الشواكة.. تراث يتحدى الزمن والتطور العمراني

تقاریر‌‌ 01:27 PM - 2014-12-22
الشواكة.. تراث يتحدى الزمن والتطور العمراني

الشواكة.. تراث يتحدى الزمن والتطور العمراني

تعتبر منطقة الشواكة من المناطق الأثرية في العاصمة بغداد، وسميت بالشواكة كونها كانت مكاناً لبيع الشوك وعروق الحطب في ما يعرف بـ "سوق الشواكة".
منطقة الشواكة تقع على ضفاف نهر دجلة بجانب الكرخ منطقة العلاوي،تضم صناعات عديدة منها الصناعات الشعبية التي حافظ أصحابها عليها بالرغم من التطور العمراني في المناطق المحيطة بها، حيث رفض أصحاب المحلات والسكان أيضاً المبالغ المالية الكبيرة التي عرضها عليهم أصحاب ورش تصليح السيارات وذلك لإعتبارات عديدة من أهمها الحفاظ على خصوصية المنطقة التي جاءتها من تلك الصناعاتها الشعبية، كما إن أصحاب المحلات فضلوا البقاء في مهنتهم من اجل الحفاظ على زبائنهم الذين يأتون إليهم من مختلف المحافظات العراقية للتبضع.. لكن هذه المنطقة تعاني من الإهمال الكبير وخاصة فيما يخص طفح الشوارع بالمياه الآسنة والصرف الصحي الأمر الذي بات يهدد الكثير من بيوتها الأثرية بالسقوط.
ابو زينب صاحب محل لبيع التحفيات الاثرية، تحدث لـ PUKmedia، قائلاً: "هذا المحل ورثته عن أبي بعد أن ورثه هو الآخر عن جدي، له ذكريات كبيرة في هذا المحل كان جمعاً للاصدقاء حتى ساعات متاخرة من الليل، لكن بعد الاحداث الأمنية الأخيرة قل قدوم الناس والزبائن لهذه المنطقة كونها اهلمت من قبل امانة بغداد لا نعرف ما السبب مع إنها تعد من المناطق الأثرية نظراً لقدمها وإحتوائها على عدد من البيوت الأثرية، لكن سوء الاهتمام بها ادى الى عدم اقبال الناس اليها خاصة بعد الانفجارات التي حلت بهذه المنطقة كونها منطقة شعبية كثير من الناس هدمت بيوتهم الأثرية ولم تعمل وزارة الاثار والسياحة على تشيدها لابقاء معالم بغداد موجودة بل اغلب المنازل مهدمة وتعاني من الاهمال".
ابو نجاة يعمل في صناعة سلاسل القصب في منطقة الشواكة يقول لـ PUKmedia: أن "منطقة الشواكة زحفت إليها الحركة العمرانية التي ازدهرت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي حيث اقتطعت منها مساحة كبيرة أثناء شق شارع حيفا الذي قسم المنطقة إلى نصفين.. وكذلك زحفت العمارات السكنية الحديثة التي ثم إنشاؤها في شارع حيفا التي جعلت الشواكة الحالية اصغر بكثير مما كانت عليه في السابق، لكنها مع ذلك بقيت محتفظة بدورها القديمة وأسواقها التي تزدهر فيها العديد من المهن الشعبية التي أصبحت في طريقها للاندثار بسبب التطور الصناعي الذي ساد العالم في العقود الأخيرة".
وأشار أيضاً، إلى أن "قرب المنطقة من نهر دجلة شجع على ازدهار الحركة التجارية فيها، حيث كان معظم البغداديين يستقلون الزوارق النهرية في تنقلاتهم، لهذا نجد أن هذه المنطقة كانت لا تنام لأن العاملين فيها يبقون في العمل حتى ساعات متأخرة من الليل".
ابو حميد صاحب اكبر مقهى شعبي وسط الشواكة قال: "أصبح المقهى مليئ بالشباب العاطلين عن العمل.. منطقة الشواكة يسكنها نسيج من المجتمع العراقي فالعادات والتقاليد لسكان بغداد نابعة من العادات العربية الأصيلة وهي السبب الرئيسي لبقاء هذه المنطقة صامدة لحد الآن عكس ما حدث لكثير من مناطق بغداد الشعبية حيث وصلت إليها الورش الصناعية الصغيرة التي كانت السبب الرئيسي وراء هجرة سكانها إلى مناطق أخرى.. إن المنطقة اليوم تعاني من إهمال واضح في مجال تقديم الخدمات للمواطن وخاصة ما يخص أمانة بغداد التي مع الأسف ما زالت تهمل المناطق الشعبية القديمة في العاصمة والتي تمثل رمزاً من رموز بغداد، حيث نعاني من انسداد المجاري وطفح المياه الآسنة إذ أصبحت المنازل مهددة بالسقوط لأن تاريخ إنشائها قديم جداً، كما إن وزارة السياحة والآثار أهملت بعض البيوت التي خصصتها أمانة بغداد كبيوت تراثية، فقد تحولت هذه البيوت إلى أماكن لرمي النفايات، الأمر الذي شوه منظر هذه البيوت كما شوه المنطقة نفسها".
محمد صاحب محال للقصب في منطقة الشواكة يقول: "أن أسواق منطقة الشواكة ازدهرت بأنواع المهن لأنه يقع في منطقة شعبية وسكانها من ذوي الدخل المحدود الذين لا يستطيعون تحمل شراء فوق المعقول، فهناك العديد من المهن التي حافظت على وجودها بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة وكذلك هناك العديد من المهن الجديدة التي اضطر العراقيون للتعامل معها ومنطقة الشواكة ذات التاريخ الطويل فيها العديد من المهن التي اختفت من أماكن ومناطق عديدة في العراق، ولان أصحاب هذه المهن هم من حملة الشهادات الجامعية الذين لم يجدوا فرصة عمل، لذلك أرادوا المحافظة على تراث بغداد القديم من الاندثار وخاصة الصناعات الشعبية بالرغم إن شهاداتهم لا تتناسب مع هذه المهنة ولكن البطالة التي يعيشها البلد جعلتهم يعملون في هذه المهنة".
علي يبيع الخيوط والحبال 16 سنة، يقول لـ PUKmedia: "أن مهنة بيع وشراء الخيوط بأنواعها من المهن التراثية التي يزداد الطلب عليها، فنحن نقوم بشراء الأصواف ومن ثم نقوم بتصنيعها وغزلها في معاملنا لتكون خيوطاً وبمختلف الأنواع والإنتاج يكون حسب الطلب، ونعمل أيضا في بيع الحبال بأنواعها، ومنطقة الشواكة مشهورة بهذه الصناعة أو التجارة فلهذا تجد العديد من المحال التجارية التي تعمل في هذه المهن منذ عقود طويلة من الزمن، فهناك صناعة عراقية جيدة للحبال، ورغم التطور السكاني والعمراني في العراق خلال العقود الماضية إلا أننا لم نستطع ترك هذه المنطقة لأنها من المناطق المشهورة في الصناعات الشعبية، ولهذا يأتي إلينا التجار من كافة أنحاء العراق لغرض شراء ما يلزمهم من هذه الصناعات.. لكن الوضع الأمني في بغداد عموماً اصاب مهنتنا بالكساد لفترة من الزمن، لأن الزبائن يبتعدون دائماً عن المناطق الساخنة حفاظاً على حياتهم ورغم تحسن الوضع الأمني هنا إلا أننا ما زلنا نعاني من ذلك".
ابو عيسى يعمل في صناعة الفخار تحدث ألينا قائلاً: "أن استخدام المنتجات المصنوعة من الفخار لخزن المواد الغذائية او في تبريد الماء لغرض الشرب بسبب غياب التيار الكهربائي بشكل مستمر وحتى في فصل الشتاء لم نستغني عن الاواني الفخارية فهي تراث الاجداد، لكن الوضع الأمني يهدد ركود بضاعتنا بسبب بعد المكان عن الزبون وتخوفاً من وقوع انفجارات خاصة وان المناطق الشعبية هي اكثر جلباً للمفخخات، ايضا الوضع الاقتصادي في هذه المنطقة يعاني من اهمال في الكهرباء والمياه ومياه الصرف الصحي نعاني كثيرا في فصل الشتاء من هطول الامطار والمياه الاسنة اغلب البيوت هنا مهددة بالهدم بسبب الفيضانات ووزارة السياحة والاثار عليها ان تهتم بهذه البيوت لانها اثرية وقديما جدا".
من جانب اخر مواطنو هذا المطنقة الساكنين فيها عبروا عن آرائهم لـ PUKmedia:
ام عدي تقول: أن "منطقة الشواكة من أهم مناطق ومحلات بغداد القديمة، فهي من بين أكثر مناطق بغداد ذات الكثافة السكانية كونها منطقة مفتوحة، نعاني من إهمال والفقر والبيوت باتت تتساقط الواحد تلو الآخر، فحين تتجول بين ممرات "الشواكة" التي أغلق القسم الكبير منها بسبب تهدم اغلب بيوتها، تجد تاريخا عريقا وقصورا كانت مساكن للرؤساء ولشخصيات مهمة عديدة بالإضافة إلى الأثرياء اليهود".
ام رنا تقول: "لم نرى اي جهة التفتت الى هذه المنطقة في إعادة عمران هذه البيوت التي باتت تشكل خطراً كبيراً على سكان المنطقة، فتلاصق البيوت وتجاورها وضيق ممراتها يجعل تهدم أي بيت سبباً لتساقط باقة متجاورة من بيوت ذلك الشارع، حتى انك تجد بعض العوائل تسكن في ما تبقى من حطام البيوت، لأنها وببساطة لم تجد بديلاً يعوضهم عن مساكنهم".
ام كرار تقول: "الحكومة وعدتنا منذ سنة 2007، حين ما تعرضت منطقة الشواكة الى إنفجار خسرت منزلي وزوجي وبيت اختي ايضا خسروا منزلهم والحكومة لم تعوضنا لا ماديا ولا معنويا ، وعدونا بترميم المنزل والى هذا اليوم لم يرمم منزلنا".
كمال الحيدري خبير قانوني متقاعد يسكن في منطقة الشواكة، يقول: "يجب أن تعالج هذه المشاكل الكبيرة برسم إستراتيجية إسكانية تستوعب الزيادة في النفوس في البلد، وإنشاء المجمعات التي تستوعب المواطنين، وتعوض العوائل التي فقدت منازلها و توفير فرص العمل الجيدة للمواطنين كون هذه المنطقة منطقة شعبية وساكنيها من ذوي الطبقات المحدودة، المنازل الموجودة في هذه المنطقة هي منازل عظيمة ولها تاريخ عريق اغلبها تعود الى ملوك ورؤساء من جميع الاطياف يجب ان يكون دور وزارة السياحة والاثار دور مهم في اعادة تشيد هذه المنازل والاهتمام بها من ناحية النظافة وتوفير الكهرباء والخدمات الصحية، و على الحكومة توفير رواتب ضمان اجتماعي، وفرض إلزامية التعليم للمئات من الأطفال المتسربين والمشردين الذين نجدهم يعملون اعمال شاقة ليست بعمرهم ولا بخبرتهم".

PUKmedia شيماء طالباني / بغداد

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket