العراق الاتحادي وكردستان والسلة التركية

الاراء 02:31 PM - 2015-07-27
حسن فوزي

حسن فوزي

لم يكن قيام العراق الحديث بمعزل عن تأثيرات الجوار، بالأخص الأمبراطوريتان الفارسية والعثمانية، بحكم الوشائج، وانتقال السلطة من الخلافة القرشية إلى ولاية الخلافة العثمانية، وعودة قوة الدولة الفارسية.
ولم يكن فيصل الأول والخبرات الأمبراطورية البريطانية بمعزل عن هذه الحقائق، بشأن "تقرير مصير" الموصل، وطبيعة العلاقة المذهبية بين شيعة العراق والشعوب الإيرانية، الملجأ التاريخي لاتباع خلافة "الكوفة". خصوصاً وان انتفاضة حزيران 1920 كان زخمها الرئيس من المرجعية الشيعية في سامراء، والدعم المادي والمعنوي من إيران وفيصل قبل عزله عن عرش سوريا.
وظلت العلاقة في مد وجزر على قدر مناورة العراق في تلبية مطالب الجارين العملاقين، وكان اتفاق 1936 زمن انقلاب بكر صدقي منعطفاً في انفراج العلاقات العراقية الإيرانية. وشهد العراق الجمهوري بقيادة الراحل الزعيم عبد الكريم قاسم نزاعاً حاداً بشان الملاحة في شط العرب، حسمته الملاحة الإيرانية مستفيدة من فقدان الجمهورية العراقية للغطاء الدولي: حلف بغداد والاسناد الغربي العام. وبعد عام 68، وفي ظل الحكم الشمولي شهدت العلاقات العراقية التركية انفراجاً كبيراً، بالأخص في ولاية الراحل توركوت اوزال، فمنحت تركيا حق التواجد في شريط حدودي بعمق 30 كم. وتنفيذ القوات المسلحة التركية عمليات خاصة عديدة في الأراضي العراقية. فيما لجأت بغداد إلى تصعيد لأزمة العلاقات مع الجمهورية الإسلامية، بعيدا عن النهج الذي اختطته البكر في اعتماد الدبلوماسية واللجوء إلى المحافل الدولية لحل اي نزاع مع إيران، كما حدث بشأن اقتحام القوات الإيرانية للنفط خانة عام 1968.
وبرهنت الوقائع ان لا شيء صحيح عدا السياسة المتوازنة بين العملاقين التي اختطتها المملكة العراقية، والتأزيم الذي صعده تصدير الثورة الإيرانية، وراهنت عليه الشمولية لتكون "القائد" المقاتل بالوكالة عن انظمة الجرف العربي عموماً، والسعودية خصوصاً، ادى إلى تدمير كل ملامح الدولة المدنية العراقية وعسكرتها المطلقة، على عكس الأنعطاف المدني للسلطة العسكرية المصرية بعد تموز 52.
وفيما تراهن حالياً قوى سياسية كردية على ورقة الطموح القومي الكردستاني لحسم قضية رئاسة الإقليم، وسحب نفوذ العديد من القوى الليبرالية واليسارية والإسلامية، ممن تدعو إلى التأني في التوجه نحو استقلال كردستان، والاعداد السلمي لـ"افتراق" كردستان عن الدولة العراقية، فأن لعبة السلطة والحزبية الضيقة قادت إلى اصطفاف مع اردوغان ضد الأحزاب الكردية الليبرالية واليسارية الديمقراطية، ووصل الأمر حد طرح قضية الوجود المسلح لحزب العمال في قنديل بصيغة تتعارض مع طروحات انفصال كردستان. مع كامل وعينا بضرورة الحرص على السيادة العراقية مبدآ ثابتاً وليس مناورة سياسية.
وهكذ تبدو قضية تصدير نفط الإقليم التي تتعاظم بسرعة عند فصلها عن الموازنة العراقية العامة، والاصطفاف بجانب تركيا كلية، بدون استلهام تجربة الأصطفاف بجانب إيران الشاه وتصور اسرائيل حصان طروادة لتسويق الدولة الكردية، منزلقاً خطيراً، يبدو ان "الحكيم" محمود عثمان مصيب تماماً في تحذيره من مخاطره على استقرار وتقدم كردستان والعراق والسلم في المنطقة.
حسين فوزي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket