غياب الرئيس طالباني والمشهد العراقي

الاراء 01:40 PM - 2015-08-25
لؤي محمود الجاف

لؤي محمود الجاف

عند النظر الى تأريخ رؤساء العراق، نرى بأن الرئيس جلال الطالباني (مام جلال) كان أحد أكثر السياسيين العراقيين تسامحا وانفتاحا. ولا شك بأن روح التسامح والانفتاح والقابلية على التفاعل مع الاخرين كانت من صفاته الاساسية التي جعل من بيته مقرا لحل المشاكل مهما كانت طبيعة تلك المشاكل.
الرئيس طالباني وخلال سنوات عهده كرئيس للعراق، كان رئيسا لكل القوميات والطوائف، وكان يعرف كيف يتصرف مع التناقضات السياسية الداخلية والخارجية، وجسّد باعتقادي في شخصه روح التفاعل مع الآخرين مهما يحملون من افكار وايدولوجيات أو ممارسات قد تكون أو لا مع خط العراق الجديد المتمثل بالتعددية والديمقراطية والفيدرالية. لقد كان رجل دولة، استطاع بفكره وفهمه السياسي وبتواضعه الانساني أن يعطي للعراقيين نموذجاً حيّاً للرئيس الذي يريد الخير لبلاده، وقد كان سنداً للضعفاء قبل الاقوياء، ولم يتردد في استخدام صلاحياته الدستورية في الحفاظ على حقوق جميع مكونات الشعب العراقي. لم يكن سياسات الرئيس مام جلال بدون نواقص واخطاء، وهو ليس بنبي معصوم كي لا يخطئ، ولكن عندما نقوم بتقييم محصلة اداء الرجل في سنوات حكمه، نرى بانّه كان نقطة التقاء الفرقاء ومرجع لجميع العراقيين بدون تمييز، وساعد وجوده كرئيس للعراق في تقارب وجهات النظر وفي بلورة رؤية سياسية حاضنة للجميع من زاخو الى البصرة.
لا شك بأن غياب الرئيس مام جلال عن الساحة السياسية العراقية وفي اقليم كوردستان ايضا، أثر سلبا على الاوضاع الداخلية وبالتالي علاقات العراق بالدول الاقليمية والدولية. فالرجل كان له حضور ايجابي والعديد من القوى الدولية الفاعلة في المنطقة كانت تكن له ولأراءه  كل الاحترام والتقدير. وخير مثال علي ذلك تباعد بغداد وأربيل وتفاقم الازمات والملفات العالقة بين المركز والاقليم. في عهد الرئيس مام جلال كانت هناك مشاكل، ولكن المشاكل لم تصل قط الى حد قطع رواتب موظفي الاقليم وميزانية المشاريع والخ ..
ان بغداد تعاني حاليا من مشاكل عدّة وها هي التظاهرات تطالب بالاصلاح في كافة مرافق الحياة الحكومية والسياسية. كما أن اقليم كوردستان العراق يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية كبيرة. عدم غياب الرئيس طالباني في هذه الظروف كان بامكانه أن يقلل كثيرا من هذه الازمات والسجالات السياسية التي أفرزت بشكل أو بآخر جو مليء بعدم الاطمئنان وعدم الثقة بالكتل والاحزاب الموجودة في الساحة السياسية.
انّ التغلب على المعوقات والمشاكل والمضي قدوما نحو الاصلاحات وتوفير الخدمات والاهتمام بالعمران والازدهار اجتماعيا واقتصاديا، هو ما يريده الشعب. كما أن المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل يجب أن تحل بسرعة ويجب أن تسود روح التسامح والتفاعل الايجابي بين الكتل والاحزاب. أعتقد بان ما نحتاجه في العراق حاليا وفي المستقبل هو التسامح والمساواة وتقبل الآخر وليس فقه الكره والبغض، وما نحتاجه ايضاً هي الروح الايجابية وليست الروح السلبية، والشخص الذي يحمل في نفسه هذه الصفات هو الوحيد الذي يستطيع ان يبني ما دمره الحروب والارهاب. فلكل من يريد أن يحل مشاكل العراق واقليم كوردستان، انظروا كيف كان الرئيس مام جلال يحل المشاكل وافعلوا مثله.

 لؤي محمود الجاف: رئيس المركز الفرنسي الكوردي للعلوم والثقافة في باريس

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket