عانسات و آنسات

الاراء 01:44 PM - 2015-08-27
شهاب وهاب رستم

شهاب وهاب رستم

قبل أربعة عقود من الزمن ، بالتحديد في الأعوام 1976- 1978 بعد أنهيار الحركة الكوردية في كوردستان وبعد أن تنكرالنظام في بغداد للجبهة الوطنية والديمقراطية  ولكي يبقى حزب البعث في سلطة الحزب الواحد على الساحة السياسية بمسميات و شعاراتهم القومية ، فتحوا  ابواب السجون على مصراعيها لمن  يقف بالضد من حزبهم وسلطتهم حتى ولو باللسان وهو أضعف الأيمان ، بدأ النظام  بحملة عشوائية من الأعتقلات لكل من لا يبصم لهم في سجلات حزبهم ، ولكي يتخلصوا من معارضيهم سهلوا منح جوازات السفر للمواطنين و فتحوا ابواب السفر على مصراعيها ، فوجد المعارضون فرصتهم للتخلص من السجن والملاحقة واختاروا طريق الهجرة كحل مؤقت لما هم فيه  حتى فرغ العراق من المعارضين ومن الكفاءات العلمية ومن المثقفين والنخبة المتعلمة. كانت النتيجة أن الجنس الآخر  ... الجنس اللطيف ظلت في العراق ... البنات ... فقدن فرصة الزواج وتشكيل العوائل. هجرة الشباب حطمت أحلام الشباب والبنات فالشباب ذاقوا الأمرين في بلاد المهجر . بذلك تكونت جيل كامل من العوانس في البلد  من دون زواج ، لذا نجد اليوم جيش من العوانس في البلد  ففي كل بيت تجد بنتا  أو أكثر فاتها القطار ولم تعد تفكر حتى في الزواج .
كما أن الحرب العراقية الإيرانية  التي دامت من عام 1980 – 1988 ميلادية هي الأخرى  حصدت روح مئات الالف من الشباب إضافة لجيش من المعاقين غير القادرين على الأنتاج ، بل أصبحوا حملاُ ثقيلا ً على أهاليهم وعلى المجتمع دون أن يكترث النظام بما أصابتهم بسبب حروب وجنون الحاكم  مما  زاد من الويـلات على قلوب العراقيين . رفض الكثيرون هذا الحرب لأســباب عديدة وأختاروا طريق الخلاص من الحرب من خلال الهجرة والحصول على اللجوء الى الدول الأخري الأقليمية او الأوربية ،.
اما النساء  في هذا الوقت من  خريجات المعاهد والجامعات وحتى خريجات الدراسة الثانوية والمتوسطة  فقد كن في الوظائف ولهن أستقلال أقتصادي من خلال وظائفهن ، بلى كن يقومن بجميع الأعمال الذي كان يقوم به الرجال في دوائر الدولة التي فرغت منهم أثناء الحرب ، ولكنهم فقدن فرص الزواج وتحولن ال عانسات .
لم يكد تفرح الخايبات بسقوط الدكتاتورية ليتنفسن الصعداء وتذوق شيئ من الراحة حتى وصل الى الحكم الوجه الآخر من الدكتاتورية ليحولوا العراق الى غابــــة من الظلام والفساد والمحسوبية والمذهبية والتهميش ومحاولات للأبعاد تحت مســميات وشعارات متخلفة  يوازي ما كان النظام المقبوريرفعه خلال سنوات حكمه. اليـــوم تتكرر السيناريو من جديد ، بسبب الفساد المستشري والبطالة  والحرب الهوجـــاء التي تحـــرق البلاد والحـالة الللامســــتـقرة للوضـــع الأمني والأقتصادي والنفسي للمواطن ، نـرى أن الشباب وخاصة خريجي الجامعات والمعاهد فـقــدوا الأمل في الحصول على عمل إلا التوجه للتطوع الى المحرقة ، لذا قرروا أن يهاجـــروا من العراق  للبحث عن حياة  مستقرة  من اجل الحصول على وضع اقتصادي أفضل بعيدة عن الحرب وغدر المفسدين وسياسة الأحزاب التي لا تجد في جعباتها شيء لخدمة الوطن . المأساة  تـتـكرر من جديد وتضاف أعداد أخـرى مـــن الصبايا الى قائمة العانسات اللواتي غدرت بهن حروب النظام الدكتاتوري ، ويخســــر العراق الكفاءات العلمية والأدبية المتعلمة . وهنا لا بد من القول أذا كانت المرأة  قبل ثلاثين عاما أو في السنوات التالية من بعد الحرب  لهن وضع أقتصادي ثابت من خلال وظائفهن إلا أنهن اليوم لا يملكن هذه الحالة ، فخريجات المعاهد والجامعات بلا وظيفة  وليس امامهن مجال أو  فرصة للعمل إلا  الأعتمــاد على الأهل في حياتهن اليومية مما يزيد الحمل الاقتصادي على كاهل الوالدين . بذلك تبدأ مصيبة  أجتماعية  جديدة مضافة الى المصائب التي تتحمله المجتمع . وهذا يؤدي الى استغلالهن للقبول بالزواج من رجال متزوجبين من عدة نساء او حتى القبول بالزواج من من كبار في السن دون أن يكون هناك وفاق فكري ونفسي بينهم ، مما يؤثر على أستمرار هذه الزيجات .
 إن سبب هجرة الشباب الى الدول الأخرى هي الخلاص من الموت والبطالة الذي سببه الفساد المستشري في هياكل الدولة الذي لم يترك لهم فرصة للانخراطه  في العمل الوظيفي الرسمي والعام لخدمة الوطن وبناء المؤسسات وتطوير الطاقــــات للنهوض بالبلد الى مصافي الدول الأخرى .

شهاب وهاب رستم

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket