حلبجه .. عاصمة السلام في إقليم كردستان العراق

الاراء 11:18 AM - 2014-12-22
حلبجه .. عاصمة السلام في إقليم كردستان العراق

حلبجه .. عاصمة السلام في إقليم كردستان العراق

بعد الكارثة الإنسانية التي تعرضت لها مدينة حلبجه، وبعد قصف المدينة بالغازات السامة والكيمياوية من قبل النظام الدكتاتوري، عانت تلك المدينة الوادعة والفقيرة معاناة كبيرة، وتحمل أهلها بالإضافة الى  موت العديد منهم، الى التشوهات والأضرار الجسدية والاختناق بالغازات السامة، وتلوث الأرض بتلك الكيمياويات، فقد تبعثر أهلها الطيبون في مجاهل الأرض يلوذون بأرواحهم لعلهم يجدون منفذا أو مأوى ينقذهم من جريمة لم يشهدها العصر الحديث، وبقيت آثار الضربة الكيمياوية عليها . 

كانت حلبجه تنام وادعة في حضن جبال كردستان، وتتميز عن غيرها من مدن كردستان بالوداعة والهدوء  والسحر والجمال، وبأنها رغم فقرها تضج بأشجار الفاكهة، تحيط بخاصرتها جبال هورامان ومه كر وبالاندو، وتغسل شعرها في  مياه بحيرة دربندي خان . 

وسبق وأن قرر برلمان اقليم كردستان قرارا بتسميتها ( المدينة الشهيدة – عاصمة السلام في الإقليم)،  وإعلانها كمحافظة من محافظات الإقليم، وأمام حاجة المدينة وأهلها لمثل هذا التكريم، أعلن القاضي الأستاذ آزاد ملا فندي المستشار القانوني للرئيس مسعود البارزاني  صدور قرار رئاسي بتسمية حلبجه (عاصمة السلام في إقليم كردستان )،حيث سيتم نشر القرار في جريدة وقائع اقليم كردستان  ليدخل حيز التنفيذ . 

ومغزى تسمية حلبجه بعاصمة السلام لم يأت اعتباطا أو دون معنى عميق، بالنظر لسياسة الإقليم الداعمة لنشر روح التسامح والسلام والمحبة بين جميع المكونات الإنسانية دينيا أو قوميا، وتلك دعامة كبيرة من دعائم الحياة في كردستان العراق، ومن خلالها تمكنت قيادة الإقليم ان تشرع بالبناء، رغم الجراح والنكبات والمآسي التي تحملتها مدن كردستان . 

 تغسل حلبجه تلك الجراح بندى مياه شلال ( أحمد آوه )، وتنثر ضفائرها وتهدهد أطفالها وهي تمد كلتا يديها للحياة، وتبني بزهو المتعالي على جراحه والامه فتكون عاصمة السلام في الإقليم، فتكبر في عيون الجميع، وتكفكف دموع شبابها وأطفالها المنكوبين، لكنهم اليوم يرفعون بيارق المحبة  وأغصان الزيتون  ويطلقون الحمائم البيضاء، ويزفون للعالم قيمة انسانية عالية، ويترفعوا عن كل مشاعر الانتقام والحقد، لتبقى قيم المحبة والتسامح منتصرة وخالدة  وراسخة، وهي التي ستحكم مستقبل كردستان .  

منذ بواكير تخلص شعب كردستان العراق من سلطة الدكتاتورية، بادرت قيادة الإقليم بحكمة كبيرة في نشر ثقافة السلام، وعلى مدى السنوات القليلة في البناء تميزت كردستان بانها اصبحت رمزا للتعايش والتسامح والمحبة، وسعت المؤسسات الكردستانية لاحتضان مراكز للسلام ودعم ثقافة التسامح عمليا، كما قامت المؤسسات الثقافية بدور فاعل وجاد في دعم هذا التوجه . 

وإزاء هذا الالتزام المبني على التفاؤل الهادف لخدمة الانسان والسلام، نتلمس تلك الجسور المتينة التي تربط ابناء المكونات العراقية المختلفة قوميا أو دينيا،  المتعايشة بانسجام وتوافق وباطار من التفاهم والمحبة والتقدير في كردستان،   ونلمس أيضا ذلك الإصرار الرائع في طي صفحة الماضي، وبناء الانسان  على وفق القيم الإنسانية النبيلة، وهي ليست جديدة على أهل كردستان بما عرف عنهم من كرم وشهامة ومحبة . 

أن تصبح ( حلبجه ) عاصمة للسلام في الإقليم له دلالة أكيدة ومعنى عميق، يركز على أن المحبة تنتصر على الاحقاد، والسلام ينتصر على الحروب، والمحبة تغسل دموع الضحايا، ومع أن قبور الشهداء ستبقى تشير الى حجم الجريمة التي ارتكبها النظام الدموي بحق اهل المدينة، الا ان زهورا كثيرة وملونة تنبت وتحيط بكل البيوت التي بقيت شاهدا على انتصار الانسان  وتحديه لقنابل الغازات السامة . 

أن تصبح ( حلبجه ) عاصمة للسلام في كردستان، فأنها رسالة لجميع شعوب العالم، وإشارة بليغة وواضحة من أن شعب كردستان ينهض ليعود من جديد يزرع قيم التسامح والمحبة، وهي رسالة كردستانية لعل من يتعظ بها ويفهمها، ولعل من يقدر معانيها، يقتلع الحقد والكراهية من روحه  . 

السلام أمل الشعوب وغاية كل صاحب وجدان حي، وفي زمن تعج فيه الحروب، وتفتك بحياة الناس، وتنهج السلطات منهجا يتنكر لحقوق الانسان، ترفع كردستان العراق رايتها خفاقة وعالية تنادي بالسلام، ونحن اكثر حاجة للسلام ومعانيه النبيلة . 

ستعود طيور القبج حين يخبئ الثلج لونه، وسترسم الحرية طريقا ممتلئا بعبق اشجار الاجاص التي اشتهرت بها حلبجه، وسترقص طيور الربيع فوق هامات اطفال حلبجه، فالسلام يعيد البهاء والحياة والربيع، والسلام يعيد الطمأنينة والبهجة، وأهل حلبجه يريدون انصافهم  وترميم ارواحهم المتشظية، وان تكون مدينتهم بحجم التضحيات، وان تكون مدينتهم بحجم تاريخهم، 

وهم يستحقون من قيادة الإقليم ذلك، والدستور الاتحادي يقول بتحديد حصة من واردات النفط والغاز بشكل منصف للأقاليم المتضررة، والتي حرمت بصورة مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك،ولعل حلبجه من بين أكثر المدن التي تضررت جراء ذلك من النظام السابق، ولعلها ايضا تعبر عن المعاني الحقيقية لمدينة ستصبح عاصمة لأسمى القيم والأهداف الإنسانية لتصبح عاصمة السلام للإقليم . 

 

زهير كاظم عبود 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket