الحديد لن يطوع الاقتصاد

الاراء 12:15 PM - 2015-07-02
الحديد لن يطوع الاقتصاد

الحديد لن يطوع الاقتصاد

في الحياة العامة، اجتماعياً واقتصادياً، بالتالي سياسياً، هناك عوامل تتحكم في مسارات عديدة تنعكس حتى على الحياة الخاصة للناس، ولعل من ابسط مظاهر انعكاس الأزمات الاقتصادية على الأسرة تزايد معدلات الطلاق واتساع هوة المشاكل الأسرية وجنوح الشباب وتسرب الصغار والكبار من الدراسة، وتداعيات قيمية اخرى.

وبعد الحصار، اثر المغامرة الإنتحارية لغزو الكويت، التي جاءت مكملة للحرب العبثية على إيران، تفاقمت مشكلة توفير المواد الغذائية، برغم بطاقة الحصة التموينية، التي هي شهادة على افقار السلطة للشعب، حد وصوله حالة العجز عن تغطية حاجاته الأساسية من الغذاء. وكان من ابرز المشاكل توفير السكر الذي  اعتاد العراقيون عليه، برغم ان ذويهم من الاجداد والآباء كانوا يتناولون الشاي مع حبة تمر في الحرب العالمية الثانية، التي ادت ايضاً إلى تقنين حصص العراقيين من العديد من المواد الضرورية (الراشن).

ولأن رأس السلطة الشمولية لم يتحمل هول المأساة التي زج بها العراقيين، أقدم على مجموعة من القرارات منها اعدام من يصنع الحلويات، وعلى وجه التحديد الزلابيا، وتم عملياً اعدام عدد من مصنعيه وبائعيه. وعلى نفس المنوال اقدم النظام على اعدام العديد من التجار بتهمة التآمر على الاقتصاد الوطني والتسبب في انخفاض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، برغم ان السبب الحقيقي هو انتهاك الشمولية لسيادة البنك المركزي واستقلاله وطبع الدنانير كما كانت تطبع وسائل الإعلام التي تدبج بحمد القيادة الضرورة.

لكن ازمة السكر والدجاج والبيض ظلت قائمة بعد اعدام المساكين بائعي الحلويات، كذلك ظل الدينار يتراجع امام العملات الأجنبية، بحكم مجموعة عوامل في مقدمتها الحظر المفروض على النفط العراقي، عدا كميات قليلة جرى تهريبها بوساطة اطراف دولية اقليمية بجانب بعض العصابات الدولية.

واليوم عندما نواجه مشكلة تراجع الدينار بشكل ملحوظ امام الدولار، فأن لهذا اسباب لن تستطيع "الضربات بيد من حديد" ان تعالجها، لأن السلطة قد تستطيع اجبار الناس مؤقتا على بعض التصرفات او القبول بانتهاكها لإرادتهم، لكن قوانين الأقتصاد والمال والنقد اعتى من اي يد حديد تضرب المتعاملين الإعتياديين من الناشطين في الأسواق. وقد يكمن بعض العلاج في بعض الإجراءات التي تفرض ضمانات لان يكون "تصدير" العملة للخارج مقابل استيراد سلع وخدمات. كما من الضروري ضبط مدفوعات الأموال للشركات، وليس استحواذها على اقساط والهروب بدون أي ضمانات لإسترجاع ما نهبوه، ومعايير نزاهة اخرى.

وأخيراً فأن تنظيماً للأسبقيات في الإنفاق على اساس ما يحقق مردوداً او يستكمل مشروعاً كلها خطوات مهمة.

لكن تظل القضية الكبرى هي تطمين الأموال والمستثمرين من خلال وضع امني يتجه نحو الأستقرار وعدم التنازع على دستورية الدولة المدنية الديمقراطية، فهذا التنازع وانفلات بعض المليشيات يدفع الأموال الخاصة للمزيد من الهروب، في ظل عدم الإطمئنان لبقاء أي شيء من "عقد" الدستور والقانون مع المواطنين.

 

 حسين فوزي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket