استهداف الحضارة

الاراء 11:06 AM - 2015-02-28
إياد مهدي عباس

إياد مهدي عباس

الاعتداء على التراث والثقافة وعلى الموروث الحضاري في أي مكان في العالم هو اعتداء على الشعوب واستهداف لهويتاها وتاريخها وان ما قامت به عصابات "داعش" من تدمير للآثار في الموصل هو دليل على ان هذه العصابات لا تستهدف الإنسان فقط بل تستهدف الثقافة والتاريخ والحضارة.
ان استهداف المواقع الأثرية في الموصل كان دليلا جديدا على ان العراق يتعرض لهجمة شرسة من قبل مجموعات إرهابية متطرفة هدفها تدمير كل ماهو حضاري وثقافي وعلمي في هذا البلد، فالجرائم التي تقوم بها هذه العصابات لم تتوقف عند قتل الإنسان وانتهاك حقوقه بل توسعت لتشمل التراث الديني والحضاري والثقافي عبر استهداف الأضرحة والكنائس والمتاحف وتدمير وتهريب الآثار العراقية التي لا تعد ملكا للعراقيين فقط بل هي ملك للإنسانية جمعاء.
السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هو: لماذا انتظر تنظيم "داعش" كل هذه الفترة قبل ان يقوم بتدمير الآثار العراقية في متحف الموصل؟. الجواب واضح وبسيط وهو ان ارتكاب هذا التنظيم الارهابي لهذه الجريمة جاء في توقيت يعكس شعوره بأن أيامه أصبحت معدودة في العراق وان المعركة الحاسمة أصبحت على الأبواب، فـ"داعش" كانت تسيطر على الكثير من المتاحف في الموصل ولم تقدم على تدميرها إلا اليوم لندرك جميعا بأن "داعش" بدأ يشعر باليأس بعد الانتصارات الأخيرة التي يحققها الجيش العراقي وأبطال الحشد الشعبي والتي ساهمت في زرع الرعب والخوف لدى عصابات "داعش" التي صارت تتقهقر أمام زحف القوات العراقية البطلة.
لقد نجح العراق في تعبئة الرأي العام العالمي كما نجح في ان يستنهض مساعدة المنظمات الدولية التي تعنى بالتراث الإنساني العالمي باتجاه توفير الحماية للآثار العراقية وتمكنت الجهود العراقية من إقناع المجتمع الدولي بضرورة إقرار القوانين التي تمنع المتاجرة بالآثار العراقية والسورية كونها تمثل مصدرا من مصادر الدعم المالي للتنظيمات الإرهابية. ومن الجدير بالذكر ان الآثار العراقية كانت قد تعرضت في  2003  بعد سقوط النظام الفاشي الى السرقة والتنقيب العشوائي، الا ان الهجمة الداعشية اليوم اشد شراسة وهمجية لأنها تعمل على تدمير الآثار العراقية بقصد الإضرار بالموروث الحضاري والديني في بلاد الرافدين.
هذه الجريمة الجديدة تضاف الى جرائم "داعش" الكثيرة التي أصبحت تزداد وحشية وهمجية كلما شعرت عصابات "داعش" بهزيمتها ونهايتها المحتومة لنكون أمام ضرورة التحشيد الكافي للمعركة الحاسمة وإنهاء مسلسل الجرائم الوحشية التي ترتكب بحق العراقيين وتراثهم وتاريخهم, كما لابد من تفعيل واستثمار القرارات الدولية المتعلقة بحماية الآثار العراقية من السرقة والمتاجرة بها في مختلف دول العالم والتعاون مع التحالف الدولي للإسراع في إنقاذ ما تبقى من آثار في الموصل قبل ان تمتد إليها الأيادي الهمجية.
إياد مهدي عباس

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket