هجمات فرنسا الأكثر فتكاً منذ نصف قرن

تقاریر‌‌ 12:58 PM - 2015-01-12
هجمات فرنسا الأكثر فتكاً منذ نصف قرن

هجمات فرنسا الأكثر فتكاً منذ نصف قرن

أفادت مصادر قريبة من التحقيق أن المشتبه بهما في الاعتداء الدامي على صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة شوهدا في شمال فرنسا، وتمكن من التعرف عليهما مسؤول على محطة للوقود.
وأكد مصدر آخر أن "المشتبه بهما ملثمان وكان بحوزتهما رشاشات كلاشنيكوف وقاذفة صواريخ".
شوهد المشتبه بهما في الاعتداء على صحيفة "شارلي إيبدو"، صباح الخميس الماضي، في شمال فرنسا بينما كانا في سيارة من نوع "كليو" رمادية اللون ويحملان أسلحة حربية، حسب ما أفادت مصادر قريبة من التحقيق.
وأعلن مصدر قريب من الملف أن المسؤول عن محطة وقود بالقرب من "فيليه-كوتريه" "تعرف رسميا على المشتبه بهما في الاعتداء على شارلي إيبدو".
وأكد مصدر آخر أن "المشتبه بهما ملثمان وكان بحوزتهما رشاشات كلاشنيكوف وقاذفة صواريخ".
وأوضح المصدر نفسه أن "اللوحة الرقمية غير مطابقة للسيارة". وأضاف مصدر من الشرطة أن وحدات التدخل "تلقت الأمر بالتزود ببنادق هجومية وتجهيزات وقائية".

انتشار للشرطة في المنطقة
أفادت مصادر أمنية أن انتشارا لقوات التدخل الفرنسية التابعة للشرطة والدرك يجري في شمال شرق فرنسا على بعد نحو 80 كلم من باريس حيث شوهد المشتبه بهما.
وأوضح مصدر أمني لوكالة الأنباء الفرنسية أن وحدات النخبة في الشرطة والدرك الوطنيين "تتمركز للتحقق من أهداف في هذه المنطقة حيث تم التخلي عن السيارة التي استخدمها المشتبه بهما اللذان تعرف عليهما شاهد".
والمشتبه بهما هما شريف وسعيد كواشي (32 و34 عاما)، الأول إرهابي معروف لدى أجهزة مكافحة الإرهاب في فرنسا وحكم عليه في 2008 بالسجن ثلاث سنوات من بينها 18 شهرا مع وقف التنفيذ، لمشاركته في مجموعة ترسل مقاتلين لتنظيم القاعدة في العراق.

حياة بومدين.. المطلوب رقم واحد بفرنسا
تنحدر حياة بومدين من أبوين فقيرين أنهكتهما إعالة أطفالهما السبعة، توفيت أمها عام 1994، فلم يستطع الأب ملء الفراغ وعجز عن التوفيق بين عمله ناقل مشتريات وتربية أطفاله، كانت النتيجة أن غادر الكبار البيت ونُقل الصغار إلى مؤسسة رعاية اجتماعية.
باتت حياة بومدين (26 عاما) المطلوب رقم واحد للسلطات الفرنسية بعد مقتل الشبان الثلاثة الذين نفذوا هجمات أودت بحياة 17 شخصاً في باريس على مدى الأيام القليلة الماضية.
لكن الشرطة المحلية تؤكد أنه بات من المستبعد إلقاء القبض في القريب العاجل على حياة بومدين زوجة أحمدي كوليبالي الذي لقي حتفه على يد قوات الأمن يوم الجمعة الماضي بعد مداهمة مركز تجاري يهودي كان يُحتجز فيه عدد من الأشخاص، كما أن السلطات المحلية تحمله مسؤولية قتل شرطية، الخميس الماضي، في مدينة مونروج المحاذية للعاصمة الفرنسية.
ورغم أن وسائل إعلام محلية زعمت أن بومدين كانت مع زوجها لحظة إطلاقه النار على الشرطية الفرنسية، وأنها ساعدته في عملية احتجاز الرهائن، فإن المصادر الأمنية أجمعت لاحقاً على أن الفتاة لم تكن موجودة في فرنسا أثناء الهجمات التي لم تشهد البلاد أكثر منها فتكاً بالأرواح منذ نصف قرن.

من مدريد لسوريا
وأوضحت تلك المصادر أن زوجة كوليبالي سجلتها كاميرات المراقبة في مطار مدريد الإسباني في الثاني من يناير/كانون الثاني الجاري، وهي تستعد للركوب في طائرة متوجهة إلى مدينة إسطنبول التركية.
وأكدت السلطات التركية أن بومدين - التي كانت بحوزتها تذكرة للعودة إلى العاصمة الإسبانية يوم 9 يناير/كانون الثاني- شوهدت وهي تعبر الحدود التركية باتجاه سوريا، الخميس الماضي، أي في اليوم الذي استهدف فيه زوجها الشرطية الفرنسية بعد قيام الأخوين شريف وسعيد كواشي بهجوم على صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية أفضى إلى مصرع 12 شخصا، بينهم ثمانية من أعضاء هيئة تحرير الأسبوعية الساخرة.
وتعتبر السلطات أن العمليات التي شهدتها باريس كانت ثمرة تنسيق محكم بين الأخوين كواشي وكوليبالي، ولا تستبعد أن تكون زوجة الأخير – الذي أعلن انتماءه لـتنظيم داعش الإرهابي، قد ساهمت في الإعداد لتلك الهجمات قبل سفرها نحو سوريا التي يُسيطر التنظيم على مناطق واسعة منها.
وقد نشرت الصحف الفرنسية صوراً لبومدين وهي تتمرن على الرماية بقاذفة تقليدية في إحدى غابات مقاطعة الكانتال بوسط البلاد عام 2010، وقد دأبت الفتاة وزوجها على زيارة إسلامي متشدد يدعى جمال بغال ويخضع الآن للإقامة الجبرية في تلك المنطقة، وهو بمثابة مرشد روحي لكوليبالي وشريف كواشي بعدما تعرف عليهما بالسجن في العقد الماضي.

علاقات ثابتة
وأضافت المصادر الأمنية أنها أحصت 500 اتصال هاتفي أجرتها حياة بومدين العام الماضي، وإيزانه حميد زوجة شريف كواشي المعتقلة منذ يوم الأربعاء الماضي، ونوه الادعاء العام الفرنسي إلى أن هذا العدد من المكالمات يدل على وجود "علاقات ثابتة ومتواصلة" بين العائلتين.
وتزوجت بومدين عام 2009 بأحمدي كوليبالي، مكرسة بذلك تحولاً في حياتها، إذ تزامن الأمر مع ارتدائها النقاب وتخليها عن عملها أمينة صندوق في أحد المراكز التجارية، وهجرت منذ ذلك الوقت كل نزوات الشباب، وفي احدى الصور التي وزعتها الشرطة تبدو "المطلوبة رقم واحد" غير محجبة، أما نظراتها الحزينة فتعكس الألم الذي طبع حياة هذه الفتاة الهشة.
تنحدر بومدين من أبوين فقيرين أنهكتهما إعالة أطفالهما السبعة، توفيت أمها عام 1994، فلم يستطع الأب ملء الفراغ، وعجز عن التوفيق بين عمله ناقل مشتريات وتربية أطفاله، وكانت النتيجة أن غادر الكبار البيت العائلي، أما الصغار فعُهد بهم إلى مؤسسة الرعاية الاجتماعية الحكومية، وكانت حياة ذات الثماني سنوات من بين هؤلاء، وفقا لما أوردته صحيفة لوفيغارو الفرنسية.
عكرت هذه الأحداث صفو علاقات حياة مع والدها، غير أنها حرصت على أن يكون وكيلها في الزواج، وأبت إلا أن تحظى برضاه قبل أن تسافر مع زوجها العام الماضي لأداء مناسك الحج.

أحمدي كوليبالي.. ابن فرنسا الذي أراد الانتقام
ولد أحمدي كوليبالي قبل 32 عاما في مدينة جوفيزي سور أورج الواقعة على بعد 19 كيلومترا جنوب شرق العاصمة الفرنسية باريس، وكان الأخ الوحيد لتسع شقيقات، وترعرع في مدينة غرينيي التي يتجاوز معدل البطالة فيها 40%.
"إنهم أناس لم يعودوا يشعرون للأسف بالانتماء للمجتمع ويريدون الانتقام منه، والإسلام ليس إلا غطاء"، بهذه العبارات تحدث طارق أوبرو إمام المسجد الكبير في مدينة بوردو (جنوب غربي فرنسا)، عن الشبان الثلاثة الذين نفذوا الهجمات التي هزت فرنسا، مضيفا "بدل أن يجدوا معنى لحياتهم، يبحثون عن معنى لمماتهم".
وتنطبق هذه الكلمات على الأخوين شريف وسعيد كواشي اللذين يتهمان بقتل 12 شخصا في هجوم على مقر صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة بباريس يوم الأربعاء الماضي، قبل أن تقوم قوات الأمن بقتلهما في إحدى ضواحي العاصمة، الجمعة الماضية.
لكن العبارات ذاتها تُجمل مسار حياة أحمدي كوليبالي الذي انتهى به المطاف قتيلا في مركز تجاري يهودي بباريس، بعدما قتل شرطية إضافة إلى أربعة أفراد من الجالية اليهودية.

فقر وبطالة
ولد كوليبالي قبل 32 عاما في مدينة جوفيزي سور أورج الواقعة على بعد 19 كيلومترا جنوب شرقي باريس، وكان الأخ الوحيد لتسع شقيقات، وترعرع في مدينة غرينيي التي يتجاوز معدل البطالة فيها 40%.
أسهم فقر البيئة وبؤسها في إخفاق كوليبالي في الدراسة، حيث لم يكمل دراسته الثانوية.
ومثل العديد من أقرانه في ضواحي كبرى المدن الفرنسية، انحرف كوليبالي باكرا، ولجأ مرات عدة إلى السرقة، ولم يتردد أحيانا في ارتكاب عمليات سطو مسلح، وأُدين على خلفية إحدى هذه العمليات بالسجن لمدة ست سنوات عام 2002.
حينما خرج من وراء القضبان عام 2007، بدا كوليبالي راغبا في الاندماج بالمجتمع، وحصل عام 2008 على عمل مؤقت في مصنع لشركة كوكا كولا في مدينة غرينيي، ثم تزوج عام 2009 بحياة بومدين، وهي فتاة ذات أصول جزائرية تصغره بستة أعوام.
في السنة ذاتها، كان أحمدي ضمن وفد من أبناء الضواحي الذين استقبلهم الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في قصر الإليزيه، وكانت مدة عقد عمل كوليبالي على وشك الانقضاء، لذا صرّح عشية اللقاء لصحيفة "لوبارزيان" المحلية بعزمه أن يلتمس من رئيس الجمهورية مساعدته في الحصول على وظيفة دائمة، لكن تلك الرغبة لم تتحقق.

تنظيم الدولة
عام 2010، رصدت الأجهزة الأمنية لقاءات واتصالات هاتفية بين كوليبالي وأحد قادة من يتهمون بأنهم "تكفيريون محليون" يدعى جمال بغال، وتعود علاقة الرجلين إلى الفترة التي قضاها أحمدي في السجن، إذ تعرف حينها على بغال الذي كان محكوما عليه بعشر سنوات بعد إدانته بالتخطيط للاعتداء على السفارة الأميركية بباريس.
وبسرعة تحولت العلاقة بينهما إلى ما يشبه علاقة شيخ بمريده، وفي المكان عينه استقطب بغال (49 سنة) سجينا آخر اسمه شريف كواشي الذي أصبح، منذ ذلك الوقت، صديقا حميما لكوليبالي.
وكشفت تحقيقات الشرطة عام 2010 عن تورط الرجال الثلاثة في تدبير خطة ترمي إلى تهريب أحد أعضاء ما كان يعرف بـ"الجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية"، ويدعى سمين آيت علي بلقاسم، المعتقل بأحد السجون الفرنسية منذ الحكم عليه بالمؤبد على خلفية ضلوعه في تفجيرات هزت شبكة القطارات المحلية عام 1995.
عاد كوليبالي إلى السجن من جديد، ولم يخرج منه إلا في مايو/أيار الماضي، وعاش في بيت زوجته ولم يحاول البحث عن أي عمل، وظل يتنقل داخل فرنسا إلا أنه امتنع منذ الإفراج عنه عن حمل أي هاتف قد يُمكن من تحديد مكان وجوده.
وقبيل مقتله بساعات، أعلن أحمدي لقناة تلفزيونية فرنسية انتماءه لتنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، مؤكداً أنه نسّق هجماته مع الأخوين كواشي، وبرر قتله الشرطية واليهود الفرنسيين الأربعة بما اعتبرها اعتداءات فرنسية على مسلمين في داخل البلاد وخارجها.

عائلة كوليبالي تندد بالجرائم التي ارتكبها ابنها
دانت والدة وشقيقات الإرهابي  أميدي كوليبالي، الاعتداءات التي وقعت في باريس خلال الأيام الماضية بالمتجر اليهودي ومنطقة مونروج واعتداء شارلي إيبدو.
وقالت عائلة كوليبالي في بيان لها "نحن لا نتقاسم أبدا هذه الأفكار المتطرفة"، مقدمة تعازيها لعائلات الضحايا.
دانت والدة وشقيقات الإرهابي أميدي كوليبالي الاعتداءات التي وقعت في باريس خلال الأيام الماضية وقدمت "تعازيها الحارة لعائلات الضحايا"، في بيان  وصلت نسخة منه إلى وكالة الأنباء الفرنسية، أول أمس السبت.
وجاء  في بيان العائلة "أنا، والدة أميدي كوليبالي وجميع شقيقاته نقدم تعازينا الحارة لعائلات ضحايا متجر الأطعمة ولعائلة الشرطية البلدية في مونروج وكذلك لعائلات ضحايا شارلي إيبدو".
مضيفة "ندين هذه الأعمال.. نحن لا نتقاسم أبدا هذه الأفكار المتطرفة.. نأمل أن لا يكون هناك إلتباس بين هذه الأعمال الشنيعة والديانة الإسلامية".
وأوضح "نتمنى أخيرا أن يكون جميع المواطنين موحدين ومتضامنين كما نحن مع عائلات الضحايا".

شريف كواشي...من حب النساء والراب إلى التطرف
إنتقل شريف كواشي، المشتبه به في الاعتداء الإرهابي على صحيفة "شارلي إيبدو"، من عالم تعاطي المخدرات وحب النساء إلى الاحتكاك بالمتشددين ثم الوقوع في براثن التطرف.. وعرف كواشي في بدايات شبابه أيضا أنه كان يحلم بأن يكون يوما نجماً في موسيقى الراب.
قبل 12 عاما، كان أحد الأخوين المشتبه بهما في إطلاق النار بمقر صحيفة "شارلي إيبدو" الأسبوعية الساخرة، شابا مثل كثيرين غيره في فرنسا، تنحصر اهتماماته في النساء وتدخين المخدرات لا الدفاع عن النبي محمد.
لكن الفرنسي شريف كواشي (32 عاما) تحول من شاب مستهتر إلى أبرز المطلوبين في الفترة منذ عام 2003 عندما كان يوصل طلبات "البيتزا" ويحلم بأن يكون نجما لموسيقى الراب.
وفي فيلم وثائقي عرضته القناة الفرنسية الثالثة، واشتمل على لقطات لمركز اجتماعي في باريس، يظهر كواشي وهو يردد أغاني الراب بالإنكليزية ويرتدي ثيابا عصرية.
ورغم سجله الإجرامي الذي يشمل بيع المخدرات وسرقات صغيرة يوصف كواشي بأنه شخص اهتمامه بالحسناوات والموسيقى أكبر من اهتمامه بالقرآن. لكن هذا كان قبل أن يلتقي بفريد بنيتو.
كواشي يتقرب من المتشددين
كان بنيتو يكبر كواشي بعام واحد ويتبنى الفكر السلفي، كما كان أشبه بمعلم للعديد من الشبان في الحي بدأوا في التردد على مسجد شهير في منطقة بشمال شرق باريس يقطنها الكثير من المهاجرين.
ومع وجود بنيتو إلى جانبه بدأ كواشي في حضور الدروس الدينية ومشاهدة مقاطع الفيديو الجهادية وأطلق لحيته.

كواشي والجهاديين في العراق وسوريا
شهد كواشي في محاكمته عام 2008 بأن بنيتو قال له إن الانتحاريين في عداد الشهداء. وقال إنه تأثر كثيرا بإساءة معاملة السجناء في سجن أبو غريب بالعراق على أيدي الجنود الأمريكيين.
أرسلت الخلية التي كان يتزعمها بنيتو وينتمي إليها كواشي نحو 12 شابا تقل أعمارهم عن 25 عاما إلى العراق.. وأعضاء الخلية كانوا يتبنون آراء متطرفة، لكنهم لم يتلقوا تدريبا محترفا.
وألقي القبض على كواشي في 25 يناير/كانون الثاني عام 2005 بينما كان يستعد للسفر إلى سوريا جوا في طريقه إلى العراق في تحرك للشرطة لتفكيك الخلية التي ضمت أيضا بنيتو.

السوابق القضائية لكواشي
حكم على كواشي بالسجن ثلاث سنوات في عام 2008 لكنه لم يقض سوى 18 شهرا في اثنين من السجون التي تخضع لأقصى إجراءات مشددة في فرنسا. ويقول محاميه أوليفييه إن تجربة السجن غيرته تماما. وقال "لم يعد يتحدث كثيرا. لم يعد كما كان."
وألقت الشرطة القبض على كواشي مرة أخرى في عام 2010 بعد أن أمضى عقوبة السجن. واتهم بأنه عضو في جماعة في فرنسا كانت تخطط لهروب إسماعيل علي بلقاسم مدبر هجوم على شبكة المترو في باريس في عام 1995 قتل فيه ثمانية أشخاص وأصيب 120 آخرون.
لكن لم يكن لدى الشرطة أدلة ضده سوى بعض تسجيلات فيديو للمتشددين وخطب لأعضاء في تنظيم القاعدة ضبطت عند تفتيش منزله إلى جانب تحريات أظهرت أنه كان يبحث عن مواقع جهادية على الإنترنت.

زوجة شريف كواشي تدين الاعتداء على "شارلي إيبدو" وتنفي علمها بالعملية
صرح محامي زوجة شريف كواشي، أحد منفذي الاعتداء الإرهابي على صحيفة "شارلي إيبدو"، أن موكلته "مصدومة"، وتدين الاعتداء، موضحا أن "موقفها هو موقف الشعب الفرنسي"، كما أكد أنها "لم تشك أبدا بأن زوجها قد يقدم على ارتكاب عمل إرهابي".
دانت زوجة شريف كواشي أحد منفذي الهجوم الدامي على "شارلي إيبدو" "أعمال زوجها"، حسب ما أعلن الأحد لوكالة الأنباء الفرنسية أحد محاميها كريستيان سان باليه.
وأفرج عنها بعد توقيفها على ذمة التحقيق 72 ساعة "أعربت خلالها عن سخطها وإدانتها للعنف". وقال المحامي الذي تم لقاؤه خلال مسيرة في ذكرى الضحايا إنها أعلنت "أنها تفكر بالضحايا" وأن "موقفها هو موقف الشعب الفرنسي".
وأوضح أنها لم تشك أبدا بأن زوجها قد يقدم على ارتكاب عمل إرهابي. وأكد "أنها مصدومة".
وقتل شريف كواشي (32 عاما) وشقيقه سعيد 12 شخصا بينهم شرطيان الأربعاء في هجوم على مقر أسبوعية "شارلي إيبدو" الساخرة. وبعد الهجوم فرا ليومين قبل أن تحاصرهما الشرطة في مطبعة شمال شرق باريس، وقتلا الجمعة بعد أن فتحا النار على قوات الأمن.

تظاهرات فرنسا ضد الإرهاب هي "الأكبر" في تاريخ البلاد
«باريس اليوم عاصمة العالم»، هذا ما قاله الرئيس فرنسوا هولاند عند لقائه الحكومة وكبار المسؤولين في قصر الإليزيه، وقبل انطلاق المسيرة، لأنه كان ينتظر حضورا دوليا كثيفا يتجاوز الـ50 رئيس دولة وحكومة، فضلا عن ممثلين عن عشرات الدول الأخرى. لكن كلمة هولاند أصبحت أكثر تعبيرا عندما نزل إلى شوارع باريس وحدها ما بين مليون ومليوني شخص في مظاهرة استحقت صفة «المليونية».
هذه «المسيرة» التي حدثت وسط إجراءات أمنية قاسية، شكلت فاصلا «تاريخيا» لعاصمة النور التي لم يسبق لها أبدا أن رأت في شوارعها هذا العدد الهائل من رؤساء دول وحكومات ووزراء ومواطنين وسياسيين تنادوا إلى باريس، لإيصال رسالة مزدوجة؛ الأولى، من الخارج إلى الشعب الفرنسي، وقد جاءت بعد العمليات الإرهابية الدامية التي أوقعت في 48 ساعة 17 قتيلا وكادت تهز ثقة المواطن بدولته وأجهزته. ومضمون الرسالة أن فرنسا «ليست وحدها» وأن «التضامن الدولي موجود». وجاءت صورة القادة العالميين المتحلقين حول هولاند أفضل تعبير عنه. أما الرسالة الثانية فمن باريس باتجاه الخارج، وهي تؤكد أن الإرهاب «لن يمر»، وأن الجميع سيقف بوجهه.
الواقع أن ما كان في البداية رغبة من الرئيس فرنسوا هولاند في ضم القادة الأوروبيين إلى موقف أوروبي موحد ضد الإرهاب، تحول شيئا فشيئا إلى «مظاهرة» عالمية. وبعد أن نجح من خلال مداخلاته المتكررة في استثارة حمية الفرنسيين وإبراز رغبتهم في الدفاع عن أساسيات القيم التي تقوم عليها الجمهورية الفرنسية، وتحقيق نوع من الوحدة الوطنية، أقله لأيام الأزمة، وقبل الغوص في التساؤلات المزعجة عن فعالية الإجراءات الأمنية وقصور الأجهزة المولجة بها، فقد نجح أيضا في تحويل باريس، وفق تعبير أحد مستشاريه، إلى «عاصمة الوقوف بوجه الإرهاب».
وجاءت مشاركة قادة عرب (ملك الأردن، والرئيس الفلسطيني، ورئيس الوزراء التونسي، ومثل السعودية، الدكتور نزار بن عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية. كما شارك وزراء خارجية لبنان والمغرب والإمارات وممثلين عن دول أخرى) ومشاركة مسلمي فرنسا بشكل مكثف في المسيرة، بمثابة «رد الجميل» لهولاند الذي حرص منذ البداية، هو ورئيس حكومته وأعضاؤها، على التحذير من الخلط بين من ارتكبوا الأعمال الإرهابية في باريس ومنطقتها، ومسلمي فرنسا الذي دعوا للتعبير عن تضامنهم مع مواطنيهم.
يوم الرئيس الفرنسي الموجود على جميع الجبهات كان طويلا جدا؛ بدأ بلقاء ممثلي الجالية اليهودية في فرنسا، وأعقبه لقاء الحكومة بكامل هيئتها، ثم كبار المسؤولين الفرنسيين والسياسيين. بعد ذلك، استقبل هولاند رؤساء الدول والحكومة والممثلين الرسميين، أعقبه لقاء دام ساعة كاملة، بعدها انطلق الجميع بالحافلات إلى مكان انطلاق المسيرة في ساحة «لا ريبوبليك» وسط حماية استثنائية.
وبرز ذلك من خلال نشر قوى الأمن لقناصيها على أسطح المنازل المطلة على الشوارع التي سلكتها حافلات الرسميين، وتفتيش الأنفاق، ومنع وقوف السيارات، وإغلاق 10 محطات للمترو الباريسي القريبة من قصر الإليزيه أو من خط المسيرة. وتولى مهمة توفير أمن المسؤولين الرسميين والمسيرة بكاملها ما لا يقل عن 5500 رجل أمن وجيش.
وما يقال عن باريس، يقال مثله عن المدن الأخرى؛ فبعد يوم سبت شهد نزول ما يزيد على 700 ألف مواطن إلى شوارعها، جاء يوم أمس حاملا التأكيد على أن كل التراب الفرنسي «معني» بما حصل في العاصمة. بيد أن أمرين كانا يشوبان المسيرة: الأول، الجدل السياسي الداخلي الذي انطلق من استبعاد حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف وزعيمته، مارين لوبان، من التحضيرات للمسيرة، الذي اعتبرته لوبان «استبعادا لها»، لذا فضلت التظاهر في مدينة بوكير، إحدى مدن الجنوب الفرنسي التي يدير بلديتها فريق من الجبهة الوطنية، والثاني حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي دفع بكثير من المتظاهرين من أصول عربية وإسلامية ومن المناهضين لإسرائيل لتفضيل الامتناع عن المشاركة فيها، لأنهم «لا يريدون السير وراء نتنياهو الذي ارتكب جرائم حرب في غزة».
لم ينتظر الباريسيون والآلاف الذين جاءوا من جميع المناطق ساعة انطلاق المظاهرة (الثالثة بعد الظهر) للتحرك. فمنذ الصباح أخذت الجماعات تتدفق بغزارة نحو ساحة «لا ريبوبليك) الشهيرة بنصبها القائم في وسطها. الكثيرون بكروا في الوصول ليكونوا في مقدمة المسيرة. المقاهي الباريسية التي عادة تغص بالزبائن كانت شبه فارغة. برنار الخادم في مقهى في حي لوكسمبورغ قال إنه «يقطع الوقت بمشاهدة التلفزيون».
داني، سائق التاكسي الذي نقلني إلى أقرب مكان يمكن الوصل إليه من نقطة الانطلاق (وهي بعيدة للغاية، إذ تعين علينا السير مسافات طويلة)، قال من جانبه إنه «لم يرَ أبدا» خلال 20 عاما من عمله سائقا هذا الدفق البشري الذي يخرج من باطن الأرض (المترو). وأضاف دان: «ما أدهشني هدوء الناس ورصانتهم كأنهم يستشعرون جلل الموقف».
ما قاله السائق أصاب الحقيقة؛ «السائرون» اكتفوا برفع اللافتات الصغيرة التي كانوا يخرجونها من جيوب معاطفهم التي ارتدوها رغم الطقس المعتدل. الكتابات عليها متقاربة: «أنا شارلي»، «أنا فرنسي ولا أخاف الإرهاب»، «أنا مسلمة ولست إرهابية»، «أنا يهودي وشرطي وفرنسي»، «حرية.. مساواة»، «ارسموا واكتبوا ولا تخافوا». ثم كانت هناك بعض اللافتات بالعربية: «كلنا شارلي».
يوم أمس شهد أيضا تجسد وحدة الشعب الفرنسي، ووقوف العالم إلى جانبه. لكن بعض المتظاهرين من أصول عربية أو مسلمة لم يخفوا قلقهم من الغد. ياسين، وهو أستاذ علوم في مدرسة ثانوية، قال لـ«الشرق الأوسط»: «أنا سعيد اليوم بهذه المسيرة وهذا التآخي، ولكن كيف سيكون غدنا نحن المسلمين؟ هل سنحمل وزر 3 قتلة من الشرائح الدنيا الذين أرادوا دفعنا إلى هذا المرجل الذي يغلي؟».


PUKmedia وكالات

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket