بناة المستقبل

الاراء 11:15 AM - 2015-03-30
حسين فوزي

حسين فوزي

لن نختلف في وجود مفكرين وشخصيات قبيل تأسيس الدولة العراقية الحديثة وبعدها تطلعوا إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية، لكن هذه الشخصيات لم تنجح في تحويل هذا الطموح إلى حركة جماهيرية. 

لكن هذا الطموح اكتسب بعداً خاصاً بالعمل على ترويج قيم المجتمع المدني الديمقراطي وربطه ربطاً محكماً بطموح الأستقلال الوطني والحرية بعد 31 آذار 1934، يوم اتفاق خلايا التجمعات المتفرقة في البصرة والناصرية والعمارة وبغداد(ضمنها تكريت) على توحيد الجهود في لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار.

ومنذ كان يوسف سلمان يوسف (فهد) في الناصرية، وعى الربط المحكم بين “العدالة الإجتماعية” والديمقراطية وضرورة تلازمهما لبناء دولة وطنية مستقلة حرة مدنية ديمقراطية. وسرعان ما التف جمع فاعل من المثقفين معه، حتى انتخبوه قائداً لهم. وكان عمال السكك والمؤانئ والمعهد العالي للمعلمين ومدرستي الطب والمحامين من اوائل “الحواضن” الطبيعية للفكر الذي دعا له الشهيد فهد وجمع القادة الأوائل للحزب الشيوعي العراقي، في نشاط دائب لتجاوز “نشاط ثوريي الصالونات” المترفين.

لم تكن مهمة الشيوعي العراقي سهلة، فبعد ان كان القانون العراقي يحكم بالسجن على من يدعو للإشتراكية، كان التعديل السريع للقوانين للحكم على مقتنعي الشيوعية بالإعدام، فكان استشهاد فهد وصارم وحازم في شباط 1949. ولم يكن استشهاد الثلاثة صدفة، فكل منهم كان من طيف مهم من اطياف المجتمع العراقي، لكنهم تمسكوا بمعتقدهم في ان الفكر الماركسي بوصلة الطريق الهادية إلى توفير حياة حرة كريمة للعراقيات والعراقيين، بتوظيف كل مكامن ثروات البلاد والطاقات البشرية للإرتقاء بالمستوى المعيشي، بتطوير الزراعة وإقامة صناعات، تؤدي إلى تشغيل الأيدي العاطلة ورفع المستوى المعيشي، وتحقيق طفرة نوعية في بناء الإنسان، بما يوفر رعاية لائقة للمرأة والطفل والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، والتعامل وفق قيم حضارية لنصوص قانون مدني وفق دستور يستوحي التراث الإنساني، ضمنه الحضارة الإسلامية.

من اجل هذه الطموحات الثورية المشروعة صعد المشانق وتحدى الموت جمع غفير من آلاف الشيوعيين، من كواكبهم فهد الأمين العام المؤسس، وحسين احمد الرضي سلام عادل، وجمال الحيدري الذي تولى قيادة الحزب بعد استشهاد سلام عادل في آذار 63، بصحبة الشهيدين محمد صالح العبلي وعبد الجبار وهبي ابوسعيد، بعد فشل حركة معسكر الرشيد ، وعائدة ياسين التي كانت من اوائل التصفيات الدامية بعد الكشف السافر عن طبيعة النظام الشمولي لانقلاب 68.

المهم في مسيرة الحزب الشيوعي العراقي تمسكه بالنضال لإقامة دولة مدنية ديمقراطية، واتحادية فيما بعد، لبناء وطن يليق بالإنسان ليعيش في “وطن حر” مكوناً “شعب سعيد”، لا يضام فيه اي مكون أو طيف، فبقي الحزب الشيوعي شامخاً بأمجاده ولحق العار بكل من حاربه وإدانة التاريخ لمن هدر دماء مناضليه..

ويظل الشيوعي العراقي إرادة الأمل المتجردة في مستقبل حياة افضل متحدياً الموت والمغريات. وصدق الجواهري بتحيته لشهداء الحزب الشيوعي:

حماة الحمى والليالي تعود

               وخلف الشتاء ربيع جديدُ

سيورق غصن ويخضرعودُ

               ويستنهض الجيل منكم عميدُ

 

حسين فوزي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket