر على التنفيذ.

ثانيا: البعد الكردستاني – حماية حقوق الإقليم والمواطن

1. ضمان مكتسبات كوردستان
* "قضيتنا في بغداد أكبر بكثير من الرواتب… قضيتنا هي كوردستان وحقوق الكورد."
* يشمل حماية الأراضي، وحدود الإقليم، ومكتسبات دستورية.
2. تحسين الخدمات الأساسية
* "يجب أن تتوفر لك المياه والكهرباء… عندما تتخرج بعد الدراسة يجب أن تحصل على عمل."
* الرسالة الاستراتيجية: التركيز على المشاريع الخدمية كجزء من تعزيز استقرار الإقليم.
3. التعايش بين المكونات
* "انظروا إلى المكونات كيف تتعايش فيما بينها…"
* الهدف: تعزيز الوحدة الداخلية في الإقليم من خلال سياسات شاملة للجميع.
4. حماية المستقبل والأجيال القادمة
* "هدفي أن نحمي أطفالكم من المعاناة التي تحملتموها."
* رسالة واضحة للناخب: التصويت هو استثمار في مستقبل الإقليم والأجيال القادمة.

ثالثا: البعد العراقي – قوة التمثيل في بغداد

1. أهمية التمثيل الفاعل في بغداد
* "هذه الانتخابات مهمة… القرارات المهمة تتخذ في بغداد."
* الرسالة الاستراتيجية: القوة في العاصمة تضمن تنفيذ مشاريع الإقليم وحماية حقوقه.
2. العلاقات مع جميع الأطراف العراقية
* "لدي علاقات جيدة مع الجميع… من أجل خدمتكم وخدمة كوردستان."
* الهدف: بناء شبكة تحالفات داخل البرلمان العراقي لتسهيل تمرير القرارات.
3. دعم الجيش والقوات المحلية
* "يجب أن تعامل قوات البيشمركة مثل الجيش العراقي من ناحية الرواتب والامتيازات."
* التطبيق: تكريس المساواة بين القوات، وضمان دورها في حماية الإقليم.
4. احترام الدستور العراقي
* "الدستور العراقي دستور مقدس… جميع مشاكل الدستور ستُحل بالدستور."
* الرسالة الاستراتيجية: الربط بين قوة الإقليم ونجاح التطبيق الدستوري لضمان الحقوق.

رابعا: البعد الإقليمي والدولي – رؤية بعيدة المدى

1. الحضور الدبلوماسي الفاعل
* "الاتحاد الوطني واصدقاؤه يستطيعون الحضور في واشنطن وطهران وموسكو وبريطانيا."
* الهدف: تعزيز مكانة الإقليم دوليا وتأمين مصالحه.
2. فهم التغيرات الدولية
* "قبل عام أخبرتكم بما سيحدث بين إسرائيل وإيران، وإلى أين تتجه أسعار النفط…"
* الرسالة الاستراتيجية: استشراف المخاطر الاقتصادية والسياسية، وتقديم حلول وقائية.
3. العلاقات مع الدول الكبرى
* "لتكن لنا علاقات جيدة مع كل الأطراف والدول… بعيدا عن التدخلات."
* الهدف: حماية الإقليم من الصراعات الإقليمية، وضمان استقلالية القرار.
خامسا: المسؤولية التاريخية للناخب الكردستاني
1. التصويت ليس للحاضر فقط
* "أنتم لا تصوتون لليوم فقط، بل لمستقبلكم وأطفالكم."
* الرسالة الاستراتيجية: التصويت ضرورة لضمان استمرارية الإنجازات.
2. الاختيار بين الفاعل والكلام الفارغ
* "صوتوا لشخص أو حزب لا يتهرب من المسؤولية، ولا يخاف النضال."
* الرسالة الاستراتيجية: الناخب أمام خيار تاريخي بين الإنجاز والاستعراض السياسي.
3. حماية وحدة العراق وكوردستان
* "مركز العراق هو نحن وليس أي دولة أخرى."
* الهدف: تأكيد أن قوة كوردستان مرتبطة بتعزيز دورها في العراق ككل.

الخلاصة

خطاب الرئيس بافل يقدم خارطة طريق استراتيجية من حيث البعد والأولويات والرسائل على الأصعدة التالية:
-حزبي: تنفيذ الوعود، حل المشكلات اليومية، مواجهة الأطراف غير الفاعلة .
- كردستاني: حماية مكتسبات الإقليم، تحسين الخدمات، تعزيز التعايش، حماية المستقبل.
عراقي: قوة التمثيل في بغداد، بناء تحالفات، دعم الجيش والقوات المحلية، احترام الدستور.
إقليمي ودولي: الحضور الدبلوماسي، فهم التغيرات الدولية، بناء علاقات متوازنة مع الدول الكبرى.
خطاب الرئيس بافل خارطة طريق استراتيجية تحدد الأولويات الحزبية، وتضع الإقليم في سياقه الوطني والدولي، وتربط بين قوة التمثيل في بغداد وازدهار كوردستان.
إنه دعوة للناخبين لتحمل المسؤولية التاريخية، والانخراط بوعي في عملية التصويت، من أجل ضمان الحقوق، وتعزيز مكتسبات الإقليم، وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
الرسالة الأساسية من الخطاب واضحة وجلية : كلما ازدادت قوة الاتحاد الوطني في بغداد، كلما ازدهرت كوردستان، وتم حماية حقوق المواطنين ومستقبل الأجيال القادمة، الخطاب يضع الناخب أمام مسؤولية تاريخية في الاختيار الواعي والمستنير، لضمان استمرار مكتسبات الإقليم وتعزيز دوره في العراق والمنطقة.

للاطلاع على نص رسالة السيد بافل جلال طالباني رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني انقر هنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
 

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket