في إنتظار الأزمة

الاراء 02:42 PM - 2015-01-27
ساطع راجي

ساطع راجي

تحالف القوى الذي شكل الحكومة يعيش أزمة شبه صامتة، لا يخرج منها للعلن إلا القليل من العلامات بسبب الظرف الامني الاستثنائي والضغط الدولي، أزمة الحكومة الحالية تتمثل في عقدة عراقية مزمنة هي عدم قدرة او رغبة القوى السياسية بتنفيذ شيء مما تتعهد به او حتى تكتبه وتعتبره خارطة لطريقها، هي لا تلتزم بأي برنامج حتى في مستوى ادائها الداخلي كتنظيمات حزبية.

في تفاصيل الازمة الصاعدة، يشكو الشق النيابي لتحالف القوى السنية من تأخر تنفيذ الاتفاق السياسي الذي تم تشكيل الحكومة على أساسه ويجد النواب السنة أنفسهم وحيدين بينما يلتزم الصمت زملاؤهم الذين حصلوا على مناصب حكومية حتى ان كانوا يصنفون كصقور سابقا أو ممن كانوا يشاركون في ادارة الازمة الطائفية وتفعيلها خلال السنوات الثلاث الاخيرة.

التحالف الوطني يشكو أيضا من أزمة، إذ يشهد خلافات حادة حول رئاسته تهدد تماسك التحالف الذي تم اعادة تشكيله على اساس التحول الى مؤسسة يراد لها ان تساهم مع رئيس الوزراء في صنع القرار وتمارس الدور الرقابي الاول عليه باعتبار المنصب من حصة التحالف الوطني كله وله الحق في المشاركة بادارته.

هذه المشاكل كانت هي السبب الاساس في الخلافات التي ضربت العراق في فترة ولاية الحكومة السابقة، رئيس الوزراء السابق لم ينفذ تعهداته للقوى السنية كما يقول نواب هذه القوى بينما كانت مكونات التحالف الوطني في الدورة السابقة تشعر بان رئيس الوزراء تمرد عليها ولم يمنحها دورا في السلطة باعتبارها المالك الاصلي للمنصب، لكن مكونات التحالف الوطني (طبعا باستثناء دولة القانون) كانت تستخدم قضايا ومشاكل الاطراف الاخرى أحيانا لتمرير غضبها وفي الوقت نفسه ترفض أن تطيح تلك الأطراف برئيس وزرائها لأن ذلك يعني تدميرا لخارطة التحاصص التي تتقاسم القوى بموجبها مواقع السلطة.

القوى السياسية تخشى من إدارة خلافاتها بطريقة علنية لأسباب عدة لكن أهمها هو الخشية من تحطيم صورة الخصم الموحد الذي تم تعليق كل الاخطاء برقبته وكشف حقيقة الطريقة التي يتم عبرها التوافق على اي رئيس وزراء، فرئيس الوزراء السابق في النهاية لم تطح به الانتخابات بل التوافقات السياسية والضغوط الدولية ورئيس الوزراء الجديد جاء عبر نفس الطريق، كل أخطاء السابق لم تخرجه من موقعه كما ان المواطنين لم يكونوا يعرفون بمن سيحل بدلا عنه إلا في لحظة الاعلان التلفزيوني، أي ان رأي المواطنين لم يكن حاسما وسيكون من المحرج للقوى السياسية ان تثير مشكلة الآن مع الشخص الذي اختارته وهاهي تنتظر الوقت المناسب لإعلان أزمتها.

القوى السياسية تبرع في تخليق وادارة الازمات لكنها تفشل في التوصل الى حلول والاسهل لها القفز من أزمة الى أخرى، هذه القوى تنسى اتفاقاتها ولذلك تستخدم كثيرا كلمة “ورقة” لإثبات انها تغيرت لكنها لن تتغير حتى تبدأ بالالتزام بالانظمة الداخلية لاحزابها هذا ان وجدت اصلا تلك الانظمة.

 

ساطع راجي / الاتحاد البغدادية 

 

 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket