يَتِيْمَةُ الدَّهْرِ

الآراء 04:04 PM - 2023-10-03
 أ. د. دانا أحمد مصطفى

أ. د. دانا أحمد مصطفى

رسالة من الأستاذ الجامعي دانا أحمد مصطفى الى أجلى أجِلاّء السياسة.. الرئيس مام جلال


أَتَذَكَّرُ يَوْمَ كَانَتِ السُّلَيْمَانِيَّةُ مَمْلُوْكَةً لِآلِ بابان
لا خَاضِعَةً لِحُكْمِ الفُرْسِ وَلا خَادِمَةً لِآلِ عُثْمَان
لو تَساءَلْتَ عَنْ يَتيمَةِ الدَّهْرِ ومُهَمَّشَةِ العَصْر: لماذا تَتَبَدَّى عَلَيْها أَماراتُ الذُّلِّ والهَوانِ، وعَلائِمُ السُّكُونِ والفُتُور؟ ماالذي أَقْصَمَ ظَهْرَها وَشَلَّ حِراكَها وأَدَّى بِها الى الحَضيْضِ قانِعاً مُتَقَبِّلاً لا يَلُوم؟ أَيْنَ هِمَّتُها حُضُوراً، وَوَثْبَتُها نُفُوذاً لإِفْعالِ فِعْلَتِها؟ مَنِ الذي اقحمها في ظلمات القهر وحشرها في زوايا الغدر ومن ثم أشاعَ عَنْها البداوةَ والعِجْزَ والضِّياعَ في غَياهِيْبِ الهويَّاتِ الغاصِبةِ؟ فَهَلْ فُرِضَ عَلَيْها مِنَ العُليا أنْ تَكونَ كائِناً خاضِعاً راضِخاً مُنطوِياً على ماضٍ أليمٍ وحاضرٍ مَهينٍ ومُستقبلٍ جَهيل؟
لماذا، ومَا الذي، ومَنِ الذي، وهَلُمَّ جَرا... تلك التَّساؤُلاتُ المُحَيِّرةُ لِعُقُوْلِ أجْدادِنا وآبائِنا وأجدادِنا المَقْبُوعةِ في مُعْتَقَلاتِ الظُّلْمِ والغُبْنِ والَمحْوِ والتَّجاهُلِ، ومَرْبُوضَةً مَجْثُوْمَةً على ركبَتَيْها في بُؤْرِ الإذْلالِ والإعْدامِ والاسْتِعْبادِ والاسْتِبْعاد..
لماذا حَدَثَ ما حَدَثَ في ماضِينا وحاضِرِنا؟ لماذا تَأَخَّرْنا عَنْ رَكْبِ الأُمَمِ من أبْناءِ آدَمَ في نَيْلِ كيانِنا وإطارِنا العِرْقِي؟
لماذا تَنَكَّصْنا وتَخَلَّفْنا وتَحَجَّمْنا؟ ما الذي دَفَعَ بِنا الى الوَاقِعِ المَرِيْرِ المُؤْلِمِ مِنَ الضِّياعِ والنُّكُوْصِ والبَلْبَلَةِ؟ من الذي فوضَنا أمْرَ الخَنُوعِ والرُّكُوْنِ الى ما نَحن عليه مِنْ تَفَتُّتِ الهَوُيَّةِ وتَشَرْذُمِ الأوْطانِ وتَشَرُّدِ الأبناءِ المُتَأوِّهِيْن؟ أسْئِلَةٌ كَثِيْرَةٌ.. واسْتِفْساراتٌ وَفِيْرَةٌ.. وعَلاماتُ استِفْهامٍ غَزيرَة.. والجَوابُ مَعدُوم!
لَو كانَتْ رُؤُوسُ رِماحِ تلك التَّساؤُلاتِ مُوَجَّهَةً الى ذِهنْي وفِكرِي المُتَطَلِّعِ الفُضُولي أكثر من المُتَسائِلِين أنْفُسِهِم فإنَّني أقُول:
إنَّ نِصْفَ الإجابَة، من غِيْرِ أنْ نَفْطِنَ لَها كَعادَتِنا المُتَوارِثَةِ في بَلادَتِنا النَّاتِجَةِ عن غَصْبِ الأعْداءِ لمُقَدّراتِ حُضُورِنا، يَكْمُنُ في فَهْمِ وَتَفَهُّمِ التَّساؤُلاتِ المُساقَة، فَهِي أسْئِلَةُ نابِعَةٌ صاعِدَةٌ من قَلْبِ ما يَخْتَلِجُ في أذْهانِنا، فهي تساؤلاتُ الفكْرِ السِّياسي تَنْبَعُ وتَتَدَفَّقُ من عَناقِيْدِ التَّارِيْخِ والسياسةِ والاقتصادِ والنّفوذ.. وهي تساؤلاتٌ تقول لنا: إنَّ الاجابةَ عنها تَتَطَلَّبُ ذهناً حاذِقاً وعقلاً لافِتاً وفِكْراً رائِداً... فهي تساؤلاتٌ تَتْرَى من أذْهانِ المفكرين وَعُقُولِ المُتّنَوِّريْنَ لأَيَّةِ أُمَّةٍ تُناظِرُ أُمَّتِنا في الذُّلِّ والهَوانِ والقَهْرِ.. لذا لا.. فَهِي لا تَعُوزُها في التَّصَدِّي لَها إجابَة سَوقِ التَّبْرِيْراتِ والمَلاماتِ القَدَرِيَّةِ، بَلْ يَعُوزُها عَقْلٌ فاعِلٌ فاحِصٌ، وفِكْرٌ باحِثٌ قارِئٌ، فِكْرٌ بِفِكْرٍ وعَقْلٌ بِعَقْلٍ وصَدٌّ بِصَدّ وعُدْوان على عدوان.. رَدُّ العُنوانِ مُغْلَقَاً بِأعْمالِ الفِكْرِ مُتَعَمِّقاً باحِثاً في ثَنايا التَّأرِيخِ وصَفَحاتِ السَّياسَةِ والصِّراعاتِ الثَّقافِيَّةِ والحَضارِيَّةِ المَدْفُوْعَةِ بِقُوَّةِ الاقْتِصادِ والمَالِ والنُّفُوذ.
فَها هُوَ تَأرِيْخُنا نيِّرٌ تَنِييرَ حائِلٍ لِكُلِّ سيّاسيّ مُحَنَّك، حياةُ السُّلَيْمانِيَّةِ قَبْلَ قَرْنَيْنِ أحْسَنُ مِمَّا هِيَ عَليها الآن، وخَيْرُ دَلِيْلٍ على كَلامِنا النَّزْرِ، هو ما قالَه حَضْرَةُ الـ(نالي):
هِيَ ذاتُ أهْلٍ مُنْشَغِلِيْنَ بِلَمِّ العُلُوم
فَهُم ناظِمُو العُقُوْدِ، وهم ناظِرُو الأُمُور
فَما أحْوَجَنا الى الفِكْرِ! ولَيْسَ كُلّ فِكْرٍ.. بَلْ فِكْرٌ نافِذٌ مُتَعَقِّلٌ مُخَطِّطٌ يَصُوْلُ جائِلاً في بُرْكَةِ التَّقَصِّي بُغْيَةَ الإمْساكِ بِزِمامِ العَوامِلِ المُؤَدِّيَةِ بِنا الى ما أدَّى، فِكْرٌ يُعيْدُ بِنا الى مَبادِئِنا الأصِيْلِةِ، ألا وهي الحِرصُ والثَّباتُ والقَناعَةُ وتَزْلِيْفُ العُلَماءِ وإصْغاءُ كلامِهِم والأخلاقُ الفاضِلَةُ التي رُبِّينا عليها، بَدََلَ الرُّكونِ الى المُتَمَلِّقيْنَ والمُرائِيْنَ وإجْنابِ العُلماءِ وأهلِ العِلمِ مِنْ قِبَلِ المَسْؤُوْلِيْنَ في إدارَةِ هذا البَلَدِ، الرُّكُوْنُ الى أُناسٍ يَمُصُّونَ دِماءَكَ ثُمَّ يَقْذِفُوْنَ عِظامَك صَوْبَ المَتاهاتِ، الرُّكُوْنُ الى مَأْهُوْلٍ لا يُسْمِنُوْنَ ولا يُغْنُوْنَ من جُوْعٍ سَواءٌ أَرِجالٌ وَقَعُوا على المَوْتِ أمْ وَقَعَ المَوْتُ عليهم! ثُمَّ يَتَشَبَّثُوْنَ بالحَشِيْشِ حَتَّى يُفْهِمُوا الجَماهِيْرَ بأنَّهُم صُلَحاءُ أمَّتِهِم ومُجَدِّدُوها، وهم تابِعُو مَناهِلَ الحَداثَةِ وما بَعْدَها.. ولا يُبالُوْنَ ماذا سَيُصِيْبُ بِسُلَيْمانِيَّتِهِم!!!

أيُّها الرَّئِيْسُ..
 أيَا سيادةَ (الجِلالِ)** السُّلَيْمانِيَّةِ:
هَذا هُوَ وَضْعُ مَدِيْنَةِ (الاتحاد) التي كان (التوحد) مطاوعا فيها قبل أيام، ولكن بفعل فاعل بل فواعل، باتت فُتُورَ حتى (الاتحاد)!! فَصيغَةُ (التَّوحد) المُشْتَقَّةِ من فِعْلِ (وّحَّدَ) يَحْتاجُ الى فاعِلٍ ومَفْعُول، أيْ جِهَةٍ عاليةٍ وجهَةٍ دانيَةٍ، أمّا في صيغَةِ (الاتِّحاد) المُشتَقَّة من فِعْلِ (اتَّحَدَ) فالجَميعُ فاعِلونَ، والعَلاقةُ بينَ الفاعِليْنَ هي علاقَةُ الطَّرفِ معَ الطَّرفِ وليستْ علاقَةَ الطَّرفِ معَ المَرْكَزِ أو علاقَةَ العالي معَ الدَّاني.. فَانْظُرِ الفَرْقَ بينَ ماضِي الاتحاد وآنهِ!! أَيْنَ رِجالُ الفِكْرِ والوَعي والوَعْظِ لِهذه المَدِيْنَةِ؟ هَلِ السُّلَيْمانِيَّةُ خَلَتْ مِنْ رِجالٍ، أم أنَّ عُقُولَ السَّاسَةِ خَلَتْ مِنْ تَذَكُّرِ رِجالاتِ السُّلَيْمانِيَّةِ، الذين كانُوا أهْلَ عَدْلٍ واتْقانٍ وحِرْصٍ وثَباتٍ وفِكْرٍ في تَأرِيْخِ هذه المَدِيْنَةِ الضَّائِيَةِ؟، فَتَأْرِيْخُ هذه المَدِيْنَةِ مُفْعَمٌ بِأَسْماءِ هؤلاءِ الرِّجالِ، واليومَ فإنَّ المَدينةَ كانَتْ مَلِيْئَةً بِهؤلاء الرِّجالِ، ولكنْ مَنْ يَلْتَفِتُ إلَيْهِم؟ فالنَّتِيْجَةُ المُثْبَتَةُ لِهذا السَّبَبِ هي ما حَصَلَ للسُّلَيْمانِيَّةِ الان!
إنَّ اشكالِيَّتَنا الرَّئِيْسَةَ تَتَجَلَّى في افْتِقارِنا الى الفِكْرِ-فِكْرٍ عامِلٍ مُجاهِدٍ-الفِكْرِ السِّياسِيِّ والفَلْسَفَةِ السِّياسِيَّةِ التي تَضَعُ فَواحِصَها على مَكامِنِ جِراحاتِنا وتَبْحَثُ عن إيْجادِ الحُلُوْلِ والْتِئامِها، [فاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُوْنَ].
فَما مِنْ أُمَّةٍ أرادَتِ البَقاءَ وَسَعَتْ الى إثْباتِ حُضُورِها على خارِطَةِ التَّأْرِيْخِ للأُمَمِ إلا وَجَعَلَتْ من الفِكْرِ والفَلْسَفَةِ المَوجُودَةِ للسِّياسَةِ مَدْفَعاً لِحِراكِها وجِهادِها ونِضالِها مِنْ أجْلِ ذلك.
وليسَ مِنْ أُمَّةٍ على أرْجاءِ المَعْمُورَةِ حَقَّقَتْ الكِيانَ وَرَسَّخَتْ الأقْدامَ والوُجودَ إلا واعْتَصَمَتْ بالفِكرِ ولاذَتْ بِتَلابِيْبِه وجِلْبابِه.
فالفِكْرُ ليسَ فَقَط لِلْقَوْمِيَّةِ والمَشارِيْعِ الثَّقافِيَّةِ كَما نَصْبُو، بَل هو مُحَرِّكُ التَّأْرِيْخِ بِرُمَّتِهِ وأثْقالِه، ولَم يُخْطِئْ مَنْ جَعَلَ لَه اليَدَ الطُّولَى واتَّخَذَهُ عُنْوَاناً لِفَلْسَفَتِهِ وخَاضَ بِهِ جَدَلِيَّةَ: هلِ الفِكرُ أسْبَقُ على الوُجودِ أمِ الوُجودُ أسْبَقُ عليه؟
فهو صانِعُ الأُمَمِ ورَاقِي وُجودِها وبانِيها. فبِالفِكْرِ نَتَطَيَّبُ ونُهَنْدِسُ، وبِه تَحيا الشُّعُوْبُ وتَزْدَهِرُ وتَتَقَدَّمُ، وعليه تَتَصاعَدُ الجُهُودُ والفُنُونُ والشُّؤُونُ، ومِنْهُ يَنْطَلِقُ الابْداعُ والاخْتِراعُ والإفْرازُ الثَّقافيُّ والحَضارِيُّ والسِّياسِيُّ والعِلْمِيُّ بِكُلِّ أنْماطِهِ وحُقُولِه وأجْناسِهِ.. فَما أعْوَزَنا الى هذا الفِكرِ! لِنَهْضَتِنا ومُسْتَقْبَلِنا. فمِنْهُ البِداياتُ الرَّاسِخَةُ والجُذُورُ الثَّابِتَةُ التي تَمْنَحُ الذوات الثِّقَةَ وتُنَشِّطُ فِيهم القُدُراتِ الخَلَّاقَةَ، وتُفَجِّرُ فيهم الطَّاقاتِ صَوْبَ الالْهامِ والاقْدامِ والابْداع.
فَما أحْوَجَنا الى فِكرٍ كَهذا! ونحنُ على عِلْمِ اليَقينِ وعَيْنِهِ بِبُؤْرَةِ ضعفِنا وجرحِنا العَميق. إنَّنا أُمَّةٌ ضائِعَةٌ ليسَ فَقَط لأنَّنا تائِهُوْنَ في شُباكِ مُعْتقلاتِ أعْدائِنا الغاصِبِيْنَ، فهذا تَحِصْيل حاصِل، مُرٌّ لَنا وحُلْوٌ لَهم. بَل في عَدَمِ إخْضاعِ أُمُورِنا السِّياسِيَّةِ للعَقْلِ وأوُلي الأَلْبابِ، وإرْضاخِ ثوراتِنا العارِمَةِ للفِكرِ.
 إنَّ عَدَمَ نُشُوءِ فِكرٍ بِصُورَتِهِ العامَّةِ والفِكرِ السِّياسيِّ بِشِكلٍ خاصّ، هو علة مَصابِنا بِكُلِّ تلك المُنْغَصّاتِ الثَّوْرِيَّةِ والنِّضالِيَّةِ على مَدارِ التَّأْرِيْخ.. تأرِيخِنا الصَّحَوي المُتَصاعِد. وعَدَمُه عِلَّةُ تَخَلُّفِنا الثَّقافيِّ والحَضارِيِّ وارْباكاتِنا السِّياسيِّةِ.
أَيَا لَيْتَ أيّامَ السَّعَداءِ تَعُود، أيّامَ أَنْ عُيَّنَ المُؤَرِّخُ (محمد أمين زكي بيك) وَزيْراً ستَّ عَشْرَةَ مَرَّةً، كَوْنه رَفَعَ شِعارَ (الأمينُ في الحِسابِ، لا يَخْشى من العِقابِ)! فهم أولاءُ إنْ كانُوا لِلُبِّ الألْبابِ أصحابٌ، ولِحُكْمِ الدُّهُورِ وِعاءٌ أوْعِياءُ، ولِمَنْطِقِ التَّدْويرِ والإدارَةِ مِحراثٌ، لَلَبُّوا نِداءَ اللَّبِّ، ولَحَكَمُوا بِوَعي الواعِيْنَ المُستَوْعبين، وأدارُوا شَأْنَنا وشَجْنَنا بِمْحراثٍ من الأخلاقِ والاخلاصِ، ولَحوَّلوا بَلَدنا الى المَدِيْنةِ الفاضِلَةِ التي حَلُمَ بها الفُضَلاءُ مِن الكرد، وجَعَلُونا أُنشُودةً تُتْلى آناءَ اللَّيْلِ في مَحافِلِ الأعداءِ وأطْرافً النَّهارِ في المَنابِرِ والدَّواخِلِ والمَهاجِر.
*يتيمة الدهر: كناية عن الموصوف لدى علماء الكلام والمناطقة، وقد أعرتها لأعبر بها عن مديني العريقة: السليمانية.
**الجِلال: الذي يُظهِرُ الحقيقةَ.
نبذة عن كاتب الرسالة:
-دانا أحمد مصطفى.
-ولد في السليمانية عام 1978.
-تخرج من جامعة السليمانية، كلية اللغات، قسم اللغة العربية، بدرجة عالية.
-ماجستير ودكتوراه في اللغة العربية.
-عضو نقابة صحفيي العالم.
-عمل في جريدة (الاتحاد) لمدة اربع سنوات.
-حصل على جائزة مهرجان العراق- الحضارة المنظم في (دوبي)، حيث شارك بدعوة رسمية من قبل وزير الثقافة العراقية الدكتور مفيد الجزائري، عام 2004، وكان بحثه الموسوم (الثقافة والوجود-دراسة مقتضبة على الثقافة الكردية المعاصرة) حصل على المرتبة الاولى في المهرجان.
-له 13 كتبا باللغتين العربية والكردية.
-شارك في ترجمة (انبهارات) الذي طبع من قبل الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة المصرية.
-الان، هو استاذ في جامعة السليمانية قسم اللغة العربية، ومحاضر في كل من: قسم الاعلام في المعهد الفني-السليمانية، والكلية العسكرية..

* رئيس تحرير مجلة (سردم العربي) التي تصدر عن دار سردم للطباعة والنشر

** مشر المقال في يومية (الانصات المركزي) - العدد 5256 في 2/4/2012

 

PUKMEDIA

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket