راية التقشف

الاراء 02:00 PM - 2014-11-02
عمران العبيدي

عمران العبيدي

تتعدد جبهات القتال العراقية فمن معارك تخوضها البنادق على مساحة واسعة الى معارك اخرى يخوضها المجتمع العراقي على المستوى الاقتصادي تترواح بين تأخر اقرار موازنة 2014 الى الوقت الذي يجب ان تكون فيه موازنة 2015 على طاولة الاعداد، هاتين المعركتين المتلازمتين باتتا تهددان حياة الناس اليومية، فالحروب بحاجة الى امدادات عسكرية تسندها اقتصاديات عالية فيما جميع المؤشرات تنبئ بأن اقتصادنا احادي الجانب مهدد هو الاخر بالانهيار لمجرد انخفاض اسعار النفط العالمية.

الدولة العراقية ذات الامكانات المتعددة لم يتم انتشالها من حالها وفك ارتباطها بواردات النفط غير المحسوبة وغير المستقرة، فعلى مدار عشر سنوات كان الاهمال للمرافق الاقتصادية الاخرى واضحا (زراعة وصناعة ومصادر طاقة اخرى، الغاز ابرزها) كل هذه تعاني الاهمال وارتكز كل النشاط الاقتصادي على استخراج النفط الايسر والذي هو في متناول اليد بينما اصبح العراق يستورد كل شيء من الدول المجاورة التي لاتمتلك ربع امكانات العراق.

ان السياسات الخاطئة تقود الى الكارثة واهدار المال العام على مدار عشر سنوات جعل من الميزانية العراقية لاتستطيع الصمود امام التقلبات الاقتصادية وانخافض اسعار النفط.

الكثير من الباحثين والدارسين وابسط العارفين كان يتحدث عن المخاطر التي يمكن ان تهدد الاقتصاد العراقي احادي الجانب، فيما اوغلت الكتل السياسية في هدرها للمال العام بشتى السبل حتى اضحت الميزانية العراقية خاوية ومعرضة للانتكاس بأية لحظة.

اليوم جوانب الصرف تعددت، فالحرب ضد داعش والتي من الممكن ان تمتد الى سنوات ستستنزف الاقتصاد العراقي بل انها كفيلة بأن تعيد العراق الى دائرة المديونية العالمية خصوصا ان العراق مضطر لشراء المزيد من الاسلحة وتجنيد المزيد من الناس، كل هذا يجعل غالبية الشعب مستهلك وغير منتج وسيضاف جيش جديد لجيش المؤسسات المتخمة بالبطالة المقنعة.

ان انهيار اسعار النفط العالمية يجب ان ينبه الساسة بعد ان صموا اذانهم عن كل دعوات تحسين الاقتصاد العراقي ويجب فتح منافذ للواردات تخفف من اعتماد العراق على النفط.

العراقيون باتوا اليوم في مواجهة مزدوجة، ففي الوقت الذي يحاربون فيه داعش يجدون انفسهم اليوم بمواجهة ازمة اقتصادية قد تجعل من حالة التقشف اقرب الحلول.

التقشف هنا يجب ان يعيدنا الى تقنين صرفيات مؤسسات الدولة السياسية فالوقت لايسمح بمزيد من هدر المال العام وتشديد الرقابة على منافذ الصرف وهي الاولى بالتشديد والتقنين.

المواطن ليس لديه مايقننه وهو يعيش حالة الكفاف وليس للدولة ان تجعله هدفا لتقشفها، بل ان التقشف المرجو هو ان يطال مؤسسات الدولة ذات الصرفيات العالية.

تجربة تمر بها الدولة العراقية يجب ان تكون جرس الانذار وان لاتتمادى الدولة اكثر في صم اذانها عن الحلول الممكنة.

انها حرب مزدوجة ان لم يتم التعاطي معها بشكل صحيح ستكون بمثابة بداية الانهيار الاكبر فيما لم يهنأ الشعب العراقي بوارداته الاقتصادية بعد التغيير الا بنزر يسير.

 

عمران العبيدي / صحيفة (الاتحاد) البغدادية

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket