من جرجيان الى عقاري

عماد أحمد

 قصة القهوة والكتابة والإعلام

في صيف عام 1987، كنت مع زوجتي تارا وابنتنا البكر هانا ذات العامين، نعيش تحت سقف خيمة صغيرة في جرجيان بمنطقة خواكورك. في تلك الدنيا الصغيرة كنت أستمع إلى محادثات بين اثنين من البيشمركة المقاتلين حول الكتابة.
قال حيدر: "ياه يا كاك سلام، هذه الليلة خطرت في ذهني فكرة سياسية وفكرية. كنت أريد أن أكتب مقالاً نادراً، ولكنني لم أكتبها لعدم توفر القهوة عندي ولأن تناول القهوة يلهم الكتابة ويحفز على الإبداع!"
سأل سلام: "ما علاقة القهوة بالكتابة والمقالات؟"
أجاب حيدر: "ألم تسمع يا صديقي، ذلك اليوم قال لي كاك كريم: تناول القهوة يمنح فرصة للكتابة ويثير الإلهام!"

الكتابة للنخبة

في تلك الفترة كانت كتابتنا نحن أكثر توجهاً للنخبة، ولم تصل إلى جمهور واسع، لكنها كانت فعالة ومؤثرة. وبعد عدة سنوات، أجد نفسي الآن في حي عقاري بمدينة السليمانية الحنينة، أتساءل: لماذا جاءتني تلك المحادثة في مخيلتي؟

في عهد النضال المسلح آنذاك واليوم في النضال المدني

بعد 38 عامًا، لازلت أستمتع بلحظة ارتشاف كوب من القهوة وبالوحدة، حتى أتمكن من كتابة هذه السطور كمقالة قصيرة وواضحة وسلسة عن دور الإعلام في الظروف الحالية لإقليم كردستان.
في البداية، أود أن أشرح كيف تغيرت الأمور، أين كنا حينذاك وأين نحن الآن، من حياة بسيطة تحت سقف بلا كهرباء إلى حياة مريحة ومستقرة، من الجلوس على الأرض إلى الجلوس على الكرسي والأريكة. آنذاك كنا نكتب بعاطفة وحماسة وبدون حساب للآخرين، والآن يجب أن نكون أكثر وعيًا ومسؤولية تجاه كل ركن وكل ثغرة.
الإعلام في العالم مثل أي شيء آخر تطور ونما، وقد أصبح سلطة رابعة في المجتمع ويتجاوز الحدود أحيانا، حيث تؤثر أعماله على حياة الناس بشكل كبير ويصبح ضرورة حياتية.

الإعلام والإعلام الكردي

كما هو معلوم وواضح فإن الإعلام عبارة عن عملية إيصال الانباء والمعلومات والآراء الى الناس بشتى الوسائل مثل الصحف، المجلات، الإذاعة، التلفزيون، الإنترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي في سبيل خلق تأثير على رأي الناس والرأي العام..

صرح تثبيت الديموقراطية

أصبح الإعلام اليوم صرحا لتثبيت النظام الديمقراطي في الدول المتقدمة وذلك عن طريق الحوار والتعبير عن الرأي المخالف وإظهار المشاكل الشائعة في المجتمع وتحديد طرق معالجتها في خضم هذه العملية المهمة والمؤثرة الإعلام الكردي، مقارنة بالإعلام في الدول المتقدمة، ما زال يحبو في مرحلة التطور، بسبب التشتت والسيطرة الخارجية على كردستان من قبل أربع دول مركزية، حتى الآن، لم يكن الإعلام في كردستان بارزًا بالكامل، ولكنه قطع خطواتاً كبيرة، وأصبحت مسؤولياتها أكبر وأكثر وعيًا.

دور إعلام الإتحاد الوطني

 دور إعلام الإتحاد الوطني الكردستاني في القضايا الوطنية والقومية واضح وضوح الشمس، ويجب أن يكون مستمرًا، لأن هذه القضايا ليست قضايا فرد أو حزب أو مجموعة فقط، بل قضية أمة بأكملها. لذلك، يجب أن يكون الإعلام بعيدًا عن التحريف والتلاعب، وألا يستخدم بطريقة خاطئة لخدمة السلطة المركزية ومدحها.
حل الأزمات في كردستان اليوم يحتاج إلى جهد جماعي من كل الأطراف، وفي كل المجالات، وخاصة الإعلام، الذي يجب أن يكون حرًا ورائدًا وجريئا في عرض المشاكل وإيجاد الحلول لها، باستخدام المنطق والتحليل العلمي والسياسي والاجتماعي، ليكون قاعدة لتحسين الوضع وخلق إعلام مسؤول يحافظ على مصالح الشعب والوطن.

الانتقاد البنّاء والإصلاح

السلطات والأطراف المعنية يمكنها الاستفادة من النقد البنّاء والإصلاحي للإعلام، من خلال وضع خطط واضحة، وتحفيز الناس، وإعادة تشكيل الدورة العاشرة للبرلمان وحكومة الإقليم، والعمل على الإصلاح الحقيقي من أجل إنقاذ الأمة من هذه الظروف الصعبة والمعقدة للإقليم.
والحمد لله، الآن القهوة كثيرة وجاهزة، لتجعلنا نأخذ وقتًا للتفكير مليا وللكتابة بشكل أفضل!.

ترجمة: نرمين عثمان محمد
PUKMEDIA