الهجوم التركي ضد السلام

الاراء 02:14 PM - 2015-08-05
د. لؤي محمود الجاف

د. لؤي محمود الجاف

تشتت الامبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى، واتفقت الدول الكبرى وخاصة بريطانيا و فرنسا على تشكيل دول جديدة في منطقة الشرق الاوسط. وبحسب اتفاقية سيفر عام ١٩٢٠، اعطي الكرد في مناطقهم حق تقرير مصيرهم، لكن تركيا بقيادة كمال اتاتورك فرضت الامر الواقع ولم تعترف بهذه الاتفاقية الدولية. وبعد ثلاث سنوات استطاعت تركيا ان تقنع الدول الكبرى بالغاء اتفاقية سيفر واستبدالها باتفاقية لوزان عام ١٩٢٣.
الكرد شعب وأمة تعيش كأية أمة أخرى على أرضها التأريخي، لذا من الطبيعي أن تدافع هذه الامة عن نفسها ومستقبلها. مرّت الايام والسنين، والشرخ بين الكرد والدولة التركية يزداد يوما بعد يوم. اندلعت ثورات عديدة تمّت اخمادها حتّى وصلنا الى عام  ١٩٨٤ عندما أعلن عبدالله اوجلان (المعروف بـ ئابو) الكفاح المسلح ضد الدولة التركية والذي يستمر الى يومنا هذا.
السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا استفادت الدولة التركية بانكارها حقوق الشعب الكردي خلال الفترة الماضية غير الحرب والدمار وهدر الدماء من الجانبين، بالاضافة الى صرف الطاقات والامكانيات المادية والبشرية ؟
الجواب بالتأكيد سلبي، لانّ الحرب وهضم حقوق الآخرين لا يجدي، ومهما طال الزمن لابد لصاحب الحق أن ينتصر، ولابد للقيد أن ينكسر. اذن دعونا أن نتصور السيناريو الثاني، أي لو لم يتنصل كمال اتاتورك بوعوده واعترف منذ البداية بحقوق الشعب الكردي كما كان متفقا عليه معه، ماذا كان يحصل ؟
الجواب بالتأكيد كل الخير للشعبين التركي والكردي والشعوب الجارة الاخرى، واستقرار أكثر في المنطقة، وازدهار في المال والبنين. ان تجربة الحرب واستعمال القوة لا تجدي على الاطلاق، وانما فقط هدر للموارد البشرية والمالية وللطاقات الخيرة. وهذا الاستنتاج هو ما وصل اليه اوروبا بعد حربين عالميتين مدمرتين راحت ضحيتها الملايين من النفس البشرية.
انّ تركيا الكمالية كانت وما زالت تستعمل لغة السلاح التي لا تجدي ولا تنفع، والغارات الحالية التي تقوم بها الطيران الحربي التركي في جبال قنديل داخل اراضي أقليم كردستان التي هي جزء من الاراضي العراقية، ما هي الاّ هدر للدماء والامكانيات. فالاحسن هو الجلوس على طاولة المفاوضات والوصول الى حل سلمي يعود على المنطقة بالخير والازدهار.
لقد حارب الترك في الماضي قيام أيّ شكل من أشكال الحكم الذاتي للكرد سواءكان في الجزء الموجود ضمن العراق أوسوريا أو ايران. شاء الله أن يكتسب كرد العراق بعد حرب تحرير العراق عام ٢٠٠٣حقوقه التأريخية، وان يصوت الشعب العراقي على النظام الفيدرالي التعددي بالغالبية.
فماذا حصل ؟
حصل الازدهار الاقتصادي والاجتماعي، وتجنى تركيا من وراء ذلك التغيير السلمي مليارات الدولارات التي هي حجم التبادلات التجارية والاستثمارات. وتعمل الآن في اقليم كردستان العراق المئات بل الآلاف من الشركات التركية التي تجني أرباحا طائلة تنعش الاقتصاد التركي.
انّ الحرية والديمقراطية في العالم في اتساع مستمر يوم بعد يوم، وعجلة التأريخ لا ترجع الى الوراء، وزمان القهر والقوة العسكرية قد ولّى. نحن اليوم في عصر القوة العقلية، من لديه عقل أكبر، يكسب أكثر ويضمن حياة هنيئة لشعبه، والعكس صحيح. واليوم، على الحكومة التركية أن تتقي الله في عباده، فقتل المسلم حرام، والضحايا المدنيين من جرّاء القصف التركي على القرى القريبة من جبال قنديل مسلمون، حرّم الله دمهم في كتابه العزيز. السلام يا عالم، نريد السلام لا الحرب.

بقلم د. لؤي محمود الجاف

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket