قوانين لا اتفاقات

الاراء 12:06 PM - 2014-11-16
ساطع راجي

ساطع راجي

يشكل الاتفاق الجديد على تسوية خلافات النفط والمستحقات المالية بين بغداد وكردستان منفرجا جيدا يمكن أن يؤدي الى تفكيك الأزمة لكنه في كل الاحوال لن يحل لوحده المشكلات القائمة منذ سنوات والمرتهنة بالاتفاقات السياسية التي تحددها المصالح العابرة لا الرغبة في إقرار علاقة واضحة بين المركز والاقليم ولا إرادة ترسيخ إدارة الدولة، كل شيء دائما مرتهن بلحظة الحافة وتهديدها المميت وقد وصلت التداعيات في الأزمة الأخيرة حدا خطيرا وكانت خسائرها فادحة.

الإتفاق الجديد هو حلقة في سلسلة طويلة من الاتفاقات التي عقدت منذ عام 2003، كانت تعقد في لحظات الصفاء أو مع بداية تشكيل الحكومات أو في حالة الشعور المشترك بالخطر القاتل، وقد تجمعت هذه كلها في الاتفاق الاخير، لكن الاتفاقات السابقة لم تكن تصمد طويلا، ففي أول خلاف سياسي ننزلق مجددا الى الازمة ويموت الاتفاق وتبدأ المعاناة، وفي كل يوم من أيام الأزمة نتقدم خطوة نحو المجهول وذروة المعاناة يتلقاها المواطنون العاديون لوحدهم بلا مواساة وتضيع صورة هذه المعانات تحت شعارات التحشيد.

الإتفاق الجديد يجب أن يكون نقطة انطلاق نحو تسوية شاملة للملفات العالقة منذ سنوات، وأي تسوية لن تكون حقيقية الا بتشريع قوانين واتخاذ قرارات محكومة بسقف الدستور والمصالح العليا لجميع المكونات فقد أثبتت الاشهر القليلة الماضية إن مصيرا واحدا يحكم شعوب ومكونات هذه المنطقة مهما كان التوصيف السياسي لوجود أي شعب أو مكون.

الأطراف التي سترعقل تسوية المشاكل قانونيا ودستوريا بين بغداد وكردستان ستكون متهمة بإنها لا تريد الاستقرار وتعمل على إثارة الازمات للبقاء في منطقة الاتفاقات الرمادية التي تسمح لها بالعبث بالمال العام وتسييس ادارة الإقتصاد والإخلال بالأمن وإثارة النعرات وتعريض البلاد للمخاطر الكبرى وفتح الباب أمام المغرضين والمحرضين وعصابات الجريمة المنظمة.

صمود هذا الإتفاق وتطويره ونقل مسار العلاقة بين بغداد وكردستان من الإتفاقات السياسية الى التقنين، يجب أن تظهر ملامحه خلال وقت قصير جديد، هذا الوقت لا يصلح للإسترخاء والاطمئنان الى الاتفاق الجديد فقد تنشب أزمة سياسية في أية لحظة وهو ما يعني إن الأزمة بأكملها قد تعود وبنسخة أكثر قسوة.

تبين خلال الاشهر الماضية إن الخسائر الناجمة عن الوضع المعلق أو عن التعنت في التفاوض بين بغداد وكردستان هي أكثر بكثير من القيمة المادية والسياسية للتنازلات التي يمكن أن يقدمها الطرفان لبعضهما البعض، ثنائية المنتصر والمهزوم أو عقلية فرض الارادة من طرف على آخر، لن تنفع في شيء، المكاسب التي تم تحقيقها خلال السنوات الماضية مهددة بالزوال، النتائج الكارثية عن القطيعة تحتاج الى جهود كبيرة لتسويتها واصلاح ما يمكن اصلاحه، المزاجية والشخصنة وتجاوز أطر الدولة والقانون كانت السبب فيما تعرضنا له، الطريق الصحيح أوضح من أن يستدل عليه. 

 

ساطع راجي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket