حرية العقائد والأديان في كردستان

الاراء 10:10 AM - 2015-05-25
زهير كاظم عبود

زهير كاظم عبود

وفقا للمادة السابعة من مشروع دستور إقليم كردستان العراق  يلتزم الإقليم بضمان كامل الحقوق الدينية لجميع الأديان والمذاهب والملل في كردستان، بما فيها حرية العقيدة وحرية ممارسة الطقوس والشعائر الدينية،وحماية دور العبادة ، ومع أن النص أورد اسم المسيحيين والأيزيديين، إلا أن كون النص مطلقا فانه سيجري على إطلاقه،  لينص على  ضمان حرية العقيدة، ويؤكد على الالتزام بتلك المساحة التي يؤمن بها كل متطلع للمستقبل الكردستاني الرحب قولا وفعلا ،  لكل الديانات التي يؤمن بها كل من يقيم على أرض كردستان العراق،  مادامت تعتمد التسامح والتآخي الإنساني والالتزام بالحوار والدعوة الى الخير والسلام وعبادة الله الواحد الأحد  . 

ويشمل هذا الضمان ليس فقط الشعائر والطقوس وحرية العبادات، إنما يشمل الضمان احترام الجوامع والمساجد والكنائس وأماكن العبادة وتطويرها ورعايتها ورعاية القائمين على خدمتها . 

وتأسيسا على مبدأ ضمان العقائد وحرية العبادة، فان الدستور يعزز تلك الحرية بمبدأ آخر هو مبدأ المساواة بين المواطنين  أمام القانون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن عقائدهم أو دياناتهم أو الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي أو الانتماء السياسي والفكري. 

هذا الايمان بالحرية الفكرية والأديان والعقائد مبني على الوسطية ومقيدا بعدم الميل نحو التطرف والتكفير ونبذ الأفكار العنصرية والتمجيد بالفكر الإرهابي، ومقيد بمنع أي تمجيد أو ترويج أو تبرير لهذه الأفكار الظلامية التي تدعو للكراهية والأحقاد، وتتناقض مع ابسط مبادئ الإسلام  ومع قيم وأعراف ومبادئ جميع القوى السياسية في كردستان العراق . 

 وكانت قد أكدت تقارير صحفية رسمية في إقليم كردستان العراق قيام السلطات في وزارتي الأوقاف والثقافة بمنع تداول عدد من الكتب الدينية التي تخالف المنهج الإنساني المعتمد من قبل السلطات في الإقليم، والمتمسكة بضمان كافة حقوق الإنسان بما فيها حرية العقيدة والأديان، فتم منع الكتب التي تحث على التطرف وتمجيد الفكر الإرهابي  وتدعو للكراهية    . 

أن حماية الإنسان من انتشار الفكر المتطرف، وخصوصا شريحة الشباب من بين أهم المهام التي تضطلع بها مؤسسة السلطة التنفيذية، لضمان السلام والآمان في الإقليم،  كما أن انحراف بعض رجال الدين في توجهاتهم المتطرفة ودعواتهم المبنية على كراهية الآخر والتحريض ضده ، تعتبر من أكثر مخالفات الدستور وهدما لكل المبادئ التي ترتكز عليها الحياة في الإقليم . 

ومع التزام سياسة الإقليم بمنهج حرية الكلمة وحرية الأعلام والثقافة  والفكر، إلا أن واجب حماية العقول والمجتمع من الدعوات التي تمهد أو تروج للمذاهب التكفيرية أو تبث الأحقاد داخل  المجتمع واجبا وطنيا وإنسانيا، بل ويعزز من عدم تلويث الحرية الفكرية والعقيدية المبنية على احترام الإنسان وضمان حقوقه، الإنسان الذي كرمه الله وفضله على كثير من المخلوقات تفضيلا  . 

ولعل من مظاهر حرية العقائد في كردستان، في أن تتجمع ديانات ومذاهب وملل عراقية عديدة وجدت لها في الإقليم تلك الضمانات والاحترام في المواقف وفي القوانين والتسهيلات والحماية التي توفرها لهم سلطات الإقليم، بعد أن وجدت إنها ملاحقة أو مستهدفة في مناطق عراقية أخرى، وراح ضحية ذلك العديد من أتباعها وأبناؤها . 

  وتعزيزا لمناهج الأديان التي تدعو للسلام والمحبة والتآخي بين الناس، وتحثهم على نشر الفضائل وقيم الخير والتعاون والمحبة، فان نصوص الدستور   تحظر كل كيان أو نهج يتبنى الفكر الشوفيني أو الفاشي أو العنصري أو الإرهابي أو التكفيري أو التطهير العرقي أو الطائفي أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له، وبالتالي يعطل العقل ويضعف روح الانتماء إلى الوطن  .

 وتلتزم سلطات كردستان العراق بمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله والعمل على حماية أراضي الإقليم من أن تكون مقراً أو معبراً أو ساحة لنشاطه.

ان بناء مجتمع خالي من التطرف والنزعات التكفيرية والأحقاد يشكل قاعدة مستقبلية للحياة، وحماية الناس من هيمنة الفكر المتطرف والتكفيري على عقولهم، مع وجود بعض النزعات والتوجهات لبعض من المغرر بهم أو ممن لديهم الاستعداد للانحراف أو ممن يشعرون بفراغا فكريا لا يمنحهم فرصة التفكير المتأني مع وجود تلك الأصوات والكتب التي تسمم العقول وتدمي القلوب، وخصوصا وأن العراق الاتحادي بأكمله وضمنه الإقليم يحاربون تنظيم داعش الذي يمثل بؤرة خطيرة من بؤر الإرهاب والتطرف والتكفير، وترى تلك التنظيمات المتطرفة أنها الفكر الوحيد الصحيح وما عدها ليس خطأ أو انحرافا أنما كفرا يستحق القتل، هذا التزمت والتعصب يخلق هوة في حياة الناس، وهذا التمسك المتحجر في الفكر يستند على بعض الكتب، وهي نفس الكتب التي تحث على اعتماد الإرهاب كوسيلة لفرض الفكر المتطرف، وهي نفس الكتب التي تحث على إلغاء الآخر وتقسيم الناس وفقا لدياناتهم لا وفقا لإنسانيتهم 

لذا فأن منع  بيع وتداول كتب التطرف ونشر كتابات تشوه المعاني الحقيقية للإسلام لن يكون فاعلا ومنتجا مالم يصاحبه حملة تثقيفية ودينية يشارك بها رجال الدين، وتعتمدها منظمات المجتمع المدني لتحصين العقول وتبيان خطورة تبني الفكر التكفيري وتضليل الفكر المتطرف،  ومثل تلك الكتب التي  يتم تشخيصها من قبل وزارتي الثقافة والأوقاف تحمل تحريضا وميلا نحو العدوانية وإلغاء الأخر، كما إنها تنحرف عن المنهج الإنساني المعتمد في الحوار والوعي، وتبث الخوف والإرهاب بين الناس، وتجعل حياتهم قلقة وغير مطمئنة وآمنة  لاعتمادها على القتل والذبح والتنكيل، بالإضافة الى ممارسة القتل العشوائي عن طريق تفجير الجسد والانتحار ، وسلب أموال الناس واستباحة أعراضهم وإنزال الأحكام المتطرفة وذات النزعات الإجرامية  وكل ذلك باسم الدين وهو منها براء .  

كما أن معاضدة الأعلام الحر وبالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني سيجعل من هذه الظاهرة مقيدة مع وجود حالات الوعي وأعمال العقل في خطر التكفير والتطرف  وما ينتجه من خطورة على الحياة في كردستان العراق، وتعزز المنهج المعتدل الذي يمثله النص الدستوري المتمثل في ضمان حرية العقائد فكريا وعمليا  . 

أن عملية ازدراء الأديان والانتقاص من الأخر والاستخفاف وتسفيه المقدسات يعد عملا يعاقب عليه القانون ، ومن هذا المنطلق ينبغي أن تكون هناك ضوابط وحدود في الفكر لكبح جماح استغلال هذه الحرية ، ولهذا فان الخطوة التي اتخذتها الجهات المسؤولة في الإقليم بمنع نشر وبيع وتداول الكتب التكفيرية والمتطرفة والداعية لنشر الإرهاب والاحقاد، تعد خطوة ايجابية ومساهمة فعالة في عملية بناء قاعدة اجتماعية رصينة مبنية على الحرية والسلام في إقليم كردستان . 

 

زهير كاظم عبود

[email protected]

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket