ثقافة تدميرية

الاراء 11:05 AM - 2015-03-05
ثقافة تدميرية

ثقافة تدميرية

إن الصراع مع داعش مصيري من أجل الانسانية ولبقاء الشعوب اليوم، فالتنظيم الارهابي ومن يسير في فلكه ، خليط من اوباش العالم وأغبياؤه الذين يتعاملون مع الواقع الإنساني من منظور بدائي ، فقطع الرؤوس وحرق الآدميين وإزالة المعالم التاريخية وسرقة الآثار أو تهديمها وفرض أحكام قاسية على المجتمع واستقطاب الجيل الشاب ليكون أداة لداعش وممارسة الأفعال الشنيعة التي يندى لها جبين الإنسانية جميعها نقاط سوداء تعبر عن محنة يعيشها العالم اليوم على مستوى الوعي والثقافة والحرية ، فمن المؤكد أن داعش تستغل اضطهاد البعض في مجتمعاتهم لكي تضمهم إلى صفوفها ، إذن أزمة داعش ليست مجرد ظاهرة كانت نتيجة التدخل الخارجي في دول العالم بل ثمة سبب آخر يتمثل في الانحطاط الفكري في المجتمعات الشرقية فتحولت إلى بؤرة لنمو التطرف بمختلف أنماطه . لم تبرز ظاهرة الإرهاب إلا بسبب نموها في المجتمع الشرقي ويبدو أن الإرهاب ذو أهداف خطيرة على افتراض تحققها فإن مجرى التاريخ سيتغير تماما وستموت ثقافات الشرق إلى الأبد لتظهر ثقافة مغايرة تماما تتمثل في ظهور مجتمع منسلخ من الهوية الإنسانية ومنحرف تماما وعند تحقق هذا الهدف المفترض فإنه إيذان بنهاية التاريخ الإنساني وموت القيم المنيرة ، فهل ثمة من يدعم هذه الظاهرة ولماذا ؟ وهل فكر من يدعم داعش مليّاً بمنعكسات ذلك على المدى القصير والطويل ؟ هل فكر كيف سيكون حال الأجيال القادمة عندما تتمكن داعش من بسط الهيمنة على المنطقة ؟ يبدو أن من يدعم داعش من دول وشركات ومنظمات ومافيات هدفه التخريب وسحق الجنس البشري ليسقط العالم والتاريخ في هوة الموت ، لكن من الغباء أنه لم يفكر بآثار داعش عليه ، فداعش ظاهرة سياسية لو تم لها الانتشار فإنها ستنتقل إلى العالم أجمع ومنها الدول الداعمة لها ، ومن المؤكد أن من يدعم داعش يستخدم أدواته من بيئتنا وليس من بيئته ومنها سلاح التطرف المزروع في بيئتنا خاصة التطرف الديني ، وهذه هي نقطة الضعف في مجتمعاتنا الشرقية ، لذلك لابد من وقفة حازمة على مستوى الحكومات والمنظمات خاصة في المنطقة لمحاصرة داعش ووقف مدها الخطير الذي يهدد العالم والتاريخ والأجيال وثقافات الشعوب وقيمها ، وللأسف تبرز داعش في العراق وسوريا لأنهما بيئتان خصبتان لنموها فمتى ما تم اقتلاع جذورها من هذه البيئتين فإنها ستتلاشى تماما مثلما يتلاشى ويختفي الدخان . ما يزال الصراع مع داعش محتدما خاصة في العراق ولم يتم حسم هذه الظاهرة وكبح جماحها بعد والأمر مرتبط بجملة من العوامل المساعدة منها توحيد الموقف السياسي المحلي والإقليمي والدولي وتوسعة نطاق الحملات الدولية الجوية ضد داعش ، وتدريب الجيش العراقي وتطوير تسليحه ومعداته ليكون مؤهلا للقضاء على داعش عبر اكتساح داعش وليس فقط الوقوف موقف الدفاع فهذا لا يكفي لأن داعش كظاهرة لا يكفي التعامل معها فقط بطريقة الدفاع بل لابد من تجهيز الجيش العراقي ليقوم بمهمة هزيمة داعش ودحره لتبدأ بعدها مرحلة نشر الوعي بين الأجيال الحاضرة والتعريف بمخاطر هذه الظاهرة الغريبة ، فعلى افتراض هزيمة داعش عسكريا ستظل داعش كامنة في أذهان شرائح من المجتمع المتطرف لتبدأ دورة جديدة مستقبلا قد تكون أخطر من دورتها الحالية ، قد تحاكي أسلوب الأفاعي في تغيير جلودها بجلود أخرى أكثر صرامة ، إنها إذن معركة بين فريقين فريق إنساني وفريق لا إنساني ، ومن المؤكد أن الفريق الأول يمثل شعوب العالم الحر بأسرها بينما الفريق الثاني يمثل شذاذ الآفاق وعصابات متفرقة في الشتات تجمعت على حين غرة لتقلب موازين التاريخ والعالم ، لكن هل ستنتصر الشعوب الحرة ؟ من المؤكد أنها ستنتصر لأنها تعتز بقيمها وتاريخها بينما داعش ستضمحل لأنها ظاهرة غير طبيعية .

 

يعقوب يوسف جبر

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket