الاتحاد الوطني الكردستاني والوطنية العراقية

الاراء 11:34 AM - 2014-11-26
الاتحاد الوطني الكردستاني والوطنية العراقية

الاتحاد الوطني الكردستاني والوطنية العراقية

غالباً ماتقع الاحزاب القومية اوتلك التي تتاسس استجابة لحاجات وضرورات تتعلق بعرق معين وتتبنى الدفاع عن وجوده وحقوقه غالباً ماتقع في مازق المحلية المتعلقة بذاك العرق – سواء من ناحية الخطاب اوالآيديولوجيا اوالعمل الميداني مما يجعلها حبيسة واسيرة لذلك الحيز المحدود من مساحة العمل . . .وبقدر استجابتها لتلك المحلية وانغماسها فيها بقدر ما تكون علاقتها مع الاطراف الاخرى من شركاء الوطن علاقة باردة فاترة في احسن احوالها ان لم تكن علاقة عداء اصلاً وذلك بسبب التناقض العرقي وعدم وجود المشترك الوطني . . وهنالك تجارب عديدة بهذا الصدد كما في لبنان والهند واوربا وسواها . . 

لكن المتابع لمسيرة الاتحاد الوطني الكردستاني يجد عكس ذلك تماماً منذ نقطة الشروع الاولى الى يومنا هذا مروراً بالمثابات التاريخية المفصلية المهمة في تاريخه . 

لقد جاء البيان الاول لتأسيس الاتحاد بتاريخ 1/6/1975 تصريح واضح بوطنية الحركة الوليدة حيث اشر الى انتماء عراقي خالص وجلي تمثل باستعراض لكل قضايا الوطن وهمومه مخاطباً جماهيره اينما كانوا في عموم الوطن بل انه عرج الى قضايا مصيره والتي كانت تشغله آنذاك من عدالة وتوزيع ثروات وتعليم وعمل الى قضاياه المصيرية كالقضية الفلسطينية الى تطلعاته المستقبلية في العيش الكريم بعيداً عن الاستعباد وذل الدكتاتورية والرجعية وبالتاكيد كانت القضية الكردية جزءاً من هذا الهم حيث رسم البيان لها ولعموم الشعب العراقي آفاق الحلول المستقبلية . 

هذا على المستوى النظري ومن خلال البيان الاول وطبعاً فان هذا وحده لايكفي دون تلمس مصداقية تطبيقاته على ارض الواقع .

 اذاً لابد من استعراض للتطبيقات العملية وانعكاسات تلك الآيدلوجية على ارض الواقع . . وبانصاف وحيادية وللتاريخ والحاضر والمستقبل نتعقب هنا بعضا من سلوكيات هذا الحزب ومواقفه . . وبالتاكيد فاننا لن نتمكن من اجمال عموم المواقف في مقال بل سنكتفي بنزرٍ يسيرٍ منها على سبيل الشواهد . . 

1.احتضن الاتحاد الوطني الكردستاني كل معارضي الانطمة الدكتاتورية الغاشمة منذ تأسيسه دون تمييز اوانحياز لعرق اوقومية . . وكان يتقاسم رغيف الخبز مع الشيوعيين واليساريين والاحزاب والحركات الدينية وضباط الجيش واهل الفكر والراي . . شعراء وكتاب وفنانون من وسط العراق وجنوبه . . شرقه وغربه . . وقلبه النابض بغداد . . وكان يغدق عليهم بكل مايتيسر له من امكانيات . 

2.يتمتع هذا الحزب بعلاقات تاريخية مع عموم الشخصيات الكبيرة والمؤثرة في العراق ومع اسره وعشائره وبيوتاته المعروفة اساسها الصدق والاحترام وحفظ الاعتبار للجميع . . كما ويتمتع بعلاقات راسخة مع الاحزاب والحركات الوطنية في العراق.

3.يتميز الاتحاد الوطني الكردستاني منذ تأسيسه بعلاقات متينة مع حركات التحرر العربية والعالمية بل انه جعل القضية الفلسطينية(العربية) في سلم اولوياته ومواقفه منها معروفة يتعذر اجمالها وحصرها في هذا المقام،وقد سجل بهذا الصدد سابقة تحفظ له في خروجه من شرنقة المحلية الى آفاق الوطنية العراقية الرحبة .

4.حمل شعار الديمقراطية للعراق وناضل من اجله واعطى شهداء في سبيله .

5.لم يساوم ولم يهادن في حقوق الشعب الكردي في العراق والمنطقة كما لم يساوم في حقوق العراق العامة .

6.تسنى لهذا الحزب ان يكون قائده ومؤسسه ( مام جلال طالباني) رئيساً لجمهورية العراق فاثبت بشهادة الجميع وباختلاف مشاربهم انه رئيس لكل العراقيين حريصاً على مصالحهم،لم يفرق بين اعراق وانتماءات العراقيين بل كان اباً للجميع . . تتلاشى امامه كل الصعاب وتحل كل العقد والمشاكل بين الفرقاء . . ظل قائداً عراقياً وطنياً يحترم الجميع،حيث كان يقدر ويجل مرجعية النجف الاشرف كما يقدر ويجل علماء بغداد والانبار ونينوى واربيل والسليمانية . 

   ليس لديه عقدة من العربية(لغة القرآن) بل كان يعشقها ويحفظ الشعر فيها وتربطه علاقات حميمة مع كتابها وشعرائها كالجواهري مثلاً . . 

ليس لديه عقدة من خصوصية ثقافية لاحد اوفئة بل كان رحب الصدر يتسع للجميع لم يغال في حبه لخصوصيته القومية وقد اعتدل كثيراً في التعامل معها .

7.سنحت لي فرصة الحديث مع بعض رموز هذا الحزب ومؤسسيه وقيادييه بل وحتى جماهيره وقد كان ذات الخطاب الذي قرأته في بيان التأسيس حاضراً لديهم بذات الارادة وذات التصميم واذكر هنا آراء احد هؤلاء الرموز الذي تسنى لي لقاؤه وهوالاستاذ (عادل مراد) . . عندما كان هذا الرجل يتحدث الي شعرت بكل صدق بأمان وطمأنينة على مستقبل العراق رغم عظم التحديات وجسامتها . . فقد كان يحمل العراق هماً والكرد قضية لا يساوم ولا يحسب لحجم الثمن الذي يدفعه مع رفاقه بسبب مواقفهم المبدئية الراسخة . . اتلمس في كلماته حرصاً على الوطن الواحد مثلما اتلمس تحملاً كاملاً لمسؤولية اهله وقوميته ومصالحهم ومستقبلهم عقلانية واضحة وأفق واسع وقراءة للواقع والمستقبل بعيداً عن التهور والمغامرات ومراهقة بعض الطارئيين الذين لاينظرون لابعد من امتار غرفهم .

لقد رصدت اصراراً واضحاً على ذات مبادئ الشروع الاولى للاتحاد ووجدت الرجل يقف على ارضية عراقية كردية قوية جداً وهومؤمن بالغد اياً كانت التحديات . . لاتردعه في الحق لومة لائم ولا تثنيه عن عراقيته هجمات التسقيط البائسة ولاتزعزع كرديته نوازع الانتهازية . . فرحُ بما تحقق للكرد متالم لما يحدث للعراق متفائلاً خيراً له في قادم الايام يقدس العلاقة مع بغداد ولا يساوم عليها باغلى الاثمان فضلاً عن ابخسها . . تستشف في كلماته فكر جلال طالباني ومواقفه الراسخة كانت حاضرة في حديثه يستشهد بها ويثني عليها مستعيناً بمكتبةٍ غزيرة لمؤلفاته التي يعتبرها دليل عمل له . 

8.يتسابق اليوم كوادر الاتحاد الوطني الكردستاني رجالاً ونساء لمد يد العون لاخوتهم في الوطن من النازحين الهاربين من المحن وعلى سبيل المثال فقط دون التحديد . . سيرى المنصف بعين ثاقبة السيدة (هيروخان) وهي تحثُ الخطى هي ومن معها كخلية نحل تعمل دون كلل ولاملل لاغاثة النازحين عرباً وكرداً وتركماناً وايزيدين ومسيحين . . .سنة وشيعة عملٌ دؤوب بصمت مهيب يجعل العمل يتكلم ويجبر اي منصف ان يقول شكراً لك ايتها السيدة الكريمة وهذا شأنك دائماً وهذا ما عهدناه بك كيف لا وانت من رافق مام جلال رحلة الكفاح والثبات على المبدأ لعقود كيف لا وانت ابنة رمز وطني عراقي كردي نفتخر به جميعاً وهوالراحل الكبير (ابراهيم احمد) رائد اليسار العراقي واحد اهم مؤسسيه ومناضليه . . هذا اليسار التحرري المدني العراقي الكردي الذي انجب لنا الاتحاد الوطني والكثير من الرموز والمناضلين الاشداء . 

لقد استحقت هذه السيدة عملياً وعن جدارة لقب سيدة العراق الاولى عرفاناً من العراق لما قدمته من اعمال وافضال جمة يصعب حصرها . . 

9.وانا اكتب مقالي هذا كنت اتابع ومنذ ايام جماهير الاتحاد الوطني فضلاً عن كوادره وهي تحتشد يومياً في ساحات السليمانية لاجل (كوباني) المدينة السورية والتي تذبح وتستباح يومياً على يد الافاقيين (الدواعش) امام مرآى ومسمع المجتمع الدولي والاقليم يحملون قضية كوباني الذبيحة كما حملوا قضية سنجار اوحلبجه فالمجزرة واحدة والقتل واحد والجناة ذات الجناة وان اختلفت اسماؤهم فالقتل هوالقتل والتآمر ذات التآمر . 

وانا اشهد مظاهرات ابناء السليمانية النجباء لم يغب عن بالي مواقف سابقة سجلت للاتحاد وقادته سواء منهجية ( مام جلال) الدائمة في رفض التعسف والظلم ضد الكرد اينما كانوا اومواقف قيادات الاتحاد الآخرى وقد استذكرت باحترام بالغ تصريحات السيد (ملا بختيار)القيادي في الاتحاد عندما كان في زيارة الى تركيا عندما رفض وصم كرد تركيا بالارهاب وطالب باستجابة الحكومة التركية لمطالبهم القومية والثقافية والانسانية . 

واقصد هنا التصريحات التي نقلتها جريدة(جاودير) (المراقب) قبل حوالي سنتين من الآن . ان مثل هذا الموقف وعندما يصدر من قلب تركيا وعلى السان قائد اتحادي انما يعبر عن الدلالات المبدأية التي لاتقبل المساومات السياسية في كل الظروف والاحوال . . انها المواقف الشجاعة والحقيقية وليست التسويقية التي تعج بها ساحتنا السياسية اليوم.

10.ان المتابع لاعلام الاتحاد الوطني الكردستاني يرصد وعياً واضحاً وثباتاً على المواقف واعتدالا في الطرح يدل على رصانة القائمين عليه من خلال تسويقهم للخطاب المعتدل الذي يوازن بشكل ملفت للنظر بين مصالح الكرد وعموم مصالح العراق وهوديدن من يملك رؤية واضحة للمستقبل يتعامل على اساسها مع المتغيرات باحترام الجميع دون استفزاز مما يدل على  حنكة القائمين عليه وترفعهم عن الانفعال وثباتهم على المواقف وبالامكان ملاحظة ذلك جلياً في عمل القائمين على جريدة الاتحاد وانا هنا اتحدى الجميع ان يرصدوا اي طرح شوفيني اواستفزازي اوخارج عن قياسات الوطنية في عموم عمل اعلام الاتحاد . . مع انهم لم يغفلوا حقوق الكرد لحظة واحدة .

   من كل ما تقدم ارى انه حري جداً بقياداتنا السياسية في بغداد وبعموم نخبنا الفكرية والثقافية والعشائرية والدينية ان تضع في حساباتها مواقف هذا الحزب وتحفظ له حق الانصاف فغداً سيضع الهم اوزاره حتماً وستشرق شمس العراق الاتحادي الديمقراطي كما تمناه(مام جلال) وعموم الشعب العراقي وعند ذاك سيفاخر كل منا برصيده التاريخي ايام المحن والشدائد .

لقد دفع الاتحاد الوطني الكردستاني اثماناً باهظة بسبب وطنيته وصدقه وعراقيته وقد آن الآوان لعموم العراقيين عرباً وكرداً ان يضعوا ذلك نصب اعينهم وان ينصف الحق فالعدل كل العدل تسمية الامور بمسمياتها وحفظ الحقوق وصونها اليوم وغداً فالتاريخ يسجل ولن يرحم احداً وسيظهر الغث من السمين واما ما ينفع الناس فسيمكث ويبقى وزيد البحر زائل لامحالة وهذه القيم والمبادئ باقية راسخة دليل على حيوية حزب ولد عراقياً كردياً اصيلاً وبقي هكذا وخير دليل على حيويته وعراقيته ان منه رؤساء جمهورية العراق لثلاث دورات متتالية . 

 

ثابت مبدر مزهر / رئيس تحرير مجلة الديوانية

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket