فرصة الانسجام بين الحكومة الاتحادية والإقليم

الاراء 11:33 AM - 2014-11-23
زهير كاظم عبود

زهير كاظم عبود

يعد الدستور الوثيقة الضامنة والمحددة لشكل السلطة في العراق،هذا الشكل حددته المادة الاولى منه والتي نصت على ان العراق جمهورية اتحادية مستقلة ونظام الحكم فيها جمهوري برلماني وديمقراطي،هذا الدستور يعد معبرا حقيقيا عن رغبة الشعب العراقي بكل اطيافه التي ذكرها في المادة الثالثة بشكل شامل وعام من ان العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب،وان العراقيين متساوون امام القانون دون تمييز،ولهذا يفترض بان من يريد رسم صورة لنهج السياسة العراقية ان يضع ذلك بعين الاعتبار . 

وحين ذكر الدستور اختصاصات السلطة الاتحادية حصرا في المادة ( 110 ) منه فانه ذكر ايضا الاختصاصات المشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقاليم في المادة ( 114 )،وحسم الامر بنص المادة ( 115 ) التي نصت على ان كل مالم ينص عليه الدستور ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم،كما ان الاختصاصات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم في حال الخلاف بينهما تكون الاولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم . 

خلال الفترة المنصرمة برزت خلافات بين المركز والإقليم سببتها مواقف مخالفة للدستور في عرقلة تنفيذ المادة ( 140 )،وسببتها عرقلة اصدار قانون للنفط والغاز،وسببتها مواقف متشنجة لا ترقى لمستوى المسؤولية،وصلت الى مستوى قطع رواتب الموظفين والعاملين في ادارة الاقليم،وعدد اخر من الإشكاليات والاختلافات التي تشير الاخبار الى انها في طريقها الى الحل بعد الاتفاق بين الحكومة الاتحادية والاقليم،وكذلك سببها العديد من الإشكاليات الناتجة اما عن سوء فهم مدى الصلاحيات وعدم دقة تفسير النصوص الدستورية،وكان من الممكن تذليل كل المصاعب وحل جميع الإشكاليات بالتداول والاجتماع والتشاور والاتفاق على المشتركات كما هو حاصل الان،وحين يستعصي الامر على المعنيين بتلك الامور يصار الى الاحتكام الى المحكمة الاتحادية العليا باعتبارها المختصة بتفسير نصوص الدستور والفصل في القضايا المتنازع عليها الناشئة عن تطبيق  النصوص والصلاحيات الدستورية والقوانين  الاتحادية التي تمس الاقاليم،ويفترض بان المحكمة  الاتحادية العليا الرقيب على دستورية القوانين والانظمة تضع امامها اولا تحقيق المساواة والعدالة ثم يحددها النص الدستوري الضامن لمسيرة السياسة العراقية ضمن الدولة الاتحادية الفيدرالية . 

ان المادة ( 112 ) من الدستور اكدت في الجملة الثانية منها على ان توزيع الواردات النفطية والغازية يتم توزيعها بشكل منصف يتناسب اولا مع التوزيع السكاني في جميع انحاء العراق الاتحادي،وثانيا يتم تحديد حصة  ولمدة محددة للاقاليم المتضررة والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق،والتي تضررت بعد ذلك،بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد،ولم يتم تنظيم مثل هذا النص بقانون ما يستوجب ان نعود الى تحقيق فرصة الانسجام وحل الاشكاليات بالطرق التي رسمها الدستور وبنية من يريد ان يكون العراق حقا بلدا فيدراليا ومتعددا للقوميات والاديان والمذاهب . 

فرصة الحكومة الجديدة ان تستغل انعدام وجود سياسة استراتيجية لازمة لتطوير هذا الانسجام في تذليل كل العقبات التي كانت تعرقل تنفيذ النصوص الدستورية،وتشكل عائقا امام حياة الناس في المساواة امام القانون،فرصة الحكومة الجديدة تتطلب ايضا موقفا متناغما من قيادة الاقليم وخصوصا ان العراق اليوم جميعه يمر بمحنة كبيرة،يتطلب الامر من عقلاء القوم من المشتغلين بالسياسة ان يضعوا امام ابصارهم ان العراق الاتحادي للجميع دون استثناء،وان الحقوق من اول لبنات اسس البناء الاستراتيجي والديمقراطي،وان الفرصة في الانسجام وترتيب امور البيت العراقي متوفرة مع توفر صدق النيات وصفاء الشروع ببناء ما يمكن اعادة ترميمه وبناؤه على اسس البناء الصحيح،ويحتاج العراق اليوم الى مواقف موحدة لحماية الانسان في جميع الاصعدة والمجالات،ويحتاج العراق اليوم الى عملية درء الخطر الداهم والحال علينا جميعا حتى يمكن التفرغ الى بناء حقيقي لعراق موحد وجديد،على ان تكون الفترة المنصرمة التي ضاع زمنها هدرا من العراق،والتي تم ارتكاب الاخطاء خلالها امام انظارنا،نكون حقا بحاجة ماسة مع توفر الفرصة لحل جميع الإشكاليات ضمن العراق الضامن لحقوق جميع القوميات وجميع الاديان وجميع المذاهب،وبغير ذلك لا يمكن لنا ان نضمن بناء عراقٍ صحيح،وبغير ذلك سيكون العراق عليلا ومعرضا لكل التوصيفات السياسية التي تقع على الدول التي لا تضمن حقوق الانسان والتي لا تحترم نصوص الدستور.

 

زهير كاظم عبود 

 

 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket