من يحكم؟

ساطع راجي

الإرباك في تنفيذ قرار إقالة أمين العاصمة نعيم عبعوب وتعيين ذكرى علوش بدلا عنه يدفع الى التساؤل عمن يتخذ القرارات في البلاد؟ وماهي المسافة الفاصلة بين اتخاذ القرار وتنفيذه والجهة التي تمتلك سلطة نصب سيطرة فوق هذه المسافة فتمنع الامينة علوش من إشغال منصبها وتمنح المجال لعبعوب للبقاء في منصبه؟، السؤال هنا لايتعلق بأمانة العاصمة وحدها بل بجميع المؤسسات وبكل القرارات التي تتخذها الحكومة أو رئاستها. 

الجهاز الإعلامي والإداري لرئاسة الوزراء لم يبين تفاصيل هذه المعركة وأطرافها لكن أمانة العاصمة تطوعت لتكشف للرأي العام ان جدالات سياسية وراء تجميد قرار رئيس الحكومة، وهذا التبيين يقود الى غموض أكبر، مثلا: لماذا اتخذ القرار دون تشاور او تداول سياسي؟، سواء بالمحاصصة أو بدونها كان لابد من انجاز تداول سياسي بين الشركاء، هذا ضروري ومنطقي في أي حكومة أما أن يتخذ القرار دون مداولة فهو الخطأ بعينه، هنا لانعرف فيما إذا كان السيد رئيس الوزراء اراد اختبار مواقف شركائه وتجريب سقف قوته أم ان الشركاء قرروا احراج رئيس الوزراء وادخاله في لعبة اثبات السلطة. 

الارباك في تنفيذ قرار اقالة عبعوب يدعو الى التفكير في حقيقة توازنات القوى داخل الحكومة وطريقة صنع القرار فيها والاعلان عن هذا القرار، كل الملابسات تقود الى اننا أمام حكومة مرتبكة قد تجيد تبرير الارباك لكنها في النهاية لاتستطيع تجاوز هذا الارباك، في اسبوع واحد يمكن احصاء عدة حالات للاخفاق ابتداء من قرار تأخير الرواتب وحتى اقالة عبعوب وتعيين علوش مرورا بملابسات تنفيذ الاتفاق النفطي بين بغداد وكردستان.

تحت سطح التوافق الجميل يجري صراع عنيف بين أقطاب الحكومة لإثبات القوة وهو ما ينعكس ارباكا في صنع القرار والاعلان عنه وتنفيذه، في وقت الحرب يكون هذا الارباك قاتلا ويدفع الى تقويض الثقة، ماذا بشأن تنفيذ القرارات التي لايعلن عنها مثلا وتحديدا في الملف الأمني؟!!، من يعترض عليها؟ من يعرقلها؟ وما هو تأثيرها على الاداء العام للقوات المسلحة؟!، هذا الارباك والصراع داخل الحكومة ليس في مصلحة أحد.

العراق في مرحلة اتخاذ القرارات الحاسمة، واذا كان تغيير أمين بغداد يعني خوض معركة سياسية فان التوصل لتسويات دولية يكون شبه مستحيل، المواطن يفسر الخلاف بين أقطاب الحكومة على أمانة العاصمة بأنه معركة على غنائم عاصمة مستباحة للتجاوزات ولسرقات المال العام، قوى تسمح باتهامها بهذه الجناية تصعب على نفسها قيادة البلاد والانتصار في أي معركة.

ساطع راجي / الاتحاد البغدادية