عام على سقوط الموصل

تقاریر‌‌ 02:48 PM - 2015-06-10
عام على سقوط الموصل

عام على سقوط الموصل

الموصل.. المعاناة مستمرة بعد مرور سنة على سقوط المدينة بأيدي "داعش" الإرهابي، ولا أمل في النجاة يلوح بالأفق رغم الضربات اليومية التي يقول التحالف الدولي إنه يوجهها لمواقع التنظيم.
العام كان مليئا بالأحداث المأساوية، إذ أظهر التنظيم خلاله أبشع أدواته لترويع السكان المحليين والعالم برمته وتعزيز سمعته الدموية، فارتكب جرائم بحق المدنيين، وانخرط في خطف النساء والاتجار بالبشر، وعمليات الإعدام الجماعي، وتدمير الآثار التاريخية .. بهذه الأفعال التي يتم تصوير العديد منها بعناية ونشرها على الانترنت، يجهد التنظيم لبناء "دولته الإسلامية"، بأيد محلية وأجنبية، مرغما عشرات آلاف السكان المحليين على الفرار.

طريق "داعش" إلى الخلافة
يعود تاريخ تنظيم "داعش" إلى عام 1999، عندما أسس الأردني أبو مصعب الزرقاوي تنظيماً أطلق عليه "جماعة التوحيد والجهاد".
في عام 2004 أعلن الزرقاوي مبايعة "القاعدة" وعن تغيير اسم جماعته إلى "تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، وتبنت الجماعة مسؤولية معظم الهجمات الإرهابية التي ارتكبت في العراق خلال الأشهر اللاحقة، كما كان لها دور دموي مركزي في أحداث الأنبار عام 2013.
وبعد اندلاع الحرب السورية، انخرط التنظيم في العمليات القتالية بنشاط، وبقسوة فائقة.
في أبريل/نيسان عام 2013 أعلن التنظيم عن تغيير اسمه إلى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وذلك بعد فرض سيطرته على محافظة الرقة السورية بالكامل.
بدأ هجوم "داعش" على الموصل في 6 يونيو/حزيران عام 2014، وفي 10 يونيو/حزيران سقطت المدينة بالكامل بيد التنظيم بعد فرار عناصر الجيش العراقي منها، وفوجئ العالم وعلت الدعوات إلى إطلاق حملة دولية لمحاربة التنظيم، وردت الولايات المتحدة بإرسال مزيد من المدربين إلى العراق ودعت إلى تأسيس تحالف دولي لمحاربة التنظيم.

أسباب سقوط الموصل
يقول المحللون إن سقوط الموصل كان نتيجة خطة دقيقة وضعها التنظيم واستراتيجيته الشاملة في العراق وسوريا، حيث سعى قبل كل شيء، إلى الاستيلاء على منشآت إنتاج النفط والسدود ومنشآت توزيع المياه.
وجاء الهجوم على الموصل بعد أشهر من معارك شرسة بين القوات العراقية والتنظيم في الأنبار وصلاح الدين، إذ باتت القوة في الموصل مقطوعة عن التعزيزات. وعلى الرغم من الإنجازات الميدانية التي حققتها القوات العراقية خلال الأشهر الماضية، وكان أبرزها استعادة السيطرة على تكريت في مارس/آذار الماضي، إلا أنه من المستبعد أن تشن بغداد قريبا عملية لاسترجاع الموصل، وحتى في حال نجاح مثل هذه العملية وتحرير المدينة، ستبقى الموصل مهددة دائما نظرا لسيطرة التنظيم الإرهابي على صحراء الجزيرة والمناطق السورية المجاورة.

إعلان الخلافة وتشكيل التحالف الدولي
بعد سقوط الموصل، بدأ "داعش" التوسع مثل ورم سرطاني، فبسط سيطرته خلال فترة وجيزة على محافظة نينوى بالكامل، ووسع رقعة سيطرته في الأنبار وصلاح الدين، وهاجم مناطق شمال العراق، وهو ما اضطر الولايات المتحدة في نهاية المطاف إلى الإعلان عن اتخاذ إجراءات مكثفة لمحاربة التنظيم.
في نهاية حزيران/يونيو أعلن "داعش" عن قيام "دولة الخلافة"، مؤكدا أن طموحاته تتجاوز سوريا والعراق. وبعد مرور أيام ظهر زعيمه أبو بكر البغدادي في جامع الموصل لأول مرة مطلع يوليو/تموز. ولم تقدم الولايات المتحدة على أي خطوات ملموسة وحاسمة ضد "داعش" إلى حين شن التنظيم هجمات على شنكال وتلعفر وزمار في شمال العراق، إذ دفعت أزمة النازحين الإيزيديين العالقين في جبل شنكال واشنطن إلى إطلاق حملة إغاثة، وإلى الشروع في توجيه ضربات جوية إلى مواقع التنظيم بدءا من 8 أغسطس/آب الماضي.

نتائج غارات التحالف
يواصل التحالف الدولي الذي شكلته واشنطن غاراته على أراضي العراق وسوريا. وتحدث المسؤولون الأمريكيون وفي طليعتهم الرئيس باراك أوباما عن إحراز نجاحات كبيرة تمثلت في استعادة سد الموصل وصد الهجوم على الإيزيديين وعلى كوباني (عين العرب السورية) واسترجاع تكريت. وتقول واشنطن ان "داعش" فقد نحو ربع المناطق المأهولة التي كان يسيطر عليها في العراق قبل عام.
وبعد كل هذه النجاحات جاء سقوط الرمادي منتصف مايو/أيار الماضي مفاجأة بالنسبة لواشنطن، على الرغم من أن المعارك في مشارف المدينة استمرت لأكثر من شهر. ووصفت الإدارة الأمريكية سقوط الرمادي بـ"انتكاسة"، مصرة على أنه لن يؤثر على سير العملية ضد الإرهاب.
أما أسباب هذه "الانتكاسة" فهي عديدة، وفي مقدمتها النقص في التنسيق، إذ تقول بغداد أن التحالف الدولي لم يوجه إلا غارات جوية قليلة على مواقع المسلحين في محيط الرمادي قبل سقوطها. ويبدو أيضا أن الإرهابيين تأقلموا مع الظروف الجديدة بسرعة واستطاعوا تقليل خسائرهم جراء الغارات الجوية.
أما وزير لدفاع الأمريكي آشتون كارتر فقال إن الجيش العراقي لم "يبد ارادة بالقتال" في الرمادي، وقال: "لدينا مشكلة مع ارادة العراقيين في قتال التنظيم  وفي الدفاع عن أنفسهم"، مضيفا أن عدد الجنود العراقيين كان أكبر من مهاجميهم بكثير، ومع ذلك فقد فشلوا في القتال، وانسحبوا من مواقعهم.

استراتيجية "داعش": البقاء والتوسع
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي صدرت مجلة "دابق" الالكترونية التابعة لـ"داعش" تحت عنوان "البقاء والتوسع"، إذ أعلن فيها التنظيم عن استراتيجيته وغايته المتمثلة في رفع رايته السوداء فوق مكة والمدينة وروما وعواصم شرقية وغربية أخرى. وفي إطار هذه الاستراتيجية التي تعتمد على مبدأ "الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع"، حاول التنظيم في الخريف الماضي مهاجمة بغداد فأرسل الآلاف من مقاتليه الذين تمكنوا من التسلل إلى مناطق قريبة من مطار بغداد.
وفي أكتوبر/تشرين الأول عام 2014 سقطت مدينة درنة الليبية بيد مسلحين أعلنوا ولاءهم للبغدادي، لتصبح أول مدينة خارج أراضي العراق وسوريا تنضم إلى "دولة الخلافة". وفي يناير/كانون الثاني عام 2015، أكدت الاستخبارات الأفغانية ظهور تواجد عسكري للتنظيم في أراضي أفغانستان.

تعزيزات لـ"داعش"
يبدو أن "داعش" أصبح على غرار حية "العدار" الأسطورية، إذ كلما قُطعت رؤوسها، تنمو في مكانها رؤوس جديدة. ولا ينقطع تدفق المتطرفين الأجانب الوافدين إلى العراق وسوريا.
في يوليو/تموز عام 2014، ذكر نشطاء سوريون أن "داعش" جند أكثر من 6300 مقاتل، إذ كان كثيرون منهم عناصر سابقة في "الجيش الحر".
لكن تقريرا أمميا قدم لمجلس الأمن الدولي أواخر مايو/أيار الماضي، قدر عدد المقاتلين في صفوف "داعش" بين 25 و30 ألفا، معظمهم أجانب. وذكر التقرير أن عدد مسلحي التنظيم ازداد خلال الأشهر القليلة الماضية بمقدار 70%، إذ جاء المتطرفون الجدد من أكثر من 100 دولة بالعالم.
وحسب تقييمات المركز الدولي لدراسة التطرف في لندن، تبقى تونس في طليعة الدول المصدرة للإرهابيين، إذ يبلغ عدد التونسيين في صفوف التنظيم قرابة 3 آلاف.
وفي المكان الثاني وضع المركز السعودية، إذ قدر "مساهمتها" بـ2500 مقاتل متطرف في صفوف "داعش". ومن الدول العربية، ذكرت دراسة المركز أيضا الأردن (نحو 1500 متطرف) ولبنان (900) وليبيا (600) ومصر(360) والأراضي الفلسطينية واسرائيل (120) واليمن (110) والسودان (100).
أما قرابة خمس المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم، فجأوا من دول أوروبا الغربية، إذ بات لفرنسا تمثيل في صفوف "داعش" بقرابة 1200 متطرف، تليها ألمانيا وبريطانيا، التي كانت كل منهما مصدرا لما بين 500 و600 من عناصر "داعش". أما روسيا فقدر المركز مساهمتها بما بين 800 و1500 متطرف.

حملة الترويع الإعلامي
بالتزامن مع بدء هجماته المكثفة، أطلق "داعش" حملة ترويع واسعة النطاق، وهو ينفذ في الأراضي الخاضعة لسيطرته عمليات إعدام جماعية مرعبة، وينخرط في الابتزاز والنهب والاتجار بالبشر.
كما يستخدم الإرهابيون وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية المؤيدة له ومجلته "دابق" لإيصال صور لجرائمه إلى العالم.
وبدأ "داعش" حلقة دموية جديدة في يونيو/حزيران الماضي بإعدام مئات الجنود العراقيين الذين أسرهم في الموصل وتكريت والمدن الأخرى التي سقطت بيد التنظيم.
وبعد استيلائه على تكريت، نشر الإرهابيون شريطا مسجلا يظهر المئات من الجنود وهم يقتادون من معسكر سبايكر في تكريت، تمهيدا لإعدامهم.
وبعد بدء الغارات الأمريكية على مواقع التنظيم، رد "داعش" بقطع رؤوس رهائن غربيين كانوا في قبضته. وجرى تصوير كل جريمة من هذه الجرائم بعناية فائقة، ووفق سيناريو نفسه، إذ كان الضحايا يرتدون ملابس برتقالية على غرار زي سجناء غوانتانامو.
في 19 أغسطس/آب، لقي الصحفي الأمريكي جيمس فولي حتفه ذبحا على أيدي الإرهابي "جون الجهادي" أشهر جلادي "داعش". وفي 28 أغسطس/آب، قتل الرقيب اللبناني علي السيد ذبحا، لتبدأ بذلك سلسلة الإعدامات البشعة التي بلغت ذروتها بإحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة في 3 فبراير/شباط.
ومن بين الضحايا أيضا: الصحفي الأمريكي-الاسرائيلي ستيفن سوتلوف  (2 سبتمبر/أيلول)، وعامل الإغاثة البريطاني ديفيد هينز (13 سبتمبر/أيلول)، ورجال ونساء من الأكراد تم إعدامهم ذبحا قرب كوباني في مطلع أكتوبر/تشرين الأول، وعامل الإغاثة البريطاني آلن هينينغ (3 أكتوبر/تشرين الثاني)، والصحفي العراقي رعد العزاوي (11 أكتوبر/تشرين الثاني)، وعامل الإغاثة الأمريكي بيتر كاسيغ (16 نوفمبر/تشرين الثاني)، والرهينتان اليابانيان هارونا يوكاوا، وكينجي غوتو (يناير/كانون الثاني).
وفي 15 فبراير/شباط نشر التنظيم شرطي فيديو يظهر عملية ذبح 21 عاملا قبطيا اختطفوا في ليبيا. وفي 19 أبريل/نيسان، وزع التنظيم شريطا آخر، يصور عملية إعدام 28 مسيحيا اثيوبيا.

تدمير "داعش" للآثار
أصبح تدمير المواقع التاريخية والدينية سلاحا بيد "داعش" لاجتثاث الثقافة والترويع وطرد ما تبقى من الأقليات الدينية من المناطق التي يسيطر عليها في العراق وسوريا. وخلال فترة سيطرته على الموصل، دمر التنظيم  ونهب جميع الكنائس تقريبا في المدينة.
وفي يوليو/تموز عام 2014 دمر الإرهابيون جامع النبي يونس المشيد على تلة آشورية ويعود تاريخه إلى عام 1365، ومرقدي جرجيس والنبي شيث، ليبدأ بعد ذلك "داعش" حملته المنهجية لتدمير الأضرحة والكنائس والأديرة.
وفي مارس/آذار نشر التنظيم شريطا مصورا لعناصره وهم يدمّرون مدينة نمرود الآشورية الأثرية في شمال العراق، التي تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، قبل أن يعمد إلى تفخيخها وتفجيرها بالكامل.
وفي الشهر نفسه أعلنت وزارة السياحة والآثار العراقية أن التنظيم دمر أطلال مدينة الحضر الأثرية في الموصل.
وأدانت الأمم المتحدة هذه الهجمات، وقال أمينها العام بان كي مون إن استهداف "الإرث الثقافي المشترك" للعالم يمثل جريمة حرب.
واعتبرت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) إيرينا بوكوفا أن "تدمير الحضر يمثل نقطة تحول في الاستراتيجية المروعة الحالية للتطهير الثقافي في العراق".
ونهب عناصر التنظيم متحف الموصل، وذلك بعد نهبهم متاحف ومواقع تاريخية أخرى، إذ جعل التنظيم من الاتجار بالقطع الأثرية مصدرا للربح، بالإضافة إلى تهريب النفط وبيعه والإتجار بالبشر وأنشطة إجرامية أخرى ينخرطوا فيها للحصول على مزيد من الأموال.
ومن الواضح أنه من المستحيل القضاء على "داعش" دون قطع مصادر تمويله. وعلى الرغم من صدور قرارات دولية عدة بهذا الشأن، يقف العالم مكتوف اليدين ويكتفي بتوجيه دعوات إلى الإرهابيين لكي لا يدمروا آثار تدمر التي سقطت تحت سيطرتهم أيضا. وتعود هذه الدعوات إلى الأذهان الدعوات التي سبق أن وجهها مجلس الأمن في قراراته إلى الجماعات المتطرفة في سوريا إلى احترام حقوق الإنسان. لكن "داعش" لا يعرف ما هي حقوق الإنسان.. ولماذا يهتم بالتاريخ والثقافة، إذ كان هدفه يكمن في إعادة المنطقة إلى القرون الوسطى.

غيدان: 3 أسباب أدت الى سقوط الموصل
قال قائد القوات البرية السابق الفريق الأول الركن علي غيدان، إن 3 أسباب اجتمعت وقادت إلى سقوط مدينة الموصل بيد عصابات داعش الارهابية في مثل هذا اليوم من العام الماضي.
وأوضح غيدان خلال تصريح صحفي: أن مدينة الموصل شهدت أحداثاً أمنية متواترة قبل تأريخ سقوطها وسبقت تلك الاحداث ماجرى في الانبار العام 2013، مشيراً إلى أن أزمة الموصل الامنية بدأت من ساحات الاعتصام.
وأضاف غيدان: أن أبرز أسباب سقوط الموصل هي الاول، الاختلاف على ادارة بعض المناطق من الناحية العسكرية، والسبب الثاني هو الحكومة المحلية ومجلس المحافظة وتعاطيهما مع الملف الأمني في الموصل، والسبب الأخير هو ضعف القيادة الميدانية الموجودة على الارض وعدم صدقها لنقل الحقائق ما قبل حزيران.
وبيّن غيدان: أن القيادات العسكرية في الموصل كانت تنقل صورة لوزارة الدفاع وللقائد العام للقوات المسلحة السابق نوري المالكي على أن الموصل تشهد عمليات عسكرية واسعة وقتل أعداد كبيرة للارهابيين، والحقيقة كانت معكوسة.
وكان ارهابيو داعش قد احتلوا مدينة الموصل في مثل هذا اليوم قبل عام مع انسحاب قطعات الجيش إلى الخطوط الخلفية، فيما تمكن الارهابيون من توسيع انتشارهم ليشمل لاحقاً صلاح الدين وأجزاء من ديالى وكركوك والأنبار.

آراء وختلفة حول سقوط مدينة الموصل
قال وزير الدفاع السابق سعدون الدليمي إن الموصل سقطت من الداخل، لأن هناك حواضن ودعائم سياسية استقطبت قيادات عصابات داعش الارهابية.
وقال الدليمي:إن حواضن كثيرة لداعش كانت في الموصل، التي سقطت من الداخل، أي أن المجتمع تحول إلى مستقطب للفكر الداعشي ولم ينفر هذا الفكر، بمعنى أن سقوط الموصل تقف خلفه أسباب اجتماعية وسياسية لاتقل تأثيراً عن الأسباب الأمنية والعسكرية.
وتابع: في العاشر من حزيران أو قبله، لم يتصل بي أي قائد ميداني، وكانت هناك قطيعة بيني وبين قائد عمليات نينوى الفريق مهدي الغراوي لأنني اعترضت أمام القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي على تكليفه بهذا المنصب، على اعتبار أنه لم يكن منسجماً مع قيادات العمليات الأمنية في الموصل.
وبين الدليمي: أن هناك ثلاثة معاقل كبيرة لداعش في العراق ينبغي معالجتها، هي الفلوجة والحويجة والموصل، وتكاد تكون هذه المعاقل مراكز تخريج الدواعش وتنميتهم، وهناك جيل داعشي خطير ينشأ الآن في تلك المناطق عبر مدارس التكفير ومعسكرات التدريب.
من جانبه، حدد قائد عمليات سامراء السابق الفريق الركن صباح الفتلاوي 5 أسباب أدت إلى سقوط محافظة نينوى بيد عصابات داعش الإرهابية.
وأوضح الفتلاوي: أن القطعات العسكرية التي كانت منتشرة في الموصل تعرضت إلى هجمة  سياسية وإعلامية تقودها جهات داخلية وخارجية أسهمت بشكل كبير بإضعاف المعنويات القتالية لدى المؤسسات الأمنية.
ولفت إلى أن الحكومة بشقيها المركزي والمحلي كان لها دور في سقوط المدينة، حيث أن حكومة نينوى عمدت إلى تحريض أهالي المحافظة بعدم التعامل مع القوات الأمنية وتهيئة الأرضية المناسبة لعصابات داعش الإرهابية والحركة النقشبندية البعثية.
وتابع الفتلاوي: أن القيادات العسكرية بشقيها الأمن الداخلي والعسكري يتحملون مسؤولية اغتصاب نينوى من قبل العصابات الداعشية، حيث أن هناك عددا من الضباط تخلوا عن أداء شرف المهنة مقابل مبالغ مادية قدمت لهم من قبل داعش، وعمدوا إلى إعطاء أوامر للقطعات العسكرية بالانسحاب دون قتال، فضلا عن وجود بعض الجنود غير المستعدين لحماية المحافظة التي اتسم سكانها بكرهه الشديد للمؤسسة العسكرية. مؤكداً أن صمود القطعات العسكرية يتعلق بصمود القادة الأمنيين.
ويروي الفتلاوي الأحداث التي رافقت اغتصاب الموصل من قبل الدواعش وتمددها صوب صلاح الدين وسامراء، مبينا أنه كان يشهد فرار القطعات العسكرية من نينوى بحرقة وألم وتخوف من خطر الإرهاب الذي أصبح يهدد المدينة المقدسة سامراء.
وزاد: جمعت القطعات العسكرية التابعة لقيادة سامراء في مبنى واحد وإصدرت توجيها باستنهاض الهمم والصمود أمام الهجمة الإرهابية التي يشنها داعش وعدم السماح بتدنيس داعش لأرض سامراء، على الرغم من استعداد البعض للهروب على خلفية ماروج له إعلام الدواعش.
وختم الفتلاوي حديثة مشددا على ضرورة بناء مؤسسة عسكرية رصينة تتناسب مع التاريخ المشرف للجيش العراق، قادرة على مواجهة التحديات التي تتعرض لها البلاد.
على صعيم متصل، أكد قائد عمليات الجزيرة والبادية ناصر الغنام أن محاسبة المتسببين بسقوط مدينة الموصل بيد عصابات داعش الارهابية يعيد للمدينة اعتبارها وكرامتها.
وقال الغنام: إن سقوط محافظة نينوى بيد عصابات داعش الارهابية أسهم بتهجير الملايين من أبناء المحافظة، وجعل الأهالي يسكنون بالمخيمات ويفتقرون لمقومات العيش.
وتابع: نتطلع اليوم إلى قرارات حاسمة وعادلة لانزال القصاص العادل بحق من تخاذل وتواطأ وهرب من المعركة، كي نعيد الاعتبار لعوائلنا الكريمة التي فقدت أبناءها وهي تقاتل بشرف للدفاع عن العراق.
من جانبها، قالت النائبة عن محافظة نينوى جميلة محمد إن تحقيق المصالحة الوطنية بين شيوخ العشائر في الحكومة والعشائر نفسها والكتل السياسية ضروري لتحرير محافظة نينوى من دنس عصابات داعش الارهابية.
وأضافت جميلة محمد: على الحكومة الاتحادية أن تكون جادة في محاسبة المقصرين في سقوط الموصل بيد ارهابيي داعش، وذلك عن طريق تشكيل لجان عسكرية بهذا الصدد.
من جانب آخر، اكد النائب عن محافظة نينوى محمد العبد ربه بأن 3 أسباب رئيسة أدت إلى سقوط مدينة الموصل بيد عصابات داعش الإرهابية في حزيران العام الماضي.
وقال العبد ربه: إن هناك 3 أسباب أدت إلى سقوط مدينة الموصل بيد العصابات الداعشية في حزيران العام الماضي، موضحا أن السبب الأول هو الخطاب الطائفي الذي انتهجته الحكومة المحلية لمحافظة نينوى والسبب الثاني تقاطع الحكومة المحلية في الرؤيا السياسية والعسكرية مع الحكومة الاتحادية السابقة، والثالث هو الفساد الإداري والمالي للحكومة.
وتابع: أن القوات الأمنية التي كانت مكلفة بحماية الموصل عانت من تصرفات متشنجة من قبل بعض الموصليين نتيجة سياسة حكومة المحافظة، مبينا أنه ينبغي على القوات الأمنية والحشد الشعبي وأبناء الموصل التنسيق لتحرير المحافظة من دنس العصابات الداعشية.
وشكل مجلس النواب في شهر تشرين الثاني الماضي لجنة برلمانية للتحقيق في أسباب وتداعيات سقوط مدينة الموصل بأيدي عصابات داعش الارهابية في شهر حزيران الماضي.
ولم تصل اللجنة التحقيقية التي شكلها مجلس النواب في الثامن من كانون الثاني/يناير 2015، للتحقيق بملف سقوط مدينة الموصل إلى نتائج نهائية بشأن أسباب سقوط المدينة، على الرغم من استضافتها عددا من القادة الأمنيين المسؤولين عن إدارة الملف الأمني للمحافظة، وشخصيات سياسية أخرى.
عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية حامد الخضري، ألقى اللوم في بداية الأمر على السلطة التنفيذية، وحملها مسؤولية عدم محاسبة المقصرين، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى وجود تقصير في عمل السلطة الرقابية واللجان التحقيقية التي لم تخرج بأية نتيجة حتى الآن.
وقال الخضري: إن عدم محاسبة المقصرين من قبل الحكومتين السابقة والحالية، في قضية سقوط مدينة الموصل، أمر غير مبرر وغير مقبول، وكان الأجدر بهما الوقوف وقفة إيجابية وشجاعة للكشف عن أسباب سقوط المدينة، ومن يقف وراءه.
وأضاف: أنه لو أقدمت الجهات المعنية على محاسبة المقصرين بسقوط الموصل، لما وصل الوضع الأمني  على ما هو عليه الآن، خاصة وأن هناك من يستسهل عدم وجود المحاسبة بارتكاب الأخطاء ويُقصر في علمه.
وفي وقت سابق، قال عضو اللجنة النيابية للتحقيق بسقوط محافظة نينوى حنين قدو: إن إعلان نتائج التحقيق بشأن سقوط الموصل يتطلب وقتا طويلا لاستكمال الإيفادات وشهادات القادة الميدانيين.
رئيس المجموعة العراقية للدراسات الستراتيجية واثق الهاشمي قال: أن السبب في تأخير ظهور نتائج تحقيقات الموصل، يعود إلى عدم وجود مركزية في عمل اللجنة ومحاولة إخضاعها للتوافقات السياسية، وهذا مؤشر خطير في عملها.
وتابع الهاشمي: أن هناك شبه تسويف في عمل اللجنة التحقيقية، من خلال زيادة عدد أعضائها، الذي يشير إلى وجود رغبة سياسية بإخضاع عملها لأجندات ومحاولة توزيع التهم بين الكتل السياسية لتسويف النتائج ومن ثم إلقائها بعاتق ضابط صغير.
وأوضح: أن المقصرين في سقوط مدينة الموصل قادة عسكريون، ومسؤولون محليون، كما أن هناك تقصيرا مجتمعيا عندما منح العصابات الإرهابية فرصة للتواجد في المدينة، بسبب بغضه للقوات الأمنية التي كانت متواجدة هناك.
ويختلف عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان صباح الساعدي مع ما ذهب إليه المحلل السياسي واثق الهاشمي، حيث أشار الى عدم وجود تسويف في عمل اللجنة التحقيقية، وأنما هناك تأخر في عملها لعدم سهولة  التحقيق في القضية.
وقال الساعدي: إن لجنة تحقيق سقوط الموصل عملها ليس سهلاً، وهي حاولت الانتهاء من التحقيق النهائي قبل العاشر من حزيران الحالي، لكنها لم تتمكن بسبب النتائج التي تُستحدث ولن يكون عمل اللجنة خاضعاً للرغبات السياسية مثلما أراد البعض، لكننا تمكنا من تجريدها من ذلك، مبينا أنها استضافت أكثر من 100 مسؤول في المدينة.
وبين الساعدي: أن اللجنة ستتمكن من الخروج بتقرير واضح وصريح وموسع لكنها بحاجة إلى الوقت وإلى أجواء تبتعد عن المزايدات وعن التشكيك بعمل اللجنة التي لن تخضع لأية إرادة سوى الحقيقة.
من جانب آخر، اكد مجلس محافظة الأنبار إن ماجرى من أحداث أمنية في مدينة الموصل بسيطرة عصابات داعش الارهابية عليها في العاشر من حزيران العام الماضي سبب نكسة أمنية في الأنبار.
وقالت عضو المجلس أسماء العاني: إن احتلال عصابات داعش الإرهابية لمناطق واسعة من الموصل وصلاح الدين أثر بشكل سلبي كبير على محافظة الأنبار التي استمرت بقتال داعش أكثر من سنة ونصف، حيث أصبحت تلك المحافظات ساحات مكشوفة لمرور هذه العصابات ومنع الناس من الخروج من محافظاتهم.
وأضافت العاني: أن العصابات الداعشية وبعد تأثيرها على الملف الأمني في الانبار جعلت من حدود المحافظة ممراً لدخول العديد من الارهابيين الأجانب والسيارات المفخخة من سوريا إلى أرض المحافظة.


PUKmedia 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket