الكرد والشرق الأوسط الجديد

الاراء 04:30 PM - 2015-08-26
الكرد والشرق الأوسط الجديد

الكرد والشرق الأوسط الجديد

لا يخفى على أحد منا أن الانتكاسة الكبرى التي تعرضت لها دولة كردستان، وجزأت بين جغرافيتها وطبيعتها، والتي قضت على آمال الشعب الكردي في ممارسة أبسط حقوقه ضمن حدود دولته، هي انتكاسة اتفاقية سايكس بيكو عام 1917 التي قسمت كردستان الكبرى إلى أربعة أجزاء، يتقاسمها كل من تركيا وإيران وسوريا والعراق.
هذه الانتكاسة أدت إلى فقدان العديد من أبناء الشعب الكردي لجنسيته، وعزله عن ثقافته الكردية، التي دفنتها الدول المذكورة أعلاه ولونتها بطابعها القومي، وتجريد الكرد من أبسط حقوقهم وهي التحدث بلغتهم الكردية (اللغة الأم).
ففي تركيا ترى غالبية الأجيال ما بعد اتفاقية سايكس بيكو منعزلين عزلاً تاماً عن لغتهم وثقافتهم، نتيجة الممارسات الوحشية وسلسلة جرائم القتل العام، والمجازر الجماعية التي تعرضت لها الشعب الكردي على مر التاريخ، وذلك لإخفاء عوالم أقدم شعوب المنطقة وأعرقها حضارة.
لذلك عملت تلك الدول على سياسة الأرض المحروقة، وتطبيق ممارسات التطهير العرقي بحق الأكراد في الأجزاء الأربعة من كردستان الكبرى.
-منذ ذلك الحين توالت الانتفاضات والثورات الكردية ضد الدول المستعمرة لكردستان وذلك لرفع يد الظلم والحد من جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الكردي.
-فمن تركيا مروراً بالعراق وإيران وسوريا قامت العديد من حركات التحرر الكردية بالكثير من الثورات ضد تلك الدول وناهضت الممارسات الوحشية التي كانت تستهدف الوجود الكردي في محاولة للم الشمل الكردي من جديد.
ولكن لم يكتب لتلك الثورات النجاحات الكبيرة لربط الأجزاء المقسمة من كردستان واسترداد حقوق الشعب الكردي من جديد في إقامة دولة كردية تلم شمل الأكراد وتتمثل بكردستان
-ففي بدايات القرن الحالي ونتيجة للحداثة الثورية القومية التي سادت على الثورات الدينية الدوغمائية، التي كانت تسيطر على غالبية الثورات الكردية في الماضي، ونتيجة لتصعيد الكفاح المسلح ضد تلك الدول المستعمرة استطاع الأكراد في جنوب كردستان (شمال العراق) بعد احتلال اميريكا للعراق عام 2003 إقامة كيان مستقل عن الدولة العراقية تحت مسمى إقليم كردستان العراق بمباركة أمريكية وثبتوا وجودهم كقومية مناهضة للدول المستعمرة آنذاك.
-وبظهور ما يسمى بـ الربيع العربي الذي أوقد شعلته المواطن التونسي (بو عزيزي) ليعلن صرخة الشعوب المظلومة المستبدة من قبل حكامها.
فاشتعلت نار الثورة في تونس مطلع عام 2011 م
ل تلي بعدها الثورة المصرية ولتمتد نيران الثورة إلى اليمن مروراً ب ليبيا.
كل تلك الأحداث المتتالية مهدت الطريق لإيقاد الثورة السورية التي ما لبثت أن اشتعلت بداياتها في مدينة درعا وتلتها العديد من المحافظات السورية.
ونتيجةً لعمليات التصعيد العسكري من قبل النظام السوري ضد الشعب الأعزل، تحولت الثورة السورية من ثورة سلمية إلى كفاح مسلح، لتظهر بعدها الحرب الأهلية ما بين أبناء الشعب السوري، وكان ذلك أكبر انتصار لحكومة الأسد من تحويل الثورة السورية إلى حرب أهلية نظراً لإثارة النظام للنعرات الطائفية بين أبناء البلد الواحد وبمساعدة أجندات خارجية ساهمت في بقاء الأسد على السلطة لفترة كانت أطول ممن راهن على سقوطه بتلك السهولة.
هذا ما أجبر على بعض الساسة السوريين إلى تشكيل ما تسمى بالمعارضة السورية التي بائت كل مؤتمراتها بالفشل في إنجاح الثورة السورية، وإعادتها إلى مسارها الصحيح، والتي هضمت في العديد من المؤتمرات حقوق الشعب الكردي، واتهامهم الأكراد في أكثر من مناسبة بأنهم انفصاليين.
كل تلك الأحداث كانت كافية لظهور الأكراد على الساحة السورية، فسارعوا إلى تنظيم أنفسهم من خلال تشكيل مؤسسات أولية تعتمد على تنظيم الشعب الكردي، وتشكيل قوة عسكرية، تحسباً لأي نزاع طائفي يهدد بالشعب الكردي كما جرى في أحداث قامشلو عام 2004 م عندما حاول النظام السوري وجيوشه كتم الصوت الكردي من جديد آنذاك.
-يوماً بعد يوم أثبت الأكراد بأنهم أكثر تنظيماً من أي وقت مضى، نتيجة القاعدة الشعبية، والتنظيم المؤسساتي من خلال مؤسسات المجتمع المدني، والتي اتخذه الأكراد وظيفة على عاتقهم، وعملوا على تطوير كل تلك الجهود الرامية وتطبيقها عملياً على أرض الواقع، ليشكلوا مع الأيام نظام ديمقراطي جديد قائم على التعايش السلمي الديمقراطي مع الطوائف الأخرى، ومع بقية شعوب المنطقة تحت مسمى (الإدارة الذاتية الديمقراطية)، والتي حققت العديد من الانتصارات على الصعيد العسكري والسياسي، مما يجعلها محط أنظار العالم وعلى رأسهم دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا، وأصبحت تلك الإدارة الممثل الشرعي ذات الغالبية الشعبية للأكراد والعديد من المكونات المنضوية تحت سقفها، بحيث مثلت تلك الإدارة الأكراد في العديد من المحافل الإقليمية والدولية.
-كل تلك المؤشرات والعوامل شكلت مخاوف للدول الإقليمية المجاورة وعلى رأسهم تركيا وإيران.
مما أدت تلك العوامل إلى قيام تركيا بدور مساهم في إدخال الفصائل الإسلاموية المتطرفة إلى روج آفا لمحاربة مكتسبات الشعب الكردي ومنع إقامة كيان كردي على الخط الحدودي مع تركيا
بحيث رأينا العديد من تصريحات الحكومة التركية وخطابها معاداة الشعب الكردي ومنعم من قيام دولة كردية أو إقليم كردي بجوار تركيا كما هو الحال بالنسبة لجنوبي كردستان.
وإذا ما حللنا تصريح وزارة الخارجية التركية والتي صرحت بإرسال 18 ألف جندي تركي لمحاربة الأكراد حسب ما ذكرته صحيفة (بني شفق) المحلية.
وأيضاً تصريحات الخارجية الإيرانية ومساعيها مع تركيا في محاربة الأكراد
سيتوضح لدينا بأن الأكراد حالياً على أبواب إقامة دولة كردية في مشروع الشرق الأوسط الجديد كون إتفاقية سايكس بيكو ستنتهي معالمها مطلع عام 2017م .
وبذلك ستسعى تلك الدول جاهدة على منع ظهور بوادر الدولة الكردية كونها ستخسر العديد من حلفائها والتي تتمثل بأمريكا والعديد من الدول الأوروبية

أورهان ديلان

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket