جوهر السياسة الحقيقية يكمن في الإدارة الذاتية الديمقراطية

الاراء 12:59 PM - 2015-03-05
.

.

السياسة من الضرورات الحياتية الهامة التي يعتمد عليها المجتمع في كافة الأصعدة  للعيش بشكل أفضل، بشكل كومينالي ديمقراطي وحر، والوسيلة الراقية للتغلب على مصاعب الحياة، كما إنها المعنية الوحيدة بجوهر المجتمع الطبيعي الأخلاقي، وهي الإبداع الممارس للوصول إلى المساواة والعدالة الاجتماعية، وإظهار لب الحياة الديمقراطية في العصور النيولوتيكية بماهيته السياسية الحرة، حيث يعتبر الأخ الحقيقي لمصطلح الديمقراطية المبني على الأسس الاشتراكية.
تضم السياسة كافة خلايا المجتمع، مهمتها تأمين كافة متطلبات المجتمع بشكل جماعي ديمقراطي، بالعودة إلى الكلان الذي ضم ضمنه كافة الأفراد لتحقيق المتطلبات بشكل جماعي كوميني، وتستمد السياسة أساسيتها أيضاً من المبادئ التي طرحها زردشت بالتفكير الجيد والقول الجيد والقيام بالأعمال الحسنة، وشكلت البنية الأساسية لتطور الإنساني خلال المراحل الرئيسة التي مر خلالها من (مرحلة الميثيولوجيات، مرحلة الأديان السماوية، مرحلة الفلاسفة ومرحلة التطور العلمي في عصرنا الحالي)، وكانت المرأة الرائدة في عمق مصطلح السياسة وتطبيقه بجوهره الحقيقي اعتماداً على ذكاءها العاطفي وأمومتها العادلة تجاه كافة الأفراد التي تضمها الجماعة.
للأسف الشديد ومع بالغ الحزن وري ثرى السياسة الحقيقية بعد ظهور الذهنية الذكورية الحاكمة مع بدايات تأسيس الزيغوراتات والآلهة وسرقة قوانين المرأة وإخراجها من فحواها الأساسي، فابتعدت السياسة كل البعد عن أهدافها الرئيسية على يد التسلط الذكوري على الحكم ونمو العقل التحليل بأساليب المكر والحيلة والمصلحة الفردية العنصرية، ووقع هذا المصطلح الديمقراطي في الظلام الحالك للمخططات الدولتية والقوموية والديكتاتورية، وأنحرف عن مساره الرئيسي الكامن بالعدل والمساواة والحرية، أصبحت الأداة الخاصة بيد أساتذة الاستعمار والاحتلال والقمع الفكري والثقافي للمجتمعات الأصيلة والعريقة، بدءاً من الرهبان إنتهاءاً بالدول الرأسمالية القائمة حالياً، حيث تفشت فيها كافة معاني الحكم المطلق والفردوية والمجتمع الطبقي والعبودية، كما تغير الشكل واللون الحقيقي للسياسة.
نعود إلى الوقت الحالي الذي تمارس فيه السياسة في سوريا وروج آفا خاصة، والتطورات التي طرأت عليها بربطها مباشرة مع تطور السياسة خلال ثورات التي بدأت في منطقة الشرق الأوسط باسم الربيع العربي التي نادت بالديمقراطية وسرعان ما تحولت إلى ثورات مسلحة أكثر ديكتاتورية مع فقدانها لخضارها ورونقها السلمي الحر، وثورة روج آفا التي بدأت في 19 تموز حيث كسرت القالب الذي فرضه كل من النظام والمعارضة على الشعب السوري.
حيث تعتبر سوريا من الأماكن التاريخية الهامة والإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، وأي خلل فيها يؤثر سلباً على كافة المناطق المجاورة لها، والشعب السوري مؤلف من الكثير من القوميات والأديان والمذاهب العريقة، ولكن لم يعد بالإمكان ممارسة السوريين السياسة بشكل حر، بل تطبيق ما يمليه عليه الطبقة الحاكمة ضمن النظام السوري الذي يدعي الوحدة والحرية والديمقراطية، ولم يعد بالإمكان التخطيط بشكل تعاوني إنما تنفيذ أوامر الأسرة الحاكمة وأتباعها، وتشكل نظام التدرج الطبقي والإقصاء العرقي لشعوب المنطقة، والعمل على سياسة الإنكار بحق القوميات، وتمحور الدور الرائد للنظام الرأسمالي من منطلق اللون الواحد (الحزب الواحد، القومية الواحدة، اللغة الواحدة و.........الخ)، وحرق النسيج الزاهي للمكونات التي تعيش في المنطقة والتناغم الموجود على أسس أخوة الشعوب وتآخيها، والوصول إلى منطق الإبادة الثقافية والابتعاد عن الأخلاق الاجتماعية الطبيعية.
كذلك الحال بالنسبة للصورة السياسة التي رسمتها المعارضة بتسمياته المختلفة منذ بداية الثورة في سوريا، حيث بدأت بمبدأ إنقاذ المجتمع من الخضوع والذل الذي فرضه النظام البعثي الشوفيني، ولكنها كشفت سريعاً عن قناعها الديكتاتوري الذي يختلف كثيراً عن النظام البعثي، ونستطيع أن نشبهها إلى حد معين بالثورة الشيوعية في روسيا ضد النظام الحاكم وسرعان ما تحولت البروليتارية (طبقة الكادحين) إلى وحوش أكثر تعطشاً للسلطة، كما حاربت المعارضة كافة أشكال الديمقراطية التي حلم بها شعوب المنطقة وأتبعت نفس مسار النظام الحاكم، كما يقول القائد عبدالله أوجلان تحريف الليبرالية للاستقلال السياسي بتحويله إلى استقلال الدولة القومية المزيفة، وكسرت آمال الشعب السوري وعمت الفوضى والتخريب كافة المناطق السورية.
مع بدأ ثورة روج آفا بتاريخ 19 تموز في كوباني وتدرجها لكافة المناطق في عفرين والجزيرة عاد مصطلح السياسة إلى جوهره الحقيقي الأصيل واكتسبت المعارضة في تلك المناطق طابعها الحقيقي ومحتواها الرئيسي ضد كافة أنواع الإبادة الاجتماعية والصهر الثقافي وسياسة الإنكار للأقليات المضطهدة في وجه النظام الديكتاتوري الحاكم والمعارضة المزيفة، والحفاظ على الميراث العرقي الثمين لدى شعوب المنطقة، وطرح مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية في المنطقة للوصول لأرقى مستويات الديمقراطية والتعايش المشترك، معتمد على المبادئ الكومينالية ومجتمع الكلان الطبيعي، وإدارة المجتمع نفسه بنفسه.
شكل السياسة الجوهرية في روج آفا وإدارته الذاتية الديمقراطية الولادة الجديدة للديمقراطية، وأظهرت الماهية الحقيقية لثقافة الشعب الكردي الذي تعرض للإنكار والصهر العرقي، حيث وحدت الأطروحة الجديدة لقائد الشعب الكردي عبدالله أوجلان الرؤى السياسية لكافة المكونات القاطنة في روج آفا من (كرد، عرب،سريان و......الخ) على منطلقات الأخوة والمساواة والعدل، وتنظيم كافة الأفراد بغض النظر عن الطابع القومي أو الديني ضمن مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية، وتحقيق الديمقراطية الحقيقية والمعنى الحقيقي للسياسة بالتشارك والعدل واتخاذ القرارات وفق الهرم المعكوس إنطلاقاً من القاعدة الجماهيرية الحرة.

جنكين حجي محمود

PUKmedia

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket