المسرى.. عامان والموكب في تقدم

سوران علي

في ظل الطفرة التكنولوجية النوعية التي يشهدها المجال الرقمي لا سيما الإعلام الحديث، لم يعد بالإمكان البقاء والاستمرار على النمط التقليدي المتعارف عليه في إخراج العمل الصحفي وإنتاج التقارير والمواد على الطريقة نفسها، تحريرا وصوتا وصورة، فذائقة المتلقي تغيرت، ومفهوم الحياة اختلف، وأساليب التأثير تنوعت وهي في تطور دائم.
ومع بقاء فئات واسعة من الجمهور مولعة بالشاشة التقليدية بأدق تفاصيلها، إلا أن رقمنة الإعلام أصبح أمرا لا مفر منه بالنسبة لوسائل الإعلام المختلفة، وباتت الفضائيات والمؤسسات الصحفية العريقة تُقبل على هذا النوع الجديد إداركا منها بأن تهميشه سيؤثر كثيرا على مواكبة التطورات مع المتلقي الجديد.
فأضحت الرقمية سمة بارزة في الإعلام اليوم نظرا لقوة تأثيرها وسرعة مردودها وسعة أفقها وقلة كلفتها مقارنة ببث القنوات الفضائية عبر الأقمار الاصطناعية، من هذا المنطلق جاء تأسيس “المسرى” كمشروع إعلامي حديث، فدشن عمله قبل عامين وتحديدا في التاسع من تشرين الأول / أكتوبر 2021 بإطلاق موقع إلكتروني عام ومتطور، تلاه بث تلفزيوني رقمي على الشبكة العنكبوتية، متخذا أسلوبا صحفيا مغايرا دون الالتزام بالتقييدات المُصعِّبة الشائعة غير المجدية ومعتمدا البساطة والسلاسة دون الإخلال بالمحتوى الهادف والالتزام الأخلاقي المهني الرصين، فلقي استقبالا ومقبولية فاقت التوقعات على المستوى الشعبي أولا ثم الأكاديمي والمهني بعد ذلك، واستمر الركب بفضل كوكبة من الزملاء الصحفيين والصحفييات والفنيين المتمكنين الذين وضعوا اللبنة الأولى لأساسه المتين ولا زالوا يواصلون المسير بالروحية نفسها.
وها هي اليوم قناة المسرى تكمل عامها الثاني، مكتسبة ذياع صيت حسن، وانتشارا واسعا لدى العامة في الشارع العراقي، ويكفيها فخرا أن موادها الصحفية تحصد مشاهدات عالية جدا وتحتل أعلى مراتب الترند، كما استحوذت تغطياتها لهموم ومعناة المواطن العادي على قلوب مئات الآلاف من المتابعين، يثمنون المهنية العالية والحرص البالغ على إيصال أصواتهم إلى الجهات المعنية والتفاني في المضي معهم حتى الوصول إلى نتائج مرضية دون إغفال التطرق إلى المكتسبات المتحققة وما تقوم به الجهات ذات الصلة ليرقَ عملها الإعلامي إلى أعلى درجات المهنية وحفظ التوازن.
ومع أن القناة فتية ولا تمتلك من الإمكانات البشرية والمادية كنظيراتها إلا أنها قفزت خلال فترة قياسية إلى مصاف القنوات المعروفة والأكثر شهرة على الساحة الإعلامية لتحتل مكانا بينها بل وتنافسها في كثير من الأحيان ما يعد نجاحا باهرا لم تخلُ طريقه من المشاق والصعاب والتحديات، فقضت بالإصرار والعزيمة على بعضها فيما تصارع البقية وهي مؤمنة بالتغلب عليها والوصول إلى بر الأمان وبدء مرحلة جديدة من مراحل المضي نحو العـلا.