احتضار داعش

الاراء 11:04 AM - 2015-03-31
احتضار داعش

احتضار داعش

كثيرة هي الدلائل والعلامات التي تدل وتشير بوضوح جلي الى ان تنظيم "داعش" الارهابي بدأ يعاني من التقهقر المريع والموت السريري ويقترب من الاحتضار والتلاشي وبات يحتاج الى "عناية" مركزة تديم وجوده وبقاءه على قيد الحياة اطول فترة ممكنة وبما يحقق الأجندة التي كان يتوخاها مهندسو ومبرمجو وممولو هذا التنظيم الذي ولد بعملية قيصرية انتجت جنينا مسخا ومشوها من رحم تنظيم القاعدة الام التي انتجتها مآلات التحولات الدراماتيكية للحرب الباردة التي استعرت أوارها بين المعسكرين الشرقي والغربي والتي توجت سيناريوهاتها الساخنة بالغزو السوفياتي لافغانستان و"الفرصة" الثمينة التي انتهزتها الولايات المتحدة من اجل التأثير على الوجود السوفيتي في منطقة الخليج العربي بالذات، وهي المنطقة التي تشكل عصب الاهميات الجيوستراتيجية للولايات المتحدة وللعالم الرأسمالي عموما، وقد وفر الاحتلال الروسي لافغانستان والغزو الصدامي للكويت فيما بعد الغطاء الكامل لشرعنة التواجد والتمدد الاميركي والغربي لحماية مصالحهم الحيوية والجيوستراتيجية في الشرق الاوسط.

ومن يتابع الخطوط البيانية لسيناريو نشوء وصعود تنظيم "داعش" الارهابي - وهو النسخة الاكثر سوءا وتوحشا ودموية من تنظيم القاعدة الام - في الاراضي السورية وفق أجندات اقليمية سياطائفية وحسابات دولية ـ اقليمية تخص الشأن السوري ومآلات الحرب الاهلية الطاحنة في هذا البلد ومن ثم زحفه الى الاراضي العراقية وتشكيل ما يسمى بدولة الخلافة في العراق والشام (باعتبار ان العراق وسوريا يمثلان مجالا حيويا واحد ومنطلقا ستراتيجيا لداعش)، اقول ان من يتابع هذا السيناريو سيجد بأن تنظيم "داعش" تمتع في بعض الأحيان ببعض إمكانات الدولة نتيجة الدعم والتأييد الإقليمي الواسع وامتداداته الدولية الأخطبوطية في كل أرجاء العالم وفي مجالات عدة شكلت العمود الفقري للقوة التي منحت "داعش" وجودا استطاع من خلاله ان يحتل مناطق شاسعة من العراق وسوريا، يضاف الى ذلك دعم حواضن محلية تورطت في اسناده وقدمت تسهيلات لوجستية وتكتيكية فضلا عن مواقع ستراتيجية كان يتحصن بها ويستثمرها في عملياته العسكرية والارهابية في كل الدول التي يتواجد على اراضيها، لأن الاخطبوط الداعشي وصلت مخالبه الى تخوم بلدان عديدة كمصر وليبيا ودول افريقية اخرى وصار يهدد دولا كبرى كندٍ لها. إلا أن الخطوط البيانية العريضة لـ"داعش" لم تكن على وتيرة واحدة فتأرجحت صعودا ونزولا، وفي الآونة الاخيرة شهدت خطوطه البيانية ادنى منسوب لها وذلك نتيجة لأخطائه الفادحة وتخبطاته المريعة وفقدانه العديد من مصادر التمويل والدعم اللوجستي وبدأ نفوذه ينحسر ويتراجع كثيرا نتيجة الضربات الجوية الماحقة والانتصارات العسكرية النوعية والستراتيجية التي تحرزها قواتنا العسكرية والامنية مسنودة بقوات الحشد الشعبي و"البيشمركَه" والعشائر.

لقد بدأ "داعش" يخسر امتداداته الإقليمية بعد ان اصطفت الدول والجهات التي كانت تقف وراءه ضمن منظومة التحالف الدولي لمناهضته بعد ان ادركت انها لن تكون بمأمن من شرور هذ التنظيم المتوحش، كما بدأ يخسر حواضنه ومناطقه الستراتيجية الواحدة تلو الاخرى بعد ان استردت قواتنا العسكرية تلك المناطق وجردت "داعش" من اهم مرتكزاته الحيوية التي كان يتمتع بها، فيكون وفق هذه المعطيات الملموسة على الارض ان زوال "داعش" المحتضر هو مسألة تحتاج الى بعض الوقت والجهد والتضحيات والصبر والتكاتف والتلاحم الوطني ناهيك عن الموقف الجاد والمطلوب إثباته على الارض من قبل المجتمع الدولي من خلال التزاماته تجاه العراق ومراجعة النفس بالنسبة للذين كانوا جسورا مجانية لـ"داعش" للعبور فوق تخوم الوطن.

 

عباس عبد الرزاق الصباغ

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket