إنجاز.. !

الاراء 10:38 AM - 2015-02-01
محمد ثامر يوسف

محمد ثامر يوسف

وضع زملاء صحفيون كثيرون كلمة “إنجاز” بين قوسين  تحفظا على النشوة التي طبعت تصريحات نواب وساسة من بينهم السيد رئيس الوزراء نفسه راحوا يبشرون بإقرار الموازنة العتيدة، بوصفها إنجازا، فيما الامر في الحقيقة بالنسبة للناس مختلف، وهو حسن عندهم فقط من اجل أن تنتهي هذه المعمة التي طالت أكثر مما يجب، وصارت مملة، وكي تقل دوخة الرأس، وذلك لأن جل هؤلاء المواطنين  بالنهاية يعرفون ان ماسيجنونه ابتداء من هذه اللحظة لايتفق مع أحلام الرخاء العريضة التي كان بشر بها سادة العراق الجديد ، أعني من بوسعه أن يحلم بعد؟.. مع ان كل هذه المنغصات ليس لها علاقة بالمستجدات الحاصلة فقط، داعش وهبوط النفط، انما بشكل اساسي بالفساد الهائل، وخفة السياسة العامة وسوء التدبير.

وسواء بالنسبة للاوضاع الشخصية، او ماسيتحقق على صعيد تأمين الخدمات العامة المنهارة اصلا ، والتي لم تتحسن يوم كانت البلاد تعيش أزهى سنواتها المنقضية مع تبذير وسرقات مالية مهولة، فما بالك الآن وداعش على الباب واسعار النفط تنحدر الى هذه الدرجة المخيفة، مع ذلك فإن ثمة من يغالي بالتفاؤل ويأمل حتى مع هذه الظروف بتحقق أبسط المطالب المشروعة مع هذه الموازنة القلقة فيما لو أحسن أحد إدارة أموالها والتعامل معها بشكل معقول، الامر يتعلق مثلا بترميم الشوارع التي لم يطالها التأهيل منذ عقود طويلة ، اوالتقليل من حدة أزمة الكهرباء او اصلاح المجاري المتهالكة وتأهيلها، هذه أقل الاشياء التي يفكر بها البشر ويستحقها الأهل مهما كانت أموال الموازنة على المحك، على سبيل المثال لاالحصر ، وإلا لماذا الدولة دولة؟!.. 

لكن حتى هذه الاشياء المستحقة العادية ومع تصريحات متشائمة منذ مدة ومع أخبار مزعجة يومية تتلاحق مع سرعة تراجع أسعار النفط ، قد تبدو فعلا أحلاما صعبة حتى لو تم ضبط كل شيء، من يدري؟..  الخيال العراقي الذي تلاعبت به حكايات الفساد وأخبار الاموال المهدورة بالنهب وسوء الادارة طيلة السنوات الفائتة كأنه ليس معنيا  الآن ـ مع كل هذه الصعوبات ـ بأكثر من التفكير  وبقلق بكيفية توفير الرواتب الشهرية بعد بذخ، خيال مر، ظل مطمورا عليه وغافلا،  يكتشف العراقيون معه ومع سنتهم الجديدة هذه، وهي سنة رعب حقيقي وقحط ، كم أن المسافة كبيرة بين هذا الواقع وبين كل تلك الأحلام. كما وبإمكانهم أيضا ان يتخيلوا ابتداء من هذه اللحظة كل شيء ، بل وعليهم أن يتوقعوا كل مكروه، أما من قال أن اقرار الميزانية أمس وحده (إنجازاً)، فالساسة وحدهم!.

 

محمد ثامر يوسف

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket