الفيدرالية في فكر وعمل الرئيس مام جلال

الآراء 10:39 PM - 2025-10-02
لطيف نيرويي.

لطيف نيرويي.

في هذا العام وفي ذكرى رحيل الرئيس مام جلال، دفعني سببان رئيسان الى كتابة هذا الموضوع عن مام جلال وفكرة الفيدرالية.
اولاً: صحيح ان مام جلال هو من صاغ اسس العلاقات بين الاقليم وبغداد، وكان عاملاً رئيسا في تثبيت نظام الفيدرالية في الدستور العراقي الدائم، لكن هناك من لايعلم عن هذا الموضوع وحجم دور مام جلال في صياغة وتثبيت الفيدرالية لحد الان ليس على مستوى الشارعين الكوردستاني والعراقي فقط، بل على مستوى النخبة ايضا.
ـ لحد الان لايعلم قسم من المواطنين وحتى من الرفاق في الاتحاد الوطني أين تبلورت هذه الفكرة في رؤية وفكر الرئيس مام جلال؟
ـ أين أعلن لأول مرة عن فكرته ورؤيته لمستقبل اقليم كوردستان بشكل رسمي؟
ـ ماذا كانت ردود الافعال الداخلية والاقليمية والدولية حول هذه الفكرة وهذا المقترح؟.
ـ ماذا كانت التحديات والعراقيل امام تنفيذ هذا المشروع؟
ـ كيف كانت اوضاع العراق عند اعلان هذه الفكرة؟
سنرد على هذه الاسئلة والعديد من الاسئلة الاخرى عن الفيدرالية ورؤية الرئيس مام جلال ضمن هذا الموضوع.

ثانياً: السبب الثاني لكتابة هذا الموضوع هو مصادفة خاصة بالذكرى السنوية لرحيل الرئيس مام جلال وذكرى اعلان النظام الفيدرالي من قبل برلمان كوردستان، وحيث تتوالى الذكريان تباعاً، لأن يوم 3 اكتوبر هو الذكرى السنوية لرحيل الرئيس مام جلال ويوم 4 اكتبوبر هو ذكرى اعلان الفيدرالية في اقليم كوردستان.
نعود الى الإجابة عن الأسئلة التي أثرناها، ولكي نحصل على جواب منطقي وصحيح، علينا إلقاء نظرة سريعة على الوثائق والمصادر التاريخية للاتحاد الوطني والثورة الجديدة.، وإلقاء نظرة على الادبيات الاولى للاتحاد الوطني والثورة الجديدة، والتي هي عبارة عن كراس للرئيس مام جلال بعنوان (الاتحاد الوطني الكوردستاني، لماذا؟) والذي كتبه في نهاية العام 1975، لكي نطلع عن طريق ذلك الكراس، على رؤية وفكر الرئيس مام جلال في تلك الآونة والمرحلة، بشأن كيفية حل القضية الكوردية ومشكلات العراق بشكل عام؟ كيف عمل لبناء نوع من الترابط والتلاقح بين ثورة شعب كوردستان والقوى الديمقراطية والتقدمية والطنية العربية لربط النضال المشترك من اجل ترسيخ حق تقرير المصير لشعب كوردستان وعراق ديمقراطي، والذي كان الشعار الرئيس للاتحاد الوطني، ووكان ملائما في ذلك الزمن لولادة فكرة الفديرالية من صميم شعارات السلام والديمقراطية وحقوق الانسان وحق تقرير المصير.
كل هذه الشعارات توفر الارضية المناسبة لروح التعايش بين مكونات العراق في اطار عراق برلماني تعددي فيدرالي، بمعنى انه ومنذ بداية الثورة الجديدة، آمن مام جلال بان الفيدرالية هي أفضل سبيل لحل القضية الكوردية ومشكلات العراق بشكل عام، لكن في العام 1987 وفي اسبانيا، خلال ندوة للرئيس مام جلال حول أوضاع العراق وخاصة القضية الكوردية وسبل حل المشكلات، حيث طرح خلال الندوة نظام الفيدرالية كافضل خيار لحل المشكلات في العراق والقضية الكوردية ايضا.
طرح فكرة الفيدرالية في ذلك الوقت، كان برأي المراقبين والمحللين السياسيين، امراً يستحيل تنفيذه وخاصة ان النظام الديكتاوري في ذلك الحين كان يملك جيشاً مليونيا ولديه دعم اقليمي ودولي، ولكن لم تمر فترة طويلة حتى توقع الرئيس مام جلال ان يقوم نظام صدام باحتلال الكويت، وتقوم شعوب العراق بتظاهرات مليونية وسينعم شعب كوردستان بحقوقه، بالنتجية تحقق هذا التوقع وتم تحرير اقليم كوردستان، وسخر الرئيس مام جلال كل جهوده الدبلوماسية لتثبيت نظام الفيدرالية، في البداية واجه داخل القيم كوردستان بعض العراقيل لان قوة رئيسة في كوردستان كانت تحمل شعار الحكم الذاتي، واستخدمت تلك القوة هذا الشعار في الحملة الانتخابية لانتخابات برلمان كوردستان 1992، لكن وبعد مرور 5 شهور على انتخابات برلمان كوردستان استطاع الرئيس مام جلال الحصول على موافقة تلك القوة ايضا، واصبح هذا المقترح مطلباً رسميا لشعب كوردستان في 4/10/1992. وتمت المصادقة على نظام الفيدرالية في برلمان كوردستان، ومن ثم بدأت الجهود باتجاه الحصول على موافقة القوى والاطراف السياسية للمعارضة العراقية، وبعد جهود دبلوماسية مضنية، تمكن خلال مؤتمرات المعارضة العراقية في واشنطن ولندن وصلاح الدين، من الحصول على دعم ومساندة قوى واطراف المعارضة العراقية، لكن بعد سقوط النظام البعثي في 2003، ولما أصبح مسألة النظام الفيدرالي في العراق محل بحث، تراجع قسم من اطراف المعارضة عن وعودها وبرزت آراء مختلفة.
ـ في الشارع العام والسياسي والاعلامي العربي لم يكن هناك تفهم لازم لنظام الفيدرالية، أو كان هناك تخوف من أن تكون للنظام الفيدرالي تأثيرات سلبية على الدول العربية.
ـ الدول الاقليمية كانت لديها نفس التخوفات من النظام الفيدرالي في العراق.
ـ التحالف الدولي لم يدعم مشروع الفيدرالية للعراق بشكل مباشر، وبعض دول التحالف كانت تعتقد أن النظام الفيدرالي لن ينجح في العراق وكانت هناك آراء مختلفة.
ـ عند تشكيل (مجلس الحكم) ظهرت مرة اخرى آراء مختلفة حول الفيدرالية.
ورغم كل تلك العراقيل والتحديات والمخاطر الداخلية والاقليمية والدولية، انبرى الرئيس مام جلال بإرادة فولاذية وثقة كبيرة وكشخصية رئيسية ومدافع صنديد عن هذا المشروع وبدعم من القوى والاطراف السياسية الاخرى في كوردستان واصدقاء الشعب الكوردي، عمل بشكل مخطط وسخر جهوده الدبلوماسية لتذليل العقبات وازالة التخوفات والشكوك العربية والدولية والاقليمية، وبدأ جولة دبلوماسية واسعة للدول العربية والاقليمية، واستطاع النجاح في أن يوضح للدول العربية والاقليمية، حقيقة ان النظام الفيدرالي يمكنه إعادة روح التعايش والوحدة والاستقرار الى العراق، وانه لايشكل اي خطر على تلك الدول، كما اقترح مشروع الحوار (الكوردي ـ العربي) وخلال الحوار الذي انعقد في العاصمة المصرية القاهرة استطاع الحصول على دعم النخبة السياسية والثقافية.
ـ ومن أجل الهدف نفسه، أجرى عدة لقاءات على القنوات الفضائية العربية.
ـ نشر العديد من المقالات باللغة العربية في الصحف العربية.
ـ استطاع الحصول على دعم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ودول اخرى، بأن الفيدرالية هي افضل حل للعراق بعد سقوط نظام صدام.
ـ الرئيس مام جلال وبتلك الارادة القوية والسياسة الحكيمة والدبلوماسية وبمساعدة الاطراف السياسية في كوردستان واصدقاء الكورد، تمكن من تثبثت ذلك المشروع الستراتيجي والمصيري في الدستور العراقي الدائم، وبذلك دخلت القضية الكوردية الى مرحلة سياسية ودبلوماسية جديدة على مستوى كوردستان والعراق والعالم.

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket