رسائل افتتاح منبر ثقافي في قلب بغداد

الآراء 06:45 PM - 2025-08-24
*محمد شيخ عثمان

*محمد شيخ عثمان

لم يكن افتتاح فرع بغداد للمركز الثقافي العربي الكردي حدثاً عادياً في سياق الأنشطة الثقافية، بل محطة لافتة تحمل في طياتها دلالات ورسائل عميقة، تعكس رؤية فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، الذي وضع منذ تسلمه المنصب تعزيز الأواصر الوطنية والثقافية بين العرب والكرد، كأحد أهدافه الأساسية.
المركز يمثل مؤسسة مدنية مستقلة هدفها ترسيخ وتطوير الصلات بين المثقفين الكرد وزملائهم من العرب وبقية القوميات العراقية و أن ما يجمع العراقيين أكثر بكثير مما يفرقهم، وأن الثقافة، بما تحمله من مشترك إنساني، قادرة على أن تكون الجسر الأمتن للعلاقات الوطنية، بعيداً عن تناقضات السياسة وضغوطها.
قد تعصف السياسة بالعلاقات بين المكونات، وتضعف جسور التفاهم في منطقة متشابكة كمنطقة الشرق الأوسط، لكنها لا تبلغ حد القطيعة والكراهية ما دامت الأواصر الثقافية والاجتماعية متماسكة. 
فالثقافة، بما هي لغة الشعوب، قادرة على مقاومة نزعات التفرقة، وتقديم البديل الإنساني والحضاري. ومن هنا تأتي أهمية مبادرة الرئيس، إذ أن العمل الثقافي يحصّن الاجتماع الوطني من صراعات السياسة العابرة، ويؤسس لمسار طويل الأمد من التلاقي والتفاهم.

الافتتاح في العاصمة ليس فعلاً بروتوكولياً فحسب، بل رسالة وطنية عميقة، مفادها أن الثقافة قادرة على ترميم ما تعصف به السياسة.ففي الوقت الذي تشهد فيه العلاقة بين بغداد وأربيل توترات متكررة، كان آخرها استخدام ورقة الميزانية والرواتب للضغط السياسي على إقليم كردستان، برغم وضوح النصوص الدستورية وقرارات المحكمة الاتحادية، يبرز افتتاح فرع المركز الثقافي في بغداد كرسالة مضادة:إن ما تحاول السياسة إضعافه أو تمزيقه، تستطيع الثقافة أن تحافظ عليه وتجدده.
فالثقافة هنا ليست مجرد نشاط هامشي، بل فعل مقاومة حضارية أمام نزاعات السياسة وضيق أفقها.
إن حضور المثقفين من العرب والكرد والقوميات الأخرى في حفل الافتتاح ببغداد، وفي منطقة رصينة من العاصمة، لم يكن مجرد مشاركة رمزية، بل تأكيد على أن ما يجمع العراقيين أعمق من أن تهدمه السياسات. 
كما أن هذه الخطوة تعكس إيمان رئيس الجمهورية بأن الهوية الوطنية العراقية لا يمكن أن تكتمل إلا بتكامل مكوناتها جميعاً، وأن الثقافة هي المدخل الأنجع لتعزيز هذا التكامل.
افتتاح فرع بغداد للمركز الثقافي العربي الكردي هو جهد مبارك وتاريخي، يستحق التثمين والإشادة، لأنه يكرّس ثقافة السلام والوحدة في بلد أنهكته الانقسامات. 
وهنا لا تكفي عبارات الشكر التقليدية، بل تقتضي الضرورة أن تتحول هذه المبادرة إلى مادة للتقارير والمقالات والحوار الثقافي والإعلامي ، كي تتسع وتترسخ وتنعكس على السلوك السياسي للدولة ومؤسساتها،فشكراً لفخامة رئيس الجمهورية على هذه المبادرة الرصينة، وعلى جعل بغداد، مدينة السلام والثقافة، حاضنة لمنبر جديد يجمع العرب والكرد وسائر المكونات العراقية تحت سقف واحد، حيث الكلمة الحرة والفن والفكر، وحيث تبنى جسور المستقبل.

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket