التناغم والاحتواء وليس التحريض

الاراء 02:43 PM - 2015-07-07
حسين فوزي

حسين فوزي

أكد رئيس البرلمان السيد الجبوري مراراً إمكانية زج البرلمان نفسه في حالة تعطيل للحكومة، مقابل إمكانية الحكومة زج نفسها في وضع يعطل عمل البرلمان، مؤكداً ان المسؤولية الوطنية تستدعي تحري سبل التناغم لخدمة الوطن والمواطنين، او على الأقل احتواء الخلافات، بحثاً عن السبل الكفيلة الضرورية للخروج بالوطن من محنة الهجمة الداعشية السوداء، والتخفيف عن كاهل المواطنين من معاناة متعددة، ابرزها واكثرها الحاحاً قضية المهجرين والنازحين، سواء بفعل الهجمة الظلامية او ما كان قبلها من مشاكل.
من جانبه يبدي رئيس الوزراء حرصاً على التعامل بدرجة عالية من الالتزام بالضوابط الدستورية والقانونية، سواء من حيث اطلاع البرلمان على المستجدات، او استجابته شخصياً ووزرائه لأي طلب استضافة او استفسار. وهو منهج يعبر عن الوعي بـ"الملامح" الضرورية للنظام النيابي، الذي يخضع فيه الجميع لسلطة الشعب، التي يمثلها مجلس النواب.
ويأتي هذا التعشيق في العمل بين السلطتين تجسيداً للوعي الذي يمثله رئيسا البرلمان ومجلس الوزراء، والرغبة الصادقة في تجاوز حقبة التعطيل التي شهدها عمل البرلمان والحكومة خلال الولاية السابقة. وهي حالة ينبغي ان تكون موضع تفهم وتقدير من المعنيين بالحياة السياسية والإعلام، دون أن يعني هذا تجاهل السلبيات القائمة.
لكن المؤسف هو عدم التفات بعض السياسيين والإعلاميين إلى الأبعاد الإيجابية لحالة التناغم التي تحرص الرئاسات الثلاث على تحقيقها، بل والتوجه للنيل من هيبة البرلمان والحكومة، من خلال محاولة العزف على وتر التقشف والأزمة الاقتصادية التي نعيشها. وهي قضية تستحق الطرح والدعوة للمعالجة، لكن المفروض طرحها وفق منهجية تتصدى لأسبابها، سواء سلم رواتب موظفي الدولة جميعاً، أو إعادة النظر في سياسة الإنفاق والتشغيل بشجاعة وجرأة من اجل تحقيق تقدم في تجاوز الاقتصاد الريعي. لكن غالبية الطرح يتناول نتائج منعزلة تدغدغ مشاعر المواطنين البسطاء وتحشدهم لصالح قوى لا تؤمن بالدستور ولا التبادل السلمي للسلطة، وقبل هذا كله يعوزه اي منهج حقيقي لمعالجة الاقتصاد والخدمات، بل الأصح انه جزء من اسباب الأزمة الراهنة، نتيجة الإنفاق غير القانوني والمحسوبيات الصارخة، حد الاقتراب من حكم "العائلة".
وفي ظل كل الأزمة القائمة، والتحريض المكشوف ضد الحكومة والسلطة التشريعية، يتم تجاهل الجهد الدؤوب المتواصل لرئيس الجمهورية السيد فؤاد معصوم، الذي يواصل حركة "مكوكية" دائبة بين القيادات السياسية، ضمنها الإقليم، من اجل بلورة مصالحة وطنية حقيقية، تكون الدرع الأكيد لردع الهجمات السوداء، وتوفير المناخ النفسي وقبله الأمني، لإنعاش الاقتصاد الوطني، سواء بالتشجيع على عودة الأموال واستثمارها، أو وقف النزيف المستمر لهروب العقول والطبقة الوسطى من الوطن.
إن المسؤولية الوطنية تستدعي درجة عالية من المسؤولية في الإشادة بكل خطوة او طرح بناء، والمطالبة بتعجيل العمل لتحقيق البرنامج الحكومي كاملاً، ضمنه استكمال المصالحة وتشريع العديد من القوانين: الحرس الوطني والأحزاب والتوزيع العادل للثورة، دون ان يعني هذا عدم نقد بطء التنفيذ، او ميل البعض الانعزالي للانفراد بثرواته "المحلية".

حسين فوزي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket