قانون العفو العام ماله وما عليه

الاراء 02:41 PM - 2015-07-07
زهير كاظم عبود

زهير كاظم عبود

يعني العفو التجاوز عن الذنب أو الجرم وترك تنفيذ العقاب بحقه ، والعفو في اللغة الإسقاط والمحو ، والغاء العقاب بحق المذنب ، ويعني الصفح عنه أي تجاوز العقوبة والتجافي عن الذنب ، كما أن العفو هو اسم من أسماء الله الحسنى .
ونص قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل في المادة ( 150 ) منه على أسباب سقوط الجريمة حيث عد وفاة المتهم والعفو العام وصفح المجني عليه في الأحوال المنصوص عليها قانونا من الأسباب التي تسقط الحكم الجزائي .
والعفو أما أن يكون عفوا عاما أو عفوا خاصا ، والعفو العام  يصدر بقانون ويترتب عليه انقضاء الدعوى ومحو حكم الإدانة الذي يكون قد صدر فيها، كما تسقط جميع العقوبات الأصلية والتبعية والتكميلية والتدابير الاحترازية ولا يكون له أثر على ما سبق تنفيذه من العقوبات ما لم ينص قانون العفو على غير ذلك.
وفي حال صدور قانون العفو شاملا جزء من العقوبة المحكوم بها فأنه يعتبر في حكم العفو الخاص وتسري أحكامه وفقا لذلك  ، وفي جميع الأحوال فأن العفو العام الصادر لا يمس الحقوق الشخصية المتعلقة بالغير .
أما العفو الخاص فيصدر بناء على صدور مرسوم جمهوري ويترتب عليه سقوط العقوبة المحكوم بها نهائيا كليها أو بعضها أو إبدالها بعقوبة أخف منها من العقوبات المقررة قانونا ، ولا يترتب على العفو الخاص سقوط العقوبات التبعية والتكميلية ولا الآثار الجزائية الأخرى ولا التدابير الاحترازية ولا يكون له أثر على ما سبق تنفيذه من العقوبات وكل ذلك ما لم ينص مرسوم العفو على خلاف ذلك.
ومن الصلاحيات التي أناط الدستور العراقي توليتها برئيس الجمهورية ضمن الفقرة أولا من المادة ( 73 ) ، إصدار العفو الخاص بتوصية من رئيس مجلس الوزراء ، باستثناء ما يتعلق بالحق الخاص ، والمحكومين بارتكاب الجرائم الدولية وجرائم الإرهاب والفساد المالي والإداري .
 وفي جميع الأحوال  فأن في حال صدور  العفو العام أو الخاص ينبغي أن يكون هناك قانون ينظم هذا الإعفاء المنصوص عليه وفق القوانين النافذة، فلا يتم شمول المحكومين بجرائم الإرهاب ولا بجرائم تخريب أو تعطیل وسائل المخابرات والمواصلات الدولیة والاتجار بالنساء أو بالصغار أو بالرقیق أو بالتجسس .
وفي حال صدور العفو الخاص  فانه لن يشمل المحكومين بالجرائم الإرهابية التي يحكمها قانون مكافحة الإرهاب ، وبالتالي فإن قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل نص على عدم شمول المحكومين بجرائم الإرهاب وفقا للقانون رقم 13 لسنة 2005  ، علما بأن مثل هذه الجرائم يعاقب عليها القانون الجنائي الدولي ولا يوجد هناك ما يجعل المتهم في منأى عن المحاسبة والتحقيق والمحاكمة.
أما بخصوص الأحكام الصادرة بحق عدد من المحكومين في قضايا عرضت أمام المحكمة الجنائية العراقية العليا واكتسبت الدرجة القطعية فإننا نرى أن المادة (27) من قانون المحكمة رقم 10 لسنة 2005 نصت على أن تنفذ الأحكام الصادرة من المحكمة وفقاً للقانون.
كما إن المادة نفسها في الفقرة الثانية منها نصت على انه لا يجوز لأية جهة كانت - بما في ذلك رئيس الجمهورية - إعفاء أو تخفيف العقوبات الصادرة من هذه المحكمة وتكون العقوبة واجبة التنفيذ بمرور ثلاثين يوماً من تاريخ اكتساب الحكم أو القرار درجة البتات. هذه المادة تلزم الجهات التنفيذية بتنفيذ الأحكام، وتقيد جميع الجهات بما في ذلك رئيس الجمهورية باعتباره يملك صلاحية إصدار قرارات العفو الخاص، ومنعت تخفيف الحكم أو الإعفاء من العقوبة، بل أن النص أوجب التنفيذ خلال مدة حددها بثلاثين يوما من تاريخ اكتساب الحكم أو القرار الدرجة الباتة. إن مشروع قانون العفو العام يستثني الملطخة أيديهم بدماء الأبرياء بدليل قضائي واضح وتحت ظروف تحقيق عادلة، وتلك المعادلة من اختصاص القضاء العراقي، ويحتاج قانون العفو العام إلى دراسة قانونية عميقة حتى يمكن مناقشته  في مجلس النواب  ، ليتم استكمال تدقيقه ومناقشته وإقراره  حتى  يرسل إلى رئيس الجمهورية ، ومن ثم نشره في الجريدة الرسمية ( الوقائع العراقية )  ليصبح نافذا.
لا يشمل العفو الخاص أو العام الجرائم التي تقترن بالدم مالم تقترن بتنازل ذوي المجني عليه أو المدعين بالحق الشخصي، كما لا يشمل الجرائم الإرهابية والجرائم الجنائية التي اختصت بها المحكمة الجنائية العراقية العليا والتي حددتها المادة الأولى من قانون المحكمة وهي:
( أ ) جريمة الابادة الجماعية
(ب) الجرائم ضد الإنسانية
(ج) جرائم الحرب
(د ) انتهاكات القوانين العراقية المنصوص عليها في المادة (14) من قانون المحكمة.
وفي حال يراد شمول الأحكام الصادرة من المحكمة الجنائية العراقية العليا بالعفو أو إيقاف تنفيذ العقوبات، فأن الأمر يحتاج إلى صدور تعديل للقانون الخاص بالمحكمة يلغي أو يعدل تلك النصوص  .
أن جرائم الدم المقترنة بالظروف المشددة  المنصوص عليها قانونا تشكل خطورة على المجتمع وتدلل بما لا يقبل الشك على إن المجرم المدان في مثل هذه الجرائم لا يمكن أن يندمج بالمجتمع ويستقيم بإعفائه من العقوبة المفروضة عليه من محكمة قانونية، مالم يتم تأهيله وعودته إلى  المجتمع ،  ولا يمكن قبول أن مثل هذا العفو عن المجرم سيمهد الطريق للمصالحة السياسية بين الفرقاء، ومن جهة أخرى فان نصوصا قانونية استثنت العديد من الجرائم التي ارتكبت من قبل مجرمين تمت إدانتهم، بالإضافة إلى التوجه الدولي لمكافحة الإرهاب بعدم شمول جرائم الإرهاب بالعفو العام أو الخاص وعدم سقوط مثل هذه الجرائم بالتقادم إي أن فوات الزمن دون تنفيذ الإجراءات القانونية لا يسقط الجريمة ولا العقوبة في حال الإدانة ، كما أن مجلس النواب وهو يمثل السلطة التشريعية لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يتجاوز نصوص الدستور والاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب  .
زهير كاظم عبود

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket