حروب مصيرية بين الكرد و«داعش»

الاراء 11:43 AM - 2014-11-06
آمال عربيد

آمال عربيد

 الكرد بدفاعهم المستميت عن أرضهم يشكلون عائقاً كبيراً أمام طموحات قوات «داعش»

تواجه «كردستان» السورية، أو «روج آفا» بالكردية عدة حروب مصيرية عرقية وقومية واقتصادية لتنال استقلاليتها وحكمها الذاتي، بإيجاد منطقة سلام على حدودها تحدد علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دول الجوار على غرار كردستان العراقية، إن كان من الدول العربية والتركية والخلافة الإسلامية (داعش)، إذ يخوض الكرد اليوم حرباً شرسة في كوباني، خصوصا في عين العرب الملاصقة للحدود التركية التي ترهن مصيرهم بين السقوط أو بداية حكم ذاتي يؤسس لدولتهم أو إقليمهم الثاني في سوريا، والذي يحدّه من الشمال كوباني، وعفرين غربها في محافظة حلب، والجزيرة في الشمال الشرقي في محافظة الحسكة السورية، وتعتبر «عين العرب» نقطة وصل مهمة تربط هذه المناطق الكردية بعضها ببعض، لتشكل دولتهم الجديدة، وهي بالمقابل أهم ثالوث لـ«داعش» لإعلان خلافته الكبرى (سوريا والعراق وتركيا) بعد انتشاره على جزء مهم من حدود سوريا الشمالية مع تركيا أي بنسبة 200 كلم من أصل 500 كلم (حسب تقرير مركز كارنيغي)، لذا فإن الكرد بدفاعهم المستميت عن أرضهم يشكلون عائقاً كبيراً أمام طموحات جهاديي قوات «داعش»، وعقيدتهم الجيوسياسية بالنفوذ إلى الغرب والتمدد فيه عبر سيطرتهم على البوسفور والدردنيل في تركيا، ثم تمركزهم على الساحل السوري-اللبناني للتحكم بموارده المائية على غرار عين العرب الشهيرة بينابيعها العذبة، عدا عن تحكمهم في العراق بسيطرتهم على أهم آباره النفطية، لتزويدهم بالسلاح النوعي التقني.

من الواضح إذن، أن صراع «داعش» مع الكرد ليس دينياً أو قومياً، كما يظهره الاعلام الغربي والعربي، بل هو صراع جيوستراتيجي بين حزب العمال الكردستاني السوري، و«داعش» الذي أوقع آلاف القتلى من الكرد، وتشريده لمئات الآلاف منهم، عدا تدميره البنى التحتية لمدنهم، ورغم أنه يخدم كلا من تركيا والنظام السوري على حد سواء، لأنهما يعتبران الكرد مشكلة قومية وعرقية قضّت مضجعيهما على مدى 40 عاماً، ونشوء دولة كردية على حدودهما سيعيد الصراع لأوجه، ويقتطع أجزاء كبيرة من أراضيهما المحاذية للحدود، والغنية بالثروات المائية والنفطية، عدا عن إمكانية تحكمها بمراكز الاستيراد والتصدير بين دول المنطقة، مما يجعلها دولة قوية على غرار كردستان العراق!

إذن، هل بات انتصار داعش على الكرد ضرورة محتمة عبر تسوية دولية وإقليمية؟ لتلقيه دعماً مبطناً من بعض دول الجوار المتضررة من نشوء كردستان سوريا، رغم مساندة المعارضة السورية وقوات البشمركة الكردية للكرد وقصف قوات الائتلاف الدولي لمراكز داعش، إذ من اللافت استمراريته بالسيطرة على أهم نقاط تزويدهم بالأسلحة وتهجيرهم نحو الداخل التركي لمحاربتهم، ثم حصرهم في كردستان العراق فقط! ولكن من ينقذ دول الجوار من براثن «داعش» إن تغَلغَل في تركيا وسوريا وسيطر على مراكزها الستراتيجية والعسكرية ومواردها النفطية والمائية ليحقق خلافته الكبرى؟ أو أن داعش جزء من مخطط ستراتيجي إقليمي - دولي لتقسيم المنطقة إلى دويلات قومية وعرقية وطائفية ضمن مسرحية هزلية لـ«خلافة إسلامية»!

 

 آمال عربيد / صحيفة (القبس) الكويتية 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket