جحيم داعش في الموصل

تقاریر‌‌ 12:28 PM - 2015-11-26
جحيم داعش في الموصل

جحيم داعش في الموصل

من الظواهر السلبية الّتي مرت على مدينة الموصل، هي أنها ما عادت مكاناً للعيش ولامدينة ينعم فيها الانسان بأيّ شكلٍ من الأشكال، إذ لا الماء ولا الغذاء ولا أيّ من المتطلبات الحياتيّة عادت متوفّرة فيها، أصبحت فقط ساحة للقتل والسلب والنهب والدمار والإغتصاب والّتهجير.
المئات من البيوت والممتلكات الّتي تعود للأقليات من "الكورد والشبك والشيعة والمسيحيين والصابئة والمندان والايزيديين" في محافظة نينوى، نُهبت وسُلبت ورحّلوا أصحابها ومالكيها، كلّ ذلك باسم الدين على يد تنظيم داعش الارهابي الّذي جعل مدينة الموصل واحدة من أسوء المدن في العالم، وواحدة من أبشع الصور اللانسانيّة الّتي يراها المرء.
بعد الحصار والتّشدّد الّذي فرضه تنظيم داعش الارهابي على السكان المعزولين عن العالم، وبعد المئات من العمليّات الاجراميّة، من قتلٍ وإغتصاب وتهجير للأقليّات، وسلب البيوت ونهبها، والّتي راح ضحيّتها أكثر من 3000 شخص، وأكثر من مليون نازح، في واحدة من أخطر الظواهر الّتي يشهدها العالم، وأسوء مرحلة مرّت بها الحدباء أمّ الربيعين.
تعتبر الطاقة الكهربائية، أحد شرايين الحياة الّتي يحتاجها الإنسان بشكلٍ دائم على مدار الوقت واليوم، لينظم بها أعماله ونشاطاته اليوميّة، ولاسيما فيما يتعلق بمعيشته.
منذُ أكثر من شهر والموصل تعاني من انقطاعٍ تامّ في الكهرباء الحكوميّة، لاكهرباء للمدينة سوء ما تعطيه الموّلدات الأهليّة من "7_8" ساعات في اليوم، مما ادى الى أصابة المدينة بشلل في أعمالها اليوميّة، لذلك اضطر الكثير من أصحاب المهن الّذين يعتمدون على الكهرباء في إنجاز أعمالهم، إلى ترك مهنهم والّلجوء إلى مهن أخرى"كبيع الخضروات" أو ما شابه داخل أحياء المدينة وازقتها.
عرفت الحدباء فصل الشتاء واحداً من أبرد الفصول وأقرصها، لأكثر من شهر تقريباً يعاني سكان الموصل من موجة برد شديدة، وسط انقطاع تامّ للمشتقات النفطية الّتي يحتاجها النّاس في فصل الشتاء.
أفاد مصدر خاصّ من داخل مدينة الموصل، أنّ سعر البرميل الواحد من مادة النفط الأبيض تجاوز الـ"200" دولار، داخل المدينة، ما دفع الكثير من العوائل الموصليّة الى استخدام" الحطب" لإنجاز أعمالهم اليوميّة، لأنّ المدينة تمرّ بحالة اقتصاديّة صعبة جداً بعد أن شدّد التنظيم الارهابي من إجراءاته التعسفيّة على الباعة وأصحاب المحال التجاريّة، اذ فرض التنظيم الارهابي أتاوات وغرامات ماليّة تترواح من "50_250" ألف دينار عراقي على أيّ مخالفة يقوم بها أصحاب المهن، أو المحال التجاريّة، ناهيك عن العقوبات الجسديّة الّتي يقوم بها التنظيم الاجرامي من جلدٍ وحرق ضدّ المدنيين العزل، حيث قام التنظيم الارهابي بتغريم بائع مصوّغات ذهبيّة وفضيّة، بمبلغ مالي قدره مليون دينار عراقي، لأنّه كثير الضحك مع النساء، وجاءت هذه الغرامة لسبب أنّ هذا البائع يعمل على وقوع الفتنة وحدوثها بين النسوة، كما يعتقد التنظيم، لذلك غرّمه ومنعه من مزاولة مهنته الّتي يعيشُ عليها ويعيلُ بها أبناءه وعائلته منذ أكثر من"15" سنة.
مادة الغاز السائل، حالها، حال المواد الّتي أدّى نقصانها إلى حدوث أزمة في مدينة الموصل، اذ وصل سعر القنينة الواحدة من الغاز السائل إلى أكثر من "50" ألف دينار عراقي في وقتٍ تعاني المدينة من أزمة اقتصاديّة هيّ الأسوء منذ عقودٍ عدّة، لذلك اضطر الكثير من أهالي الموصل، إلى استخدام"الجُولة" للطبخ ولغلي الماء للإستحمام وللأعمال اليوميّة.
عاشت الموصل بشكلٍ خاصّ، والعراق بشكلٍ عامّ، هذه الأزمة الاقتصاديّة الّلانسانيّة بعد سقوط النظام البعثيّ البائد عام 2003، وقتاك كان الشعبُ العراقيّ والموصلّي يمرُ بواحدة من أسوء المراحل الحياتيّة الّتي عاشها، فكانت المدن العراقيّة، ومنها الموصل بالذّات تعاني من شحّة في المواد الغذائيّة ومادة النفط الأبيض ومادة الغاز السائل، والمتطلّبات اليوميّة الأخرى.
أفاد المصدر ذاته الّذي فضل عدم الكشف عن أسمه: أن الماء الصالح للشرب وللاستخدامات الأخرى، غائب عن مدينة الموصل منذ ُ أكثر من أحد عشر يومياً، لأسباب متفاوته، منها الانقطاع التامّ للكهرباء لأكثر من شهر، والمعارك الدائمة الدائرة بين المجاميع الارهابيّة من تنظيم داعش الارهابي، والقوّات الكورديّة التي هزمت تنظيم داعش الارهابي في اكثر من جبهة، لذلك اضطر سكان الموصل من اللجوء إلى حفر الآبار في بيوتهم ومناطقهم، فهناك الكثير من العوائل الموصليّة حفرت آباراً للمياه في بيوتها بمبالغ طائلة جدّاً، وقامت بعض من المناطق بحفر آباراً داخل أحياء الموصل بعد جمع مبالغ من أهل الحيّ ليتسنى لهم الأخذ من هذه الآبار. مشيراً إلى أنّه تم ضُخّ المياه إلى أهالي الموصل، إلا أنّ انقطاع الكهرباء عن المدينة تسبّب بعدم تمكن الكثير منهم من الاستفادة من هذا الضخ، وأنّ الجانب الأيمن من مدينة الموصل، يعاني من نقصٍ حادّ في المياه الصالحة للشرب، وخاصّة للطبخ والاستحمام، وهناك الكثير من الأطفال أصيبوا بأمراضٍ جلديّة معديّة، بسبب التلوّث الحاصل في المياه الّتي يستخدموها أهاليهم.
وبيّن مصدر آخر في الشأن ذاته: أنّ تنظيم داعش الارهابي زاد من الخناق على ساكني الموصل، ولاسيّما الشباب منهم، فشدّد عليهم تحرّكاتهم اليوميّة، ومنعهم من مزاولة أعمالهم وهواياتهم الّتي تعوّدوا عليها، فهناك الكثير من النشاطات الرياضيّة والترفيهيّة منع التنظيم هوّاتها من مزاولتها، بحجّة أنّها من المحرّمات الّتي تهلك الفرد، وتعرّضه لم هو محرّم ومذنب.
الكثير من العوائل الموصليّة غادرت المدينة متّخذة من الطرق الوعرة والصحراوية سبيلاً لنجاتها من جرائم داعش من قبل المهربين مقابل مبلغ مالي قدره 3000 دولار للشخص الواحد، ومن ينوي ترك الموصل بعلم التنظيم عليه ان يرهن بيته لدى التنظيم وبكفالة شخصين من داخل الموصل، وهناك العشرات من العوائل الموصلية لقت حتفها على يد عصابات داعش عند خروجها من المدينة في الطرق الصحرواية، والكثير من الفتيات تعرّضن لحالات اغتصاب من قبل عناصر داعش عندما حاولن الخروج من المدينة مع أهاليهم، وهناك الكثير من المهرّبين يعملون جواسيس بشكل سرّي مع التنظيم، بالمقابل تمكنت الكثير من العوائل الموصلية الخروج من المدينة بعد أن عرّضت حياتها للخطر، وسلكت طرق خطرة فيها ما يأكل البشر والألغام التي زرعها التنظيم الارهابي.
وطالب أهالي الموصل، الجهات المعنيّة بالسرعة القصوى لإنقاذهم من الجرائم والعمليّات الّتي ارتكبها ويرتكبها تنظيم داعش الارهابي من قتلٍ وسلب ونهب واغتصاب للحقوق الإنسانيّة التي اعترف بها العالم، ومن حقّ كلّ انسان مزاولتها، لأنّ سكان الموصل ما هم إلا أسرى بيد عصابات تنظيم داعش الارهابي، واستمرارهم بهذه الحالة، يعني أنّ التنظيم الارهابي سيجعلهم لقمة لجرثومات فمه وأسنانه كما فعلها منذ العاشر من حزيران/ يونيو العامّ الماضي، بعد أن فرض سيطرته على مناطق واسعة من محافظات" نينوى، صلاح الدين، الانبار، كركوك"، وبقاء واستمرار التنظيم الاجرامي بهذا الشكل سيزيد من عدد الضحايا الّذين يكونون ضحيّة لأعماله الّلانسانيّة في الموصل، وغيرها من المناطق الأخرى.

PUKmedia حليمة عبدالوهاب/ الموصل

 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket