مجزرة صوريا...

الآراء 01:19 PM - 2025-09-15
فؤاد عثمان

فؤاد عثمان

انخرط دم المسلم والمسيحي وتعانق الهلال والصليب وتداخل الاذان والناقوس

تمر على شعبنا الذكرى السنوية الـ53 لضحايا مجزرة قرية صوريا، ففي 16/9/1969 أقدم النظام البعثي على ارتكاب جريمة قل نظيرها في التاريخ، حيث ارتكبت مفرزة لأزلام النظام البعثي جريمة ضد الانسانية وإبادة ضد أهالي قرية صوريا وقتلت 39 مواطنا من النساء والاطفال والشيوخ.
تقع قرية صوريا في ناحية باتيل التابعة لقضاء سميل في سهل سليفاني الواقع ضمن محافظة دهوك وتبعد 5 كيلومترات عن المثلث الحدودي العراقي التركي السوري و10 كيلومترات عن معبر خابور الحدودي.
في صبيحة يوم 16/9/1969 دخلت هذه القرية الآمنة التي يعيش فيها المسلمون والمسحيون بسلام، مفرزة لأزلام النظام المباد المكونة من 3 عجلات عسكرية هذه القرية، كما هو متعارف في القرية لإكرام الضيف قدمت اهالي القرية ما يتوفر لديهم من الخبز واللبن والشاي واستقبلواهم بحفاوة واحترام دون ان يعلموا ان هذه المفرزة يصبحون جلادين لسفك الدماء.
بعد خروج المفرزة من القرية و ابتعادهم منها وعلى بعد اقل من 10 كيلومترات، ينفجر لغم ارضي تحت احدى العجلات وسقط جراء ذلك عدد من الجرحى.
وعادت المفرزة ادراجها صوب القرية غاضبين وأفرغوا غضبهم على اهالي القرية وارتبكوا جريمة بشعة وقتلوا 39 واطنا مسيحيا و مسلما و اسقطوا الصليب في يد القس و دفن المصحف الشريف في احشاء مسلم متدين قتلا وغدرا.
تحمل مجزرة صوريا قصصا مسأوية تقشعر بسماعها الأبدان ويسيل الدمع في الأعين:
خميَ ناجية مسيحية نجت من المجزرة وشاهدت المشهد وتذكر ما حدث في هذه القرية، تقول خمي: دخلوا القرية فجرا وضيفناهم وقدمنا ما توفر لدينا من الخبز والشاي وأكرمناهم اكرام الضيف دون ان نعلم ما سيحدث، وبعد فترة وجيزة من خروجهم من القرية عادوا غاضبين وأجمعوا الاهالي في حضيرة الحيوانات ورشقوهم بوابل من الطلقات لم نكن نعلم ماذا يجري لنا وقامت القيامة.
تضيف خمي قائلة: في الليلة التي سبقت الحادث كان يزور القرية قس مسيحي بهدف اداء قداس ديني بارز  كان من بين اهالي القرية حيث اقتادوهم الى الحضيرة وبهدف منع قتل الابرياء رفع الصليب والكتاب المقدس ودعاهم الى عدم ارتكاب الجريمة وسفك الدماء لان اهالي القرية لا ذنب لهم وهم مسالمون، لكن قلبهم كان كالحجر واطلقوا النار على القس وأردوه قتيلا امام الملأ واسقطوا الصليب في يده، كان هذا المشهد مبكيا وحزينا بالنسبة لنا. ثم قتلوا المختار وابناءه وبناته بعد ذلك ومن اهالي القرية قتلا جماعيا، قتل ما قتل  وجرح عدد كبير منا ونجا البعض بإرادة الله تعالى كي نشهد على هذه المجزرة، بعد الحادث وبعد عودتنا قمنا بدفن الشهداء في مقبرتين جماعيتين، المسلمون من جهة والمسحيون من جهة اخرى، حيث بنينا عليها غرفة ووضعنا نحن المسحيين الصليب كاشارة للضحايا المسيحيين.
آدم يونان ناجي مسيحي نجا من المجزرة، يقول: أزلام النظام دخلوا القرية بثلاث عجلات عسكرية يلبسون زي المغاوير يقودهم المجرم (ع. ج.ح)، أجمعوا أهالي القرية داخل حضيرة للحيوانات وأطلقوا النار علينا بشكل عشوائي دون رحمة و بدم بارد ثم اضرموا النار في الحضيرة، استشهد من استشهد وجرح آخرون ونجا بعض منا.
حسن محمد يروي المجزرة ويقول: كنا نحن المسلمين والمسحيين نعيش آمنين بهذه القرية متناسقين ونشارك بعضنا البعض الحلو والمر وفي المجزرة قتل اطفال وشيوخ ونساء وانخرطت دماؤنا وتعانقت منارة المسجد مع ناقوس الكنيسة، انا رأيت بأم عيني مشاهد تشقعر منها الأبدان بسماعها طفلا رضيعا وشيخا كاهلا من بين الضحايا.
يضيف: رأيت مهدا يحمل طفلا رضيعا يحترق صيحات الرضيع تهز القلوب ووالدته تضع جسدها لحمايته من الحرق لكن ومع الاسف احترقا معا.
ويقول الكسان هوي مختار القرية ومسيحي شاهد الحادث وهو شاهد عيان على المجزرة: في ذلك اليوم كان القس في ضيافة اهالي القرية لأداء قداس، وبعد جمع اهالي القرية رفع القس كتاب المقدس والصليب بوجه القتلة وطلب منهم الرحمة والشفقة وتجنب القتل وسفك الدماء وعدم ارتكاب الجريمة لكن لا حياة لمن تنادي ولم يرحموا المرتبة الدينية للقس واطلقوا النار عليه واردوه قتيلا قبل الاخرين، ومن ثم اطلقوا النار على المجتمعين بدون رحمة.
كنا نعيش في القرية سالمين لكن المجرمين سفكوا دماءنا معا واختلطت دماؤنا ونسج الصلوات بالناقوس.
شاكر ناجية مسلمة تروي لحظة حرق الحضيرة بعد قتل اهالي القرية، كنت طفلة صغيرة ارافق والدتي وبعد اضرام النار بالحضيرة شعرت بان النار يطوقني من كل الجهات و بكيت و صرحت مناديا والدتي احترق ساقي و من شدة المي هربت خارجا ونجوت بأعجوبة.
وتضيف: كانت مجزرة لا توصف ولايمكن لأحد رواية مجراها، الجحيم حلت على أهالي القرية.
عمر منير كان طفلا صغيرا مع والدتها حينها، لكن يتذكر مجرى الجريمة ويقول: قتل في المجزرة إثنان من إخوتي وجنت والدتي بعد فقد اخواني.
ويضيف: بعد اضرام النار في الحضيرة نقلت والدتي اخواني التؤمين الى خارج القرية، لكن وبقدموم الظلام هاجمهم الذئاب و اكل احد اخواني و واطل ضراع اخي الاخر و ماتا معا ووالدتي فقدت عقلها و جنت ولازالت تذهب يوما الى موقع الحادث و تبقي طوال اليوم
كيف تم كشف عن المقبرة بعد مرور اكثر من 41 عاما ومياه سد الموصل غمر المنطقة بمدة طويلة، بعد انتفاضة شعبنا وتشكيل حكومة اقليم كردستان زار فريق المقابر الجماعية المنطقة وتم الكشف عن المقبرة.
الدكتور ياسين كريم مدير الطب العدلي في اقليم كوردستان الذي اشرف على عملية فتح المقبرة و اعادة هياكل جثامين الضحايا قال: بعد نقل الرفات الى الطب العدلي قام فريق من المعهد العدلي بتصنيف وتفريق العظام وتم تحديد جنس وأعمار الضحايا، وكون مقبرة المسيحيين والمسلمين واضحة المعالم لم تكن تصنيف ضحايا المسحيين والمسلمين بصعوبة وتم تحديد 25 شهيدا مسيحيا و14 مسلما.
كما تم ايجاد بعض المقتنيات تعود للضحايا في المقبرة.
في 15/9/2011 تم تشييع رفات الضحايا في  الطيب العدلي بمدينة اربيل في مراسيم مهيبة.
وفي 16/9/2011 اقيمت في ملعب نادي دهوك الرياضي بمدينة دهوك، مراسيم مهيبة استعدادا لنقل الرفات الى مثواها الاخير.
وفي مراسيم تأبينية حضرها وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين ورجال الدين وشيوخ وشخصيات المنطقة، تمت اعادة دفن ضحيا مجزرة صوريا في قرية صوريا حيث مثواهم الاخير، وفقا للتقاليد الدينية للمنطقة.

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket